التطرف في الصحف الإلكترونية العربية (6)

عاهد جمعة الخطيب
ajalkhatib@just.edu.jo

2022 / 3 / 24

2.8 التطرف والإعلام
يرى البعض أن العلاقة بين الإرهاب والإعلام هي علاقة تكاملية ، حيث إن الانتشار الهائل لوسائل الإعلام . من إذاعة ؛ وتلفزيون ؛ وصحافة ؛ وشبكات الأقمار الصناعية؛ قد خدم الإرهاب في معظم الأحيان خدمة خطيرة ؛ لأن وسائل الإعلام تسعى إلى تغطية الأحداث الإرهابية التي يصحبها العنف ؛ وهذا ما شجع على اللجوء إلى الإرهاب بوصفة وسيلة من وسائل الدعاية . يحدد الباحث الأمريكي (Lockyer, 2003) هذه العلاقة التكاملية في الإعلام على النحو التالي: [ الإرهاب يستخدم الإعلام كوسيلة لإيصال رسالة, والإعلام يستخدم الإرهاب كمصدر للأخبار المميزة].
وكتب الباحث الأمريكي ليكيور Laquer, 1976)) : [ وسائل الإعلام هي أفضل صديق للإرهابي . الإرهاب لوحده لاشي ؛ والنشر أحد وسائل الإعلام هو كل شي]. وأما الباحث ابراهام ميلر (Miller, 1982) فقد وصف العلاقة بين الإرهاب والإعلام في الولايات المتحدة:[ يعتمد الإرهاب على شدة الانتشار؛ ويحتاج الإرهابيون إلى لفت انتباه الناس؛ ويحتاج الصحفيون إلى الأخبار]. فالمنظمات الإرهابية تريد أن تقدم عروضا خاصة بها ، والإرهاب هو دعاية من خلال العنف؛ بتوظيف كافة الوسائل للتعبير عن الرسائل التي يتنباها الإرهابيون. وأضاف جنكز (1997) أن الإرهابيين يريدون أكبر قدر من الناس يتابعون ويشاهدون هذه العمليات ؛ وليس أكبر قدر من الناس يقتلون ، ولكن كلما زاد عدد الضحايا ؛ كان هناك التفات أكبر إلى الموضوع أو القضية . كما أن الثورة والتقدم الهائل في الاتصالات زادت من أهمية وسائل الإعلام، بل مكنت الإعلام من الوصول إلى أي مكان ؛ وفي أي وقت من خلال البث الفضائي المباشر الذي لا تقف في وجهه الحواجز ؛ أو الحدود الجغرافية ؛ أو القيود الثقافية ؛ وهذا ما يحرص عليه الإرهابيون من خلال تغطية عملياتهم الإرهابية ؛ وإيصال صورهم ومطالبهم بوسائل الإعلام المختلفة إلى كل إنحاء العالم . ويعطي الإرهابيون أهمية فائقة لوسائل الاتصال الجماهيري بمختلف أنواعها . كما يستخدمون وسائل الاتصال الإلكتروني ( الهاتف ؛ الجوال ؛ والفاكس ؛ والهاتف الذي يعمل عبر الأقمار الصناعية ؛ والإنترنت ؛ والبريد الإلكتروني ..الخ ) وذلك من أجل إقامة صلة مباشرة مع الجمهور المحلي والعالمي . يشكل التوظيف الإعلامي للعملية الإرهابية هدفًا لا يقل أهمية عن نجاح العملية لإرهابية ذاتها . ولذلك يحرص الإرهابيون على الاهتمام بالبعد الإعلامي في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ والدعاية . فهم يسعون للقيام بعمليات في أماكن معروفة وحساسة وذات دلالة وأهمية ؛ وتتركز فيها الخدمات الإعلامية ؛ وعلى مرأى ومسمع الجماهير . كما يختارون شخصيات معروفة ومشهورة يهتم بها الإعلام والناس . يحرص الإرهابيون على إذاعة عملياتهم ونشرها ؛ ويخططون لأن ترافق كل عملية حربٌ دعائية ؛ تنطلق من العملية ودلالتها ؛ وتستند على العملية ومغزاها ؛ ولكنها لا تسعى لان تحل محلها . لذلك يرى الإرهابيون أن تنفيذ العملية أمر مهم جدّا ؛ نظرًا لأنه يعكس قوة الجماعة الإرهابية ومقدرتها على توجيه الضربة في المكان الذي تريد ؛ وفي الوقت الذي تريد ؛ وأن هذا يعكس ضعف السلطة ؛ كما يعكس عجز الأجهزة الأمنية وارتباكها وفشلها في مواجهة الإرهابيين . ويرى الإرهابيون أن نشر العملية وتغطيتها بشكل مكثف في جميع وسائل الإعلام الجماهيري المحلية والعالمية مسألة مهمة أيضًا ؛ لأنها تنقل رسالة الإرهابيين إلى الجماهير ؛ وتنشر أفكارهم ؛ وتؤدي تراكميًا إلى ابتعاد الجماهير عن السلطة وربما تعاطفهم لاحقًا مع الإرهابيين .
ويسعى المتطرفون إلى تحقيق الأهداف التالية في استخدامهم لوسائل الإعلام :
1- الإعلان عن قضيتهم وأهدافهم .
2- تشويه صورة السلطة والدولة .
3- إشاعة الخوف والذعر في قلوب المواطنين .
4- تصعيد التوتر في البلاد .
5- الحصول على مكاسب مادية أو معنوية (الزهراني، ٢٠٠٢ م: ص ٢٥ )
6- من أهم ما يسعى إليه الإرهابيون من خلال عملياتهم الإرهابية هو الحصول على النشر والترويج من خلال وسائل الإعلام ، ولن يتمكن الإرهابيون من الحصول على هذا الظهور الإعلامي دون صناعة أحداث وعمليات تستدعي اهتمام وسائل الإعلام.
7- يسعى الإرهابيون إلى استمالة وسائل الإعلام للتعرف على الدوافع التي تقود الإرهابيين إلى الشروع في عملياتهم ، وتحاول المنظمات الإرهابية أن تؤكد أن العمل الإرهابي هو مجرد وسيلة من أجل هدف وغاية أخرى تتمثل في مطلب العدالة أو الحق أو الشرعية.
8- تحاول المنظمات الإرهابية امتلاك الشرعية من خلال تقارير وتغطيات إعلامية تؤسس لشرعية الهدف الذي تسعى له هذه المنظمات .
9- تريد المنظمات الإرهابية معرفة تطور الأحداث في الميدان خلال العمليات الإرهابية ، وتهدف إالى التقييم والمتابعة وربما من أجل الحصول على الدعم المطلوب التي قد تحتاجه الفرق الميدانية .
10- تريد المنظمات الإرهابية من وسائل الإعلام التركيز على حجم الخسائر الكبيرة التي لحقت بالحكومة والأضرار الجسيمة التي نتجت عن العمليات الإرهابية ، وخاصة الأضرار النفسية ؛ من ترهيب ؛ وتخويف للسياح ولرؤوس الأموال وغير ذلك (القرني، ١٤٢٦ ه).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن