الفقر نتاج ..مأساة السياسة الاقتصادية - الاجتماعية للرأسمالية

جهاد عقل
Ge_dl@hotmail.com

2019 / 2 / 21

الفقر نتاج ..مأساة السياسة الاقتصادية - الاجتماعية للرأسمالية
- تقرير البنك الدولي يؤكد أن نصف سكان العالم يعانون من ظاهرة الفقر
- تقرير مؤسسة التأمين الوطني يؤكد أن أكثر من نصف المواطنين العرب يعيشون تحت خط الفقر
-وأنهم يشكلون حوالي 50% من مجموع الفقراء في الدولة.


- البداية
تعالج العديد من المؤسسات العالمية والمحلية قضية أزمة الفقرعلى المستوى العالمي وكذلك على المستوى المحلي، وكانت منظمة العمل الدولية قد إعتبرت موضوع الفقر "خطرا" على المجتمع الدولي ففي أحد بنودها الأساسية جاء بهذا الخصوص ما يلي:" يشكل الفقر في أي مكان خطرا على الرفاه في كل مكان" ، لكن جميع التقارير المتعلقة بأزمة الفقر ، وهي صادرة بالأساس عن مؤسسات تابعه لأصحاب سياسات النمط الرأسمالي ، تؤكد بأن "معضلة الفقر" ما زالت مستعصية على الحل.
لكن هذه الجهات لا تريد أن تعترف ، بأنه طالما تواصلت الحكومات فرض نمط الإقتصاد النيوليبرالي الرأسمالي والسير في هذا الطريق لا يمكن لها مهما وضعت من خطط إنهاء أزمة الفقر القائمة اليوم.
- نصف سكان العالم يعانون من الفقر بأشكاله المختلفة.
يظهر لنا من تقرير للبنك الدلي صدر اواسط شهر تشرين أول /أكتوبر 2018 ، تحت عنوان "حل معضلة الفقر" ، والذي إستعرض فيه أوضاع الفقر في العالم ، بأن حوالي نصف سكان العالم يعانون من الفقر بأشكال مختلفه بلغ عددهم 3,4 مليار نسمة ، وهذه المعطيات تتطابق مع تقرير صادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة ، كما يعبر معدو هذه الدراسة عن شكوكهم أنه بإمكان الوصول الى وضع أفضل مما هو عليه في برنامج "التنمية المستدامة 2030" .كما تشخص هذه الدراسة الفقر بأنه يشمل كل شخص عاش باقل من 3,20 دولار أمريكي في اليوم في البلدان متوسطة الدخل ، وأما ما يطلق عليه الفقر المدقع فهو يشمل كل شخص يعيش بأقل من 1,90 دولار أمريكي في اليوم/ ويبلغ عدد هؤلاء حوالي 767 مليون شخص في العالم . لكن المأساة الكبرى تظهر بأن نصف فقراء العالم هم من الاطفال حتى سن السابعة عشرة.
- الفقر محليا وفق تقرير التأمين الوطني
عندما صدر تقرير مؤسسة التامين الوطني بخصوص حال الفقر في بلادنا يوم 31/12/2018 أي في اليوم الاخير من العام الماضي ، حاول عدد من المسؤولين الحكوميين إعطاء طابع إيجابي وان هناك تحسن بل هبوط في الفقر ، لكن لا يمكن تجاهل الحقيقة ، وهي أن هذا الهبوط الطفيف والمحدود جدا وبنسبة لا تكاد تذكر ، لم يغير الكثير في حال الفقراء في بلادنا خاصة المواطنين العرب الفلسطنيين ، ويبدو ذلك في مواصلة إرتفاع نسبة الفقراء ممن يعيشون في حالة ما يسمى عمق الفقر وشدة الفقر.
عندما نتحدث عن الفقر لا بد من تعريف ما يسمى بخط الفقر وهو الخط الذي يعتبر كل انسان يعيش تحته هو انسان فقير او عائلة فقيرة والتعريف لخط الفقر:" هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه الإنسان أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلد ما".
- خط الفقر من مبلغ 3423 شاقل للفرد.
تم تحديد خط الفقر من قبل مؤسسة التأمين الوطني وغيرها من الجهات في بلادنا بأن كل فرد يحصل على دخل شهري بمبلغ لا يزيد عن 3423 شاقل يعتبر فقيرا ، وعائلة من شخصين خط الفقر لها هو دخل شهري بمبلغ 5477 شاقل ولعائلة من أربعة أشخاص دخل شهري بمبلغ 8764شاقل ولعائلة من تسعة أشخاص وما فوق مبلغ 15336 شاقل .
-عدد الفقراء بلغ 1,780,500 شخص.
معطيات تقرير الفقر للعام 2017 أشارت الى وجود 1,780,500 إنسان يعيشون تحت خط الفقر في بلادنا أي خمس السكان 46% منهم من الأطفال وما عدده 814,00 طفل من الفقراء .
كما يؤكد التقرير بأن هناك حالة من التدهور الإقتصادي الإجتماعي ، بل إتساع الهوة القائمة في مستوى الحياة في ظل الارتفاع المضطرد في تكاليف الحياة ونضوب مصادر الدخل لدى العائلات الفقيرة لمواجهة هذا الإرتفاع، على ضوء تآكل القيمة الشرائية لمخصصات التامين الوطني.
يتضح أيضا من التقرير أن إسرائيل ما زالت تحتل المكان الاول وتقف على رأس قائمة الدول المتقدمة بنسبة الفقر تليها الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم المكسيك وتركيا ، أما بخصوص عدد الأطفال الفقراء فتحتل المكان الثاني في القائمة بعد تركيا. هذه القائمة أو هذا التدريج يؤكد لنا فشل السياسات الحكومية في إيجاد حل او حلول لأزمة الفقر ، والسبب حسب رأيي هو انتهاج سياسة إقتصادية تعتمد على نهج الليبرالية الجديدة التي تؤدي الى إغناء عدد قليل من الأغنياء على حساب تعميق الفقر وأرتفاع عدد ونسبة الفقراء.
كما ذكرنا سابقا هناك من حاول التأكيد بانه تم تقليص نسبة الفقر ، ووفق التقرير السبب لهذا التقليص الطفيف هو رفع اجر الحد الادنى للأجور الذي كان له تأثير مباشر على البعض من شريحة الفقراء ممن يتلقون أجر منخفض وكذلك رفع أجور كافة الاجيرين بسبب توقيع إتفاقيات بهذا الخصوص . لكن المأساة الحقيقية والالم الحقيقي بالنسبة لأزمة الفقر هو ظاهرة أستمرار بل وإتساع عمق الفقر الذي يعني مواصلة غرق عائلات بكاملها ولفتراات طويلة ، بل تفقد الامل الخروج من دائرة الفقر هذه .
- العرب ضحايا الفقر وسياسة التمييز الحكومية.
عندما نقوم بقراءة المعطيات الواردة في التقرير والمتعلقة بالمواطنين العرب ومقارنتها بالمعطيات مع الوسط اليهودي ، تظهر لنا الحقيقة المأساوية الناتجة عن سياسة التمييز الحكومي المتواصل، اذا كان في قضية القبول للعمل أو في التمييز بالأجور أو حتى في المخصصات .
من مجموع العائلات التي تعيش تحت خط الفقر ال 466,400 عائلة حصة العائلات العربية 174,600 عائلة عربية اي 37% من العائلات التي تعيش تحت خط الفقر هي عربية (هذا الرقم لا يشمل العائلات في القرى العربية الغير عترف بها في النقب)، أما عدد الأفراد في هذه العائلات فيبلغ 851,100 شخص عربي أي أن 45% من الفقراء في إسرائيل هم من العرب ، ومن هؤلاء 404,500 طفل اي 50% من الاطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر في البلاد عامة هم عرب.و49,100 مسن عربي يعيشون تحت خط الفقر .
هذه المعطيات تشير الى ان 47,1% من العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر مقابل 13,4% من العائلات اليهودية ، وان 50,3% من المواطنين العرب يعيشون تحت خط الفقر مقابل 13,9% من المواطنين اليهود ، وأن 60,7% من الأولاد
العرب يعيشون تحت خط الفقر مقابل 19,6% من الاولاد اليهود ، وأن 52,5%من المسنين العرب يعيشون تحت خط الفقر مقابل 13,7% من المسنين اليهود .
- لا تأثير يذكر للمخصصات على تغيير الواقع لدى العرب.
يتضح أيضا من التقرير أن تحويل المخصصات المختلفة اذا كان من التامين الوطني او غيره يكاد لا يؤثر أو يحسن الوضع لدى العائلات العربية التي تعيش تحت خط الفقر ، ووفق هذه المعطيات فقد كانت نسبة التأثير على إخراج عائلات عربية من تحت خط الفقر لهذه المخصصات بنسبة 6,1% فقط بينما بلغت النسبة لدى العائلات اليهودية 35,8% .
أما مأساة عمق الفقر والعيش في دائرة الفقر بشكل مستمر فإن 58% من العائلات العربية تعيش في حالة فقر مستمرة وأن 62% من المواطنين العرب يعانون من هذه الظاهرة.
- بوحدتنا سنفشل هذه السياسة الظالمة.
في النهاية ، هذه العطيات المأساوية ، تؤكد لنا أن السياسة الحكومية تتواصل بلا تغيير أتجاه المواطنين العرب وعلى نفس المسار ونفس حجر الاساس الذي وضعه قادة الحركة الصهيونية منذ بدايات الدولة، هذه السياسة القائمة على سلب الأرض وفقدان العمل بأجور متساوية ، ووضعهم في وضعية خوض المعترك اليومي من أجل توفير لقمة العيش ، ومواصلة إغراقهم في طوفان الفقر .
لكننا نعود ونؤكد أننا لن نستسلم ، من خلال مواصلة نضالنا بوحدة وبلا هوان من اجل إفشال السياسة الحكومية التي تريد لنا ان نبقى فقراء.



https://www.ahewar.org/wc
مركزابحاث ودراسات الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي