الحرب في أوكرانيا: من أجل موقف طبقي أممي (4/4)

أحمد رباص
ahmed-raba.ss@hotmail.com

2022 / 9 / 11

ليس هناك إطلاقا مسألة حرب عالمية جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا بين الولايات المتحدة والصين. لكن هناك مخاوف نابعة من التهديد بحرب نووية، ولهذا انبثقت معارضة حازمة لهذه الحرب من جانب الجماهير.
لا يشن الرأسماليون حربا من أجل الوطنية أو الديمقراطية أو أي مبادئ أخرى رفيعة المستوى. إنهم يشنون الحرب من أجل الربح، والاستيلاء على الأسواق الخارجية، ومصادر المواد الخام (النفط)، وتوسيع مناطق النفوذ.
لكن الحرب النووية ستعني التدمير المتبادل لكلا الجانبين. لقد صاغوا حتى عبارة لوصف ذلكا: MAD (تدمير متبادل مضمون). من البديهي أن مثل هذه الحرب لن تكون في مصلحة المصرفيين والرأسماليين
 المعادين للثورة على النظام العالمي الراهن.
لا يمكننا أن ندعم أي طرف في هذه الحرب لأنها حرب رجعية على الجانبين. إنه في التحليل الأخير نزاع بين مجموعتين من الإمبرياليين. نحن لا ندعم أيا منهما. إن أهل أوكرانيا الفقيرة النازفة هم ضحايا هذا الصراع الذي لم يخلقوه ولا يرغبون فيه.
البديل الوحيد لكرنفال رد الفعل ومعاناة الحرب للعمال والشباب الأوكرانيين هو سياسة الوحدة الطبقية ضد الأوليغارشية الأوكرانية، وكذلك ضد الإمبريالية الأمريكية والروسية.
المسألة القومية في أوكرانيا معقدة للغاية ، وأي محاولة لحكم البلاد على أساس القومية (سواء أكانت أوكرانية أو مؤيدة لروسيا)، ستؤدي حتما إلى تفكك البلاد ، وتطهير عرقي، وحرب أهلية.
في نهاية المطاف، تعني الرأسمالية، في حقبة انحطاط الشيخوخة، الحرب والأزمة الاقتصادية. الطريقة الوحيدة لوضع حد لأهوالها تمر عبر استيلاء الطبقة العاملة على السلطة، في بلد تلو الآخر ، والقضاء على هذا النظام الفاسد.
من أجل ذلك، هناك حاجة إلى قيادة ثورية - قيادة تقوم بحزم على مبادئ الأممية الاشتراكية. لذلك فإن المهمة الأكثر إلحاحا في هذا اليوم هي العمل الصبور لبناء القوى الماركسية. لبناء التيار الماركسي الأممي.
كشف الغزو الروسي لأوكرانيا عن أوجه القصور الجيوسياسية لليسار. نقطة ضعف فظيعة شكلت موضوع ملف تضمنه العدد الأخير من مجلة "جرمينال" بعنوان "الاشتراكية في مواجهة الخصومات العالمية" ونسقه بشكل خاص الباحثان ألكسندر إسكودير وإيمانويل فاتاناسينه.
بهذه المناسبة، أجرى موقع "ملريان" الفرنكوفوني مقابلة مع إسكودير
ونشرها على صفحاته يوم 23 يوليوز 2022.
استهل الموقع المقابلة بسؤال حول ما إذا جعلت الحرب في أوكرانيا من الضروري إعادة التفكير في المسألة الجيوسياسية من وجهة نظر اشتراكية.
في جواب الكسندر اسكودير عن هذا السؤال، قال هناك ضعف مزمن في الاشتراكية الديمقراطية عندما يتعلق الأمر بالجغرافيا السياسية. إن الحمض النووي للاشتراكية هو النضال، من خلال سياسات اجتماعية لإعادة التوزيع، ضد عدم المساواة في الوصول إلى السلطة والثروة والمكانة في المجتمع، بحيث يمكن للجميع المشاركة، مع فرص اجتماعية متساوية نسبيا في كل جيل، في تأسيس الميثاق السياسي والاجتماعي المؤسس لاجتماع المواطنين. في أوقات السلم الديمقراطي، لا تعتبر مسألة الحرب الخارجية أولوية. بل يُنظر إليها على أنها تستنزف الموارد التي يمكن توظيفها بشكل أفضل في أماكن أخرى. عندما تنشأ مشكلة الحرب، نجد أن الاشتراكيين قد تجاوزهم التاريخ. كانت إحدى أفكار هذه القضية هي قطع هذه الأفكار التي لا يمكن الدفاع عنها بسبب المراوغات القائمة على المساواة والمحسوبية الانتخابية.
ختاما، يجدر بنا التطرق إلى وجهة نظر المدنيين الروس. أول ما لوحظ في هذا الشأن أن قسما من سكان العاصمة موسكو، يتموقف جنبا إلى جنب مع فلاديمير بوتين، وقسم آخر يتساءل عن المستقبل والعواقب المحتملة للنزاع على روسيا.
في موسكو دائما، وعلى بعد أكثر من 800 كيلومتر من كييف، بعد مرور ساعات قليلة على العملية العسكرية الروسية الخاصة ضد أوكرانيا، عبر السكان عن ردة فعلهم. هناك أولئك الذين اقتنعوا  بالأسباب التي قدمها فلاديمير بوتين: "لن أناقش أمر القائد العام للقوات المسلحة فلاديمير بوتين. إذا اعتبر هذه الحرب ضرورية، فعندئذ يجب القيام بها بهذه الطريقة". . 
من ناحية أخرى، هناك آخرون أكثر تشككا وقلقا بشأن المستقبل: "لا أحد يعرف حتى الآن ما هي العواقب على عملتنا واقتصادنا. سنرى ما إذا كان بإمكاننا التغلب على الأزمة كما حدث في عام 2014 أو ما إذا كانت الأمور سوف تسوء" .
لتغليب كفة المؤيدين على كفة المنتقدين، أشار المتحدث باسم الكرملين في رسالة إذاعية إلى أحد أسباب هذا الهجوم العسكري: "علينا تحرير أوكرانيا، وتطهيرها من النازيين، من الأفراد والإيديولوجيا المؤيدين للنازية". على القنوات التلفزيونية الأوكرانية، تم تخصيص البث حصريا للحرب وأولى ضحايا هذا النزاع. من الواضح أن التحليل مختلف للغاية في وسائل الإعلام الروسية. 



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن