ذكريات العيد ..

هدى توفيق
hudausef@gmail.com

2022 / 5 / 22

عدت من جديد مع الأهل والأحباب
مع مجئ الأعياد تتجدد نوستالجيا الحنين والحب والروح إلى جذور المسقط والنشأة ، والأيام الخوالي أيام الطفولة والمراهقة والشباب والمرح والسخرية والتفكه بكل جوارحنا ببراح ، وخيالات واسعة بلا عقل وتجربة من كل شئ. وكأن العالم لنا لوحدنا ولأحلامنا الكبيرة في وقتها السابق . . وقد عدت إلى بيت العائلة ؛ لأقابل من عشت معهم ومعهن تلك اللحظات ، وأتذكر مدى حماقتي وحماقة هذه الحياة أيضًا ، ومدى جمال اللحظات التي ولت من عمرنا سهوًا ، وكأننا كنا مجرد أخطاء سقطت من رحم أمهاتنا.
أقضي أيام الأعياد بين زيارة الأهل الذين فارقوا بيت العائلة بمختلف الطرق ؛ لكنهم يعودون للتجمع في بيت العائلة كواجب مقدس ، وتناول طعامنا مرة أخرى ، وكأننا لم نفارقه ولابد أن نعود ونقول للجميع : " كل سنة وإنت طيب. كل سنة وإنت طيبة " ، ونقهر احساس مرور العمر الذي مر كالماء المسكوب من بين أيدينا ، وهجرانه ها .. قد عدنا يابيت العائلة ، ولا يهمك .. ما حدث شئ. يا له من اسم رائع ومحتوى دفين وعميق ، وكأنه من أسرار الكون رغم مرور سنوات العمر ورحيل البعض سواء بالسفر، أو ظروف لا إرادية للعودة إليه ، فتصبح الأعياد ملاذي الوحيد لأعود لوطني الصغير؛ الذي منه انبثقت روحي ، وهامت بعد ذلك في دروب الحياة. لكن بيت العائلة خالد وقوي وباق مهما هجرته ينتظرني حتى لو رحلت عنه أبدًا. لأنه أهم شاهد على كل ذكرياتي ، وحياتي الماضية. كل مرة تبدأ منه نقطة سفري إلى مدينتي الصغيرة ، وحتى أنتهي منه ، وأعود إلى مكان إقامتي. أدعو ربي دومًا بأمنية خالصة أن أعود مرات أخرى ، ولا يحرمني شئ من العودة ، والإستمتاع برؤية الأهل والأصحاب القدامى والجيران والشوارع والبيوت والمحلات ، وكل شئ مررت به والتسامر والحكي نهارًا وليلًا طوال أيام العيد ، وأهجع للنوم سويعات قليلة حتى لا يفوتني رؤية أو زيارة أحد يأتي على خاطري ، أو أتي على خاطرهم أو خاطرهن ؛ فربما لا تسعفني هذه الحياة العابثة بأقدارنا دوام اللقاء مجددًا. حتى أعود متعبة ومرهقة إلى حجرتي النظيفة والمرتبة ، كعادة أمي ، وكأن لم أتركها ، ولازال بها كل حاجاتي الشخصية من ملابس ، و كتب ، وأوراق خاصة ، وأباجورتي المشكلة عل هيئة أرنب على الكمودينو المهداه لي من أعز صديقات المراهقة. تكون رفيقتي عندما تنطفئ كل الأنوار، وتظل هي ساهرة معي للقراءة ، والعبث في ذكرياتي القديمة ، والحنين والشجن الذي يملأني كلما نظرت للصور الصغيرة والكبيرة : لأمي ، وأنا ، وأخواتي ، وآخرين منثورة تحت زجاج سطح الكمودينو، وقوة المكان وخلوده يمتد بفعل التناسل بين أبناء الحياة ، وهو يستقبل زائرين جدد من أطفال سينتمون إلى صور العائلة ترحيبًا وزهوًا وفرحًا بهم جميعًا ، وهم يهتفون ببراءة وبهجة : ها .. ها .. قد انضممنا إلى مقتنيات بيت العائلة ، وصرنا جزء منك يابيت العائلة. عدت ياعيد : أهلا ومرحبا من قديم ، وجديد ، وكل جديد آتِ. ومين فات قديمه تاه يابيت العائلة على رأي أمي.
30/ 8/ 2017م



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن