من الإيزيدية الى الكوردية1

شفان شيخ علو
shivan-alsheex@hotmail.com

2022 / 12 / 5

من الإيزيدية إلى الكوردية 1
 
الأديان تعرّف بجماعات وشعوب وأمم، لكنها تشمل أعراقاً وقوميات مختلفة. والقومية التي نعرفها حديثاً، كما بدأت في أوربا قبل " 200 سنة " تجمع بين أكثر من دين أحياناً. أقرب مثال، وأكبر مثال، وأوضح مثال، حول ذلك: الهند. إن هذه الدولة الكبيرة بقوتها وتماسكها الاجتماعي، فيها مئات العقائد والأديان: الصغيرة والكبيرة، لكن الهند كقومية تضمها إليها معاً. لذلك، ليس غريباً أن نجد لدى أي شعب وجود أديان متعاقبة على مر العصور، كما في حال العرب، فهناك العربي اليهودي، والعربي المسيحي، والعربي المسلم، رغم أن العربي يفتخر بنفسه على أنه مسلم، أي يجمع العربية والإسلام معاً، لأسباب تاريخية، وسياسية. والإيزيدية التي نُعرَف بها: ديانة، أو عقيدة عريقة في التاريخ، وهي تميزنا على بقية الأديان والمعتقدات في المنطقة والعالم أجمع، إنما حين يتم السؤال عن الإيزيدي كقومية، كشعب معروف بتلك القومية، وأمة تحمل علامة القومية الرئيسية، تكون الكوردية هي الحاضرة .
لماذا الحديث في موضوع مثل هذا الموضوع، وهناك الكثير  من الدراسات والكتب التي جرى نشرها وتأليفها؟
الجواب، كما أرى، بسيط، وليس بسيطاً أيضاً. إنه جواب بسيط، لأنه لم يعد خافياً، أن الشعب، أي شعب من منطلق قومي، لا يقتصر في تعريفه على دين محدد، كما رأينا في مثال الهند، حيث تجد شعوباً عريقة في التاريخ، عرفت ديانات وعقائد مع الزمن، كما في حال شعوب العالم القديم، الذي يعرَف بـ" أمريكا "، ديانات أتت من الخارج، كما في حال الإسلام بالنسبة للكورد الذين يعرَفون به. لكن الأصل هو في الكوردية كقومية، وهكذا الحال مع الإيزيدية، وهي من الديانات والعقائد القديمة في تاريخ المنطقة. وليس بسيطاً، بسبب أشكال الدعاية التي تمارسها الأنظمة التي تريد أن تستبد بالكورد، وتفرّق فيما بينهم من خلال الدين، وهي التي تقاسم كوردستان فيما بينها بمؤامرة موحدة من الدول الأوربية، لتدوم مصالحها في المنطقة، وإبقاء الكورد ضعفاء، بالطريقة هذه .
ولهذا، فإن الذي تعرَّضنا له تاريخياً وفي العصر الحديث، ومع عصر صدام حسين الطاغية الدموي، عبر ضغوطات كثيرة، لفصل الإيزيدية عن الكورد، وكأنهم مختلفون قومياً عنهم، لئلا يتوحد الكورد، لئلا يحققون طموحهم في كيان قومي كوردي واحد، مثل كثيرهم من شعوب العالم .
المؤلم، أن هناك نسبة من أبناء عقيدتنا يجدون أنفسهم، ويعرّفون بها إيزيدية، ويتوقفون عندها، وهم يرسمون حدوداً مصطنعاً بينهم وبين بني جلدتهم: الكورد كقومية، وهو ما يفرح به ويخطط له أعدائهم وأعداء الكورد عموماً، ومثلما توجد نسبة من أخوتنا الكورد المسلمين، يفكرون بالطريقة نفسها، ويتصرفون بالطريقة نفسها، أي كون الإيزيدية ليسوا كورداً. فالمسئولية مشتركة هنا .
نعم، من حق إيزيديينا، أن يعبّروا عن شكاويهم، أن يشيروا إلى جرحات تاريخية وآلام، مع أخوتهم الكورد، لأسباب ليس الكورد عامة، ولا الإيزيدية خاصة مسئولين عنها مباشرة، ربما هناك ظروف قاهرة، وضعف في الوعي، ليواجهوا به أعداءهم المشتركين، لكن ذلك لا يعني، ولا بأي شكل رفض الجغرافية التاريخية والسياسية والقومية الواحدة التي ينتمون إليها، وهم كورد أساساً، مثلما أن الكورد المسلمين، هم كورد قبل أن يكونوا مسلمين، فلا من وعي كوردي من الطرفين طبعاً .
إن إيماناً من القلب، بذلك، يمنحهم قوة أكثر بحقيقتهم كإيزيديين عقيدة، وكورداً انتماءاً قومياً، وخصوصاً في عالم اليوم ، عالم التجمعات الكبرى، والوحدات الكبرى في القوى، كما نرى العالم من حولنا، والكورد في أمس الحاجة إلى قوة كهذه، تعزز الرواباط التاريخية فيما بينهم، وهم يتجاوزون المشاكل الجانبية ومنها ما هو طارىء، وحينها يشعر الإيزيدي أنه أكثر ثقة بنفسه، ويكون هناك اعتراف أقوى به، من قبل الذين سعوا ولازالوا يسعون إلى التفريق بينه وبين كورديته، وذلك من شأنه النظر إلى المستقبل، بعزيمة أكبر، وأمل أكبر، وتفاؤل أكبر كذلك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن