بعد وهم نهاية التاريخ

كمال غبريال
kghobrial@yahoo.com

2022 / 6 / 26

في عام 1992 بعد سقوط المعسكر الاشتراكي،
نشر الفيلسوف الأمريكي فرنسيس فوكوياما كتاباً بعنوان "نهاية التاريخ".
يتوهم وصول البشرية إلى نهاية رحلة الصراع ضد التيارات المضادة لمسيرة الإنسانية.
وبداية سيرها المستقيم نحو ازدهار حضارتها دونما معوقات.
كم كان هذا وهماً جميلاً رائعاً.
كنت أنا شخصياً في غمار فرحتي بسقوط معسكر الشمولية والقهر، من بين من تجسد هذا الوهم أمام عيونهم.
لكننا سرعان ما استفقنا من حلمنا اللذيذ.
على تصاعد الداعشية الدينية.
وتهديدها للسلام العالمي وللإنسانية،
بصورة لا مثيل لوحشيتها حتى فيما قبل العصور الوسطى.
ثم اكتشفنا أن اليسار الاشتراكي الذي ظنناه قد مات، محترقاً في معاقله المتهاوية، التي تصدعت فشلاً،
قد قام عالعنقاء منتحلاً اسم الليبرالية، متغلغلاً في جسد العالم الغربي.
ليهدم الحضارة الإنسانية من داخلها.
مقوضاً أسسها العقلانية باسم ذات مبادئها:
الحرية والإنسانية وحقوق الإنسان.
صارت الحرية فوضوية ولاأدرية بأي مرجعية نسترشد بها.
مؤيدين بذلك صحة تهمة الدوجماطيقيين لهم،
بأنهم يخرجون من حصون رشادة الدوجما إلى الانحلال والضياع.
والإنسانية صارت على أيديهم لا إنسانية،
بدعوات النباتيين الذي يبثون العداء لطبيعة الإنسان كآكل لحوم.
وهي الصفة التي أدت بفصيلة البشر خلال رحلة تطورهم،
إلى نمو عضو المخ بالصورة التي أوصلته لما هو عليه الآن من قدرات،
تفوق بها على سائر المملكة الحيوانية.
فيما ظل أبناء عمومتنا القردة، الذين ينحدرون معنا من نفس الأصل آكلي نباتات فقط.
وحقوق الإنسان صارت لديهم تتضمن حق من يبثون الكراهية والعداء وإيديولوجيات القتل والذبح،
في أن يجدوا ملجأ آمناً لنشر دعواتهم في قلب العواصم الأوروبية.
كما صارت حقوق الإنسان تشمل حق تدمير مفهوم الأسرة.
التي هي اللبنة الأولى لهيكل الحضارة الإنسانية منذ بدء مسيرتها.
بالترويج بهمة غريبة أشبه بالدعوة لدين أو إيديولوچيا جديدة، لاستخدام أعضاء الإنسان التناسلية بصور مفارقة لطبيعة ووظيفة هذه الأعضاء.
بعد تجاوز ممارسو هذه السلوكيات لدائرة الحياة والحرية الشخصية،
إلى التعدي على مفهوم "الأسرة" المستقر والأزلي.
لتفجيره من داخله بهذه الثنائيات الشاذة.
كما صارت حقوق الإنسان أيضاً على يد من ينادون بحماية البيئة والرفق بالحيوان،
تعني بمسمى "حق الإجهاض"، حرية قتل الأجنة داخل الأرحام.
بحيث يبدو الآن إن كان ثمة مصداقية لمقولة
"نهاية التاريخ"،
أنها ستكون على يد دواعش اليسار الليبرالي هولاء:
"نهاية الحضارة الإنسانية المعاصرة"



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن