الإله البخيل الشرّير

نضال نعيسة
nedalmhmd@yahoo.com

2023 / 1 / 24

كثيرة هي الخرافات والأساطير والخزعبلات التي تمر على عقل المؤمن دون تمحيص وتدقيق ويتقبلها ويهضمها فوراً وتصبح يقينيات ومسلـّمات بالنسبة له ويدافع عنها دون أن يعي ماهيتها ومحتواها.
وتبقى أسطورة آدم وحواء، أو ما تعرف بقصة الخلق البابلية-التوراتية، واحدة من أهم الركائز العقائدية التي بُنيت ورفعت عليها الأديان وتناقلتها واحدة عن الأخرى ويشترك بالإيمان بها معظم المؤمنين بالغيب والخرافة الدينية والله. لكن في هذه الأسطورة ثقوب كثيرة لا يمكن تغطيتها، وفجوات كثيرة لا يمكن القفز فوقها، وقصة "التفاحة"، وقطفها والعقاب الصارم، (قضية جزائية)، التي تتداولها العقائد مجتمعة ولا تختص بدين وعقيدة، تلقي ظلالاً كثيرة عن طبيعة هذا الإله الشرير الذي تعامل بالكثير من الكيدية، و"النرفزة" (كلمة أجنبية من Nerves) الأعصاب) والحقد، والثأر، والانتقام، من آدم وحواء لسبب تافه، لا نعرف لماذا أثار هذا الفعل البسيط حفيظة وغضب هذا الإله لهذا الحد الذي تسبب بطرد هذين الكائنين من الجنة، وكلنا نعلم أن هذه التفاحة، ستذبل وتتساقط أوتوماتيكياً وتتعفن بعد أن تبلغ مرحلة معينة من النضوج، بمعنى أنها مأكولة، ومستهلكة، سواء أكلها، أو لم يأكلها أحد، فما السبب الذي جعله يثور ثورته لهذه الدرجة ويصب جام غضبه عليهما؟ سيقول لك أحد المؤمنين لأنهما عصياً أمراً لله وهذا بحد ذاته سبب كافٍ لطردهما من الجنة حيث مكان "الطاعة" والعبادة والإيمان المطلق بالله وتنفيذ أوامره. وقد يكون السبب منطقياً ومعقولاً، فعلاً، لكن بنفس الوقت، يبدو هذا الإله، غير عادل وغير منطقي ومتحيز، حين نعلم، وعلى الجانب الآخر، قصة إبليس، وعصيانه وعدم سجوده لله، بالجنة (سنتخيل ومن المفترض وحسب الأسطورة الدينية أن إبليس يقيم أيضاً بالجنة مع الملائكة والله، ولكن لا تعلم كيف؟)، ومع ذلك فإن الله لم يعاقبه ولم يطرده مع آدم، ولم يجعله خليفة في الأرض، ولا أحد يعلم أين يقيم إبليس اليوم، وما هو مصيره، ولم نعثر له على أي أثر، لا هو ولا ذريته من الأباليس، على هذه الأرض، فلماذا تم استهداف واستقصاد آباءنا آدم وحواء فقط دوناً عن كل العصاة؟
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تظهر الأسطورة والهمروجة، أن هذا الإله الذي يتبجح كثيراً في كتبه اللذيذة، ويمدح ويحمد نفسه واصفاً ذاته بالرحمة والتسامح والكرم ووو ليتبين لنا أنه كائن نزق شرير غير متسامح وبخيل جداً ويعاقب سكان الجنة الأصليين بالطرد من الجنة لمجرد تناولهما تفاحة؟
وهنا، لا بد لي ولك أن نتساءل، بعد هذه النهاية المحزنة لمسيرة آدم وحواء بالجنة، هل تصدّق، ومن كل عقلك، ان هذا الإله البخيل الشرير الذي يدعو للقتل والسبي والغزو وانتهاك أعراض البشر، ويطلب علنا، وجهارا نهارا، ويطالب في كتابه المبين، نسبة وحصة الخُمس من الغنائم والمال الحرام ومن عائدات السطو وجرائم الإبادة والمجازر الجماعية وحصاد الغزوات والمسلوبات و"التعفيش" المقدّس والمنهوبات والمسروقات لنفسه (ذكّرنا بموقفه هذا بما تفعله مافيات أنظمة الحرامية البدوية ورموز اللصوصية الكبار المشهورين الذين يطلبون نسبة على صفقات السرقات ونهب المال العام ولا تمر الصفقات والعقود والمشاريع الاستثمارية من دون موافقتهم السامية واقتطاع "نسبة" وحصة "الخمس أيضاً حين يطلبون 20% عن كل عقد ومشروع) وهو نفس الإله الذي طرد آدم وحواء من الجنة لأن المساكين اكلوا مجرد تفاحة واشتهوها وقطفوها من ممتلكاته وبستانه واقتربوا من شجرة عنده في الفردوس الأعلى المزعوم ، هل نفس هذا الإله سيمنح البدو الغزاة السباة ودواعش يثرب انهارا من العسل والويسكي الاسكوتلندي الغالي الفاخر، والنبيذ الفرنسي باهظ الثمن والألبان والماء العذب السلسبيل الرقراق ويزوّجهم بمئات الحوريات ويوفر لهم الإقامة الدائمة في قصور مخصصة لعشرات مليارات المؤمنين، طبعاً بعد بعثهم وهم رميم، ويجعل الغلمان المرد الذين لا يشيبون ولا ينزفون يطوفون على اتباعه هكذا دون مهور ودون رسوم وضرائب وبالمجان وهو الذي عاقب آدم وحواء لأنهما أكلا تفاحة واحدة من تفاحاته؟
هل تصدق أن إلها يطلب حصة الخمس لنفسه سيهبك كل ذاك الترف والمتع والخدمات السكسية والتسهيلات الائتمانية والإعفاءات الجمركية والمزايا الترللية والصفقات الجنسية بالمجان؟ إن كنت تصدق ذلك فعلاً فعليك أن تجيب على السؤال التالي: هل قمت بفحص وتخطيط ورنين مغناطيسي وصورة اشعة لدماغك لتتأكد من وجوده في رأسك؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن