غريب في مدينة أليفة 1

علوان حسين
alwanhussein@yahoo.com

2022 / 7 / 12

نمت باكرا ً جدا ً على غير عادتي لأستيقظ والشمس لم تبزغ بعد . على عجل ٍ تحممت وأرتديت ملابسي وطفقت أسير في شوارع شبه مهجورة ٍ المحال لم تفتح وبغداد لم تزل نائمة كان الطقس لطيفا ً يسمح بالمشي لا غبار ولا شمس تصب براكينها أكاد أسمع نبض تنفسها كأني حارس الأحلام يتفقد فجرها حالما ً بقطرات مطر ٍ تهطل أو حبات ندى تتساقط من سماء ٍ لم تغلق شبابيكها بعد . لم أصدق أني في بغداد أدخل إليها مرتبكا ً كالغريب يرتدي طاقية الإخفاء . قرب النهر كنت أسير في شارع أبي نؤاس أبحث عن أغنية عصفور تقودني عبر الشارع علني أعثر على أحد سكارى بغداد أقرأ عليه قصيدتي أو تصادفني واحدة من نديمات الليل عاشقات الشعر الثملات لأقول لها كلمات ٍ حبيسة ٍ في صدري لكن شيء حدث ما عكر مزاج الصباح إستوقفتني دورية شرطة فتشوا جيوبي لم يعثروا على سلاح ٍ أو أشياء ممنوعة كنت أحمل بطاقة الأحوال الشخصية تؤكد إنتمائي لبغداد وبضعة آلاف من الدنانير العراقية وجهاز آيفون فيه شريحة ورقم محلي . كانوا يتفرسون بوجهي ويتطلعون بوجوه بعض مستغربين عن سبب وجودي في الشارع في مثل هذا الوقت . سألني أحدهم هل تتعاطى المخدرات أو المسكرات ؟ أجبت بلا . لا يبدو عليك متشردا ً ربما متسكعا ً ماذا تفعل بمثل هذا الوقت ؟ لا شيء محدد فقط أتمشى أستنشق هواء الصباح غير الملوث بعد . أستنشق ما تشاء من هواء الصباح خذ حصتك كاملة ً بغداد كريمة ولكل مواطن حصته من الهواء لكن نرجوك أن لا تسرف وتأخذ حصص غيرك من المواطنين . قال لي رئيس الدورية مازحا ً أو متهكما ً قبل أن ينصرفوا ويعيدوا لي حريتي في نزهة ٍ بريئة ٍ في شوارع المدينة التي أحب . عدت إلى فندقي بعد أن تروقت القيمر والصمون الحجري تناولته في مقهى شعبي كنت زبونه الوحيد . تمددت على السرير بضع دقائق يعوزني شيء ما قلت لنفسي لم أعرف بالضبط ما هو شغلت المروحة وفتحت الشباك المطل على الحديقة فاجأني عطر الرازقي هب من شجرة معمرة لطف مزاجي ومنحني نشوة كدت أفتقدها في يومي الأول في بغداد . وضعت برنامج ليومي لا أبدد الوقت محاولا ً إكتشاف مدينة صباي من جديد . زيارة المتحف الوطني وبعض المكتبات بعدها تسكع حر في شارع الرشيد وجولة في سوق هرج ومحلات الإنتيكا ثم المرور عبر شارع المتنبي تمضية بعض الوقت في مقهى الشابندر ربما أصادف صديقا ً هناك .
أوقفت تاكسيا ً طلبت منه يقلني إلى المتحف قال سبعة آلاف إشترطت عليه أن يشغل التبريد ضحك الشمس بعدها باردة والهواء منعش ما حاجتك للتبريد ؟ افتح النافذة تستقبل الهواء إستدرك قائلا ً ممكن لو سمحت تطفىء السيكارة . هل أنت مريض تشكو من كورونا لا سمح الله ؟ لا لست مريضا ً لكن الوقاية خير من العلاج كما يقال . ضحك ولا يهمك سيكارة واحدة أعدك بعدها لا تدخين . في الطريق أوقفتنا صبية بيدها خرقة راحت تمسح فيها مرآة السيارة لكن السائق نهرها لتبتعد أخرجت ورقة ألف دينار أعطيتها خطفتها برشاقة لتثب نحو سيارة أخرى . لا أعطيهم هؤلاء الملاعين ليسوا سوى عصابة من الصغار تقودهم امرأة تشرف على الدخل . أليس لهم أهل ؟ سألت أجاب يجلبهم أهلهم بغرض الإيجار لكل نهار سعر وحسب العمر والخبرة يحدد سعر الطفل . والمدارس ؟ طفولة معروضة للبيع والإيجار الشارع هو المدرسة أجابني كالخبير أو المرشد التربوي . مبين عليك متغرب منذ متى لم تزر بغداد ؟ منذ وقت ٍ طويل . وأين تعيش أكيد في كندا لو أستراليا ؟ لا الحقيقة أعيش في الجارة تركيا . تركيا لا يعيش فيها سوى الأثرياء ! لست ثريا ً لكن الأمور مستورة لله الحمد . رازني بعينيه مخمنا ً ربما ما لدي من نقود . ليس في جيبي سوى بضعة آلاف من الدنانير لا تدوخ فاجأته بكلامي . لا عمي الله يرزقك لا طمع لي بمالك .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن