الزعيم الذي تحول إلى بلدوزر

كاظم فنجان الحمامي
kfinjan@yahoo.co.uk

2022 / 6 / 21

لا شك ان القوة الكاسحة التي استخدمها الرئيس التنزاني (ماغوبولي) في سحق الفساد المستشري في بلاده هي التي حولته في نظر الجماهير المؤيدة له إلى بلدوزر يعمل ليل نهار بقدرة مليون حصان. .
ولد (جون ماجوفولي) في شاتو شمال غرب تنزانيا عام 1959. درس الكيمياء والرياضيات في جامعة دار السلام. عمل مدرساً للعلوم التطبيقية. انتُخب نائباً لأول مرة عام 1995. أصبح وزيرا عام 2000. وأصبح أول رئيس منتخب عام 2015، ثم فاز بولاية ثانية عام 2020. .
بعد عام واحد فقط من توليه منصب الرئاسة، قام بدمج العديد من الوزارات، وسارع لتقليص حجمها من 30 وزارة إلى 19. ومنع الوزراء والوكلاء والمدراء من شراء تذاكر الطيران من الدرجة الأولى، وألغى الاحتفالات الوطنية ونفقاتها المرهقة، وأمر بحصر انعقاد الاجتماعات والمؤتمرات الحكومية في مباني الدولة بدلاً من الفنادق الفارهة، وقررت بيع السيارات الحكومية الفاخرة بالمزاد العلني، وسارع لتقليص النفقات إلى الحد الأدنى، ثم قرر تخفيض رواتب أصحاب الدرجات الخاصة. ونجح في توجيه موارد الدولة نحو تعزيز الاقتصاد التنزاني، وقطع شوطا بعيداً في إجراءات التقشف، التي أصبح تأثيرها محسوساً بالفعل. واستعان بأجهزة أمن الدولة في قمع الفاسدين وطردهم ومعاقبتهم، وتعهد بمضاعفة الإنفاق التنموي من خلال تقليص الهدر الحكومي. .
وهكذا ظلت أساليب حكمه الراديكالية والفعالة مثالاً يحتذى به للشفافية، والحكم الرشيد، والرقابة الصارمة على الإنفاق الحكومي. .
لقد نما التنزانيون ليحبوا أسلوبه، بينما ينظر مواطنو الدول المجاورة إليهم بحسد، على أمل أن يقتبس قادتهم صفحة واحدة فقط من كتابه العملي.
لقد أظهر هذا الزعيم نوعاً فريداً من الاتساق والقدرة على التحمل، وثباتاً في كفاحه ضد الفساد، وإساءة استخدام المنصب، وإهدار الموارد العامة. في حين كانت سنته الأولى في المنصب مثيرة للإعجاب، وربما يُترجم ثباته إلى مزيد من النمو الاقتصادي. .
بالنظر إلى أن تنزانيا كانت تنمو بالفعل بنسبة 7.9٪ في الربع الثاني من عام 2016، فقد قوبل نجاحه بالتشكيك من خصومه، لكنه قبل التحدي ونجح في تحويل دولته الفقيرة إلى مصاف البلدان المتفوقة اقتصادياً، وأظهر استعداداً لتخطي العقبات والأزمات الكثيرة. .
سيكتب التاريخ سيرة هذا الزعيم البلدوزر بمداد من ذهب، وستصبح تجربته أنموذجا يحتذى به. .
ختاما: كم عدد البلدوزرات التي نحتاجها الآن لدحر الأوكار الفاسدة والتغلب عليها ؟. .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن