القرآن محاولة لقراءة مغايرة 135

ضياء الشكرجي
dia.al-shakarchi@gmx.info

2022 / 12 / 8

إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّةٍ وَّإِن تَكُ حَسَنَةً يُّضاعِفها وَيُؤتِ مِن لَّدُنهُ أَجرًا عَظيمًا (40)
صحيح إن الله لا يظلم مثقال ذرة، فهو من المستحيل أن يعاقب الملحد الذي لم يقتنع بوجوده، طالما كان مستقيما وطيبا ويحب الخير للناس، بل ويبادر لفعل الخير. لكن الله حسب التصور القرآني هو إله ظالم، لأنه يثيب ويعاقب بمعايير لا تمثل معايير العدل، فيضع الإيمان والدين أساسا للثواب والعقاب، بالرغم من أن اختيار الدين أمر في أغلب الحالات، بل لعله في كلها غير اختياري. ثم أمد العذاب، وهو الأمد الأبدي، وشدته التي ما بعدها من شدة وقسوة ووجع في أقصى مداه من غير فتور ولا انقطاع، لا يمكن أن يكون مقبولا بموازين العدل، ناهيك عن موازين الرحمة. نعم الحسنة تضاعف بعشر أمثالها، كما في آية أخرى، ولكن الحسنة لا تحسب حسنة من غير إيمان، وبالذات الإيمان على النحو الذي يريده هذا الدين ونبيه وكتابه.
فَكَيَفَ إِذا جِئنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَّجِئنا بِكَ عَلى هاؤُلاءِ شَهيدًا (41) يَومَئِذٍ يَّوَدُّ الَّذينَ كَفَروا وَعَصَوُا الرَّسولَ لَو تُسَوّى بِهِمُ الأَرضُ وَلا يَكتُمونَ اللهَ حَديثًا (42)
التحذير والتهديد والتخويف والوعيد الموجه إلى من لا يؤمن بما يخوف ويهدد من أجله لا قيمة له ولا تأثير. هناك يتحدث مؤلف القرآن عن لسان الله بأنه أي الله سيأتي به أي بمحمد شاهدا على الذين لم يقتنعوا بنبوته، ولذا لم يجدوا مبررا معقولا بالنسبة له كي يتبعوه ويطيعوه، وعندها يقول مؤلف القرآن أنهم سيندمون، ويتمنون لو تسوى بهم الأرض، لأنه لن يستطيعوا أن يكتموا شيئا، لوجود شواهد ووثائق وتوثيقات مسموعة ومرئية عنهم وعن معصيتهم النبي. على فرض أنه نبي مرسل، فما ذنب الذي لم يقتنع به، لأسباب كثيرة، منها الكثير من اللامعقول في كتابه المنزل عليه من السماء، والكثير من اللامعقول من الأحكام، والكثير من اللامعقول من القصص الأسطورية العجيبة والغريبة، والكثير من اللامقبول من السلوك؟ على أقل كان هذا غير معقول وغير مقبول لمن لم يقتنع بالإسلام.
يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُم سُكارى حَتّى تَعلَموا ما تَقولونَ وَلا جُنُبًا إِلّا عابِري سَبيلٍ حَتّى تَغتَسِلوا وَإِن كُنتُم مَّرضى أَو عَلى سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ فَلَم تَجِدوا ماءً فَتَيَمَّموا صَعيدًا طَيِّبًا فَامسَحوا بِوُجوهِكُم وَأَيديكُم إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفورًا (43)
ثم نشهد هنا قفزة أخرى إلى موضوع آخر لا علاقة له بما قبله. ماذا كان سيضر القرآن، لو جعلت هذه المواضيع التي لا علاقة لها مع ما قبلها ولا مع ما بعدها سورا قصارا مستقلة كل منها بموضوعها. المهم هذه الآية متعلقة ببعض أحكام الصلاة والوضوء والغسل والتيمم. ابتداءً تنهى الآية عن إقبال المسلم على الصلاة وهو ثمل لا يعرف ما يقول، فينطق بالصلاة بغير ما أمر به، لاسيما فيما يتعلق بقراءته للقرآن، فينسى ويقدم ويؤخر ويغير وضيف ويحذف. والنهي الثاني عى الصلاة والمصلي في حالة جنابة، أي يكون قد مارس العملية الجنسية أو أجنب، أي حصل عنده قذف، إلا بعد أن يغتسل بغسل الجنابة، ثم تستثني الآية من هذا النهي في حالة كان المسلم في طريق سفر، ولم يتوفر لديه الماء، كي يغتسل، أو كان مريضا بمرض يمنعه من الاغتسال، فإذا ما حصل أن أحدث المسلم بما يسمى بالحدث الأصغر، وهو خروج الغائط أو البول أو الريح، ولكن لا ندري لماذا ذكرت الآية الغائط فقط، فلعل حكم بطلان الوضوء بالبول والريح شرع لاحقا بعد تأليف أو نزول هذه الآية، وأيضا من المبطلات للحدث الأصغر أو الأكبر مع اختلاف التفسير والتأويل لهذه الآية هو ملامسة النساء؛ كل هذا مع عدم توفر الماء، أو تعسر استخدامه. السنة ذهبوا إلى فهم ملامسة النساء هو المعنى الحرفي للملامسة، لذا نرى من يكون على وضوء ويريد أن يصلي فتريد امرأة أن تصافحه، يعتذر لأن ملامسة النساء عنده من مبطلات الوضوء، ناهيك عن أكثر المتدينين من الفريقين الذين يعتبرون الملامسة الجسدية بين رجل وامرأة من غير المحارم محرما لذاته، سواء كان مبطلا للوضوء كما عند السنة أو غير مبطل كما عند الشيعة. أما الشيعة ففهموا الملامسة تعبيرا عن المجامعة أو النكاح، مما يستوجب الغسل لا مجرد الوضوء، لأنه يعد حدثا أكبر. لكن في كل الأحوال فإن اقتران ذكر النساء بذكر الغائط بلا فاصل هو نوع من المساس بكرامة المرأة. وما في العهدين القديم والجديد من إهانة لكرامة المرأة مثل ما في القرآن. المهم الآية تجعل مع انعدام الماء أو وجود مانع لاستعماله، طهارة بديلة، لكون الطهارة هنا معنوية، ولذا يستعاض عن الماء بالتراب أو ظاهر الأرض عموما، أي أن يتيمم من يريد أن يصلي عوضا عن الوضوء أو عن الغسل، بحسب ما يجب عليه منهما.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن