: 13 الأشتراكية - الديمقراطية

نجم الدليمي
naduleme@yahoo.com

2022 / 6 / 22

إن الأشتراكية - الديمقراطية – تيار في الحركة العمالية العالمية ينطلق من موقع الأشتراكية الأصلاحية : تتميز الأشتراكية – الديمقراطية – بالأقرار بالطرائق السليمة والتدريجية فقط ، اي الأصلاحية للعمل الأجتماعي ، والسعي لأستبدال النضال (الصراع) الطبقي بالتعاون الطبقي ، والتصور عن الدولة والديمقراطية (( ما فوق الطبقية )) ؟! ، وفهم الأشتراكية كمقولة أخلاقية – أدبية ((الأشتراكية – الأخلاقية)) ، وأن الطروحات الفكرية السياسية للأشتراكية – الديمقراطية تتعارض مع طروحات الأشتراكية العلمية الثورية ، ومع النظرية الماركسية – اللينينية .
يعود تاريخ نشوء مصطلح ((الأشتراكية – الديمقراطية )) الى فترة قيام أحزاب عمالية إشتراكية في بلدان أوربا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وكانت تدعوا نفسها عادة بالأحزاب الأشتراكية – الديمقراطية ، وتقف أنذاك في مواقع ثورية ، ماركسية . كانت الميول الأنتهازية في ذلك الزمن تتمثل في مجموعات متفرقة من هذه الأحزاب : اللا ساليون في ألمانيا ، الفابيون في بريطانيا ، والأمكانيون في فرنسا ، وغيرهم .
أن تنامي نفوذ وتأثير البرجوازية في الحركة العمالية العالمية في البلدان الراسمالية وأنتقال الرأسمالية التي تقوم على المنافسة الحرة الى مرحلة متقدمة إلا وهي الأمبريالية التي تتسم بالأحتكار شبه المطلق أو المطلق ، رافق ذلك ظهور التحريفية ، وبعد أن إشتد نفوذها وتأثيرها تغلبت الأنتهازية اليمينية في الأحزاب الأشتراكية – الديمقراطية وتحولت في أعوام الحرب العالمية الاولى الى إشتراكية شوفينية مباشرة ، واصبحت الأشتراكية – الديمقراطية مرادفاً للأنتهازية والأصلاحية .
لقد أثارت الأزمة الثورية في أوربا أعوام 1918 – 1923 أنقساماً في الأحزاب الأشتراكية – الديمقراطية ، فالعناصر اليمينية المتطرفة من أمثال شييد يمان ونوسكه لم تجد نفسها في معسكر الثورة المضادة فحسب ، بل شاركت بصورة مباشرة في قمع البروليتاريا ، وبنفس الوقت حصل زعماء الأشتراكية – الديمقراطية على إمكانية الوصول الى قيادة السلطة وأدارة الدولة بمثابة طبيب لدى سرير الرأسمالية المريضة .
لقد إتخذت الأشتراكية – الديمقراطية تحت ضغط القوى اليمينية مواقع معادية للشيوعية وبشكل حاد ، وتم نهائياً أبتعادها عن النظرية الماركسية – اللينينية ، وتنازلت الغالبية العظمى من الأحزاب الأشتراكية – الديمقراطية إن لم نقل جميعها لا عمليآ فحسب بل وحتى شكلياً عن الماركسية – اللينينية بوصفها الأساس العلمي والنظري والمذهبي الوحيد وذلك لصالح الأيدولوجية (( التعدادية )) .
إن أحزاب الأشتراكية – الديمقراطية لم تعتزم في مكان كان ولا مرة واحدة على الأستفادة من قوة الطبقة العاملة المنظمة لأجل الهجوم على ركائز الرأسمالية، فالتكيف الأنتهازي مع تطورات الزمن قادها في نهاية المطاف الى التبعية للنظام الرأسمالي ، حيث تسنى للأشتراكيين الديمقراطيين أحياناً الوصول وترأس الحكومات خلال مدة طويلة ، ولكن تبقى الروافع الأساسية للسلطة الأقتصادية والسياسية في أيدي الرأسمال الكبير ، الأمر الذي يضع في أطارات ضيقة النشاط (( الأصلاحي )) للحكومات الأشتراكية – الديمقراطية .
إن وضع الأشتراكية – الديمقراطية في النظام السياسي والأقتصادي – الأجتماعي ، في الغرب الأمبريالي هو وضع مزدوج فهي ، من جهة تلتحم بهذه الدرجة أو تلك مع رأسماليىة الدولة الأحتكارية ، وهي من جهة أخرى مرتبطة بالحركة العمالية والنقابات وغيرها من المنظمات الديمقراطية الجماهرية ، وتشعر بضغط مطالب الكادحين ومضطرة لأن تأخذها بالحساب في سياستها ، وفي هذا يكمن الفرق الجوهري بين الأشتراكية – الديمقراطية وبين الأحزاب البرجوازية المحافظة والرجعية .
وكما هو معروف ، تظهر في سياسة الأشتراكية – الديمقراطية ميول سلبية تنبع من موضوعاتها الفكرية السياسية الأساسية : الدعاية لما يسمى بالطريق الثالث، ومقاومة إنتشار الأفكار الماركسية – اللينينية ، والسعي لعرقلة نفوذ ونمو الشيوعيين ، وحماية المواقع الأمبريالية والأستعمارية للغرب الأمبريالي .
إن الأحزاب الشيوعية التي تستند في عملها ونشاطها على النظرية الماركسية – اللينينية وتؤمن بديكتاتورية البروليتارية وبالصراع الطبقي وبالتظامن الأممي ... تدين وبشدة مظاهر معاداة الشيوعية في نشاط الأحزاب الأشتراكية – الديمقراطية ولا يوجد اي تعاون أو تقارب أيديولوجي بين الشيوعية العلمية وبين الأشتراكيين – الديمقراطيين .
إن بعض الأحزاب الشيوعية عانت من بعض المشاكل السياسية والفكرية والتي ظهرت بسبب العدو الطبقي وبفعل العوامل الداخلية والخارجية وأستطاعت هذه الأحزاب الشيوعية من أن تعالج هذه المشاكل والصراعات استناداً الى نظريتها العلمية ، النظرية الماركسية – اللينينية ، وهذا شيء طبيعي يمكن أن يحدث وهذه هي سنة الحياة والتطور السياسي والأقتصادي – الأجتماعي الأيديوبوجي للمجتمع بشكل عام وللاحزاب الشيوعية بشكل خاص .
خلال الفترة 1985-1991 ، ووفق سيناريو مايسمى بالبيرويسترويكا سيء الصيت في شكله ومضمونه ، فأن غالبية الأحزاب الشيوعية قد أيدت وساندت هذه النهج التحريفي – الخياني ولأعتبارات عديدة وغير سليمة وغير مبدئية ، وكما إنتقدناها في وقتها وظهر صحة موقفنا .
ان من أخطر نتائج هذا النهج المأساوي هو إختفاء أول دولة إشتراكية في العالم دولة العمال والفلاحين ، وأختفاء أكبر حزب شيوعي في العالم ، وأختفاء الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي المتمثل بالاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية ، أختفاء وحل حلف وارسو ... ؟! لمصلحة من تم كل ذلك ؟
إن بعض الأحزاب الشيوعية قد تخلت عن الثوابت الفكرية وتغير خطابها السياسي والأيديولوجي وبشكل سريع وخاصة بعد عام 1991 وتجلى ذلك في عدم الألتزام بالنظرية الماركسية – اللينينية وفصل النظرية والأعتماد على المنهج الماركسي وعدم الاعتراف بالصراع وبديكتاتورية البروليتاريا وبالتضامن الأممي وفجأة أصبحت الأمبريالية الامريكية داعية لحقوق الانسان وتقرير المصير والتخلي عن ذكر شعار رئيس وهام إلا وهو (( ياعمال العالم تحدوا )) وغير ذلك ، ورغم كل ذلك فهي تحمل أسم الحزب الشيوعي ، لماذا هذا الخداع لجماهير واعضاء الحزب وللشعب ؟ فالأجدر – كما نعتقد على قيادة الحزب الراغبة في ان تكون إشتراكية – ديمقراطية أن تؤسس لها حزباً إشتراكياً – ديمقراطيآ وبشكل علني ، لأن البرنامج والنظام الداخلي والمعمول به يعكس في شكله ومضمونه حزب اشتراكي – ديمقراطي ، وليس حزباً شيوعياً ، فيكفي خداع إعضاء وكوادر الحزب .
ومن هنا تنشأ الضرورة الملحة والموضوعية الى تأسيس حزب شيوعي جديد إمتداداً لحزب فهد – سلام عادل يعتمد ويسترشد بالنظرية الماركسية – اللينينية و بقانون الصراع الطبقي والنضال من أجل ديكتاتورية البروليتاريا ( سلطة الشعب ) وبناء المجتمع الاشتراكي كهدف رئيس للنضال والنضال ضد الأمبريالية العالمية التي تتزعمها الأمبريالية الأمريكية كعدو طبقي وفكري رقم واحد .
نعتقد ، تقع المسؤولية الأولى لتحقيق ماذكر أعلاه على القيادين المخلصين في الحزب وكادره واعضاؤه واصدقاؤه المخلصين هذه المسؤولية الهامة والكبرى فالمستقبل سيكشف لنا حقائق ومفاجآت عديدة .
وبهذا الخصوص يؤكد لينين إن من (( واجب الشيوعيين عدم السكوت عن نقاط الضعف في حركتهم ، بل إنتقادها علناً من أجل التخلص منها بمزيد من السرعة والجذرية )) .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن