اللعب والعبثية

طلعت خيري
tl7oaa@gmail.com

2023 / 5 / 23

قضى النبي فترة ليس بقليلة من عمر الرسالة في دعوة أهل مكة حاملي عقيدة الملائكة بنات الله- إلا ان مدى الاستجابة كاد ان يكون شبه معدوم وخلالها قدم التنزيل للمكذبين منهم بالله واليوم الآخر أشكال مختلفة من التهديد والوعيد– نأخذ سوره الأنبياء فيها شكل من أشكال التهديد والوعيد الدنيوي والأخروي -- اقترب للناس حسابهم – عقابهم بعذاب دنيوي - وهم في غفلة –غفلة عن العذاب - معرضون – معرضون عن ما انزل الله كما لم يأخذوا بالتهديد والوعيد على محمل الجد – ما يأتيهم من ذكر- الذكر هنا القران - من ربهم محدث - حديث أو الجديد من التنزيل - إلا استمعوه وهم يعلبون – يلعبون – كرسوا حياتهم للعب وفق اعتقادات وثنية وشركية صورت لهم الحياة على أنها خلقت للعب والعبث فقط - لاهية قلوبهم – بمترفات الدنيا - واسروا النجوى الذين ظلموا – أخفى المشركون عدد من الطعون اتفقوا عليها سرا لصد رسالة النبي منها- أولا - هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وانتم تبصرون – قل لهم يا محمد - ربي يعلم القول – يعلم ما قلته لكم فان كان افتراء عليكم فان ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم –ثانيا - بل أضغاث أحلام – تهيئات بين النوم واليقظة - ثالثا - بل افتراه – تعني اختلق القران للافتراء على الناس -رابعا - بل هو شاعر- ينظم الشعر – فان كان محمد صادقا- فليأتنا بآية – دليل مادي - كما أرسل الأولون – كناقة صالح – ما أمنت قبلهم من قرية أهلكناها -- افهم يؤمنون –فهل سيؤمن أهل مكة بالله واليوم الأخر كي لا يصيبهم العذاب كما اصب الذين من قبلهم

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ{1} مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{3} قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{4} بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ{5} مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ{6}


وما أرسلنا من قبلك يا محمد – من الأنبياء - إلا رجالا- رجال من جنس البشر - نوحي إليهم فسألوا أهل الذكر – أهل الذكر- هم المؤمنون بالله واليوم الأخر من الديانات والطوائف الأخرى الذين امنوا لما ذكر الله حقيقة ما انزل على أنبيائهم - ان كنتم لا تعلمون – ان كنتم لا تعلمون يا أهل مكة طبيعة الرسل من قبلكم - وما جعلناهم جسدا – لم نجعل الأنبياء من قبل جسدا ملائكيا خارج المنظومة البشرية لا يأكلون الطعام - وما كانوا خالدين – وما كانوا خالدين في عالم أخر كعالم الأحياء حسب اعتقادكم - ثم صدقناهم الوعد – صدق الله وعده بالنصر – فانجيناهم – أي الأنبياء - ومن نشاء – ومن امن معهم - وأهلكنا المسرفين – ولقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم – يخصكم بالذكر يا أهل مكة - أفلا تعقلون – أفلا تستعينوا بالعقل بدلا من النقل – وكم قصمنا- قصمنا تعني كسرنا - والقصم أقسى أنواع التدمير- من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين – صور الله لأهل مكة واقع حال الأمم التي كذبت الرسل من قبل – قائلا - فلما أحسوا باسنا - أحسوا عذابنا – إذا هم منها يركضون – فارين مبتعدين عن مساكنهم – لا تركضوا وارجعوا الى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسالون – يسالون بعضكم بعض عن أسباب انهياركم – فاعترفوا بذنبهم -- قالوا يا ويلينا أنا كنا ظالمين – لكنهم لم يتعظوا في المرة الأولى- فما زالت تلك دعواهم – حتى جاءهم العذاب في المرة الثانية-- جعلناهم حصيدا خامدين – حصيد بقيا الحصاد من الجل والتبن

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{7} وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ{8} ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ{9} لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ{10} وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ{11} فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ{12} لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ{13} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{14} فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ{15}

رد الله على أهل مكة الذين يعتقدون ان الله خلق السماء والأرض وما بينهما للعب -- وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين – لاعبين – للعب والعبثية - لو أردنا ان نتخذ لهوا لاتخذنا من لدنا ان كنا فاعلين – لو أنا خلقنا السماء والأرض للعب فنحن أولا للعب فيهما – بل نقذف بالحق –إلا عبثية - على الباطل - العبثية - فيدمغه فإذا زاهق - ولكم الويل مما تصفون - وله من في السماوات والأرض ومن عنده – ومن عنده – تعني لملائكة -لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون – الملائكة يسبحون الليل والنهار ولا يفترون -- أم اتخذوا آلهة من الأرض- الأوثان آلهة الأرض ترمز الى الملائكة بنات السماء - هم ينشرون – ينشرون الرزق والرحمة والنعمة بين الناس – لو كان فيهما – اي في السماء والأرض – آلهة إلا الله - كالملائكة بنات الله - – لفسدتا – لفسدت حياة البشرية لان الله هو القادر على إدارة الحياة والكون بشكل منتظم فهو من بسط الرزق للبشرية دون مقابل- ولكن أهل مكة جعلوا لأنفسهم أفضلية على جميع الخلق لأنهم يعبدون الملائكة بنات الله على اعتقاد هن من يطلبن من الله بزيادة أموال وثروات أهل مكة مكافئة لهم - ليلعبوا ويعبثوا في ترف الدنيا - فسبحان الله رب العرش عما يصفون – يصفون الله بهذا الوصف الجائر - لا يسال عما يفعل وهم يسالون – الملائكة لا يسالون الله وهم يسالون – أم اتخذوا من دونه آلهة – أم اتخذ أهل مكة الملائكة بنات الله آلهة من دونه - قل يا محمد هاتوا برهانكم – دليلكم على ان الله اتخذ آلهة معه - هذا ذكر من معي – المؤمنون من أهل مكة - وذكر من قبلي – المؤمنون من أهل الكتاب - من أين أتيتم بالملائكة بنات الله - بل أكثرهم لا يعلمون الحق – لا يعلمون ان الله لم يتخذ إلها ولا آلهة معه -- لهذا السبب - فهم معرضون --

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{16} لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ{17} بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ{18} وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ{19} يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ{20} أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ{21} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{22} لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{23} أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ{24}



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن