عشتار الفصول:12428 النصوص الدينية في قراءات ٍ واقعية

اسحق قومي
ishak.alkomi@ok.de

2022 / 3 / 15

.
إذا كانت الأديان ستفرق بين أبناء المعمورة فقريباً ستنهار كالجبال الثلجية.
من أولى المهام الإنسانية والأخلاقية تفسير للنصوص الدينية برؤية حضارية وواقعية.
إنّ الظروف التي نعيشها اليوم في عالم أضحى كقرية صغيرة ولكنه عالم يضجّ بالتطور والتقدم والمكتشفات التي أقول لوــــ قام أحد الذين ماتوا قبل مئة وخمسين عاماً ـــ وتمكنا من أن نسأله ماذا ترى ؟ لقال لنا هذه خرافة وهذه الحياة ليست كما التي عشتها أنا ومن كان معي.ومن هذه الجزئية أود أن أنتقل للقول إنّ ما كان جائزا بالأمس لم يعد اليوم موجوداً أو مقبولاً والمعضلة الحقيقية هي في فرض آراء سبق عليها الزمن بألفي عام وأكثر أو أقل.لهذا علينا أن نتعاون بكلّ إرادة وتصميم وإيمان بأن نُنجز مشروعاً كاملاً وعاماً وشاملاً لقراءة النصوص الدينية من جديد بغية أن تتناسب مع كل مايحيط بنا من عالم مختلف للثقافات والقيم والقراءات والمخترعات والمكتشفات.
إنّ ما أقوله هنا لايعني أنني أسخر من أي معتقد كان ،ولا أزدري أي دين كان ،ولا من طبعي أن أشتم أي آلهة كانت. إنما أرى أنه حان الوقت لنتخلى عن عبادة صنمية للنصوص الدينية أو غير الدينية .ففي المسيحية نحن محكومون بأمرين هامين:
آ= التراث الديني الذي هو استمرارية لتراثنا القومي كوننا ننتمي لقوميات مختلفة في المسيحية .
ب= التراث الذي تسلمه الرسل من تعاليم .
وإذا ما عدنا للتراث الديني الذي خالطناه بموروثنا القومي لتأكد لنا أن الأجيال الحالية لم تعد مستعدة أن تُمارس هذه الطقوس لتكون مؤمنة بالله وبروحه القدوس وسيدنا يسوع المسيح الذي جاء وصُلب عوضا عنا ومات وقام وسيأتي كما هو إيماننا من خلال مؤتمر نيقية عام 325ميلادية.
أما ما تسلمه الرسل ؟ فماذا تسلموا ألا يكفي أن نؤمن برسالة السيد المسيح التي لايوجد مثيل لها في العالم( أحبوا أعدائكم...).ألا يكفي من أن أؤمن بصلب وموت وقيامة السيد المسيح من بين الأموات ليكون بكر الراقدين على رجاء القيامة.؟ ألا يكفي أنني أعمل ما أستطيعه من صلاح في سلوكيتي اليومية؟أما ماقاله بولس وبطرس ويعقوب ويوحنا فهل هؤلاء هم من يُقدم لنا المسيحية الحقة؟
لماذا نحجز أنفسنا في أقوال قالها تلاميذ السيد المسيح؟!! لماذا لانقرأ بعقولنا الحالية رسالة السيد المسيح وحياته الأرضية وهدف تجسده ونتبع تعاليمه هو؟!! لماذا نضيع أكثر من ساعتين ونحن نحضر قداسا في الكنيسة السريانية ونخرج ولا شيء عالق في ذهننا مما تلاه القس أو الشمامسة ولا تلك البخور التي تبقى محطات لنا في ذاكرتنا الجمعية.
أينَ نحن من توسيع مساحة الوعظ وحل مشاكل الرعية من خلال موعظة تتناول همومنا اليومية ؟
أين نحن من إشراك المؤمنين في كل نشاط حسي أو حركي أو لفظي ؟
إننا أمام مستحقات لابدّ أن نتعامل مع حقيقة ومعضلة من خلال برنامج يُحققها وإلا نحن أمام ظاهرة تحدث ومفادها هروب وخروج شبيبة وأناس بالمئات من كنيستنا السريانية والكنائس المشرقية مالم نطور في أدواتنا ومواضيعنا ورؤيتنا لجوهر المسيحية لا إلى تراثنا الذي توارثناه عبر ألفي عام. فالتراث لنحافظ عليه ولكن ليس لدرجة أن نقدسه أكثر من المقدس الذي هو الإنسان .
لأنه غاية الديانات. الإنسان والإنسان أقدس من حجارة الهيكل وقد جاءت التعاليم من أجل الإنسان . نحن لم نحفظ الكتاب المقدس عن ظهر قلب لكن نحفظه في معناه العام والخاص ( الحرف يقتل أما الروح فتحي).
أجل أدعو إلى أن نبقي على ما خلفه لنا الرسل ومن قبلهم كمنارات لنا نسترشد بها كتراث له قيمته ولكن عند الحاجة مع تأكيدي على أن ما خلفوه لنا من كتابات ليست هي جوهر المسيحية بالمطلق إن نحن آمنا بالسيد المسيح ( الله الظاهر بالجسد).وآمنا بفداء ه من أجلنا ومجيئه الثاني.
وبالمحصلة المسيحية كتعاليم تفوق الوصف والواقع وتصلح لكلّ زمان ومكان وهي تجسد قمة الإنسانية لكننا نحن من أهمل الجانب المادي فيها لصالح الطوباوية التي تشكل خطراً على المسيحية ذاتها. بعضاً من الأمثلة يبين أننا نحن من أهمل دراسة عمقها المادي فهاكم:
1= التجسد الإلهي بحد ذاته. ماذا يعني؟!!2= الموعظة على الجبل. منها خرج الزارع ليزرع.
3= إطعام الجياع من سمك وخبز.4= شفاء الأعمى بالبصاق والتراب.
5=حينَ أرادوا أن يجربوه قال لهم( أعطوا مال قيصر لقيصر ومال الله لله). فضل أن يسبق ذكر الملك الدنيوي عن الملك الإلهي.
المسيحية بحاجة إلى قراءة جديدة تُستنتج من عمقها المادي وليس اضافات لها لأنها متكاملة.
وأخيراً إذا لم نُطور آلية تقديم المسيحية الحقيقية وليست تلك التي نراها تملأ صفحات التواصل وحياتنا وأقصد الإيمان بالقديسين وأنهم يُجرون أعاجيب ونحن نتفهم مقولة السيد المسيح إن كنا نؤمن به ونعمل أعماله يمكن أن نعمل معجزات مثله وهذه النقطة بالذات أراها غير سليمة لأننا نؤكد على عدم وجوده في العالم والوجود وأنه سرمدي وهو من يعمل وليس نحن كما أن الناس أراهم عبدوا مار شربل ومار جرجس ومار بولص وهلّم .علينا أن نتوقف عن هذه السلوكية التي نُشرك بها عبادة الله . وهناك نقطة أخرى أود أن أخبركم بها بأننا إذا لم نُجدد في طقوسنا الكنسية فسنشاهد الآلاف تخرج منها . كفانا نصور الدين على أنه خطيئة وكلما تحركنا نشعر بالذنب. إنها مقدمات للخروج منه إلى الإلحاد هل وصلت الرسالة؟!! إن لم تصل بعضكم فأننا نسجلها للتاريخ أنكم أنتم من ستُخرجون المسيحية من التاريخ.
أما في الديانة الإسلامية فإني على يقين أن العقل لا يقبل أن تُفرض عليه وهو يعيش في القرن ما بعد الثورات الرقمية أن يقبل بنصوص كتبها أناس قبل ألف عام هؤلاء مانسميهم بأئمة . أجل اجتهدوا يومها ولكنها بالنسبة لواقعنا تُعتبر من السدود العصية التي تمنع الإنسان أن يجتاز ها. لهذا فالضرورة والواقعية والعلمية وحتى الدينية السليمة التي تُعتمد بالإجماع على أن القرآن الكريم هو الأساس ـ على الرغم من معرفتنا بأنه تعرض للعديد من النسخ وحرق . فقضية حرق المصاحف معروفة لدى من له ثقافة بسيطة وهنا لسنا بحاجة إلى اثبات فكتب التاريخ تعج بذلك. المهم أن كتب البخاري وغيره والتي تجمع الأحاديث على اختلاف تسمياتها نرى فيها أهم الموانع على تقدم العقل العربي أولاً والمسلم ثانياً. لهذا كل التعاليم الدينية والخطاب الديني لم يعد ـ ولن يصمد ـ أمام المتغيرات مالم نُخضعه للنقد والغربلة وكتابة ما يناسبنا حالياً.
الجريمة الكبرى إذا اعتقدنا بأن الدين هو ما شرحه أئمة سبقونا.
الجريمة الكبرى إذا اعتقدنا بأن ّ الدين نصوص جاهزة لنعيشها.
لن أدخل في البحث عن بدايات تكوين الدين . إنما أقول الدين جاء ليخدم الإنسان لا أن يُقتل الإنسان من أجل أقوال أناس عاشوا قبل 1000 عام وأكثر. ونؤكد على تفسيراته تلك التي تعود إلى مئات من السنين. الدين هو أن تؤمن بأنك َ أغلى مخلوقات الله وأن الدين محبة وتوادد ومساعدة وتعاون. والدين هو أن نكتمل في إنسانيتنا. وأيّ خطاب ديني يقف عند من يؤمن به وحسب فهو خطاب شوفيني وعنصري
لأنّ الله لايمكن أن يكون لدين دون غيره.ولا يُعقل أن يكون لجماعة دون غيرها .المنطق يقول هذا وليس أولئك الذين غمرونا بحقدهم .الحقيقة لا تُكتمل إنسانيتي إلا بأن أؤمن أن البشر جميعاً هم خليقة الله الواحد أحد. بعضنا يعبده هكذا وبعضنا يعبده من خلال إيمانه بأن الله واحد في ثلاثة أقانيم وهذا أيضاً لايهم فلكل منا رؤيته وثقافته وفلسفته في الخالق . المهم هو أن نؤمن بأننا إخوة وضرورة وجودنا معاً من الأمور الحتمية .
وللبحث صلة. اسحق قومي.14/3/2022م.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن