إزدراء الأديان، أم ازدراء الإنسان؟

محمد زكريا توفيق
zakariael@att.net

2022 / 11 / 28

قصص الأنبياء والعهد القديم لا يقرأها الفلاسفة كما نقرأها نحن المؤمنون بها. إنما يقرؤونها بعين فاحصة ناقدة، وهو أمر لم نجرؤ عليه بعد.

في ملحمة الخلق البابلية، إنوما إليش:

في البداية، كان الكون غيم وفوضى من تحتها الماء. لكنه كان يحمل بذور كل شيء. مع مرور الوقت، ظهر أول إله، ثم آلهة آخرون. لكن قدراتهم سرعان ما بدأت تتعارض مع قوة الشر التي تمثلها الحية تيمات.

نزل ماردوك من السماء إلى الأرض، ليجابه الحية تيمات وجيشها، بعد أن تسلح بقوى سحرية، منحته إياها باقي الآلهة المؤيدين له.

كانت الرياح والأعاصير والبرق تقف إلى جانب ماردوك، الذي جمعها ووضعها في قبضته. عندما هاجمت تيمات ماردوك وهي فاغرة فاها لتبتلعه، قذف في جوفها الرياح والأعاصير والبرق.

تدفقت قوى الرياح والأعاصير والبرق داخل تيمات بكل قوة، وأشعل البرق الحرائق في جوفها، الذي انتفخ بفعل الرياح والأعاصير، إلى درجة كبيرة أدت في النهاية إلى انفجاره، فتطايرت أشلاء تيمات فوق سطح الماء.

غسلت رياح الشمال دماء تيمات. وقام ماردوك بتحطيم جمجمة تيمات وتمزيق جلدها إلى قطعتين. القطعة الأولى خلق منها الأرض، والأخرى خلق منها السماء. الجزء العلوي من السماء، جعله موطنا للآلهة.

خلق ماردوك أيضا النجوم في السماء وحدد مساراتها. خلق الشمس والقمر والنجوم، ووضعها في بروج، لتساعد الناس في حساب الأيام والشهور والفصول والسنين. وثبت قبة السماء بمسمار، النجم القطبي، جعل عليه حارسا، الدب الأكبر. ثم استراح بعد ذلك.

أليس هذا الكلام ازدراء أديان؟ إزدراء أديان لأنه يكشف المصادر التي جاءت منها قصة الخلق في كتبنا السماوية.

جنة السومريين اسمها ديلمون. وهي حديقة غناء. حيث لا أمراض ولا شيخوخة أو موت. الإلهة الأم، نينهورساج، زرعت فيها ثمان شجرات.

الإله انكي، كان نفسه يأكل من ثمار شجرات الجنة. أرسل رسوله إسكيمو، لكي يأتي بفاكهة من هذه الشجرات الثمانية. أكل انكي الفاكهة بالهناء والشفاء. لكن الإلهة الأم نينهورساج، ثارت ثورة عارمة، وصبت جام غضبها على انكي وأصابته باللعنة. إزاي يأكل من شجراتها بدون إذنها.

بسبب هذه اللعنة، مرض جسم أنكى في ثمانية أماكن مختلفة، وأشرف على الموت. باقي الآلهة كانوا في حالة يرثى لها من الحزن على انكي، منهم إنليل كبيرهم، الذي لم يكن في مقدوره فعل أي شيء.

لم يكن أمام الآلهة سوى استعطاف الإلهة الأم نينهورساج، لكي تنقذ انكي. قامت الإلهة الأم بخلق ثمان إلهات جديدات للعلاج. كل واحدة منهن، كانت متخصصة في علاج أحد الأمراض الثمانية التي أصابت انكي. الإلهة المتخصصة في علاج الضلوع، اسمها نينتي. ويعني "امرأة الضلع".

أليست هذه الأساطير شبيهة بقصة آدم وحواء والجنة والشجرة والمرأة والضلع التي جاءت بكتبنا السماوية؟ ألا يعتبر هذا الكلام ازدراء أديان؟

ملحمة جلجامش، في الأساطير البابلية، بها أحداث أثرت بالتأكيد في فكر كتبة سفر التكوين.

جلجامش، في مسعاه الدؤوب في طلب الخلود، قابل "أوتنابيشتم"، وهو الشخصية المقابلة لشخصية النبي نوح البابلية. أخبره أوتنابيشتم أنه هناك نبته نامية في قاع البحر، إذا أكل منها العجوز، تجدد شبابه.

غاص جلجامش في الماء وأحضر النبتة. إلا أن النبتة سرقت منه وهو يستحم. من يكون اللص غير الحية التي تغير جلدها على الدوام. إذ كان الاعتقاد بأنها لا تهرم ولا تشيخ، بل تظل شابة في ريعانها.

قال أوتنابشتم لجلجامش، سأكشف لك أمراً خبيئاً، سأطلعك على سر من أسرار الآلهة. تقع مدينة شوريباك على ضفة نهر الفرات. لقد شاخت المدينة، والآلهة فيها.

قرر الآلهة العظام ارسال طوفاناً يمحو المدينة. لكن الإله انكي نقل الأخبار. وجاء النداء. يا ابن أوبارا-توتو، قوض بيتك وابن سفينة. اهجر متاعك وأنقذ نفسك. احمل في السفينة بذرة كل مخلوق حي. اصنع السفينة بحيث يتساوى طولها مع عرضها.

ما أن لاحت تباشير الصباح، حتى تجمع الناس حولي. جلب الأطفال لي القار، وأحضر ما يلزم لي الكبار. في اليوم الخامس أنهيت هيكلها، وأكملت شكلها.

صنعتها ستة طوابق، وقسمتها سبعة أجزاء، وقسمت الأرضيات تسعة، وثبت على جوانبها مصدات المياه. زودتها بالمجاذيف وخزنت فيها المؤن.

في اليوم السابع أكملت السفينة. إنزالها إلى الماء كان صعباً. كل ما أملك من فضة وذهب وضعته فيها. كل ما استطعت جمعه من بذور، وكل شيء حي، حملته إليها.

بعد أن أدخلت إليها كل أهلي وأقاربي، وطرائد البرية ووحوشها، والزراع وأصحاب الحرف. حدد لي الإله شمش وقتاً معيناً. عندما يرسل إله العاصفة مطراً مدمراً في المساء، ادخل الفلك وأغلق عليك بابك.

ما أن لاحت تباشير الصباح، حتى علت في الأفق غيمة كبيرة سوداء، يجلجل وسطها صوت الإله "حدد" بالرعد. يسبقها رسولاه، شوللات وخانيش؛ نذيران عبر السهول والبطاح.

اقتلع اريجال الدعائم، ثم أتى تنورتا وفتح السدود. رفع الأنوناكي مشاعلهم عالياً. حتى أضاء وهجها الأرض. بلغت ثورة "حدد" تخوم السماء، فأحالت كل نور إلى ظلمة، وحطمت الأرض الفسيحة كالجرة. استمرت العاصفة يوماً كاملاً. تزايدت سرعاتها حتى غمرت الجبال، وأغرقت كل الناس.

مع حلول اليوم السابع، خفت شدة العاصفة والطوفان، الذي داهم كجيش محارب. ثم هدأ البحر وسكنت العاصفة وتراجع الطوفان. فتحت كوة، سقط منها النور على وجهي. نظرت إلى البحر، كان الهدوء شاملاً.

لقد هلك البشر فتهالكت، وانحنيت أبكي، وقد أغرقت الدموع وجهي. ثم نظرت في كل الاتجاهات متطلعاً حدود البحر. على بعد اثنتي عشرة ساعة مضاعفة، انبثقت قطع من اليابسة. واستقرت السفينة على جبل نصير. جبل نصير، أمسك بالسفينة، منع حركتها ستة أيام.

عندما حل اليوم السابع، أتيت بحمامة وأطلقتها. طارت الحمامة بعيدا، فلم تجد مستقراً فعادت. ثم أتيت بسنونو وأطلقته، طار السنونو بعيداً، لكنه لم يجد مستقراً فعاد. أتيت بغراب وأطلقته، طار الغراب بعيداً. فلما رأى الماء قد انحسر، حام وحط وأكل، ولم يعد.

أليست هذه الأسطورة ازدراء أديان؟ لأنها تكشف من أين جاءت حكاية نوح والسفينة.

عندما رأى النبي إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، أو إسحق كما جاء في العهد القديم. أخذ النبي إبراهيم ابنه، بالطبع بدون إخبار أمه. سار به ثلاثة أيام. عاقدا العزم والنية على تنفيذ الأمر الإلهي..

عندما وصل إلى مكان الذبح، أخرج سكينه الحاد بنصله اللامع، وهم بتنفيذ الأمر الإلهي. حينئذ، ظهر ملاك الرب على آخر لحظة، ليوقف عملية الذبح البشعة هذه.

ويفدي الطفل بكبش عظيم. ويعود النبي إبراهيم، سعيدا مغتبطا لأهله مع ولده، سالما غانما. حاملا لحم الضحية على كتفيه. بعد نجاحه في الامتحان ورضاء الرب عليه.

يقول رجال الدين بتوعنا في الكتب الصفراء، حتى تصبح القصة أكثر إثارة، وكأنها تنقصها الإثارة والتشويق، إن هذا الكبش هو نفسه الكبش الذي قدمه هابيل ولد آدم إلى الرب قربانا.

ظل هذا الكبش يرعى في الجنة مدة أربعونا عاما. بالطبع الغذاء والمرعى وقلة الصنعة لمدة 40 عاما، كافية لكي تجعل الخروف العادي كبشا عظيما.

إلى أن حان وقت الفداء. فنزل به ملاك الرب وقدمه قربانا وفداء لولد إبراهيم. يعني كده الفرق بين زمني آدم وإبراهيم في حدود أربعين أو خمسين سنة، أو شيء من هذا القبيل.

يعتقد الفيلسوف كانط، أن النبي إبراهيم كان مخطئا في امتثاله لصوت الهاتف، طالبا منه ذبح ابنه. لأن هذا عمل غير أخلاقي شنيع. كانط يزدري الأديان فيجب سجنه هو الآخر مثل غيره.

لكن الفيلسوف سورين كيركجارد، تحت اسم مستعار "جوهانز سيلينتو"، مؤلف كتاب "الخوف والارتجاف"، يحلل قصة النبي إبراهيم هذه.

يستنتج منها، أن النبي إبراهيم يمثل الإيمان الحقيقي. الإيمان الذي لا يمتثل إلى القوانين الأخلاقية. لكن يمتثل إلى سلطة أعلى. إلى الله الذي هو مصدر كل القوانين الأخلاقية.

لكن، أليس من الممكن أن يكون الشيطان هو صاحب الفكرة؟ وأراد أن يورط النبي إبراهيم في الأمر؟ أو يكون الأمر مجرد اختبار، لمعرفة مدى حفاظ إبراهيم على قوانين الرب، التي تمنع القتل لأي سبب. حتى لو كان الأمر قادما من مجرد رؤيا في منام أو هاتف من بعيد.

وماذا يقول كيركجارد بالنسبة للمؤمن المخبول، الذي يرى في المنام أنه يذبح ابنه، فيسارع بتنفيذ الأمر؟ هل هو أيضا فارس إيمان كما يقول كيركجارد؟

وماذا يقول كيركجارد، بالنسبة ل "ابن سام" سفاح بروكلين بالولايات المتحدة في السبعينيات." الذي كان يردد: "كانت الأصوات تأتيني من الرب بقتل هؤلاء."؟

جاء في الأساطير اليونانية القديمة، أن الملك أثاماس، ملك أرشمينوس، تزوج من الملكة انو.

كانت الملكة انو شديدة الغيرة والحسد لطفلي الملك، فريكسوس وأخته هيللي، من زوجة الملك الأولى المتوفية.

بعد إلحاح شديد من الملكة الشريرة انو، وافق الملك على ذبح ابنه فريكسوس وولي عهده، قربانا للآلهة.

عندما علم الإله هرميز بالمؤامرة، أنزل من السماء في اللحظة الأخيرة كبشا عظيما، له فروة من الذهب الخالص فداء للطفل. الكباش التي تنزل من السماء فداء للأطفال ليست مقصورة على النبي إبراهيم وولده. سامي الذيب، يقول لا شيء ينزل من السماء سوى المطر وبراز الطير.

اسم هذا الكبش آريس. اعتليا الطفلان ظهر الكبش الكبير، وطار بهما إلى السماء. لكن الطفلة المسكينة هيللي، لم تستطع الامساك بفروة الكبش جيدا.

فسقطت هيللي لكي تلقى حتفها، ونجي فريكسوس. ومع الحاح الكبش، ذبحه الطفل وأخذ صوفه الذهبي. لكي يعطيه إلى ملك البلاد أييتس.

يبدو أن الأساطير اليونانية القديمة تزدري الأديان هي الأخرى.

قصة الملك العظيم سرجون الأكادي المروية على لسانه تقول:

حملت بي أمي المتواضعة الأصل. ولدتني وأخرجتني إلى هذا العالم سرا. فوضعتني في سلة مطلية بالقار، وألقت السلة في النهر. فانتشلني أحد العمال من اليم.

ويكمل سرجون قصته المثيرة: "أصبحت فيما بعد ساقي الملك المقرب إليه". زاد بعد ذلك نفوذ سرجون وسلطانه. ثم خرج على سيده وخلعه وجلس على عرش "أجاد". سمى نفسه "الملك صاحب السلطان العالي".

وصلت فتوحاته إلى البحر الأبيض المتوسط، وظل يحكم مملكته خمساً وخمسين سنةً. تجمعت حوله الأساطير فهيأت عقول الأجيال التالية لأن تجعل منه إلهاً. انتهى حكمه ونار الثورة مشتعلة في جميع أنحاء دولته.

أليست هذه القصة، تعتبر ازدراء أديان؟ لأنها تكشف من أين أتت حكاية موسى والسلة وامرأة فرعون؟

من أقوال السيد المسيح:
"يأتي من بعدي أنبياء كذبة كثيرون لكي يضلون الناس"

القرآن الكريم في سورة المائدة:
"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ..."

أليس هذا أيضا ازدراء أديان، وسب صريح للأديان الأخرى؟ يا سادة، نحن نعيش في دولة أو عالم ازدراء الأديان وتناقضها.

يقول "سيجموند فرويد" بصراحة إن الدين ما هو إلا مرض عقلي انتشر مثل الوباء بين بني البشر. الدين هو مجرد أحلام مريضة تقصيك عن الواقع. وتجعلك تعيش في أوهام من اللخبطة والهلوسة.

إن فرويد يصرخ من قلبه قائلا: اصحوا. أفيقوا. اكبروا. انسوا حكايات أمنا الغولة والهبل والتخاريف المريضة. لا توجد هناك جنة أو نار. ولا ملائكة أو شياطين. كن شجاعا واقبل ما يقوله العلم. اترك وصية الدين الحادية عشر، التي تقول: لا تفكر أو تستخدم عقلك.

أليس فرويد، هو أيضا رجل مجنون، يزدري الأديان؟

تعالوا معي لكي نذهب إلى عالم المخ المشهور "دكتور أرنولد شيبيل"، لكي نستشيره ونأخذ رأيه في موضوع كيف يعمل المخ وعلاقته بالتدين.

الفص الصدغي من المخ، هو قسم من القشرة المخية التي توجد أسفل نصفي الكرة المخية في دماغ الثدييات.

من وظائف الفصين الصدغيين: الاشتراك في حفظ الذاكرة البصرية، معالجة المدخلات الحسية، فهم اللغة، تخزين الذكريات الجديدة، العواطف، واستيعاب المعاني.

المخ يعمل بشيئين: الكيمياء والكهرباء. في الواقع، مخ الإنسان به كهرباء تكفي لصعق فيل. هذا ما يفعله سمك الثعبان الكهربائي الموجود في أنهار أمريكا الجنوبية. فهو يجمع كهرباء المخ، ويصعق بها فريسته.

الفص الصدغي من مخ الإنسان يعمل بالكهرباء أيضا. أثناء العمليات الجراحية في المخ، مجرد لمس الفص الصدغي بالكهرباء، يجعل المريض يهلوس ويرى هالات من النور غير موجودة. ويعرضه لما يشبه الأحلام، ويستدعي ذكريات ماضية.

أي خلل أو تدمير لأجزاء من الفص الصدغي، ينتج عنه تغير في الشخصية والطريقة التي يتعامل بها المريض مع العالم الخارجي. التدين الشديد والميل للتصوف، ربما يكون سببه، زيادة غير عادية في كهربة المخ وخصوصا في جزئي الفص الصدغي.

ماذا لو وجد العلماء أن الأنبياء الذين تلقوا الوحي وخاطبوا الرب، كان ذلك بسبب هلوسة دماغية، من خلل في اتصال الفصين الصدغيين بجزء آخر في المخ اسمه اللوزة الدماغية.

أو بسبب تعرض مخ الشخص إلى شحنات كهرباء ستاتيكية خارجية خفيفة، في الجو، وخصوصا فوق الجبال والأماكن المرتفعة، مثل الشحنات التي يتولد منها البرق.

لا تسبب وفاته، وإنما تجعله يهلوس، ويعتقد أنه نبي الله المرسل. هو صادق لا يكذب، لأنه يكون قد رأى فعلا، ولكن هلوسات غير حقيقية.

وما سيكون تأثير ذلك على الأديان المبنية على عقيدة الوحي؟ لا يزال أمام العلم مشوار طويل، لكي يثبت أن الديانات الكبرى، مبنية على سلسلة من الخلل العقلي. يفسر بأنه وحي وتدخل من السماء، لإنقاذ البشر. ولو أراد الخالق بعث رسالة إلينا لإنقاذنا، لما احتاج إلى مندوبين ووكلاء.

لكن أبحاث مثل أبحاث الدكتور شيبيل، قد تساعدنا على فهم التعصب الشديد الديني وبتوع داعش. وأفعال المتعصبين المتناقضة، بين الخير في لحظة وقتل الأبرياء في اللحظة التالية.

التدين والنفاق يسيران جنبا إلى جنب مع الكذب والسحل والقتل. المتعصب دينيا، يقترف كل الموبقات لإرضاء الرب. وهو أيضا يبحث عن نشوة ذهنية مثل النشوة الذهنية التي يحصل عليها مدمن المخدرات.

"مزاج عالي" و"عمل دماغ". جماعة الحشاشين الشيعة الاسماعيلية، كانوا يقومون بالتحشيش قبل الجهاد والقتل في سبيل الله.

إذا كانت هذه الأبحاث تقول إن الوحي ومخاطبة الرب والصعود إلى السماء، والسير فوق الماء، كلها أشياء يمكن تفسيرها كيميائيا وكهربائيا وإعادة تكرارها في المعامل، فهل يمكن إقناع الناس بذلك، أم أنهم سوف يستمرون في الهوس الديني، والتصديق بالغيبيات، طمعا في الخلود والجنة والحور العين؟

أليست أبحاث الدكتور شيبل هي ازدراء أديان بعينه؟

ألم يقل داروين إن الإنسان، وكل الكائنات الحية أقارب، أهل وحبايب، جاءوا عن طريق التطور والاختيار الطبيعي، فلا هناك آدم ولا يحزنون؟

أليس هذا الكلام ازدراء للأديان؟

يا سادة لقد وضعنا أنفسنا في مستنقع اسمه قانون ازدراء الأديان. بركة أو خرارة إن صح التعبير. سوف تودينا في ستين داهية.

قانون يمنعنا من الفهم ومعرفة الحق وقول الصدق ومشاركة الرأي. فالمثل يقول، خذوا الحكمة من أفواه المجانين. وآخر يقول، "خللوا بالكوا من عيالكوا." والفلاسفة يقولون، الحقيقة تظهر بالتضاد وتعارض الأشياء. وفكر الاسطمبة الواحدة منذ عبد الناصر، خلى حالنا زي الهباب، وزي ما أنتم شايفين.

بمعنى استمعوا لما يقولون، فربما يكونوا ملهمين. كل رأي ليس ملكا لصاحبه وحده، إنما هو ملك للبشرية جمعاء. والرأي مهما كان غريبا أو شاذا، قد يبين حقيقة، أو يفتح غلقا، أو يؤكد مقولة، أو ينفي مؤكدة، اعتقدنا بصحتها وهي خاطئة.

منع الرأي جريمة، بكل المقاييس. وبدونه، كيف نعرف الحقيقة؟ قانون ازدراء الأديان، أداة كبت في يد الطغيان، وسلاح يستخدمه بهاليل المجلس وشعبان، وفلان وعلّان، الذين لا يؤمنون بحقوق الإنسان.

يا سادة، لا أمل لنا في التقدم والحياة الكريمة، إلا بإلغاء هذا القانون، ووضع بهلول الذي وضعه خلف القضبان.

أليس الأجدى والأنفع والأولى بنا، ونحن في بداية القرن الواحد والعشرين، أن نضع قانونا نعاقب به من يزدري الإنسان، ويزدري حريته وكرامته، ويسجنه ويسجن أهله بسبب رأيه؟ أو يزدري العلم والمنطق والعقل ولا يعترف به؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن