مذكرات ج2

كاظم حسن سعيد
brcan.ali.33@gmail.com

2022 / 8 / 9

الان روب غريه(الشيئية )

اثناء تلفنة وزيارة مع صديقي الاديب عبد الرؤوف الشريفي تناولنا موضوع القاص البصري محمد خضير ,بعد ان نشر قصة ( الاختطاف)على صفحته بالفيس ...وكنا مفتخرين من قبل وما نزال بانجازه متمثلا بالمجموعتين ؟
عادة ما تكتب المذكرات من الطفولة صعودا... ساقلب تلك القاعدة وابدأ من النهايات , ولقد اجتزت الستين وعلي ان اقرأ علم نفس الكبار فانا منهم .
واعتاد صاحبي ان يكرر جملتي (جبتها الك) , ويشير الى كتاب جديد او احد الافلام ..
لقد استغرقنا نحو اكثر من شهرين وكل منا كان يكتب روايته , الحقيقة في البداية كانت روايتي (تعال معي لنطور فن الكره ) في طور الاختمار , لم استلم اشارة على بدء ولادتها, كل ما حدث رايتني غير مستقر وجدانيا , متحفزا فكريا, في حال شد نفسي, لقد سبقني صاحبي بالشروع بكتابة روايته وقرر ان تكتمل في عشرة اشهر وكان ينوي المشاركة بها في مسابقة عربية ... لكن عليّ ان اجيب كيف ومتى ولدت فكرة
كانت الفكرة قد انبثقت بعد ايام من اقتراح صديقي القديم <عبد الرؤوف الشريفي >... زارني يوما وقال ( ما رايك ان نقرا انا وانت وثلاثة من اصدقائنا كتابا ونحلله ؟ )... لم ارحب بالاقتراح كنت اعتقد قد نسبب انا وعبد الرؤوف حرجا لبعضهم ... بعد اسبوع تقريبا قرات رواية (انهم يقتلون الجياد اليس كذلك ).. واعتدنا ان نرى الفلم الماخوذ من الرواية , لقد سمعت بتلك القصة اول مرة من احد الاصدقاء الذي ساتحول الى صديق عائلته لربع قرن .. نظر اليّ عبد الرؤوف وكان مختصا بالانكليزية وقال: they shoot horses don’t it ....... كان مختصا بالترجمة واضاف <انها رواية جميلة >.
وكانت تلك الرواية ادانة للراسمالية , لسحق الانسان , لصعوبة فرض البصمة او المشاركة في الجو الهليودي ..البطل والبطلة يحاولان الدخول الى ذلك الصرح العالمي , مصنع الافلام الاول في العالم , هوليود ,فتقف امامها الاسلاك الشائكة والجدران , فيقرران الاشتراك بمسابقة يمنح الفائز فيها جائزة نقدية ثمينة وعليهم ان يرقصوا بلا توقف يخيطون الليل بالنها ر لايام عدة ... فينهار الكثير اثناء ذلك ويموت البعض وتكتشف البطلة بان لا جدى من اي شيء فترجو البطل ان يطلق عليها النار .... الفلم يظهر لقطات من الراقصين يدورون في الحلبة بالتصوير البطيء , ويجسد اعلى درجات المرارة والانهيار في الاجساد ... وانشغلنا بالتحليل وباعتماد الرواية على الحوار واللغة البسيطة وتلك الادانة الصارخة لسحق الانسان خاصة ان الرواية كتبت ابان الازمة الاقتصادية التي ستقود لجحيم الحرب العالمية الثانية .
لم يكن صديقي قد اهتدى الى (جبتها الك ) عندما قال لي في منزله بصوت خفيض : ((<ايرينديرا البريئة > لماركيز طريفة ولافتة )), تقول لها جدتها واضاف وهو يبتسم ( لا يكفي ان تنفقي عمرك في البغاء لتسديد ما عليك من دين وقد تسببتي بحرق منزلي .)
هكذا تعرفت الى هذه القصة التي تفاعلت معها بحماس ولا ازال احب قراءتها بعد ان قراتها مرتين .
وعبر ( جبتلك سالفة ) , المتبادلة بيننا , نلفظها ونحن نبتسم تعرفت على كازو وروايته ( قادم الايام ) ذلك الروائي البريطاني الياباني الاصل ...صديقي رؤوف قد اكتشفها (جبتلك سالفة )... انه كازو حاصد نوبل وحملتها على اللابتوب وقرات 50 صفحة سالني في اليوم التالي عنها , اجبته (ما قراته عادي .. فلنصبر حتى نرى ). في اليوم الثاني اعدت قراءتها فسحني الكاتب بلا نفس ... كنت اقرا 30 الى 50 صفحة يوميا , متمنيا اللا تنتهي ... لكن صديقي لم يتقدم في قراءتها فقد كان له مزاج خاص بالقراءة انه ينطلق مما يسميه الاسلوب ولعله يقصد (جمالية اللغة )
ـ انه فن اخفاء الفن , قلت له.
(تبدأ الرواية في قصر اللورد دارلنغتون، وتعود بالذاكرة لما قبل وفي أثناء الحرب العالمية، وصعود النازي في ألمانيا والحرب المستمرة بين إنجلترا وألمانيا، وهذه مجرد خلفية تاريخية، تبدأ منها الرواية، وإذا دخلنا قصر دارلنغتون الذي يسرد منه مستر ستيفنز ما جرى من أحداث عظيمة، لديه ولدى العاملين به، سوف نجد كما الانقسام بين الأحياء: المسؤولين والأحياء أسفل القصر الذين ليس لهم شاغل إلَّا اتقان عملهم كما ينبغي، ولا اهتمام لهم بما يجري من أحداث سياسية، سواء في الخارج أم داخل القصر، وستيفنز المطلع على أمور كثيرة، ليس لديه كذلك اهتمام أكثر من متابعة العمل المنزلي، ورؤية كم هو المكان منظف ومرتب والأقداح لأي مستوى نظيفة والمشروبات الفاخرة، ولا يتدخل في شيء، إلَّا إذا طلب منه، وإذا تدخل كان ذلك في صرامة ودقة، وحذر، حتى إنه يخشى أن تظهر عليه العاطفة، وإذا حدث ووجد نفسه، قد ظهر عليه شيء غريب، عاد لسابق عهده، بالضبط كالآلة.).
(لو لم يمنحوه نوبل لكنت لمتهم .. )هكذا قلت لصاحبي .
بعدها حملنا الفلم (قادم الايام ) مثل بطولته أنتوني هوبكنز حيث جسد شخصية البطل رئيس الخدم باتقان وهو صاحب فلم (صمت الحملان ) ذلك الفلم الذي توقعت ان ينال الاوسكار واتذكر اني شاهدته اول مرة معا مع الاستاذ البريكان الذي لم يعجبه الفلم اما انا فقد عشقته حد الادمان وشاهدته اكثر من ثلاث عشرة مرة وما زلت احتفظ بنسخة منه كاثر ثمين لم يكتشفه غيري .
قلت لصاحبي ونحن نتحاور وجها لوجه او عبر الواتساب ( ان الفلم اضاء ما عتم من مقاطع في الرواية مثلا منظر ابيه في الحديقة وهو يتمشى قليلا فيعود لنقطة الانطلاق ويستانف المشي حيث شاهدته مساعدة رئيس الخدم من الطابق العلوي ودعت ابنه رئيس الخدم ليشاهد اباه وليدهشه ما يجري , فقد تهاوى العجوز عاثرا ببلاطات ارتفعت قليلا عن ارضية كان يتقدم عليها فهوت من يده صينية المثلجات والقناني قرب المخدوم وضيوفه ... تشاهد سقوطه بعرض بطيء مذهل بالفلم , وكيف تتطاير الاواني والقناني وغيرها , كان الاخراج متقنا ورغم اتفاقنا على اهمية الفلم الا اننا اختلفنا في تقييم الرواية .
ومن برغسون الى كتاب -حياتي مع بيكاسو- كل يوم كشف جديد , فان تاخرت يتلفن لي
ـ ها اليوم ماكو سالفة جديدة ؟
ولم يتاخر احدنا عن اكتشاف شيء , كان الحوار متواصلا والقراءة والمشاهدة في اوج حرارتها .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن