تقويم وتطوير منظومة التعليم العالي في الدول العربية

مصطفى العبد الله الكفري
moustafa.alkafri@gmail.com

2022 / 4 / 15

تتزايد أهمية التعليم العالي ومؤسساته في الدول العربية حيث أصبح التعليم من القضايا التي تشغل الحكومات وتشد اهتمام جميع فئات المجتمع. يبدو أن هناك قلقاً عاماً من تراجع مستوى التعليم، وتدنى مستوى المهمة التدريسية، وعدم مواكبة المناهج لمتطلبات العصر الذي نعيش فيه، إضافة إلى قبول أعداد هائلة في الجامعات لا تتناسب مع الإمكانيات المتاحة، وقلة الاعتمادات المخصصة للعملية التعليمية أو البحث العلمي. هذه المشكلات المتراكمة والمعقدة جعلت التعليم العالي في الدول العربية لا يلبي الطموح وتبوء مكانة متقدمة بين الأمم، حتى بعد إقامة الجامعات الخاصة التي أصبح لها مشاكلها هي الأخرى لعدم اتساق مناهجها مع متطلبات تطوير التعليم العالي وإصرارها على التدريس باللغات الأجنبية فقط كنوع من الاستعلاء وإهمال اللغة العربية، ومشاكل أخرى.
ما هي أهداف التعليم العالي (المجتمعية والفردية)، التي يسعى لتحقيقها؟
ما هي الوسائل والأدوات الضرورية لنجاح مهمة التعليم العالي وتحقيق أهدافه؟
ما هي البحوث المدعمة للسياسة التعليمية في مؤسسات التعليم العالي؟
ما هي الأنظمة أكاديمية المناسبة لجامعاتنا ومجتمعنا؟
إذاً لا بد من تقييم ومراجعة العملية التعليمية والبحثية في جامعاتنا، لمعرفة مدى ما حققته من فوائد عملية للفرد والمجتمع، بشكل موضوعي بعيداً عن المجاملات أو المبالغات. فالهدف هو تشخيص الداء وإيجاد الدواء لتلافي أوجه القصور. لذا لا بد من تشكيل لجان دائمة مهمتها تقويم التعليم العالي واقتراح الحلول والشروع في الإصلاح والتطوير. وتنقسم اللجان المختصة بتقويم التعليم العالي إلى ثلاثة أنواع من اللجان المستقلة:
• لجان تعنى بتقييم أعضاء هيئة التدريس،
• لجان تعنى بتقييم مناهج التدريس،
• لجان تعنى بتقييم الطلاب.
ويجب أن يراعى في تشكيل لجان تقييم أعضاء هيئة التدريس النواحي القانونية والأخلاقية ومصلحة الذين يتم تقييمهم ومصلحة المستفيدين من الخدمة التعليمية. أما لجان تقويم الطلبة والدارسين فلابد أن تتم بشكل قانوني وأخلاقي وأن تراعى حقوق الطلبة والدارسين. وأن يكون التقويم عملياً ومناسباً من النواحي الثقافية والاجتماعية والسياسية. وأن تراعى التكاليف الفعلية ومقتضيات الاستمرارية. كما لابد من مراعاة الحصول على معلومات دقيقة وسليمة ولها مصداقية بالنسبة لتعلم الطلبة وأدائهم.
تعد عملية تقويم التعليم العالي نشاطاً مهنياً متخصصاً لابد للمسئولين عنه أن يقوموا به إذا أرادوا أن يراجعوا ويدعموا سياسة التعليم العالي التي يحاولون تطبيقها. وهذا يقتضي الاطلاع على ما يجري من تطورات في التعليم العالي في دول العالم المتقدم وتدريس نظريات جديدة، وليس مجرد الاعتماد على خبرات سابقة لم تعد تجدي في عالمنا المعاصر.
ليس صحيحاً أن عملية إصلاح التعليم العالي تحتاج إلى سنوات طويلة لأن بعض البلدان استطاعت إصلاح التعليم العالي خلال سنتين. تظل عملية تقويم التعليم العالي بغرض إصلاحه عملية مستمرة لمسايرة تطورات العصر المتلاحقة، ويجب أن تتم بلجان دائمة لا تنفض بعد فترة، فتعود الأمور إلي ما كانت عليه، كما لابد أن يكون تعيين أعضائها لفترة زمنية محددة لضخ دماء جديدة وأفكار ورؤى خلاقة.
تقويم وتطوير منظومة التعليم العالي:
تحتاج عملية تقويم وتطوير منظومة التعليم العالي إلى العديد من الإجراءات أهمها:
أولاً - دعم جودة منظومة التعليم العالي وتحقيق المواصفات العالمية:
• تعديل نظام الدراسات الجامعية بما يسمح باستغلال أفضل لإمكانيات المتوفرة.
• ضبط مضمون للمناهج يحسن مستوى الطالب بما في ذلك الدعم الإضافي في اللغات أو في بعض المواد.
• التوظيف الأفضل للتكنولوجيا الحديثة بإرساء تعليم افتراضي مواز في جميع الشعب والمستويات الجامعية.
• فتح مجالات امتياز جديدة في مجال العلوم الإنسانية واللغات بما يؤدي إلى توجيه التلاميذ إلى شعبة الآداب في مرحلة التعليم الثانوي.
• إقرار برنامج لتعليم اللغات الأجنبية كتعليم أساسي لتلبية احتياجات المدرسين في جميع مراحل التعليم من هذه اللغات.
• زيادة نسبة الشهادات المزدوجة بين المؤسسات الجامعية السورية ونظيراتها الأجنبية والارتقاء بعدد الشهادات المشتركة في إطار ماجستير البحث مع الجامعات الأجنبية وتفعيل اتفاقيات الإشراف المشترك على رسائل الدكتوراه.
• الاهتمام أكثر في التحضير لدرجة الدكتوراه بما يضمن رفع مستوى إعداد الأطروحة.
• تفعيل وظيفة البحث لدى الأستاذ الجامعي.
• التوظيف الأفضل للأساتذة وأعضاء هيئة التدريس.
• إقرار برنامج خاص للجامعات الفتية.
• دعم استعمال التعليم عن بعد.
• توفير مراكز إقامة للأساتذة الزائرين.
• الاستئناس بالتجارب العالمية في مجالي التقييم والاعتماد والتركيز على التقييم حسب الجامعات وليس حسب الكليات والمعاهد فقط.
• وضع برنامج لتقييم مكتسبات الطالب حسب المواصفات العالمية.
ثانياً- دعم توظيف خريجي التعليم العالي:
تحسين منظومة التعليم العالي والشهادات الممنوحة من مؤسسات التعليم العالي والتوجه نحو إقرار تسميات موحدة للمؤسسات الجامعية التي تؤمن نفس التعليم.
تدعيم الإجازات التطبيقية ذات البناء المشترك والسعي إلى إدراج التعليم بالتداول فيها لضمان التوظيف وتفعيل نظام المنح في المؤسسات الاقتصادية المساهمة في التعليم
تدعيم التعليم التقنيين السامين في المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية من خلال إرساء شراكة مع وزارة التعليم العالي والوزارات الأخرى وفتح معابر ارتقاء لهؤلاء التقنيين بصفة مدروسة نحو الإجازات التطبيقية ومدارس المهندسين
ثالثاً- تعزيز دور الجامعة ودعم استقلاليتها:
تدعيم صلاحيات الجامعات من خلال إحالة بعض اختصاصات الإدارة المركزية إليها دعما لاستقلاليتها وتعزيز الإطار الإداري لديها.
تيسير شروط تحويل الجامعات إلى مؤسسات ذات صبغة علمية وتكنولوجية.
إلحاق مراكز البحوث بالجامعات بما يدعم تصنيفها دوليا مع إقرار الإشراف المزدوج عند الاقتضاء تعزيزاً للتكامل بين وظيفة التدريس ووظيفة البحث العلمي.
رابعاً- زيادة الاهتمام بأحوال وشؤون الطلبة:
• تدعيم دور مراكز الطب الجامعي لتقديم الخدمة الصحية المناسبة للطلبة.
• تحسين الاهتمام بالجوانب النفسية للطلبة من خلال توفير أخصائيين نفسانيين.
• تنمية النشاط الثقافي وتوفير الفضاءات الثقافية وتشجيع الطلبة على الانخراط في النشاط الثقافي في المحافظات.
ويجب أن نستعين بنظم تقويم سهلة التطبيق وقادرة على تأمين الاستخدام الأمثل للوقت والموارد. وهناك مستويات الدقة في المعلومات التي يتم الحصول عليها فنياً وأن ترتبط الاستنتاجات منطقياً بالبيانات، وتوجد مستويات لتقويم البرامج فلابد أن تخدم احتياجات المستخدمين للمعلومات، وأن تضمن أن يكون التقويم واقعياً وبعيد النظر واقتصادياً. كما أن هناك مستويات تقييم المنفعة التي توجه عمليات تقويم التعليم العالي أحياناً لتكون مزودة بالمعلومات الضرورية وفى وقتها المحدد وتكون محصنة بسلطة التنفيذ أيضاً.
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن