50 مئوي.. داخل العائلة

عماد عبد اللطيف سالم
emaasalem@gmail.com

2022 / 6 / 21

كلّما أردتُ أن أنتَحِر
لأنّ هذهِ الأيّامَ سيّئةٌ جدّاً، و حارّةٌ جدّاً، والنساءُ فيها ملولات، وقاسيات، وجاحِدات، بل وغيرُ جميلات،
بدَتْ الأيّامُ الباقيةُ
حُلوةً جداً
وهذا يمنعني، دائماً، من الإنتحار.
وهكذا أُخَبّيءُ أقراص"الفاليوم" العشرين تحت الوسادة
وأُواصِلُ النوم.
النومُ هو الآخر
نوعٌ وديعٌ من الإنتحار.
كلّما أردتُ أن أنتَحِر
تأتي عيناها
وتضحكُ لي
فأعودُ طفلاً
والأطفالُ لا يعرفونَ شيئاً
إسمهُ الإنتحار.
كلّما أردتُ أن أنتَحِر
جاءَ الأوغاد
و وَضَعوا مُسدّساً في يدي
ونكايةً بهم
أرفضُ الإنتحار.
أتعَجّبُ، دائماً، من سلوكِ الكائنات اللطيفة
التي نذبحها ونأكلها كُلّ يومٍ
كيف لا تنتَحِر
وأنا الذي يذبحني الأنذالُ
مائةَ مَرّةٍ في كُلّ يومٍ
بشكلٍ سيّء
ومع ذلك
لا أُفكّرُ بالإنتحار.
أقولُ لنفسي، وأنا أدُسُّ أقراصَ "الفاليوم" تحت الوسادة،
حتّى إذا تبقّى لي في هذهِ الحياة
يومٌ واحد
لن أتركُهُ أبداً
لهؤلاء الأجلاف.
متى سأنتحِرُ إذاً ؟
حقيقةً ، أنا دائماً ما أسألُ نفسي هذا السؤال
ولكنّني ما إن أرى بعض المخلوقاتِ المُشينةِ
حيّةً تُرزَقُ
أقولُ.. هؤلاءِ لم ينتَحِروا
فلماذا تُفكّرُ أنتَ بالانتحار.
إذا إنتَحَرَ "هؤلاء"
سيكونُ العالمُ أفضلَ بدونهم
و فَوْرَ إنتحارِهِم
سأمُدُّ يدي إلى أقراص "الفاليوم" العشرين
تحتَ الوسادة
وأموتُ فعلاً هذهِ المرّة
بسلامٍ تامّ
وإرادةٍ لا تَضْعَفْ
وعزيمةٍ لا تَلين.
غداً الثلاثاء
الذي كان دائماً يوماً جميلاً
سيكونُ هناك غبارٌ كثيف
وستكون درجة الحرارة 50 مئوي داخلَ العائلة.
إنّهُ أفضلُ يومٍ للإنتحار.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن