المطالبة بالديموقراطية

أحمد فاروق عباس
Ahmed.1936@yahoo.con

2022 / 7 / 19

أثناء قراءتي للجزء الرابع من كتاب " الأوراق الخاصة لجمال عبدالناصر " الصادر عن مكتبة الأسرة ، وفي صفحتي ٧٥ ، ٧٦ هناك بيان بالاجراءات القاسية التي اتخذها عبد الناصر ضد الشيوعيين أواخر ١٩٥٨ وأوائل ١٩٥٩ ومنها : إعتقال العناصر الشيوعية التي تعمل في الريف ، وأيضاً تلك التي تعمل وسط العمال ، وإخراج العناصر الشيوعية من النقابات العمالية خلال ٦ شهور !! وتطهير الصحافة منهم ، وإعتقال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أو بعض أعضاءها " ..

وبغض النظر عن سبب كل ذلك ، وما هي أهداف عبدالناصر ومبرراته لفعل ذلك، ووجه الخطأ والصواب فيه ، إلا أنه من الملاحظ في كل ذلك أنه لم يتكلم أحد في الغرب الديموقراطي وقتها حول ذلك ، وكذلك لم يتكلم أغلب المثقفين المصريين ( غير اليساريين ) الذين ملأوا الدنيا في النصف الثاني من الستينات عن القمع وتقييد الحريات وزوار الفجر ودولة المخابرات ..

ويمكن إرجاع ذلك لسبب بسيط وهو أن عبد الناصر كان متقاربا إلي حد ما وقتها مع الغرب وفي صدام مع الإتحاد السوفيتي ، ولكن بدءا من عام ١٩٦٤ وبدء تقارب عبدالناصر مع الإتحاد السوفيتي و صدامه الشديد مع الغرب وحتي وفاته .
وهنا فقط ظهر الكلام عن الحريات المهدورة ، والنظام الديكتاتوري ، ودولة المخابرات ، وزوار الفجر !!
كأن كل ذلك لم يكن موجوداً في الخمسينات مع إعتقالات ١٩٥٤ ، ١٩٥٦ ، ١٩٥٩ لليساريين ، فقط عندما تقارب عبدالناصر مع السوفيت وقام الشيوعيين المصريين بحل الحزب الشيوعي المصري ، ووجدوا مكانا مهما لهم في نظامه ( في الصحافة وفي التنظيم السياسي الرسمي ) ظهرت تلك الحملة في الغرب أولا ، في صحفه ومجلاته ( ثم في سياسته ضد مصر ) ، وردد أصداؤها هنا في مصر مثقفين وصحفيين قريبين منه ..

الغريب أنه طوال الخمسينات وحتي منتصف الستينات كان الشيوعيون والإخوان في السجون ، وعندما تم اخراجهم عام ١٩٦٤ وتصفية تلك المرحلة القاسية ظهر الكلام عن القمع !!

مع انه لم يكن هناك أحد في السجون في تلك الفترة باستثناء أعداد محدودة من التنظيم السري للاخوان الذين اشتركوا في مؤامرة ١٩٦٥ ، ومحاولة قتل جمال عبد الناصر والقيام بعمليات إرهابية لزعزعة نظام الحكم ..

والخلاصة أن الكلام عن الديموقراطية في مصر لم يكن أبداً - فى اغلب الاحيان - بنية خالصة ، بل كان دوماً وراءه من يوجه ويطلب ، وهو ما تكرر كثيراً بعد ذلك ، ومازال قائماً حتى هذه اللحظة ..

المناداة بالديموقراطية عندما يريد الغرب - لسبب ما - ذلك ، والتغاضي عنها عندما لا يريدها ، أو لا تحقق مصالحه ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن