حديث في الكرة

حسن مدن
madanbahrain@gmail.com

2022 / 11 / 28

يقول إدواردو غاليانو، الكاتب الشهير: «عندما أرى كرة قدم جيدة، أحمد الله على هذه المعجزة دون أن يهمني قدر فجلة (نعم فجلة! هكذا قال، وليس أنملة) من هو النادي أو البلد الذي قدّم ذلك اللعب الجيد».

وأتى قول غاليانو هذا في مفتتح كتابه الشائق جداً: «كرة القدم في الشمس والظل»، الذي سنظلّ، نحن القراء العرب، ممتنين لمترجمه إلى لغتنا، الراحل صالح علماني، الذي ما من مترجم عربي آخر قربنا إلى أدب أمريكا اللاتينية مثلما فعل هو.

وفي موسم المونديال الحالي الجاري في الدوحة، كما في كل مونديال سابق، أو في كل دوري رياضي كبير يشغل الناس، تصبح العودة إلى كتاب غاليانو متعة، لجمال ما كتبه عن لعبة كرة القدم الذي رغب، كما قال في المفتتح نفسه، أن يصبح مثل جميع الأوروغوانيين، في إشارة إلى بلده الأصلي أوروغواي، لاعباً لها، ولكن ليس كل من رغب في أن يصبح لاعب كرة بوسعه أن يحقق مبتغاه، وفي نوع من السخرية يقول الكاتب: «كنت ألعب جيداً، كنت رائعاً، ولكن في الليل فقط، في أثناء نومي، أما في النهار فأنا أسوأ قدم متخشبة شهدتها ملاعب الأحياء في بلادي».

من منا، بصرف النظر عن البلد الذي ننتمي إليه، نجا من الحلم الذي استحوذ على غاليانو الطفل والصبي، في أن يكون لاعب كرة قدم شهيراً، قبل أن يكتشف، باكراً أو متأخراً، أنه ينتمي لفئة ذوي الأقدام المتخشبة، لكن دون أن يتحرر من الولع بمتابعة كل ما له صلة باللعبة الأكثر شعبية في العالم على الإطلاق، وهو نفسه الولع الذي قاد غاليانو إلى وضع كتابه الجميل هذا؟

مع ذلك ليس الجميع سيوافقون على رأي غاليانو بأن ما يهمه هو اللعب الجيد لا الفريق الذي يؤديه. لا نحسب أن أحداً، خاصة في مناسبة كالمونديال، سيكون حراً من مشاعر التعاطف مع الفريق الذي يكون فيه لاعبه أو لاعبوه المفضلون، لكن ما هو أهم من ذلك مشاعر التعاطف الوطني أو القومي، الملتبس في الكثير من الحالات بالسياسة، مع هذا الفريق أو ذاك، وقد أعطت مباراة السعودية مع الأرجنتين مؤخراً خير مثال، فما أكثر المعجبين العرب بالفريق الأرجنتيني وبطله ميسي، لكنهم نسوا ذلك، ليشجعوا، تلقائياً وبحب، الفريق السعودي الذي حقق المعجزة بهزيمة الأرجنتين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن