ذهنية العنف

ياسر يونس
yasseryounes@hotmail.com

2007 / 1 / 25

للعنف السائد في مجتمعاتنا أسبابه، ولكن هناك محوراً هاماً لا يحظى باهتمام كافٍ وهو أن الإنسان في مجتمعاتنا يتعلم العنف تعليماً منذ الطفولة .

ولن أعرض في هذه العجالة إلى جميع عناصر تربية العنف في الصغر سواء في البيت أو الشارع فلهذا حديث آخر وإنما ما أريد توضيحه هنا هو أن الطفل في حصة الدين في المدرسة وفي المساجد يتعلم أن السارق تقطع يده والقاتل تقطع رأسه والزاني يرجم.

والطفل هو عقل متلقٍ في هذه الحال لا يستطيع مثلاً أن يرد على معلمه قائلاً إن القانون الوضعي يتيح إعادة المحاكمة أو التعويض في حالة البراءة بعد مرور فترة من العقوبة وأن قطع اليد يعيق الفرد عن الكسب المشروع بقية حياته. كما أن أهل الطفل هم عادة من أصحاب هذه الثقافة نفسها فليس من مجال إذن لإصلاح الخلل في المنزل.

ويستفيض المعلم في التبشير بأنه لو قطعت يد السارق في ميدان عام أو قطعت رأس القاتل ونشرت صوره في الصحف لما أقدم لص علي السرقة ولا مجرم على القتل ، ومرة أخرى الطفل متلقٍ لا يستطيع أن يقول وماذا عن المال العام "غير المحرز" في الشريعة وغير ذلك من الأسئلة المحرجة.

وبعد تهيئة عقل الطفل لتقبل قطع اليد والرأس والقتل رجماً بحيث تصبح مسلمات لديه يبدأ المعلم في الحديث عن عدم قيام الدولة بدورها في تطبيق الشريعة " الخلاص " ، ويكون الطفل الآن قد دخل مرحلة المراهقة وناهز سن الشباب وتعلم أيضاً كبت رغبته في الجنس مما يزيد طاقة العنف داخله والنفور من المجتمع فيرسخون لديه أنه لو طبق صحيح الإسلام لتزوج منذ أن بلغ ، هكذا وبكل بساطة.


ويدرب بعض االمراهقين كما نشاهد كل عيد أضحى على ذبح الأضحية ربما تمهيداً لذبح آخر.

وبعد أن يكون الفرد قد تربى على بقية مفردات هذه الثقافة ناهيك عن كراهية المخالف يتعلم أن من يطبق الحد بيده يكون قد افتأت عل السلطة، وهذا الأمر حسب إفادة الشيخ الغزالي مثلاً في قضية اغتيال الراحل فرج فودة، لا تعرف له عقوبة في الإسلام. ومن الجدير بالذكر أن نمط التربية والتعليم المتبع يجعل المرء بين خيارين دائماً، أبيض أو أسود، صواب أو خطأ، كفر أو إيمان.

وهنا تكتمل الكارثة فليس بغريب أن خرج علينا هؤلاء الشباب المتطرفون بالسنج والجنازير في الجامعات والشوارع وهاجموا محلات الأقباط ونهبوها وحطموها في السبعينات والثمانينات وحتى الآن وإن كان ذلك حالياً بحدة متفاوتة وعلى فترات حسب الظرف المحلي والدولي.

وقد دخلت الفضائيات العربية الساحة فأضافت التركيز على مفهوم آخر هو " الاستشهاد" أي الانتحار الشرعي بتفجير النفس في العدو لقتل أكبر عدد ممكن.

والتقط " المعلمون" الخيط الذي يمسكون بالفعل بطرفه الآخر وصار التركيز على هذا الاستشهاد أيضاً من على المنابر وربما في المدرسة والبيت أيضاً.


وبعد هذا نتساءل لماذا كل هذا العنف في مجتمعاتنا.




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن