الإسلام والاتجاهات العلمية المعاصرة

عطا درغام
atta_dorgham@yahoo.com

2022 / 8 / 4

يقوم الإلحاد العلمي المعاصر علي إدعاء قوانين العلم التجريبي تغني عن الإيمان بوجود الله وتدل علي الطبيعة كموجود مكتف بذاته ،وهذا ما لخصه أوجست كونت في قوله: (إن الاعتقاد في ذوات عاقلة إو إرادات عليا، لم يكن إلا تصورًا نخفي وراءه جهلنا بالأسباب الطبيعية..أما الآن، وكل المتعلمين من أبناء المدينة الحديثة يعتقدون بأن كل الحوادث العالمية والظواهر الطبيعية لا بد لها من أن تعود إلي سبب طبيعي ،و أنه من المستطاع تعليلها تعليلًا علميًا مبناه العلم الطبيعي..فلم يبق فراغ يسده الاعتقاد بوجود الله، ولم يبق من سبب يدفعنا إلي الإيمان به)
وهذا الكتاب ( الإسلام والاتجاهات العلمية المعاصرة) من تأليف الدكتور يحيي هاشم ، و يوضح زيف هذا الادعاء..وكما أن مذاهب الإلحاد المعاصر ترتدي مسوح العلم؛ فهي من ناحية أخري تتفق غالبًا في نظرتها إلي المادة باعتبار أنها أصل الوجود.
وهروب بعض هذه المذاهب من التسمي باسم المادية منشؤه كما يقول جون سومرفيل:
( إن مجرد تسمية إحدي الفلسفات لنفسها "بالمادية" يعتبر عادة في نطاق حدودنا الثقافية أمرًا يدعونا إلي النفور منها، وقفل الأبواب دونها ، وأن كلمة مادية تستخدم في العادة في سياق الاتهام لا من أجل التصنيف فقط) ثم يقول: ( لهذا فهم يميلون إلي إطلاق اسم "التجريبية" و"الطبيعية" و"الإنسانية" و"الواقعية"،وماشابه ذلك علي فلسفات كان من الأدق ان تسمي"مادية"
والماركسية لن تختص باسم الفلسفة المادية المعاصرة إلا أن (المفكرين السوفيت يحذون حذو ماركس وأنجلز في مقت أي تحايل لتفادي استخدام كلمة"مادية" فأطلقوا عليها بجرأة كلمة "المادة")
ومن هنا يمكننا أن نقول : إن هذا الكتاب يرد علي أسس الاتجاهات المادية في المذاهب المختلفة ،ولا ينصرف إلي بعض الفلسفات دون بعض، وإنما يشملها جميعًا طالما أن تناولنا هو للثالوث المشترك بينها:
وهو الاستناد إلي العلم أولًا ، وإنكار الدين ثانيًا والإيمان بالمادة ثالثًا...هذا هو الثالوث غير المقدس للإلحاد المعاصر..وغاية ما نفضح الصراع الدفين الدائر بين أركان هذا الثالوث.
ذلك أن العلم الحديث أصبح لا يقر المادية المتخلفة "مادية هولباخ" المغلقة..فإذا تصالح العلم مع المادية علي صعيد المفهوم الغبي للمادة الذي تقدمه لنا الفيزيقا الحديثة ، كان لا مفر من إلغاء الركن الثالث "إنكار الدين" ؛فإذا تصالحت المادة التي تقدمها الفيزيقا الحديثة مع الدين كان لابد من إلغاء الركن الأول من هذا الثالوث "العلم" كمبدأ يري أن المعرفة لا يمكن ان تاتي من غير بابه..
وإذا كان ذلك يبين لنا حركة الإلحاد المعاصر،واضطرابه، فإنه يمكن القول إن أهم القواعد التي يقوم عليها ثلاث :
القاعدة الأولي: الزعم بأن " قوانين الطبيعة " من ناحية و"التطور" من ناحية أخري يمكن الغنية بهما عن افتراض "وجود الله" وعلمه وإرادته.
القاعدة الثانية: إنكار كل الغيبيات التي لا يمكن إخضاعها للتجربة.
القاعدة الثالثة: إدعاء كفاية المنهج العلمي التجريبي والغنية به عن المناهج الأخري تلك التي تستخدمها الفلسفة الميتافيزيقية أو الدين
وهذا الكتاب كما يذكر كاتبه يخصص لإسقاط القاعدة الأولي، في حين تخصيص للقاعدتين الآخريين كتبًا أخري.
والسؤال الذي يطرحه الكاتب..هل خلصت للعلم التجريبي مزاعمه في التطور وقوانين الطبيعة، تلك المزاعم التي من شانها- في زعم الإلحاد العلمي- أن تغني عن القول بوجود الله؟ هذا ما تجيب عنه فصول الكتاب الثمانية علي النحو التالي:
الفصل الأول: في مذهب التطور الفكري.
الفصل الثاني: في مذهب التطور الحيوي.
الفصل الثالث: في مذهب التطور الاجتماعي.
الفصل الخامس في حتمية القوانين الطبيعية هل تلغي الإرادة الإلهية؟
الفصل السادس: في قوانين الفيزياء الحديثة ودلالتها علي احتياج العالم إلي الله.
الفصل الثامن: في المنهج البنائي للدين ( الضرورة العملية) حيث بين أن الإنسان ملجأ إلي الإيمان بالله ، وهي المدخل الحقيقي إلي العلم ،وهي الأساس الذي تلقي عنده الاتجاهات الفكرية البشرية كلها.
ويذكر الكاتب أنه اتبع في منهجه علم الكلام القديم الذي كانت تحتوي مقدماته علي تفهم لمسائل العلم الطبيعي السائدة آنذاك. فأكسب التحليل أصالة وقوة ومواجهة تقاوم الإلحاد ،وترشد المؤمن إلي التدين الصحيح



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن