فرنسا المدانه بتوظيف الارهاب

ليث الجادر
laithgader@yahoo.com

2023 / 2 / 3

الحقيقه الجليه التي ليس بوسع احد من انكارها هي ان (الارهاب الاسلامي ) انما هو نتاج مبرمج لسياسة الدول الراسماليه الكبرى , وبدون الحاجه الى اشارات تفصيليه فان الوقائع تؤكد بما هو لالبس فيه , الكيفيه التي ترعرع الاسلام السياسي واحتضنت نواته التنظيميه في العواصم الغربيه وفي مقدمتها العاصمه لندن بحيث صار يشار اليها فيما بعد ب(لندنستان ) ..من جهتها طورت الولايات المتحده نسخة الاسلام السياسي الاوربيه ونقلتها من المستوى السياسي الى مستوى عسكري , لتتصدر مشهد الحرب ضد تدخل الاتحاد السوفيتي في افغانستان ,ثم لتظهر حركة طالبان (الافغانيه – الباكستانيه ) ولتفرز فيما بعد التنظيم الجهادي العابر للاقليميه وهو تنظيم القاعده ..خلال هذا تم تناقل مفردات النسخه الاوربيه ما بين حركة المجاهدين (الامميه ) في صراعها مع القوات السوفيتيه وبين حركه طالبان فيما بعد ومن ثم تنظيم القاعده .. مسيره الاسلام السياسي المكلله بالظفر بالسلطه بدات بالنسخه الاوربيه ( الخميني ) وانتهت بالنسخه الامريكيه (طالبان ) وتنافس النسختين وانعكاسات هذا التنافس على الواقع الموضوعي افرز شروط انتاج النسخه المشتركه ,رافق هذا تسابق لقوى راس المال الكبرى في توظيف تلك الحركات في اداء ما يصب في مصالحها الخاصه ..وتبعا لتداعيات ونتائج هذا التنافس انتقل النشاط الجهادي الاسلامي الى ما يشبه شبكه ممتده من الساحل الافريقي غربا الى اقصى الساحل الافريقي شمالا وموزعه بين خمسة تنظيمات رئيسيه هي ( القاعده في بلاد المغرب الاسلامي – بوكو حرام – وحركه الشباب المجاهدين – وحركه انصار الدين – حركة التوحيد والجهاد ) بشكل عام فان هذه التنظيمات تجمع كلها تحت عنوان القوى الارهابيه , ولا ضير في هذا ولا اختلاف , لكن ان توصف كذلك باعتبارها تشكيلات مناطقيه او خاصه متفرعه عن تنظيم القاعده , فهذا امر غير واقعي وهو تعبير ديماغوجي يراد منه التعميه عن حقيقة الدعم السري والتوظيف الامبريالي لمنظمات الارهاب هذه ..واقعيا تتم هذه التعميه من خلال الاشاره الى حقيقة ان لهذه المنظمات صلات معينه بتنظيم القاعده لكن يتم التغافل عن ان هذه التنظيمات ليست فقط ذات استقلال كياني مبرر بل انها بعضها ولد كانشقاق عن هذا التنظيم ! فكيف يمكن التعامل مع هذه الكيانات المنشقه باعتبارها تابعه لتنظيم القاعده ؟ حركة الشباب المجاهدين في الصومال نظمت وترسخت قوتها على الارض ومن ثم اعلنت لاحقا قرار ارتباطها بتنظيم القاعده ؟ لامر هنا مقلوب ! حركه التوحيد والجهاد – تنشط في غرب افريقيا – هي حركة انشقت عن تنظيم القاعده ! القاعد في بلاد المغرب الاسلامي انما هي امتداد لحركة السلفيين في الجزائر اعادة تنظيم نفسها وتشكلت باستقلاليه عن تنظيم القاعده وبعد 2003 اعلنت نفسها فرعا مستقلا من هذا التنظيم !؟حركة انصار الدين هي امتداد للحركه القوميه المعارضه لنظام جمهوريه مالي والتي كانت مدعومه من قبل نظام معمر القذافي ..بوكو حرام تنظيم معادي للثقافه الغربيه نشط وتطور قبل ان يعلن مناصرته لتنظيم القاعده ! يظهر من هذا ان هذه التنظيمات الارهابيه تتخذ من منهجيه وايدلوجيه تنظيم القاعده مرجعا اسميا لها, لكنها تتمتع بالخصوصيه والاستقلاليه في كل نواحي نشاطها واصل نشاتها ! هنا نتوقف عند التساؤل عن الكيفيه التي نشأت فيها هذه التنظيمات وعن اصل الامكانيات وموارد دعمها المالي الذي هو لب تلك الامكانيات ؟ في حال طرح هذه القضيه بكونها تخص اوربا او اي منطقه في العالم فان القبول المتردد بالعصاميه والامكانيات الذاتيه يكون واردا ! اما ان يكون في اكثر بقاع الارض فقرا وتخلف في مناحي الحياه واكثرها عرضة لتنافسيه القوى الراسماليه ..فان هذا هو المنطق الاكثر هشاشه والقريب من الخيال ...فهذه المنظمات تتحرك باساليب متطوره تقنيا ولوجستيا , ولديها معدات قتاليه حديثه نوعا ما ..وهذا لايؤكد الا انها مدعومه من جهات خارجيه او اقليميه لها قدرات دوله وليست افراد او قبائل ...تصاعد وتيره التنافس بين القوى الراسماليه الدوليه افرز وقائع تشير الى ان التنظيمات الارهابيه في مناطق مختلفه من العالم كانت تحصل على دعم من هذه الدوله الكبرى او تلك ! فرنسا كانت صاحبة النصيب الاوفر في غنى ادلة الاشاره اليها بكونها ساهمت وتساهم في دعم تنظيمات بعينها ووفق منهج تكتيك معين ! ويبدوا ان فرنسا تجاوزت حدود البراغماتيه في جهد توظيف الارهاب لصالحها , بحيث جاءت ادانتها من مختلف الجهات المتنافسه ..بداتها الولايات المتحده في قضيه شركه لافارج الفرنسيه لانتاج السمنت والتي ادانتها محكمه امريكيه بتهمة تقديم دعم مالي لتنظيم الدوليه الاسلاميه في سوريا وغرمتها بمبلغ 700 مليون دولار وكان اقرار الشركه بهذا الحكم مدعاة لان يوجه رئيس مجلس الامن لشهر اب من عام 2022 اتهام لفرنسا بدعم الجماعات الارهاربيه ...الرئيس التركي بدوره ذكر بهذا الشان بانه حذر ماكرون من دعم شركه لافارج للارهابين في وقت سابق من قرار المحكمه الامريكيه ..في 2022 اتهمت سلطات جمهوريه فرنسا بدعم جماعات ارهابيه واختراق اجوائها في مهام دعم هذه الحركات بالسلاح وتزويدهم بمعلومات استخباريه ...نفس الشيء يتكرر مع جمهورية بوركينا فاسو التي طلبت من فرنسا اجلاء قوتها العسكريه المتواجده في اراضي الجمهوريه والتي كانت قد استدعيت لمكافحة التحركات الارهابيه ولكن ثبت العكس ! ..في الاونه الاخيره وجه وزير الخارجيه الروسي اتهاما لفرنسا بدعمها الارهاب في كل من مالي وبوركينا فاسو وليبيا ..فرنسا المشار اليها بتهم دعم وتعامل مع التنظيمات الارهابيه ..هي ايضا قاب قوسين او ادنى من ادانتها بتهمة الدعم الغير مباشر لارهاب الدوله الذي تمارسه اسرائيل ...هذه المره تقف شركه كارفور الفرنسيه في واجه الاتهام بخرق القرارات الامميه التي تمنع التعاون مع دوله اسرائيل في كل مايخص نشاطها في المستوطنات ! فشركة كارفور دخلت منذ عامين السوق الاسرائيليه من خلال عقد تشاركي مع مجموعه المتاجر الاسرائيليه (بينوت بيتان ) التي تتخذ من المستوطنات في الضفه الغربيه مراكزا لتجارتها ..ولكي نتبين الوجه التكتيكي البراغماتي لاسلوب دعم الاسلام السياسي والتنظيمات الارهابيه وكيف انه بات متعارفا عليه في اقبية السياسه السريه لقوى الراسمال نتطرق الى وثائق سريه بريطانيه تعود لعام 1994 تم رفع السريه عنها عام 2018 ,تفيد بان وزراء ومسوؤلين فرنسيين كانوا معنيين بمتابعه الازمه الجزائريه قد زودوا البريطانيين بمعلومات تؤكد على قرب انهيار النظام الجزائري واستحواذ الاسلاميين السلفيين على السلطه , وتحذرهم من ان فرنسا باتت تستعد لهذا الموقف .. واذ يكتفي اليوم محللوا وكتاب الاعلام البرجوازي بقراءة هذه الوثائق ويستنبطون منها مدى تهافت العقليه السياسيه الفرنسيه ومقدار ضحالة تحليلاتها , فانهم لا يريدون ان يلتفتوا الى المعنى الحقيقي وراء هذه الوثائق التي يؤكد وجودها بحد ذاته الى حقيقة ان هذه القوى الدوليه انما صار دعم الحركات الاسلاميه واستخدامها كادوات سياسيه تكتيكه امرا مفرغا منه , وكيف ان فرنسا تحارب الاسلامويين هنا وكيف انها تدعمهم هناك .. ولماذا تحارب بريطانيا الاسلاموين هنا وكيف انها تحميهم هناك ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن