التعلم التنظيمي

عاهد جمعة الخطيب
ajalkhatib@just.edu.jo

2022 / 4 / 2

يعتبر التعلم التنظيمي تلك العملية التي توظفها المنظمات والمؤسسات من اجل تحسين قدراتها الكلية وتطوير ذاتها وتفعيل علاقاتها مع البيئة والتكيف مع ظروفها الداخلية والخارجية (الكبيسي، 2004), وهو نوع من انواع لاختيار والمراجعة المستمرة للخبرات بحيث تتحول الى معرفة بيد المنظمة لتستخدمها في تحقيق الاهداف الرئيسة (Senge, 1990) ، وفي دراسة اجراها (السالم، 2005 ) فقد عبر عن رايه والذي يتضمن اعتبار أن التعلم التنظيمي جهد متواصل تمارسه المنظمة من أجل بناء المعرفة وتنظيمها وتحسينها بهدف الوصول إلى معانٍ مشتركة يمكن الإفادة منها في حل المشكلات التي تواجهها. واما (الكساسبة، 2010 ) فقد اوضح بأن التعلم التنظيمي يمثل قدرة المنظمة على اكتساب التبصر والفهم الدقيق بالاعتماد على عدد من العوامل كالخبرة والتجربة والملاحظة والتحليل والرغبة في فحص كل من تجارب الإخفاق والنجاح. وأما (عبد الرحمن، 2009) فقد نظرت الى التعلم التنظيمي على انه عملية متكاملة تبدأ بإحداث تغيير على المستوى الإدراكي, كي يتغير السلوك فيما بعد.
وبناء على ما تقدم, فان عملية التعلم التنظيمي تعتبر احدى اهم العمليات التي تعتمد عليها المنظمات وذلك من خلال تركيز الباحثين على دراسة الآليات التي تعكس تعلم الأفراد والفرق وتعلم المنظمة، إِذ تعتمد فعالية منظمة التعلم على مدى نجاح هذه العملية في مختلف المستويات الفردية والجماعية والتنظيمية. وما يبرر التعلم التنظيمي ما يصاحب الحياة العصرية من تسارع معرفي, والتغيير في تقنيات التعلم وأساليبه ، والمنافسة الشديدة، والتغيير السريع والتواصل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الذي يتطلب تغييراً في مطالب الناس سواء كانوا عاملين أم متعاملين مع هذه المنظمات وتغيير أذواقهم وطموحاتهم وقيمهم (الكبيسي، 2004 ). ومن المبررات الاخرى للتعلم الدور الذي يلعبه في تعزيز الاتجاهات والقيم الإيجابية وتدعيمها وتوظيفها وترجمتها إلى سلوكيات رائدة وقدرات مبدعة ونشر المعرفة وتبادلها بين الأفراد والجماعات العاملة في المنظمات (ديوب, 2013). ويمتاز التعلم التنظيمي بعدة خصائص منها: التفكير الجماعي، وايجاد مهارات جديدة للتعامل مع المتغيرات البيئية، و تكييف للحاجات والدوافع والمصالح التنظيمية وقيم العاملين في المنظمة. ومن مميزاته الاخرى انه عملية مستمرة تلقائية تراكمية تمثل نشاط المنظمة وثقافتها (ديوب, 2013).
أنواع التعلم:
وصف الباحثون والخبراء انواعا من التعلم التنظيمي نبينها فيما يلي:
- علم معرفي، يمتاز باكتساب مهارات جديدة، يكون الهدف منها التكيف (Pedler, 1995).
- تعلم `, ذو طبيعة فردية، او جماعية، تنظيمية .( Senge, 1990)
- تعلم بيئي) يعنى بإعداد المنظمة مع البيئة الخارجية(،تعلم تشغيلي) يعنى بالتعليم داخل المنظمة(، تعلم استراتيجي) يعنى بقيادة المنظمة عن طريق استغلال الفرص المتاحة والتوجه نحو استثمار أفضل لصالح المنظمة (ديوب, 2013).
أنماط التعلم التنظيمي
حدد الباحثون عدة انماط للتعلم التنظيمي نستعرضها في هذا الجزء.
- التعلم مفرد الحلقة: التعلم مفرد الحلقة يحدث عادة عند اكتشاف الخطأ في المؤسسة او المنظمة بحيث يتم تصحيح الخطأ دون تفسير جدي لما حدث (Senge, 1990) بينما يعتقد الباحثان (Hayes and Allinson, 1998) ان التعلم مفرد الحلقة يؤدي الى فعل الأشياء بطريقة أفضل، وهو يعتمد تعلم السلوك ويعتبر اسلوبا جيدا للمنظمات بطيئة التغير.
- التعلم مزدوج الحلقة: التعلم مزدوج الحلقة يهتم ببحث الاسباب التي ادت الى حدوث الفعل او التصرف. فهو لا يركز على بحث الحقائق الملموسة وإنما أيضاً على الأسباب والدوافع التي ادت الى حدوث هذه الافعال او التصرفات. وهو بهذا يهتم بفعل الاشياء بطريقة مختلفة كي تتمكن المنظمة من القدرة على المنافسة الصحيحة (Hayes and Allinson, 1998), وبالتالي فانه تعلم ادراكي. و قد بين (Mumford, 2003 )ان التعلم مزدوج الحلقة من شانه ان التشجيع على إعادة التفكير في المعرفة القائمة، وهذه بدوره يؤدي الى تنمية الإبداع في حل المشكلات بالإضافة الى تطوير الثقافة التنظيمية والسياسات والاستراتيجية ، ومن الجدير بالذكر ان هذا النمط من التعليم يناسب المنظمات التي تعمل في بيئة عمل عالية الديناميكية .
- التعلم ثلاثي الحلقة: يركز هذا النمط من التعلم على الحوار, وتظهر اهميته في حال وجود فرصة لا تستطيع المنظمة استغلالها, او مشكلة لم تتمكن المنظمة من التخلص منها. وقد جاء في دراسة (السيد، 2008) أن التعلم ثلاثي الحلقة يقوم بمواجهة الافتراضات التقليدية التي تمتاز بعدم القدرة على تحقيقها، وبالتالي فإن هذا النمط من التعلم يقوم بتغيير الافتراضات حول كيفية طريقة إنجاز الأمور، و يمتاز التعلم ثلاثي الحلقة بالتركيز على عملية التعلم في المنظمة، فهو يمثل قدرة المنظمة على تنمية قدرتها على التعلم وتطويرها، وهو من الانماط الاكثر فعالية، وتعتبر التغذية العكسية متطلبا مستمرا ويجري التركيز فيه على الأمد الطويل (winterton and winterton, 2000) ومن الجدير بالذكر ان هذا النمط يركز على الجوانب الاستراتيجية بالمنظمة وهو فعال ويقوم على المبادرة ويتطلب التغذية العكسية المستمرة، وجوهره عملية التعلم في المنظمة والعمل على تحسينها، فهو مبادر يهدف إلى استغلال الفرص ) عبد الرحمن، 2009).
طرق التعلم التنظيمي
تتألف من مجموعة انشطة رئيسية يمكن للمنظمة ان تتعلم من خلالها و تشكل مصادر هامة للتعليم التنظيمي, التي تشكل مصادر للتعلم التنظيمي، وقام عدد من الباحثين بتحديد عدة طرق هامة (Carvin, 2003) و (Ulrich and Smallwood, 2004) و ) عبد الرحمن، 2009):
- التعلم من خلال القياس المرجعي: تقوم المنظمة بعملية التعلم من خلال محاكاة تجارب المنظمات التي تثبت نجاحها وذلك عن طريق الفحص الدقيق لكيفية عمل الاخرين، وفي مرحلة لاحقة تتبنى المنظمة تلك المعرفة وتكييفها بما يتلاءم معها.
- التعلم من خلال الأسلوب العلمي في حل المشكلات: ان تبني الاسلوب العلمي لحل المشكلات الطارئة يعد طريقة فعالة لحل المشاكل، فالمشكلات بحد ذاتها هي مصدر لحصول المنظمة على المعلومات فاتباع المنهجية العلمية في حلها يعد طريقة فعالة في تعلم المنظمة.
- التعلم من خلال الإفادة من تجارب النجاح والفشل للمنظمة: يمكن الاعتبار بأن كلا من التجارب الفاشلة مصدرا هاما للتعلم التنظيمي كما هو الحال في التجارب الناجحة، فبالنسبة إلى التعلّم من الخطأ يعتقد بعض الباحثين أن الفشل وسيلة ناجعة من اجل التعلم التنظيمي الفعال والتكيف.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن