لاتدعوهم يزجون المجتمع المصري في حرب ارهابية!


توما حميد
الحوار المتمدن - العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 16:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

مقابلة مع سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي.

سايت الحزب: تحقق الهدف الاول للثورة وهو اساقط مرسي و نظامه الاخواني. وتم ايقاف العمل بالدستور ومنح سلطة مؤقتة للمحكمة الدستورية. كيف ترى هذا الحدث؟ هل هو انقلاب ام ثورة؟ هل هو استمرار لنضج وتطور الثورة وتصحيح مسارها بشكل عام؟ ام هو رد فعل جماهيري لسوء اداء الاخوان المسلمين للدولة في فترة حكمهم او قلة تجربتهم؟


توما حميد: قبل كل شيئ يجب الاشارة الى ان من قام باسقاط مرسي واخوان المسلمين هي الثورة المستمرة منذ اكثر من عامين وليس الجيش. الجماهير في مصر كانت قد حسمت امرها مع هذا النظام واستمراره في الحكم كان امرا مستحيلا بعد خروج اكثر من عشرين مليون شخص الى الشوارع في خطوة ثورية قل نظيرها. ان تدخل الجيش كان تحصيل حاصل. ان اهمية الثورة التي اسقطت نظام مرسي والاخوان هي في ادامتها للمناخ الثوري و في جماهيريتها و الزخم التي تمتلكه وفي اظهار قدرة كبيرة على الحشد وجرئة في مواجهة قوى الثورة المضادة والتخلص من توهمات معينة بخصوص الاسلام السياسي " المعتدل".
ولكن رغم كون اسقاط اخوان المسلمين خطوة مهمة اخرى في مسار الثورة التي لايوجد اي دليل ان مصيرها سيحسم في المستقبل القريب الا اذا نجحت قوى الثورة المضادة على فرض السيناريو الاسود على المجتمع، الا ان الجماهير لم تقترب من تحقيق اهدافها المتمثلة بالرفاهية والعدالة والحريات الفردية والمدنية وانهاء العنف والقمع والتميز وهذا الاقتراب يعتمد بشكل كبير على قدرة قوى الثورة في حسم امرها مع قوى الثورة المضادة التي تشمل الجيش وعلى احداث الايام القادمة وخاصة قدرة التيارات البرجوازية في جر المجتمع الى سيناريو هات شبيه بتلك التي فرضت في العراق و ليبيا وسوريا. احداث 30 حزيران قد بينت ضعف الثورة في الميدان السياسي والتنظيمي و سيادة الافاق والاوهام البرجوازية عليها. اذ سلمت قوى الثورة مرة اخرى زمام الامور الى الجيش وقبلت بالسيناريوات التي تقترحها التيارات البرجوازية.

الجيش الذي هو قوة اساسية من قوى الثورة المضادة والذي كان له دور في صياغة الواقع الذي تلى اسقاط نظام حسني مبارك ووصول الاخوان الى السلطة تمكن في اللحظة الاخيرة من ارباك المشهد من خلال فصل صفه عن صف مرسي واخوان المسلمين والظهور بمظهر المدافع عن الثورة ومطاليبها من خلال ازلة مرسي. لم يكن امام الطبقة الحاكمة في مصر خيار بل ازالة مرسي ونظامه. فلدرء الخطر على النظام كله كان على الطبقة الحاكمة التدخل ويتعبر الجيش في دولة مثل مصر افضل وسيلة للتدخل في مثل هذه الحالات. ان تدخل الجيش ضد مرسي ونظامه لم يكن انقلاب يقوده تيار برجوازي على تيار اخر بل هو ضربة موجهة ضد الثورة. فهي خطوة اتخذتها الطبقة الحاكمة من اجل اخماد الثورة او على الاقل ايقاف زخمها وارباكها. كان هذا التدخل خطوة لسلب المبادرة من الثورة ومنعها من اتخاذ منحى اكثر راديكالي. اذا كان الجيش قد قام بانقلاب فانه انقلاب على الثورة. فخلف الستائر كل الطبقة وتياراتها متفقة على ان خطوة الجيش كانت لابد منها من اجل صد الثورة.

تبدو خطوة الجيش انها جائت على حساب اخوان المسلمين ولكن الجيش في الحقيقية انقذ اخوان المسلمين من هزيمة ساحقة ومميتة. ان تدخل الجيش قد قلل من تاثير الضربة التي وجهتها الثورة ضد الاسلام السياسي في مصر وبالتالي في المنطقة بشكل عام . وفجاة تحول الاسلام السياسي نتيجة هذا التدخل الى ضحية.
فرغم صعوبة تخيل قدرة الطبقة الحاكمة على اخماد الثورة في المستقبل القريب دون اللجوء الى القمع السافر وهو خيار خطير وغير مضمون النجاح ودون جر المجتمع الى اتون حرب ارهابية والى الصراعات العرقية والطائفية الا ان تدخل الجيش قد حقق اهدافه الى حد ما على الاقل لحد الان، حيث نجح في بث الاوهام في صفوف الجماهير الثائرة بخصوص الحكم و الجيش وفي فرض الترقب والانتظار وسلب المبادرة ومنع الثورة من التقدم والقيام بخطوات اكثر راديكالية نحو تحقيق اهدافها. لقد زج المجتمع في وضع خطير جدا يعطي نوع من الحقانية للاسلام السياسي ويفتح المجال امامه لفرض اسلوب نضاله الدموي على المجتمع.


لااعتقد ان ماحدث في عهد الاخوان كان مسالة سوء اداء وقلة تجربة. من يصور الامور بهذا الشكل يريد ان يشفع لهذا التيار امام الجماهير و اعادة تاهليه من اجل لعب دور في مستقبل مصر والمنطقة. الاحتجاجات ضد نظام مرسي من اول يوم وصل الى الحكم كانت من اجل حياة افضل، ومن اجل الوظائف واجور اعلى ومن اجل الخدمات والحريات السياسية والمدنية والفردية والبرجوازية برمتها هي غير قادرة على تحقيق تلك المطاليب وان كان الاسلام السياسي كتيار رجعي يفاقم الامور نتيجة تناقضه مع مدنية المجتمع المصري.
بشكل عام المشكلة هي ليست مشكلة هذا التيار البرجوازي او ذاك في مصر بل مشكلة كل الطبقة الحاكمة والنظام الرأسمالي على مستوى العالم. قد يكون اداء اخوان المسلمين اسوا من اداء تيار برجوازي اخر ولكنهم يعملون ضمن الخيارات والخطط المتاحة لهم من اجل ضمان تعاظم الارباح.
في كل انحاء العالم في الوقت الذي تنغمس فيه تيارات البرجوازية ومناصري النظام الرأسمالي في جدال بسينطيني حول افضل السبل للخروج من الازمة وبينما تتارجح المجتمعات في الاختيار بين يمين ويسار البرجوازية فان وضع الطبقة العاملة والاغلبية الساحقة على مستوى العالم في تدهور مستمر. وهناك بودار ازمة اعمق في الافق، فمع تباطئ الاقتصاد الصيني وماريرافقه من تباطئ الاقتصاديات "الصاعدة" وخاصة تلك التي تعتمد بشكل اساسي على بيع المواد الى الصين فان الازمة الحالية لابد ان تتعمق. مصر مثلها مثل تركيا والبرازيل و بقية الاقتصاديات التي تسمى بالاقتصاديات الصاعدة هي على فوهة بركان. ان الجماهير العريضة بدأت تفوق على ان الانجازات التي كان يفترض ب"الرأسمالية الصاعدة" فيها ان تحققها هي احلام. ان تصاعد وتيرة النضالات والاحتجاجات على مستوى العالم ووجود ازمة حكومية في اكثر من بلد هي انعكاس لازمة الرأسمالية العالمية من جهة وتحرر الجماهير من الوهم تجاة اغلب التيارات البرجوازية اليمينية واليسارية بدءا من باراك اوباما في امريكا الى فرانسو هولاند في فرنسا الى الاسلام المعتدل في تركيا ومصر والخ. ان بقاء مرسي في الحكم لسنة واحدة فقط هو جزء من تحرر الجماهير من اوهام التي تسوقها البرجوازية.
اي ان سوء الاداء لايقتصر على اخوان المسلمين بل يشمل النظام الرأسمالي برمته. خلافات بقية التيارات مع مرسي هو ليس حول امكانية تحقيق مطاليب الجماهير بل حول كيفية اخماد الثورة وكيفية ادارة الدولة والنظام الرأسمالي وتحقيق " النمو الراسمالي" الذي يعني تعظيم الارباح. في الحقيقية لقد كان مرسي واخوان المسلمون بديل كل الطبقة البرجوازية لمصر. فرغم كثرة التيارات البرجوازية الا ان التيارات التي بامكانها الحكم والتي تثق بها البرجوازية هي قليلة وكان تيار الاسلام السياسي احد تلك التيارات المهمة.




سايت الحزب: البعض يرى خطوة الجيش انقلابا على “الشرعية” وعلى حكومة ورئيس الدولة المنتخب، ويتهموا كل من دعموا الجيش او ايدوه بوصفهم معادين للديمقراطية؟ ماهي مكانة هذا النوع من المواقف برأيكم؟

توما حميد: البرجوازية من اجل ان تحكم لابد ان تفصل السلطة السياسة عن المجتمع ومن تدخله المباشر بطريقة ما وتحتل عملية التصويت من خلال صناديق الاقتراع بعد تفريغ عملية الاقتراع نفسها من اي معنى ومن اي علاقة بالمشاركة الفعلية في السلطة مكانة مهمة في خلق هذا الفصل وفي كسب الشرعية. ان تدخل الجيش في مصر وازالة مرسي من وجهة النظر التي تعطي للانتخابات من خلال صناديق الاقتراع اهمية خاصة لكسب الشرعية لابد ان يكون انقلابا على تلك الشرعية. من وجهة نظري ان القرار الجماعي والواعي الذي اتخذ من قبل اكثر من 20 مليون انسان خارج اطار الميكانيزمات المحددة مسبقا وعن طريق النزول الى ساحات وشوارع مدن مصر له شرعية تفوق بكثير شرعية 12 مليون صوت فردي حصل عيلها مرسي واخوان المسلمون في انتخابات لم يكن للجماهير فيها ممثل. من قرر بان يكون لقرار الجماهير اثناء الانتخابات مكانة اكبر من القرار الذي تتخذه خلال التجمعات التي تنظمها؟ ان هذا نقد جدي للديمقراطية البرجوازية. لماذا يتوجب على الجماهير ان تنتظر اربع سنوات لكي تغير القيادة السياسية اذا اثبتت فشلها في ادارة المجتمع او انها لاتمثل مصالح الاغلبية ؟
الوظيفة المتاصلة في كل جيوش العالم هي الدفاع عن سلطة الرأسمال ومصالح الطبقة البرجوازية وان كان احيانا على حساب هذا التيار البرجوازي او ذاك وقد قام الجيش في مصر مرة اخرى بهذه الوظيفة على افضل وجه. عندما قامت الثورة ضد حسني مبارك واصبحت مسالة بقائه في الحكم امرا صعبا دعوا مبارك يرحل، اي ضحوا بمبارك من اجل حماية مصلحة كل الطبقة ونفس الشيئ حدث بعد ثورة 30 حزيران، لقد ضحوا بنظام مرسي من اجل حماية كل النظام. البرجوازية في مصر وحول العالم رأت ضرورة الخطوة التي قام بها الجيش، و ان الحديث عن الانقلاب على " الشرعية" ياتي من باب الحيلولة دون ان تفقد الانتخابات هذه الهالة المقدسة لما يشكله من خطر على شرعية الحكومة البرجوازية بشكل عام. فالكثير من القوى البرجوازية في تناقض بين ضرورة حماية نظامها والدفاع عن مصالحها من خلال ازالة مرسي وبين ضرورة المحافظة على قدرتها في قولبة وعي الجماهير حول بدائل وميكانيزمات البرجوازية. ان الانتخابات هي اختيار بين بدائل الطبقة الحاكمة نفسها ولكن في الاحداث الثورية تفتح الابواب على خيارات اخرى وهي مالاتطيقه هذه الطبقة. ان اهمية الثورة ضد مرسي هو عدم التزام الجماهير بمفاهيم ومقولات البرجوازية مثل "الشرعية" و " الانتخابات".

سايت الحزب: ماهي الاثار الاقليمية والعالمية على ماجرى في 30 حزيران، وماهي اثارها على الاسلام السياسي في المنطقة والعالم؟
توما حميد: لماجرى في 30 حزيران عواقب عالمية واقليمية كبيرة لانها تبين فشل الطبقة الحاكمة ونظامها على مستوى العالم في تلبية ابسط مطاليب الجماهير. احداث مصر هي ليست مسالة فشل تيار برجوازي معين او حتى مسالة الرأسمالية في مصر وحدها بل مسالة فشل الرأسمالية على مستوى العالم. بقدر قدرة الرأسمالية في العقود الاخيرة على تشديد الاستغلال على الطبقة العاملة وتقليل حصة الطبقة العاملة من الثروة التي تنتجها عن طريق القضاء على المنظمات العمالية والقوى الشيوعية والاشتراكية بنفس القدر قضت على الطلب على البضائع والخدمات من قبل الطبقة العاملة مماادى الى تقليص فرص الاستثمار ونمو الرأسمال مما ادخل الرأسمالية في ازمة عميقة واضعف قدرتها على تلبية مطالب قطاعات واسعة من الجماهير التي تتدهور اوضاعها بشكل مستمر وليس للنظام اي حل لهذا التناقض.
من جهة اخرى تعكس هذه الاحداث ارتخاء قبضة البرجوازية ونفوذ مقولاتها ومفاهيميها ومنظوماتها الفكرية على وعي الجماهير. ان وصول مرسي كان بمباركة الغرب والدول الرجعية في المنطقة والقوى البرجوازية المصرية ومؤسسة الجيش. ان الاحتجاجات الاخيرة قد وضعت الجماهير بمواجهة كل تلك القوى وافاقها وبدائلها.
من جهة اخرى، لقد حققت الجماهير نصر تاريخي على الاسلام السياسي باعتباره احد التيارات البرجوازية المهمة في المنطقة. تبين بانه ليس لهذا التيار من الناحية الاقتصادية شيئ مختلف عى التيارات البرجوازية الاخرى. ان مقولة " الاقتصاد الاسلامي" هي خرافة. ومن الناحية السياسية والاجتماعية، الاسلام السياسي هو تيار اقصى اليمين البرجوازي. ان احداث السنة التي حكم فيها اخوان المسلمون مصر بينت تفاهة مايروج بخصوص " الاسلام المعتدل"، كما بينت ان هذا التيار غير مؤهل ان يحكم مجتمع مدني مثل مجتمع مصر. ان اسقاط هذا النظام بعد سنة في الحكم ومن خلال خطوة ثورية بهذا الحجم التي شهدت حضور الملايين الى الميدان قد وجهت صفعة قوية لهذا التيار الرجعي ولكل من روج لمقولات مثل كون مجتمعات الشرق الاوسط مجتمعات اسلامية. سيكون لاحداث 30 حزيران تاثير كبير على مصير الاسلام السياسي في كل المنطقة. ولكن الاهم ان احداث 30 حزيران بينت ان الاسلام السياسي لم يعد بامكانه ارعاب المجتمع ولم يعد تلك القوة السوداء التي بامكان البرجوازية اللجوء اليها لارهاب المجتمع وقت الحاجة.



سايت الحزب: في بداية الثورة التي اسقطت مبارك او ما سمي بـ”شباب الفيسبوك” ظهرت الكثير من القيادات الشابة لكنها مالبثت ان اختفت وتركت الساحة الى البرادعي وشفيق ومرسي وصباحي وغيرهم ممن خاضوا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والان ترى الشيء ذاته على قيادات “تمرد”، ماهي قراءتك لتلك الظاهرة.

توما حميد: هذه ليست المرة الاولى التي نشهد فيها مثل هذه الظاهرة بل لدينا امثلة مشابهة في مختلف انحاء العالم وفي مراحل مختلفة. لدينا امثلة على حملات ناجحة يكون بامكان افراد او مجموعات من حشد الالاف بل الملايين من الناس بشكل عابر في حركة من اجل قضية معينة ولكن تختفي بسرعة بعد النجاح او الفشل في تحقيق الهدف المنشود. وهناك حالات ينهار فيها النظام الحاكم برمته و ينفتح المجال امام مختلف الافراد والمجموعات ان تلعب دورا مهما في صياغة مستقبل المجتمع ولكن في المطاف الاخير تسلم الامور الى الحركات الاجتماعية الاساسية في المجتمع وقواها السياسية. في مصر لم ينهار النظام اثناء الحركة الثورية التي اطاحت بحسني مبارك او تلك التي اطاحت بمرسي بل ان مؤسسات مثل الجيش بقيت سالمة لذا لم تفقد الطبقة الحاكمة السيطرة على الاوضاع رغم ضخامة القوى المشاركة في الثورة.
ان مسالة حكم المجتمع هي مسالة معقدة تتطلب من جهة وضوح رؤية وخبرة وانظباط وثقة بالنفس من جهة القوة التي تود الحكم وتتطلب ايضا ثقة المجتمع بقدرة تلك القوة على الحكم من جهة اخرى. هناك الكثير من الاحزاب والمنظمات السياسية التي تتواجد في الساحة لعشرات السنوات في مختلف الدول ولكنها لاتحقق اي خطوة تقربها من الامساك بالسلطة اما لانها من الناحية الذاتية لاتمتلك صفات حزب السلطة او ان المجتمع لايثق بها. لايمكن لقوة تختص بقضية واحدة ان تحكم المجتمع. ليس بامكان افراد وجماعات ضغط ان تقدم بديل لحكم المجتمع. بل حتى ليس بامكان منظمات سياسية تقتصر نضالها من اجل قضايا محدودة وليس لها طرح بخصوص معظم مسائل المجتمع الاساسية من الحكم. "شباب الفيسبوك" وقيادات " التمرد" هم قادة وفعالو حملة معينة لايمكنهم الامساك بالسلطة.
فقط بامكان احزاب تمثل الحركات الاجتماعية للطبقتين الاساسيتين في المجتمع ، اي البرجوازية والطبقة العاملة من تلبية المتطلبات الذاتية والموضوعية لقوة السلطة القادرة على الحكم والامساك بالسلطة. البرجوازية لها حركات متعددة ولكن في دولة مثل مصر تعتبر الحركة القومية والاسلام السياسي اهم تلك الحركات التي لها احزاب تلبي شروط حزب السلطة.
من جهة اخرى ان الشيوعية العمالية كاحدى الحركات الاجتماعية للطبقة العاملة هي تيار حي في المجتمع له بديله لحكم المجتمع وهو المجتمع الاشتراكي، ولكن في مصر ليس له حزب سياسي يمثله في الميدان الساياسي وميدان الصراع على السلطة. يعتبر تاسيس مثل هذا الحزب في مصر ضرورة حياتية اذا ارادت الطبقة العاملة ان يكون لها دور في تحديد مصير المجتمع.

سايت الحزب: كيف تقرأ ردود الفعل السريعة المؤيدة للاطاحة بمرسي، على صعيد السياسة الامريكية، ومن قبل دول الخليج التي كانت داعما قويا لمرسي حتى اعلان الجيش؟

توما حميد: ان تلك الردود هي متوقعة و ليست لها اي ربط بمواقف مبدئية بل تمثل تعامل براغماتي مع واقع حساس ليس لهم سيطرة عليه. لقد كانت مواقف معظم تلك الدول متناقضة مع مواقفها السابقة التي كانت في معظمها مؤيدة لنظام مرسي، ولكن لم يكن لها خيار اخر. ان الوقوف بوجه الثورة لم يكن في مصلحتها. ثورة مصر هي مصدر قلق للبرجوازية العالمية برمتها. وفي مواجهة هذا الوضع، الهدف ليس الدفاع عن مسائل مبدئية او حماية هذا النظام او ذال بل هو انهاء الثورة و استقرار الاوضاع بما يخدم مصالح الرأسمال. وهذا هو اساس تلك الردود والتناقض في مواقف تلك الدول والقوى.


سايت الحزب: في النهاية ماهي رسالتك موجهة الى جماهير مصر في خضم فرحها بالانتصار والمهام الكبيرة القادمة الملقاة على عاتقها لمرحلة ما بعد سقوط نظام مرسي؟ او تحديدا ماهي المهام التي برايك تقع على عاتق الجماهير والطبقة العاملة في هذه الاوضاع؟


توما حميد: لقد حقق نصر تاريخي في 30 حزيران ضد الاسلام السياسي كتيار يمثل اقصى يمين الطبقة البرجوازية في المنطقة وبالتالي ضد الطبقة الحاكمة بشكل عام وشكل النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي التي تود ان تفرضه على جماهير المنطقة. ان الاعمال الثورية في 30 حزيران هي مصدر الهام لكل الجماهير التي تعاني من الفقر والتهميش والقمع في المنظقة والعالم.
ولكن مشكلة مجتمع مصر ليست في حكم وسياسيات وممارسات هذا التيار البرجوازي او ذاك بل في النظام الرأسمالي برمته. تبين الاحداث ان النظام الرأسمالي على مستوى العالم قد انقضت تاريخ صلاحيته وقد اصبح مصدر للماسي والشقاء للاغلبية الساحقة من البشرية. هذه المأسي والشقاء سوف لن تنتهي بازاحة هذا التيار او ذاك من الحكم وتسليم الامور الى تيار اخر بل يتطلب الاطاحة بكل النظام الرأسمالي. البشرية بحاجة ماسة لان تفكر بجدية بانهاء عمر هذا النظام.
يمكن الاطاحة بالنظام الرأسمالي من خلال الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة اي الثورة الاشتراكية. ان عدم بروز هذا الجدال الى الواجهة لحد الان هي نتيجة النفوذ و السطوة الفكرية للطبقة الحاكمة لحد الان. ازلية النظام الرأسمالي هي خرافة. ان فشل تجربة العمال في الاتحاد السوفيتي لايعني فشل الاشتراكية. لقد فشلت العشرات بل المئات من التجارب البرجوازية قبل ان تتمكن البرجوازية اخيرا من القضاء على النظام الاقطاعي في اوربا.
والاكثر من ذلك يمكن تحسين اوضاع الجماهير في مصر فقط اذا تحولت الطبقة العاملة وقواها السياسية الى قوة مقتدرة في ميدان الصراع على السلطة وفي مسار النضال من اجل الثورة الاشتراكية . وهذا يتطلب ان تفصل الطبقة العاملة صفها وافقها عن كل التيارات البرجوازية. يجب فضح الافاق السياسية والاجتماعية لكل التيارات البرجوازية. لايمكن للطبقة العاملة ان تفصل صفها عن كل التيارات البرجوازية والتحول الى قوة مؤثرة في ميدان الصراع على السلطة وبالتالي القيام بالثورة الاشتراكية بدون حزب سياسي يمثلها. يجب على طلعية الطبقة العاملة الشيوعية في مصر وضع هذه المهمة في قمة مهامها.
على الطبقة العاملة وقواها الثورية ان تمارس حكمها من خلال تاسيس المجالس العمالية ومجالس الاحياء وحتى الاستلاء على المشاريع الاقتصادية من اجل ادارة المجتمع وفرض توازن قوى في المجتمع والتي بالتالي سيسهل مهمة الطبقة العاملة للقيام بثورتها الاجتماعية.
ليس من مصلحة الطبقة العاملة في مصر ان يتحول الصراع الى صراع بين الجيش والاسلام السياسي. ان هذا الصراع يؤدي الى تهميش الثورة وقواها واهدافها وامانيها . كما ان الوقوف مع طرف ضد طرف اخر يحمل خطر زج المجتمع في اتون حرب ارهابية. على الطبقة العاملة ولوج الميدان بصف مستقل لفرض التراجع على طرفي هذا الصراع الرجعي، الجيش واخوان المسلمين.



..