عمال العراق: وحدتكم تخيفهم !


عصام شكري
الحوار المتمدن - العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 09:57
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

البرجوازية تنتج قبل كل شئ حفاري قبرها. ومن هذه العبارة يستنبط جواب لسؤال كل عامل وعاملة: ماهو مصدر قوة الطبقة العاملة ازاء كل هذا الجيش والسلاح والقمع ؟

مصدر قوة العمال هي وحدتهم. وبالتالي فان تفتيت وحدة العمال يزيد من امكانية احزاب الرأسمالية على اخماد هذه القوة او شلها.

ولكن الصراع بين البرجوازيين والعمال يتم داخل نظام وعلاقات اجتماعية وليس في الصحراء. فالطبقة البرجوازية يجب ان تنتج فائض القيمة لكي تستمر في الوجود (نهب جزء من اجر العامل لمراكمة رأس المال).

ان شرط تقوية نهب فائض القيمة هو التقدم الصناعي والتقني والا تحولت البرجوازية الى قطاع طرق (هل يذكرنا بدورهم في العراق الان؟!).

ولكن، وللمفارقة، فان التقدم الصناعي والتقني سيقوي في نفس الوقت وحدة العمال لانها ستقربهم من بعضهم في نقابات ووحدات مجالسية. هنا التناقض. وهنا يمكن ان نفهم كيف ان الطبقة العاملة هي من ستقبر الرأسمالية.
ولكن كيف يعمل البرجوازيون على شل قدرة العمال على التوحد؟. انهم يقومون بكل شئ لتحقيق هذا الهدف، فباستيلائهم على اجهزة الدولة يقومون بذلك من خلال القوانين والتشريعات، الثقافة ، الايديولوجيا، وطبعا على رأسها انتاج واعادة انتاج الدين والطائفية والتمييز الجنسي بين الرجل والمرأة (التأكيد على ان المرأة كائن دوني) بالاضافة الى التأكيد على تغذية الحقد القومي بشكل مواز.

ولكن تأريخيا الدين اقدم الاشكال الايديولوجية للف الطبقات المسحوقة بالتخلف وتبرير القمع واقناعهم بابدية وحتمية بؤسهم وتخلفهم وبان لا قدرة لهم للاعتراض عليها لانها تأتي من قوى خرافية. بعد الدين تأتي القومية، الفكر الفاشي، العجرفة القومية بالوانها واشكالها البغيضة وتطورت مع الدولة القومية الحديثة. ولو نظرنا الى القرن العشرين لرأينا دور الدول القومية في شن مجازر فظيعة تحت الرايات القومية: في الحرب العالمية الاولى والثانية والحرب المجرمة بين قوى الاسلام السياسي الايراني والقوميين العرب في الحرب الايرانية العراقية.

وحين نأخذ العراق سنجد ان الطبقة البرجوازية وممثلها السياسي الحكومة تقوم بكل ما سبق:
1) اصدار واعادة العمل بالقوانين والتشريعات المعادية للعمال بشكل مباشر ومن اجل كسر تضامنهم؛
2) تعميق الافكار الدينية والطائفية والترهات الفكرية وتحويل المجتمع الى مكب نفايات الفكر الديني والطائفي واهانة المرأة؛
3) تعميق التوترات القومية والاثنية داخل المجتمع للتحكم بهذا الصمام متى ما شاءت الطبقة البرجوازية وحسب مصالحها الانية.

فحين احتلت القوات الامريكية العراق واقتلعوا القوميين من السلطة، تم تنصيب الاسلاميين وادام هؤلاء العمل بقرار 150 لصدام حسين المعروف بقرار تحويل العمال الى موظفين. اقتلعوا دولة ”البعث الكافر“ و“الطاغية“ ولكنهم ابقوا قرارته ضد العمال!!. ولهذا دلالة. فالطبقة البرجوازية لها هدف واحد في النهاية وهو تحطيم الوحدة الطبقية للعمال باي ثمن.

والسلطة في العراق جزء (او الاصح مائة جزء) من قوى وعصابات الاسلام السياسي. لم يعد الامر مقتصرا على حفنة من الملالي والشيوخ كما في السابق بل اصبح مؤسسة كاملة تمتلك جيوشا ومؤسسات اعلام و“بزنز“ يدر ارباح خرافية . السلطة البرجوازية تبنت الدين واصطفت معه بالكامل بعد ان قامت تأريخيا على الانتفاضة ضد المؤسسة الدينية(انظر الثورة البرجوازية الفرنسية 1789). ولكي يبرروا الرجوع الى القرون الوسطى فانهم ينشرون الكذبة التالية: الدين ”صحوة“، وبالتالي يتم مهاجمة الفكر الاشتراكي والانساني بمثابة فكر قديم و”منهار“ و“عفى عليه الزمن“ اما فكرهم فمرره الزمن خلسة. يخطط لكل هذا ببراعة وباستخدام اكفأ المثقفين والاساتذة الجامعيين ولكن ايضا القتلة المأجورين ظباط الجيش والشرطة. الغرض ردع العمال عن تبني اي فكر توحيدي وانساني واممي، الافكار الاشتراكية والشيوعية والانسانية يتم استبداله بالافكار الخرافية والوهمية والتوهينية للعمال.

اما النعرات القومية فتبرز من خلال تقسيمهم المجتمع الى ”كيانات“ كبديل عن النماذج القومية للبعث والناصرية والهتلرية والستالينية البائدة. وغالبا ما يروج لهذه الافكار بكلمات ناعمة من قبيل ”الاخوة الاكراد“ و“الاخوة العرب“ و“الاخوة التركمان“ والتعايش بين الكيانات والموزاييك الاثني وهكذا. وفي هذه اللغة الناعمة تمرر الفكرة المناقضة للمواطنة والانسانية. فلا يوجد شئ اسمه مواطن بل كائن بلا ملامح او شخصية تابع لكيان ديني او قومي. فهناك المكون السني والشيعي والتركماني والكردي والمسيحي. التجزئة القومية للمجتمع اذن تجد لها اغلفة مناسبة ”تسوق“ بها للجماهير كما تسوق السلع الفاسدة في اكياس ملونة.

الطبقة العاملة العراقية خاضت نضالات باسلة على مدى تأريخها ضحت فيها بالغالي والرخيص. ويتجذر داخل الطبقة العاملة العراقية الوعي الاشتراكي والماركسي الثوري والانسانية.

في هذا الايار تبرز الحاجة اكثر من اي وقت اخر لابراز هذا الوعي والبديل الانساني ولعب دور قيادي لتخليص المجتمع من الكوارث التي دمروه بها.

لكل عامل وعاملة في العراق اقول ، الفرصة سانحة اليوم لتجريدهم من اسلحتهم هذه واحلال مبادئكم واهدافكم الانسانية محلها. انتم الوحيدين القادرين على هذا وخاصة اليوم بظل الاوضاع القاتمة التي زجوا المجتمع بها. لتظهروا وحدتكم وتضامنكم بعيدا عن الدين والطائفية والقومية.

الاول من ايار 2013