مشاكسات بوصلة بوريك الإنسانية .. مفارقة السيادة الأمريكية..

سليم يونس الزريعي
salimyouns44@gmail.com

2022 / 9 / 22

"إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق... ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته...أليست مشاكسة"؟
بوصلة بوريك الإنسانية

دعا الرئيس التشيلي غابرييل بوريك(36 سنة)، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 77 التي بدأت الثلاثاء 20 سبتمبر إلى "عدم تطبيع الانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني"، كما قال إن "للفلسطينيين الحق في أن يحميهم القانون الدولي".
وكان الرئيس بوريك قد أجّل قول أوراق اعتماد سفير كيان الاحتلال الجديد في سانتياغو، بسبب مقتل فتى فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.
مشاكسة.. هل يجرؤ رئيس لدولة إسلامية أو عربية ممن لهم علاقات دبلوماسية مع كيان المستجلبين الصهاينة في فلسطين أن يفعل ما فعله الرئيس التشيلي؟ ألا يعتبر هذا الموقف رسالة إنسانية قانونية من أجل توجيه الأنظار نحو عمليات القتل شبة اليومي التي ينفذها العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني؟ ألا يشكل هذا الوقف بتأجيل اعتماد سفير الكيان الصهيوني في تشيلي بعد استشهاد فتى فلسطين رسالة إلى السلطة الفلسطينية والدول العربية المطبعة، وتلك التي تتعامل معه سرا أنه من العار أن يكون الرئيس التشيلي أكثر إنسانية ونبلا منكم، وأنتم كما يقال أشقاء لأهل فلسطين؟ ثم أليس مخجلا أن يلتقي زعماء عرب ومسلمين برئيس وزراء الكيان الصهيوني في نيويورك فيما الرئيس التشيلي يطالب بالحماية القانونية للفلسطينيين من آلة البطش الصهيوني التي تفتك بهم؟ ثم ألا يمكن للرئيس التشيلي أن يتساءل أين هؤلاء العرب والمسلمين مما يتعرض له الشعب الفلسطيني؟ لكن هل يمكن القول على ضوء الاعتراف باحتلال العصابات الصهيونية فلسطين من قبل العديد من الدول العربية، أنه يجوز القول أن هناك عروبة بمعناها المتعارف عليه طوال قرون؟ ثم ألا يمكن القول أن الرئيس التشيلي الشاب انتصر لفلسطين بعد أن أصبح التهافت هو السمة العامة في المشهد العربي؟ ثم ألا يمكن القول إن الرئيس التشيلي الشاب هو فلسطيني مشاعرا ونبلا وإنسانية أكثر من بعض المسؤولين العرب والمسلمين ممن طعنوا الشعب في الفلسطيني في صدره دون خجل أو ضمير؟ ألا يستحق هذا الرئيس أن يقال له شكرا لقد وضعت بوصلتك الإنسانية والقانونية بعض العرب والمسلمين في مربع الخيبة والتواطؤ مع الكيان الصهيوني على حساب آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني؟
مفارقة السيادة الأمريكية.. !
حذرت واشنطن موسكو من أي تدخل في انتخاباتها المقبلة بعدما كشف تقرير أن موسكو أرسلت سرا مبالغ كبيرة إلى أحزاب سياسية في أكثر من عشرين بلدا لمحاولة التأثير على عمليات الاقتراع فيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن التدخل الروسي المفترض في انتخابات في الخارج "يشكل هجومًا على السيادة". وأضاف أن "هذه محاولة لتقويض قدرة الشعوب في جميع أنحاء العالم على اختيار الحكومات التي يرونها الأقدر على تمثيلهم".
مشاكسة.. أليس التحذير الأمريكي إلى روسيا بعدم التدخل في انتخاباتها المقبلة مثير للضحك؟ هل أمريكا القوة الكبرى ذات النفوذ والهيمنة على كثير من دول العالم تخشى من التدخل الروسي في الانتخابات التشريعية والرئاسية؟ وهل مجتمعها بهذه الهشاشة حتى تخشى شراءه؟ لكن أليست أمريكا الدولة التي لا تقيم وزنا لمصالح الدول الأخرى" ورغبات شعوبها، وتتدخل في شؤونها وتسقط حكومات وتقيم حكومات وهي سياسية مستقرة في الفكرة السياسي الأمريكي، ومبدأ مونرو سيئ الصيت "أمريكا للأمريكيين" مثال صارخ على ذلك؟ ثم أليست مفارقة أن تتحدث أمريكا عن سيادة الدول فيما كل تاريخها سلسلة من التعدي على الشعوب والحكومات والتآمر على من يسعى لأن يكون مستقلا بعيدا عن هيمنتها؟ ثم من الذي أطاح بحكومات منتخبة في إيران (حكومة مصدق) وتشيلي(حكومة أليندي) وحرضت جهارا نهارا وبشكل وقح على حكومات اليسار الديمقراطي المنتخبة في أمريكا اللاتينية من أجل إسقاطها بضخ الأموال والسلاح؟ ثم من الذي تآمر وهدد باجتياح فنزويلا ونصب رئيسا صناعة أمريكية؟ ثم من الذي تآمر على الرئيس البوليفي المنتخب وحرك حملة مدفوعة الأجر لمنعة من تسلم السلطة بعد نجاحه في الانتخابات؟ ثم هل يعني هذا التحذير أن واشنطن بصدد تهيئة شروط التدخل في الانتخابات التي ستجري في روسيا؟ ثم أليست "مزحة سمجة" أن تتحدث الولايات المتحدة عن السيادة، لأن السؤال ومنذ متى كانت واشنطن تقدر وتراعي مفهوم السيادة للدول الأخرى شكلا ومضمونا؟ وهل السيادة فقط هي في إجراء الانتخابات؟ وماذا عن السيادة التي تنتهكها أمريكا على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي؟ ثم لماذا تعتبر أمريكا أن من حقها أن تمول وتدعم عبر أدواتها مجموعات ما يسمى بالمجتمع المدني من أجل الوصول للسلطة كأدوات لها، وتحرمه على الدول الأخرى إذا ما صحت المزاعم الأمريكية؟ ثم هل الدول التابعة ودول الحديقة الخلفية لأمريكا دول ذات سيادة؟ أليس من السخرية المرة أن تتحدث أمريكا عن تدخل الآخرين في الانتخابات، فيما هي كانت وما تزال تنصب حكومات أو تسقطها؟!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن