- لا تخشوا الحرب النوويّة – إذا قامت واحدة فروسيا هي التي ستخسرها ! - الديماغوجية الخطيرة لتيموتي ستنليدر باسم الإمبرياليّة الأمركيّة و حربها بالوكالة في أوكرانيا

شادي الشماوي
sonson2121@gmail.com

2023 / 5 / 26

" لا تخشوا الحرب النوويّة – إذا قامت واحدة فروسيا هي التي ستخسرها ! " الديماغوجية الخطيرة لتيموتي ستنليدر باسم الإمبرياليّة الأمركيّة و حربها بالوكالة في أوكرانيا
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 803 ، 22 ماي 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/dont-worry-about-nuclear-war-if-there-one-russia-will-lose-dangerous-demagoguery

في المدّة الأخيرة ، نشرت جريد " نيويورك تايمز " ( الأحد 14 ماي 2023 ) مقالا لتيموتي سنايدر ، أستاذ التاريخ بجامعة يال . لم يقل سنايدر مباشرة جملة " لا تخشوا الحرب النوويّة – إذا قامت واحدة فروسيا هي التي ستخسرها ! " – لكن كان بوسعه أن أن يقول ذلك . العنوان الأصلي للمقال هو " بوتين يقاتل ، و يخسر ، حربه الأخيرة " ، و هذا المقال مديح بلا حياء للإمبرياليّة الأمريكيّة ، فوق كلّ شيء و بصورة خاصة ، في حربها بلوكالة في أوكرانيا .
حجج سايدر ، الصادرة عن تكبّر التفوّق الأمريكي ، حقيرة و خطيرة – لا تستهين ببساطة فقط بإمكانيّة حرب نوويّة بل تختم المقال زاعمة أنّ التهديد بحرب نوويّة يجب أن ينتهي مع هزيمة شنيعة لروسيا ( أو بكلمات جملة سنايدر الأخيرة : " عندما يتحدّث الروس عن حرب نوويّة ، أسلم ردّ عليهم هو ضمان هزيمتهم التقليديّة جدّا " ).
و يقدّم سنايدر الحجّة الخادعة ( تبدو منطقيّة غير أنّها خادعة ) بأنّه إعتبارا لكون القوى النوويّة بما فيها الإتحاد السوفياتي و كذلك الولايات المتّحدة قد خسرا حروبا و لم يلجآ إلى إستخدام الأسلحة النووية ، لا وجود لخطر له دلالته الآن لحرب نوويّة تنجم عن النزاع في أوكرانيا . و فضلا عن أنّ هذه الحرب النوويّة يمكن أن تنشأ عن خطإ في الحسابات من أحد الجانبين أو من الجانبين معا في النزاع في أوكرانيا ، فإنّ حجّة سنايدر تتجاهل ان تقفز فوق مخاطر خاصة أخرى للوضع.
الولايات المتّحدة منخرطة إنخراطا ثقيلا في الحرب في أوكرانيا – مسلِّحة تسليحا ثقيلا أوكرانيا و موفّرة التدريب بصفة متصاعدة و كذلك المخابرات و التخطيط للقوّات الأوكرانيّة و مستعملة الفيالق الأوكرانيّة ككبش فداء في هذه الحرب . و قد أعلنت الولايات المتذحدة إعلانا صريحا بأنّ هدفها من هذه الحرب هو إلحاق الهزيمة بروسيا و تقليص قوّتها و النيل من مكانتها و تأثيرها في العالم ، و منع روسيا من أن تمثّل تحدّيا له دلالته ل " النظام العالمي " الذى توجد فيه الولايات المتّحدة في موقع المهيمن . ( و هدف آخر للولايات التّحدة ن و بصفة خاصة لإدارة بيدن ، هو تصليب عود و تقوية حلف شمال الأطلسي / الناتو كقوّة عسكريّة عتيّة للإمبرياليّة " الغربيّة " و على رأسها الولايات المتّحدة – و إصلاح الضررالذى لحق بتحالف الناتو على يد ترامب أثناء رئاسته ) . و كذلك تبدو تحرّكات الولايات المتّحدة في أوكرانيا و كأنّها تستهدف " بعث رسالة إلى الصين " التي ينظر لها الإمبرياليّون الأمريكان ، من كلّ من حزبي الطبقة الحاكمة ، كأهمّ تحدّى للهيمنة العالميّة للولايات المتّحدة . و يأمل الإمبرياليّون الأمريكان أنّ إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا سيمثل تحذيرا للصين بشأن خطر مواجهة القوّة العسكريّة للولايات المتّحدة / الناتو و يمكن أن يقوّض تحالفا بين الصين و روسيا التي تضحى ضعيفة بصورة هامة . هذه هي حسابات – " منطق صعاليك " – المضطهِدين الإمبرياليين.
حجّة أخرى لسنايدر أكثر سخافة – و تهوّرا
إستمعوا ل " منطق " سنايدر هذا :
" إذا أطلقت روسيا سلاحا [ نوويّا ] ن ستخسر الكنز الذى حافظت عليه بغيرة ؛ مكانة القوّة العظمى . " حقذا – هذا كلّ ( أو اهمّ شيء ) سيفرزه إستخدام روسيا للأسلحة النوويّة ؟! هنا يتعامى سنايدر فعلا - جرّاء عجرفته التفوقيّة الأمريكيّة – و يبدو أنّه يريد أن يحجب الواقع عن بقيّتنا . الواقع العملي ، على عكس الهذيان الخطير الذى ينشره سنايدر ، هو أن إستعمال الأسلحة النوويّة من طرف روسيا في إطار الحرب في أوكرانيا – حتّى الأسلحة النووية " التكتيكيّة " – سيؤدّى إلى ردّ مدمّر هائل من الولايات المتّحدة / الناتو . و حتّى و إن كان ردّ الولايات المتّحدة / الناتو ذاته غير نوويّ ، سيتسبّب على ألرجح جدّا في مزيد التصعيد من طرف روسيا . و هذه الديناميكيّة يمكن بسهولة أن تفضي إلى حرب نوويّة إستراتيجيّة بين الجانبين ، بأفق القضاء على الحضارة الإنسانيّة كما نعرفها .
و إليكم " منطق " أكثر ديماغوجية و خطورة صادر عن سنايدر :
" بأخذ الإبتزاز النووي مأخذ الجدذية ، نرفع عمليا الفرص العامة لحرب نوويّة . لئن مكّن الإبتزاز النووي روسيا من الإنتصار ، ستكون النتائج وخيمة بشكل لا يقدّر . و إذا أمكن لأيّ بلد يملك أسلحة نوويّة أن يفعل ما يشاء ، عندئذ لا معنى للقانون ، و لا نظام عالمي ممكن ، و سنواجه الكارثة في كل ناحية . "
هذا من مدّاح جبان للإمبرياليّة الأمريكيّة التي ركّزت و فرضت " نظاما عالميّا " واضعة نفسها كقوّة إمبرياليّة مهيمنة ، من خلال غزوات متكرّرة و إنقلابات و تدخّلات عنيفة أخرى في شؤون البلدان عبر العالم بثمن حياة الملايين و الدمار الهائل . سجّل الإمبرياليّون الأمريكان الرقم القياسي بعيدا جدّا عن الآخرين في العدوان العنيف ضد البلدان و الشعوب الأخرى . و كوسائل لهذا العدوان العنيف الذى لا يتوقّف ، تحافظ الولايات المتّحدة على مئات القواعد العسكريّة في بلدان حول العالم و ميزانيّة عسكريّة أكبر من ميزانيّتي روسيا و الصين معا .
أمّا بالنسبة إلى الإبتزاز النوويّ ، فهذا ما قامت به الولايات المتحدة ، لعقود ، تجاه بقيّة العالم ، بتهديدها المستمرّ بإستعمال الأسلحة النووية ، سواء تمّ التصريح العلنيّ بهذا التهديد أم لا – تهديد هو أكثر شؤم لأنّ ، لنتذكّر ، الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذى إستخدم أبدا الأسلحة النوويّة قاذفة قنابل نوويّة على مدينتين يابانيّتين في نهاية الحرب العالميّة الثانية و حارقة مئات آلاف المدنيّين و متسبّبة في عذابات فظيعة و بطيئة و موت مؤلم للكثيرين الذين ، على القلّ لفترة من الزمن ، ظلوا على قيد الحياة بعد الإنجار الأوليّ . و لم يعترف الإمبرياليّون الأمريكان قط بأنّ القيام بتلك الهجمات النووية كان خطأ – و طبعا ، لم يتخلّوا عن إستعمال الأسلحة النوويّة و هم يواصلون " تطوير " " ترسانتهم النوويّة " الكبرى .
( فضح و تحليل لعديد الجرائم التي إقترفتها الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة حول العالم و كذلك داخل الولايات المتّحدة عينها متوفّرين في سلسلة مقالات " الجرائم الأمريكيّة " و في أعمال أخرى على موقع أنترنت revcom.us ).
و طبعا ، من السيناريوهات التي يفترض سنايدر أنّها ممكنة – أن يتراجع بوتن عن أوكرانيا بينما يعلن " الإنتصار " لأنّ روسيا واجهت ( و إنكسرت أمام ) الولايات المتّحدة / الناتو في أوكرانيا ، مقاتلة إيّاهم إلى التوقذف التام . لكن ليس هناك بالتأكيد أيّ ضمان لسير الأمور في هذا الإتّجاه ّ و ماذا لو كان بوتي جدّيا في توجّه أنّ القوى النوويّة لا تخسر الحروب ، خاصة إذا ما مثّلت الخسارة تهديدا جدّيا لوجودها أو لمكانتها في العالم ؟ يجب النظر إلى هذا في إطار حيث صرّحت الولايات المتّحدة وهي مصمّمة على أنّ روسيا يجب أن تُهزم في هذه الحرب – حبر كبرى في بلد ( وكرانيا ) موجود تماما على الحدود مع روسيا . ( وُجد هذا التشبيه قبلا وهو نهائيّا يساعد على مزيد توضيح الأمور : ماذا سيفعل حكّام الولايات المتحدة إذا غزت الولايات المتّحدة المكسيك و تدخّلت روسيا على نطاق واسع إلى جانب المكسيك بنتيجة هي أنّ ذلك اضحى مواجهة كبرى بين هاتين القوّتين العالميّتين و كلّ منهما تملك آلاف الأسلحة النوويّة و تصرّح روسيا بتصميمها على إلحاق الهزيمة بالولايات المتّحدة في هذه الحرب ؟).
سبيل الخروج من هذا الجنون
صحيح أنّه طالما أنّ هناك دول إمبرياليّة ( و رجعيّة أخرى ) مسلذحة نوويّا ، سيكون شعوب العالم عرضة للإبتزاز النوويّ . و مرّة أخرى ، يشدّد هذا على الأهمّية العميقة و الدقيقة لموقفى بانّه ليس بوسع شعوب العالم بعد أن تسمح لهؤلاء الإمبرياليّين بالهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة – تحتاج شعوب العالم الإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن ( هذا الموقف وارد ضمن " الحوارات الصحفيّة " التي أجريتها في خريف السنة الفاطة على اليوتيوب مع برنامج – الثورة لا شيء أقلّ من ذلك ! ).
و كما شدّدت على ذلك أيضا ، أولئك الذين يتطلّعون إلى عالم أعدل يحتاجون إلى معارضة كلّ الحروب الإمبرياليّة ، و كلّ التحرّكات و العلاقات الإضطهاديّة التي تقوم بها و تفرضها الطبقات الحاكمة في كلّ مكان . و بالأخصّ ، لأولئك الذين يعيشون في بلد إمبريالي أو آخر يحتاجون إلى أن يكونوا أوّلا و قبل كلّ شيء في معارضة طبقتهم الخاصة الحاكمة الإمبرياليّة – هذا هو الموقف الوحيد المبرّر أخلاقيّا و سياسيّا . و هذا يعنى أنّ الشعب الروسي يحتاج أن يكون أوّلا مهتمّا بمعارضة الإمبرياليّة الروسيّة و دورها غيرالعادل في الحرب في أوكرانيا . في هذا البلد الإمبريالي ( " الولايات المتحدة الخيّرة " ) من مسؤوليذتنا أن لا نكون من المدّاحين الجبناء " لطبقتنا الخاصة " الحاكمة الإمبرياليّة و إنّما في معارضة ذك و من مسؤوليذاتنا أن نكون بصلابة و تصميم معارضين لهؤلاء الإمبرياليّين و جرائمهم الوحشيّة ، و في الوقت نفسه نعارض القوى الإمبرياليّة و الإضطهاديّة الأخرى . و هذه ليست مسألة مبدأ جوهريّة فحسب ، بالمعنى العام للكلمة – فهي تكتسى حتّى أهمّية أكبر نظرا لكون الإمبرياليّة الأمريكيّة كانت ، لعقود ، القوّة الإضطهاديّة المهيمنة في العالم ، المتسبّبة في الخراب للشعوب عبر العالم بأسره ( و كذلك للبيئة ).
في هه السيرورة من القتال من أجل عالم أعدل – و أكثر أساسيّة في إنجاز عمل الثورة بإتّجاه الهدف الأسمى لعالم خالي من قوى و علاقات إمبرياليّة ( و أخرى رجعيّة و إضطهاديّة ) – لا بدّ من فضح و دحض الديماغوجيا الجالبة للعار ( أو التي لا تستحى ) و العالية الخطورة للمدافعين عن القوى و العلاقات الإمبرياليّة و الرجعية و الإضطهاديّة و مدّاحيها من مثل تيموتاي سنايدر .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن