سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 8

مؤيد الحسيني العابد
mouaiyad@hotmail.com

2022 / 7 / 13

The nuclear armament race and the humanitarian catastrophe 8
لم يكن في حسبان واضع المعادلة المشهورة للعلاقة ما بين الكتلة والطاقة ألبرت آينشتاين، أن يكون لها شأن في التسارع المجنون في التطبيق العالي والسريع للعلاقة لتتحول كمية المادة القليلة الى هذه الطاقة الهائلة! فالزمن ما بين زمن الفكرة وزمن التطبيق لا يتجاوز العقود الاربعة. وفي كل الاحوال اصبحت الامكانية التطبيقية للتحول ما بين المادة والطاقة مصدراً مهما للتنافس الفعلي ما بين الباحثين في هذا المجال ان كان مجالا للتطبيق العملي الضار او النافع! إليك الحلقة الجديدة لهذه السلسلة:
المادة النووية غير المنشطرة:
إن الأسلحة النووية تكون غير كافية نسبياً في إستخدامها لعملية التأثير المطلوبة على هدف العدو وبالشكل الذي ينهي عملية عسكرية كبرى في الحال! فيما إذا إستخدمت المادة النووية الإنشطارية لوحدها، إضافة إلى أن كمية من اليورانيوم والبلوتونيوم من وقود القذيفة النووية ربما لن يحدث له الإنشطار في عملية التفجير وذلك لأسباب عديدة. أو أن العديد من المواد النووية غير المنشطرة تنحل ببطء بإنبعاث جسيمات ألفا و تكون أهميتها قليلة نسبياً. لكننا لا ينبغي أن نتجاهل التأثير المباشر للمواد النووية غير المنشطرة وبالذات تلك التي تمتلك القدرة على الإنحلال ذاتياً. والتي تلعب الدور المهم في تلوث المنطقة حين وصولها إلى الأرض، أو حركتها وإنتقالها في الجو بفعل وجود الرياح.
فعالية النيوترون الناتج:
إذا قامت النوى بإلتقاط النيوترونات عند التعرّض لها ولهذا الفيض الكبير منها ومن التدفق الهائل من نواتج الإنشطار فإنها تشكل قاعدة لتصبح مشعّة لتنحل بإنبعاث جسيمات ألفا وبيتا وأشعّة غاما على طول المرحلة المسماة فترة الإنحلال.
تنبعث النيوترونات كجزء من الأشعّة النووية الإبتدائية والتي تسبب فعالية لبقايا السلاح النووي. بالإضافة إلى الذرات التي تحويها مادة المحيط، كالتربة والهواء والماء والتي ستفعل بسبب هذه النيوترونات، أي تصبح لها القابلية على التأثير في المواد الأخرى، أي أن فعالية هذه المواد تعتمد على تراكيبها وعلى المسافة بينها وبين مكان التفجير ومكان وجود العصف، أي ذلك المكان الذي يمثل مساحة صغيرة حول مساحة التأثير المباشر لذلك العصف الذي نسميه بالأرض في المستوى الصفري والتي ربما تصبح خطرة أو تصاب بالتأثير المذكور كنتيجة لتعرّض معادن التربة بفعل التدفق الإبتدائي للنيوترونات. ليسبب إقتناص المعادن للنيوترون أساساً. من هذه العناصر التي تتفاعل مع النيوترون الصوديوم، المغنيسيوم، الألمنيوم والسيليكون في التربة لكن مثل هذه الخطورة تهمل إلى حد ما على أساس محدودية التأثير للتربة.
في عملية الإنفجار الحاصل قرب الأرض يؤدي إلى أن سطح الأرض وسطح الماء القريب يمتص هذه الكمية الهائلة من كرة النار، بسبب الحرارة الناتجة عنها فتحدث تبخراً كبيراً للماء مما يشكل غيمة كبيرة من السحابة الإشعاعية التي تنتقل إلى مناطق أخرى بفعل الجو المناخي الذي يدفعها إلى تلك الأماكن، فيؤدي إلى إنتقال الأشعّة إلى مناطق أبعد من مكان الإنفجار نفسه. فعند الإرتفاعات العليا لهذه الغيمة تتكثف وتهطل مطراً إشعاعياً ملوثاً المحيط بكل أشكاله. أي أن الجسيمات الثقيلة تعود عندها إلى الأرض قرب المنطقة صفر المشار إليها. وربما تبقى الغيمة لوقت طويل إلى الحد الذي يمكنها من التكثف مرة أخرى. أما إذا بقيت الغيمة في الهواء فإنها تتحرك من جديد إلى أماكن أخرى لينتقل التلوث أبعد مما سبق. أما في الإنفجارات التي تحدث قرب سطح البحر فإن الجسيمات تتجه لتكون خفيفة وصغيرة وتنتج سقطاً محلياً لكن سعيها يكون إلى مساحات أكبر. وإن هذه الجسيمات تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح مع بعض الكميات من الماء والتي (كما قلنا) تستطيع تشكيل غيمة لتحدث المطر الذي يهطل بعد فترة معينة. وفي هذه الحالة تعتمد على عدة عوامل، إن توفرت تحدث السقط الملوث المتكون من نواتج السقط الأول والذي يشمل الماء المشعّ كذلك، ليلوث البيئة بكل أشكال التلوث.
إن المشكلة الكبيرة التي يحدثها مثل هذا السقط هي الحالة التي تتضمن فيها النظائر ذات العمر النصفي الطويل والتي تبقى في الطبيعة لفترات أطول لتحدث التلوث المستمر. ومثل هذه النظائر:
السنترونتيوم ـ 90 والسيزيوم ـ 137 واللذان يمتصان من قبل الجسم الحي عبر الجهاز الهضمي.
التأثيرات التي ترافق الإنفجار النووي Effects of the Nuclear Explosion:
إن الطاقة التي تتحرر من أي سلاح نووي تكون بأشكال أربعة هي:
عصف أو تفجير، تكون نسبته من القنبلة %40 إلى %60 من الطاقة الكلية.
الأشعّة الحرارية وتمثل %30 إلى %50 من الطاقة الكلية.
الأشعّة المؤينة وتمثل نسبة %5 من الطاقة الكلية.
أشعّة متبقية أو متخلفة والمسماة بالسقط
fullout
ويمثل %5 إلى %10 من الطاقة الكلية. رغم بعض الإختلافات البسيطة في هذه النسب.
إن كمية الطاقة المتحررة من إي سلاح من الأسلحة النووية تعتمد على تصميم ذلك السلاح المستخدم، والطبيعة التي يظهر بها ذلك السلاح. إن الأشعّة المتبقية أو المتخلفة عن إنفجار القنبلة أو السقط يكون وفق التدرج المشار إليه في المرحلة الأخيرة من بدء عملية التفجير، أما الثلاثة المتبقية فإنها تأتي بنفس وقت التفجير.
يبدأ الوصف من الأرض مكان الإنفجار: عصف (كميات هائلة من التراب المختلط بالعديد من مواد الإنفجار وغيرها وتكون عالية التأثير في كل جوانبه)، حرارة هائلة تمتد من الأرض مكان التفجير وتنتهي إلى أبعد نقطة تصل إليها هذه الحرارة والتي تتلاشى شيئاً فشيئاً كلما إبتعدنا عن مكان الإنفجار، الأشعّة المؤينة وهي الملازمة للعملية من بدايتها إلى نقاط بعيدة عن مكان الإنفجار وتعتمد على عوامل عديدة، وأخيراً السقط الذي يلاحظ كغيمة في الصورة والذي ينتشر إلى مسافات بعيدة. غالباً ما تساعد الحرارة على حصول تبخر شديد يؤدي بدوره إلى تكثف شديد للماء في الجو لينزل السقط أمطاراً ملوثة للمنطقة التي يهطل فيها حين توفر الرياح (غالباً ما يساعد نفس الوضع على حدوثها) مما يؤدي إلى إنتشار المطر إلى مسافات بعيدة تصل إلى عشرات الكيلومترات.
إن تأثيري العصف والأشعّة الحرارية الصادرين من السلاح النووي، لهما نفس التأثير من الخطورة على الطبيعة إذا ما قلنا أن السلاح المستخدم من الأسلحة التقليدية في الإطار النووي. إن الإختلاف الأولي بينهما هو أن الأسلحة النووية قادرة على تحرير كميات كبيرة من الطاقة أكثر من الآخر.
إن الخطورة الصادرة من السلاح النووي هي الأكثر فيما لو قورنت بالأسلحة الأخرى، إلا أنها لا تكون مباشرة بعد إجراء عملية التفجير إنما بعد فترات مختلفة حسب نوعية السلاح والكمية المستخدمة في عملية التفجير. وإن الخطورة الحاصلة من النتائج الثلاثة الصادرة من التفجير الأولي، هي تلك الطاقة المنبعثة من هذا التفجير والتي تزداد كميتها بزيادة وقود المادة ونوعيتها (كما قلنا)، وإختلاف شكل الطاقة المذكورة، حيث أن الأشعّة الحرارية ستتناقص شيئاً فشيئاً كلما إستغرقت في الإبتعاد عن مكان التفجير. والأشعّة المؤينة التي يحررها السلاح النووي تمتص بقوة من قبل الهواء وإن تأثيرها هو نفسه في السلاح الكبير أو في السلاح الصغير. إلا أن العصف النووي الذي يظهر عند التفجير والذي يستمر في التساقط يكون أسرع من الأشعّة الحرارية، لكنه يكون أبطء من الأشعّة المؤينة.
إذا تفجر السلاح النووي فإن مادة القنبلة تأخذ بإتجاه التوازن الحراري بأجزاء قصيرة جداً (ميكروثانية) أي أن الحرارة تسعى إلى التسرب بإتجاه الضغط الحراري المنخفض ثم تستمر إلى أن يحصل التوازن الحراري المذكور. خلال الزمن المذكور تتسرب %75 من الطاقة لتنبعث على شكل أشعّة حرارية إبتدائية. وكذلك تكون كل الطاقة الكامنة تقريباً عبارة عن طاقة حركية
kinetic energy
وتكون عبارة عن أشعّة رونتغن
X-rays
تزيد من نسبة تأثير السلاح النووي.
إن تفاعل أشعّة رونتغن والنواتج الأخرى تظهر معها من داخل السلاح النووي تتعين أو تحدد كم من الطاقة ينتج عن ذلك التفجير كعصف وكمية من هذه النواتج يكون عبارة عن طاقة ضوئية. ويكون المحيط هو الممتص الأكثر، بالإضافة إلى الموجات المتنوعة الصادرة بأشكال متعددة من التفجير.
إن حدث التفجير عند مستوى سطح البحر أو قريب منه فستظهر كميات كبيرة من أشعّة رونتغن مع الأشعّة الحرارية التي تكون ممتصة لمسافات قصيرة كافية لحدوث ذلك الإمتصاص. إضافة إلى ما ذكرنا فإن بعض الطاقة المتحررة من التفجير تكون على شكل طاقة منعكسة من على السطوح والأجسام التي إمتصت مثل هذه الأشعّة في بداية تفاعلها معها، وهذه الطاقة المسماة بالمشعّعة تكون على شكل موجات إشعاعية فوق البنفسجية، وضوء مرئي، وأشعّة تحت الحمراء، لكن الأكثر من هذه الطاقة يسخن كرة هوائية محيطة بنقطة التفجير، ليشكل بعدها كرة النار
fireball
عند حصول التفجير في الإرتفاعات العالية. وحيث أن الهواء في هذه الإرتفاعات تكون كثافته قليلة لذا يساعد ذلك على أنتشار أشعّة رونتغن لمسافات طويلة قبل حدوث عملية الإمتصاص.
تكون الطاقة التي تمتص مخففة إلى درجة كبيرة وأن الموجات المتحررة ستكون إلى النصف من الموجات القوية أو أقل من ذلك. أما الطاقة المتبقية فإنها تتبدد أكثر من نبضة حرارية ذات قدرة عالية.
لقد حدث تطور هائل في مجال السيطرة على الأجواء العالية عند التطور الكبير في مجال السلاح النووي، حيث يتم نشر أكبر كمية من الإشعاعات النووية على مساحات أكبر وأكثر شدة، أي أن التطور الحاصل يتم في كيفية حصول أكبر كمية من الإمتصاص للطاقة النووية الناتجة من العصف النووي. إضافة إلى حالة الهلع التي تصيب الناس بسبب نشر الإشاعات الكبيرة حول حالة الخطورة التي يسببها العصف النووي، كما حدث في العديد من التجارب المذكورة السابقة، كتفجير هيروشيما الذي أشارت إليه العديد من التقارير العلمية، والتي تنص على أن الطاقة التي تحررت في هيروشيما هي 12000 طن وقد أبادت من البشر 100000 على أقل تقدير.
ديناميكية إنتشار العصف
إن درجات الحرارة العالية والضغط يسببان الغاز المتحرك إلى مسافات بعيدة وبكثافات متباينة تتغير حسب الأجواء والمناخات على شكل جبهة موجية تتحرك الحركة الواسعة إلى المسافات المذكورة، والجبهة الموجية يطلق عليها بالجبهة الهيدرودينامية تؤثر كمكبس يندفع ضد التضاغطات التي يحدثها المحيط الجوي. وبالتالي ستحدث موجة صدمية كروية واسعة، وإن هذه الموجة الصدمية تحدث أولاً داخل سطح كرة النار المتطورة والتي تنشأ في حجم من الهواء بواسطة أشعّة رونتغن. وثانياً إن كثافة جبهة الموجة الصدمية تحجب كرة النار لتكون نبضة مضاعفة مميزة من الضوء الذي يلاحظ عند التفجير النووي. عند إجراء التفجير النووي بكل أشكاله المذكورة من تجارب عادية أو من تفجير واقعي، تكون غايته قتل أو إصابة الخصم الحقيقي، لذا فإن العديد من التدميرات التي يحدثها التفجير النووي يكون ناتجه العصف الظاهر منه. وإن العديد من البنايات المحصنة أو المقاومة ضد العصف المذكور تعاني كثيراً إذا كان الضغط فوق القيمة المتوقعة البالغة 35.5 كيلوباسكال أو ما يعادل 0.35 جو.
إن سرعة نقل العصف وما يحويه قد تصل إلى مئات الكيلو مترات في الساعة، وإن مدى تأثيرات العصف تزداد كناتج من تفجير السلاح النووي المذكور في عملية إحتراق الهواء.
هناك ظاهرتان متزامنتان بارزتان تتوزعان بموجة العصف في الهواء، وهما:
# الضغط فوق السكوني (الستاتي) مثل الزيادة الحادة في الضغط المبذول من قبل موجة الصدمة. حيث أن الضغط الفوقي عند أي نقطة تتناسب طردياً مع كثافة الهواء في الموجة.
# الضغط الحركي (الدينامي) مثل السحب أو الجرف من قبل رياح العصف المطلوبة لتشكيل موجة العصف. هذه الموجات تدفع و تسقط مواداً تمزقية.
هناك تأثيرات كبيرة أخرى مع العصف النووي كإنضغاط الهواء والفترة الزمنية التي يستمر فيها العصف والإنضغاط المذكور. بالإضافة إلى موجات الضغط المؤثر بالأنسجة الحيوية. والتي تسبب كذلك الأضرار لروابط الأنسجة التي تكون بكثافات مختلفة (كأنسجة العظم والعضلة) الحد المشترك بين النسيج والهواء وكذلك تؤثر في الرئتين والأحشاء الداخلية التي تحوي الهواء في طياتها، وخاصة تلك الضعيفة بسبب ضرر ما أو جرح ما. إن هذا الخطر أو الإصابة يسبب نزيفاً أو تفككاً للهواء بحيث يسبب الموت السريع في أحيان كثيرة. إن الضغط الذي يسبب الضرر للرئتين من خلال العديد من الحالات يبلغ 22 كيلو باسكال والضغط المذكور يسبب تمزق طبلة الأذن. وقد لوحظ من عدد من الحالات أن التمزيق قد أصاب نصف طبلة الأذن والذي كان قد سببه ضغط 90 إلى 130 كيلو باسكال.
موجات العصف: الطاقات المسحوبة لموجات العصف تتناسب مع مكعب سرعاتها التي تتضاعف بسبب دوامها أو بقائها. هذه الموجات ربما تصل سرعتها إلى مئات الكيلومترات بالساعة.
الإشعاع الحراري
تنبعث من الأسلحة النووية كميات كبيرة من الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الموجات المرئية والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية. كل هذه الأنواع من الإشعاع تسبب الحروق وأمراض العيون، من بين آثار أخرى. وأن المناطق التي تقوم فيها التأثيرات بعملهم هي مناطق العاصفة الجوية بشكل أساس. تتمتع الأشعة المرئية المنبعثة من انفجار نووي بقدرة كبيرة على الانتشار، وهي ذات ترددات موجية مختلفة تنتشر في المناطق داخل دائرة العاصفة. يزداد مدى التأثيرات الحرارية بشكل كبير نتيجة لعملية التفجير. هناك نوعان من إصابات العين الناتجة عن الإشعاع الحراري من سلاح نووي: عمى التلألؤ، والذي ينتج عن وميض الإنارة الذي يبدأ من الضوء الناتج عن تفجير نووي. حيث تسقط طاقة الضوء الأكبر على شبكية العين بكميات تتجاوز تحمل الشبكية. تعتبر شبكية العين حساسة للضوء المرئي وضوء الأشعة تحت الحمراء ذي الطول الموجي القصير، حيث يتم جمع هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي بواسطة عدسات شبكية العين حيث تكون النتيجة أن الضوء الأبيض يسود على الضوء البصري مما يؤدي إلى العمى المؤقت الذي يأخذ حوالي 40 دقيقة من بداية عملية التعرض لهذه الموجات. لاحظ أن هناك احتمالات لحرق الشبكية (مما يسبب اتساعها وتشويهها عن الحالة الطبيعية وانخفاض في مجال الرؤية) نتيجة الإصابة الدائمة بسبب تركيز الأشعة المتساقطة (والتي تشمل الأشعة الحرارية) مباشرة من خلال عدسة العين. يحدث فقط عندما تكون كرة النار داخل مجال الرؤية البشرية لتكون إصابة نسبية غير مألوفة.
عندما تنتقل الأشعة الحرارية في خطوط مستقيمة من كرة النار، يتشكل ظل واقٍ (ما لم تحدث عملية تشتت). إذا كان هناك أي ضباب، فسيتم تشتيت الضوء لنشر الحرارة على مناطق أوسع، وأقل شدة ليكون لها تأثير أقل في المنطقة التي يجب أن تصاب بها إذا كانت الأشعة مستقيمة. حيث يعتمد الجزء الممتص على طبيعة ولون المادة. حيث يتم إجراء الأشعة الحرارية بكميات أكبر في المادة الرقيقة ولكن إذا كانت المادة موصلة ضعيفة للحرارة، فإن الحرارة محاصرة في سطح تلك المادة. إذا تجاوز الضوء 125 جول لكل سنتيمتر مربع، يمكن للأشعة أن تعمل وتحدث تأثيرها. على سبيل المثال، في حادثة هيروشيما، تطورت العاصفة النارية المروعة في غضون 20 دقيقة بعد الانفجار. كان للعاصفة النارية قوة تعويذة، تتحرك باتجاه مركز النار من جميع النقاط والاتجاهات. حدثت ظاهرة غريبة بسبب الانفجار السالف الذكر. حيث انتشرت كرة النار إلى جميع الغابات الكبيرة المحيطة بها وأدت إلى كوارث معروفة، بالإضافة إلى كوارث انفجار نووي فعلي. استمرت هذه الكوارث حتى بعد انتهاء الحرب الفعلية.
إن للسلاح النووي تأثيرات أخرى عدا تلك التي تحدث في زمن التفجير. حيث أن هذه التأثيرات تبقى لفترات قد تصل إلى مئات وربما إلى آلاف السنين. حيث أن أشعّة غاما مثلاً والناتجة عن الإنفجارات النووية تحرر إلكترونات ذات طاقة عالية من خلال ما يسمى إستطارة كومبتن. ويقوم المجال المغناطيسي الأرضي بإقتناص هذه الإلكترونات عند الإرتفاعات ما بين 20 و40 كيلومتر. بالإضافة إلى إهتزازات التيار الكهربائي والتي تنتج عن فعل الأشعّة المتحررة من التفجير النووي فتنتج إرتباطاً أو تماسكاً للنبضة الكهرومغناطيسية التي تبقى لفترة مللي ثانية. وقد تبقى التأثيرات الثانوية لأكثر من ثانية وإن هذه النبضات تؤثر بشكل كبير على المواد الفلزية الطويلة كالكابلات المربوطة. وتؤثر كذلك على الهوائيات وتولد جهداً كبيراً عند عبورها إليها.
إن هذا الجهد العالي والتيارات الناتجة العالية والمتوزعة يمكن أن تحطم الإلكترونيات غير المغطاة وغير المحمية بشكل جيد. وكذلك يحطم الأسلاك الإعتيادية التي تستخدم في المجالات الكثيرة في الحياة العامة.
يعتقد أن هناك تأثيرات بيولوجية على الإنسان والحيوان من الإشعاعات الثانوية الناتجة عن انعكاس الأشعّة الأولية من على المواد إلا أن الدراسات مستمرة في هذا الجانب لمعرفة تأثيرات النبضات الناتجة عن تلك الأشعّة. وقد أثبتت الأبحاث بالفعل أن الهواء المؤين يمزق موجات الراديو في طبقات الأيونوسفير والتي تسبب العديد من المشاكل في الإتصالات اللاسلكية. والمشكلة الأخرى إن تم الحفاظ على الإلكترونيات وحمايتها بأشكال متعددة بتأطيرها فإن الموجات الصادرة منها ستحجب، مما يؤدي إلى عدم إمكانية تحقيق توصيلها بشكل جيد.
ولنا عودة أخرى إن شاء الله تعالى
د.مؤيد الحسيني العابد
Moayad Alabed



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن