المرأة السورية في بلاد الاغتراب، حياة جديدة مليئة بالصعوبات والتحديات

نساء الانتفاضة
nisaa.alintifadha@yahoo.com

2022 / 7 / 25

عانت المرأة السورية تبعات الحرب التي ما زالت مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، ودفعت أثمانًا باهظة فقدًا وتهجيًرا ونزوحا وفقرا وعنفًا وانتهاكات مورست عليها.
أولً آثار الحرب السورية على المرأة
لم تكن الحرب التي ما زالت مستمرة في سورية منذ تسع سنوات سهلةً على السوريين، فقد ذاقوا أنواعا من الموت والقتل والتعذيب والسجن والقهر والتشرد والجوع والًامتهان، لم يعيشوا مثلها من قبلً. مأساة وصفتها الأمم المتحدة بأنها كارثة غير أن آثار تلك الكارثة كانت أكثر صعوبة على المرأة السورية، وألقت على كاهلها أحمالً لم تكن في وارد حملها، فقد عانت المرأة السورية مجموعة من الأمور التي نتجت عن الحرب، ومنها:
ـ النزوح واللجوء

أجبرت ظروف الحرب السوريين على هجرة مدنهم وقراهم، إما إلى مناطق أكثر أمنًا داخل سورية، أو إلى بلًد أخرى خارج سورية، وتكرر نزوح كثير منهم مرات عديدة، ومع توالي سنوات الحرب؛ ازداد عدد الأفراد النازحين داخل سورية ليصل إلى ما يقارب سبعة ملًايين نازح (كما أن أعداد اللًاجئين خارج سورية ازداد حتى فاق 6 ملًايين شخص أي إن أكثر من 13 مليون شخص، نصفهم على الأقل من
النساء، تركوا منازلهم واضطروا إلى مغادرتها، أدت الحرب إلى وفاة أعداد كبيرة من الذكور في سورية، معظمهم من فئة الشباب، وهو ما يعني فقدان عدد
كبير من النساء للمعيل، سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة المعتقلين والمغيبين قسرا وأصحاب الإعاقة الدائمة الذين أصيبوا بالحرب من الذكور، ولم يعد بإمكانهم العمل أو الإنفاق، وهو ما حمل المرأة السورية مسؤولية السعي للإنفاق على الأسرة.
وتشير إحصائيات أممية إلى أن أكثر من ربع النساء في سورية عام 2014 هن المعينات لأسرهن، بعد أن كانت النسبة لً تتجاوز ما بين 5% سابقًا)، ومع استمرار الحرب، زادت هذه النسبة دون وجود إحصائيات حقيقية تصور واقع المرأة الجديد الذي فرض عليها البحث عن عمل، والقيام بأعمال لم تعتدها، أو لم تمارسها من قبل.
قصدت المرأة السورية عدة بلدان مجاورة كانت من ضمن وجهات السوريات هي العراق كان الهدف الًاساسي منها العمل من اجل اعالة اسرهن واطفالهن. خاصة فئة الشابات من عمر ال 20 حتى عمر ال 35 .
هناك فئة من النساء اللواتي تعرضن لأشكال من الاستغلال، نتجت عن النزوح والتهجير، مثل الزواج القسري وغير المتكافئ (فضلً عن الحرمان من الخدمات الأساسية التي من بينها الرعاية الصحية والتعليم والقدرة على المشاركة المجتمعية، خاصة للنساء اللواتي اضطررن إلى السكن في المخيمات، بعيدًا عن الأهل والحماية، وهو ما عرضهن للقلق والخوف ومحاولات التحرش .
فرض النزوح واللجوء على المرأة السورية مجتمعا جديدًا، بقوانين وعادات وواقع جديد مختلف عما كانت تعيشه في بلدها، وتعرضت لهزة قوية كان لها تبعات اجتماعية واقتصادية ونفسية وأخلاقية، دفعت بعض النساء لتغيير معتقداتهن وما نشأن عليه من عادات وتقاليد أو قيم دينية أو مجتمعية كما عرض تحمل مسؤولية الأسرة المرأةَ لصنوف من الاستغلال والابتزاز بأشكالها المختلفة، بدءا من قبولها بزواج دون حقوق أو تسجيل قانوني، أو قبولها العمل بأجر ضعيف وساعات طويلة دون تأمين، هذا عدا عن تعرضها للتحرش والمضايقات أثناء العمل، وصولً إلى قبولها بالقيام بأعمال أقل من قدراتها ولً تناسب تخصصها، خاصة للمتعلمات.
تقول، “ل.ز”، قدمت إلى بغداد نهاية عام 2019، والتي تعمل حالياً موظفة استقبال في مطعم، أن الظروف الاقتصادية في سوريا كانت سبب في قدومها الى العراق وقالت "اضطر الى العمل حتى ال 12 ساعة واجازات كل 15 يوم على رغم من اني خريجة هندسة معلوماتية لكن هناك ظروف معينة يجب التقيد بها ومنها انه يجب علي التزام بعمل يوفر لي سكن لًانه ليس لدي قدرة لدفع اجار منزل ..واغلب المطاعم في بغداد هي ذات كادر سوري .فيكون السكن للعمال متوفر".
بينما تتحدث “غ” (31 عاما من مدينة اللاذقية) أنها حصلت على حياة مختلفة تماما عند وصولها إلى اربيل. ان اكثر شيء كان مدمر بالنسبة لي هو عدم الالتزام بالعقود بالنسبة الى الشركة المستقطبة لي. فوجدت نفسي بلا مأوى او مكان الجأ اليه. تعرضت لكل انواع الابتزاز والًاستغلال من قبل النفوس الضعيفة والتي تستغل حاجة فتاة سورية ليس لديها قدرة للعودة الى بلدها او ايجاد مأوى.
ومثل “غ”،، اختارت العديد من النساء السوريات وجهة السفر الى العراق وبالاخص بغداد واربيل اما عن (ح.أ) التي تبلغ من العمر 27 القادمة من دمشق تتحدث عن تجربتها في البصرة وعن الصعوبات التي عاشتها خلال فترة تواجدها للعمل في فندق منها التجرد من ابسط الحقوق التي تتمتع بها المراة مثل تجردها من حريتها في ممارسة الحياة الاجتماعية بسبب فروض المجتمع المتواجدة فيه والقيود التي يحكمها المجتمع.

ان ما تتعرض له المرأة السورية الباحثة عن العمل في السوق العراقي، تتعرض له مثيلاتها العراقيات من انتهاكات، إلا أ ّن ظروف لجوئها واستغلال حاجتها للعمل يزيد من حالات الإساءة، وتتمثل الانتهاكات عدم الالتزام بعقود العمل من قبل الشركة المستقطبة للفتيات السوريات، عند انهاء العقد تجد الفتاة نفسها بلا مأوى ولا مكان بإمكانها ان تلجأ اليه. العمل لساعات طويلة تتجاوز ال12 ساعة وبدون مقابل وذلك بسبب الاحتكار للفتاة واحتفاظ الشركة بالاوراق الرسمية والجواز الخاص بها
وعدم دفع الأجور، أو الطرد من العمل بعد عدة أيام، إلى أنه في بعض الحالات يتعرضن للتحرش من قبل رب العمل.

عانت المرأة السورية الامرين قبل الحرب وبعدها، بين مجتمع رافض ومحافظ وظروف حرب قاسية، فرضا عليها في كل مرة واقع غير محبب صمدت أمامه بشجاعة وأصبحت الناشطة والمعلمة والأم . لكن ذلك لا يمكن أن يخفي قسوة المجتمع قبل الحرب .فهو مجتمع رسم ملامح مستقبل نساءه وفرضه أمرا واقعا أجبر على تغييره لاحقا وتغييرها.

زهور عباس



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن