ناجون أم ضحايا؟

كمال جمال بك
abomohamadkamal@gmail.com

2022 / 5 / 14

عن المهجّرين قسريّاً أو (طوعيّاً) بعد استشهاد أو اعتقال أبنائهم، أو تدمير بيوتهم ومدنهم وقراهم، ونهب أرزاقهم وحرقها، وتشريد عائلاتهم، كلُّ رأس تحت نجمة، هل يمكن وضع هؤلاء (كلّهم) في سلّة واحدة، والحديث عنهم (بإطلاقية) (النّاجين)؟
إنّ خصوصية خشبةٍ في آلةٍ قد تُعرف من عدم وجود نشازٍ فيها، بينما في الأثر الإنساني فلها نتوء ولو بسيط، أو اعوجاج ولو ضئيل، أو ملمس خشن في جزء منها، أو بقايا غبرة وقشّ، أو سمات أخرى، وجميعها تفصح عنها خطوط البصمات لا شفرات المكنات.
وكي لا تسقط المسؤولية الجرمية فإن (الناجين) ضحايا، وإن عبروا إلى ضفة أخرى بما تبقى من أجسادهم، فإن الكارثة التي زلزلتهم ولم تقض عليهم، خلّفت آثارا في أنقاض أرواحهم، بينها قواسم مشتركة كالخوف والكوابيس وعدم الأمان، غير أن فيها تباينات كثيرة، يتمايزون بها في فروقات فردية، ولهم بيئات جديدة متنوعة. وما ينطبق على بعض الأفراد قد لا ينطبق على آخرين، وما ينطبق من بنود مشتركة أيضا ربما لا ينطبق بعضه على البعض الآخر، كما أن ردود أفعالهم وسلوكياتهم ليست منصهرة في بوتقة معادن واحدة!
وفي ثنائية (الداخل) و (الخارج) الزائفة، فإن المهجّرين ومن تبقى على جحيمٍ وخرابٍ في البلاد، على فالق زلزالي واحد، له هزاته وارتداداته، ولا ناجين فيه على مقياس الألم، بل ضحايا عقود يتدرجون بها حسب قدرة استطاعتهم في مشاهدة نجوم الظهر، ومن أكبال الاستبداد إلى أنياب التوحش.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن