أحمد سالار أيقونة المسرح الكُردي

نبيل عبد الأمير الربيعي
nabeel_alrubaiy58@yahoo.com

2022 / 3 / 15

عُرفَ عن الكاتب والباحث الأستاذ الدكتور علي محمد هادي الربيعي اهتماماته الجادة في مجال تاريخ المسرح العراقي والعربي، وقد اتاح له تواجدهُ وانشغاله المبكر في الساحة الثقافية أن يَطلّع على خلفيات واساسيات حركة الفن المسرحي عراقياً وعربياً، بسبب تشوقه الدائم للاطلاع وأخذ المعلومة من مكامنها، ومحاولته الدائبة للإسهام في بحوثه ودراساته المتخصصة في مجال المسرح، الذي ما فتأ أن يظهر ملامحهُ منذُ بداياته في العراق.
يتضح من كل ذلك أن الدكتور علي الربيعي لا يستكين إلى منجز بعينه، ولا لحالة تعبيرية محددة، بل تجتذبهُ مساحات التعبير المفتوحة والتي تبقى مسرحاً لرؤياه وتشوقاته، وهذا ما جعل من مسألة انفتاح مجال التوثيق نتيجة اهتماماته. غير أن البحث في ذلك يستلزم جهداً كبيراً وهو ما يصعب الامساك به في زمنٍ عسير، مربك، كهذا.
صدر عن وزارة الثقافة والشباب في حكومة اقليم كوردستان عن مديرية الإعلام والطباعة والنشر في أربيل للدكتور علي محمد هادي الربيعي كتابه الموسوم (أحمد سالار أيقونة المسرح الكُردي)، الكتاب صادر بدعم من حكومة إقليم كوردستان، ذات طباعة راقية خالية من الأخطاء الإملائية والطباعية، وبواقع (400) صفحة من الحجم الوزيري، طبعة مزيدة بالصور والشهادات من قبل الفنانين والأدباء بحق الفنان أحمد سالار. وهو الكتاب السادس والعشرون من مؤلفات الربيعي.
استهل الربيعي الكتاب بمقدمة وخمس فصول وملحق ثبت فيه اسماء المسرحيات التي قدمها الفنان سالار طوال مسيرته الفنية التي تجاوزت أكثر من خمسة عقون (1968-2020م)، وبواقع (102) مسرحية. وتخلل الكتاب مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي كانت معادلاً وثائقياً لا غنى عنها.
والفنان أحمد سالار من مواليد عام 1947م، ولد في كنف أسرة ثقافية في مدينة السليمانية، الكثير من ابناء أسرته اكملوا التعليم الديني الذي كان شائعاً في المجتمع الكُردي شارك ادوار شخصياته بحذاقة عالية، طرق باب التأليف وأنجز كتابة (92) نصاً مسرحياً ونشر 92 كتابا عن المسرح وفن الدراما، وهو أحد المخرجين الذين تركوا لمساتهم الفنية على حركة المسرح الكُردي في اقليم كوردستان، أسس فرقة مسرحية في مدينة السليمانية (فرقة مسرح سالار) واختار الدخول في اكاديمية الفنون الجميلة، رغم تفوقه الدراسي الذي أهلّه لدخول الكليات المهمة، ومع أنه لم يكن يجيد اللغة العربية، إلا أن ذلك لم يمنعه من المشاركة في العروض المسرحية التي كان يقدمها طلبة اكاديمية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بغداد، ونذكر من اساتذته، د.إبراهيم الخطيب، الاستاذ إبراهيم جلال، الاستاذ أسعد عبدالرزاق، الاستاذ جعفر عمران السعدي، الاستاذ سامي عبدالحميد.
وقد اشار الربيعي في الصفحات ص7/10 لشهادات المثقفين والفنانين التي كتبت بحق الفنان سالار، ويعتبر هذا الكتاب هو الثاني الذي صدر عن حياة وأعمال سالار الفنية، إذ صدر الكتاب الأول تحت عنوان (أحمد سالار... رائداً ومؤسساً للمسرح الاحتفالي الكردي المعاصر) للدكتور كمال غمبار الذي طبع في دار الثقافة والنشر الكردية عام 2015م.
ذكر الربيعي في الفصل الأول السيرة الشخصية للفنان سالار ومراحل ترعرعه وتكوينه، أما الفصل الثاني فقد تضمن الأخبار والريبورتاجات الصحفية التي تناولت سيرة سالار ونشاطه التأليفي في فضاء النص المسرحي والتي تجاوزت ستة نصوص، كما وثق الربيعي نشاط سالار التأليفي المطبوع والذي تجاوز (26) نصاً و(97) مقال، وفي الفصل الثالث وثقّ الربيعي المقابلات صحفية التي اجريت مع الفنان سالار والتي نشرت في الدوريات باللغة العربية والتي تجاوزت (23) مقابلة صحفية. أما الفصل الرابع فقد دون الربيعي المقابلات النقدية التي تداولت منجز سالار المسرحي والتي كانت (32) نقد مسرحي، وقد نقل الدكتور الربيعي نص الناقد والمفكر ياسين النصير. والفصل الخامس والأخير تصدى فيه الربيعي إلى استعراض الدراسات البحثية التي غطت النشاط المسرحي للفنان سالار والتي تجاوزت (6) دراسات.
احتوى الكتاب ملحقين، كرس المؤلف أولهما لنص الكلمة التي حملت عنوان "العلاقة العربية الكُردية من المنظور الثَّقافي"، التي ألقاها الفنان أحمد سالار في تجمع للحوار العربي الكردي أقيم في جمهورية مصر العربية عام 1998. والكلمة بقيت حبيسة الأدراج ولم تنشر، وآثر المؤلف نشرها في هذا الملحق حتى يطّلع عليها القراء، وقدم في الملحق الثاني ثبتاً شاملاً بـ"أسماء المسرحيات التي قدمها أحمد سالار طوال مسيرته الفنية" منذ العام 1968م.
والكتاب يعد جزءاً مهماً من تأريخ المسرح الكُردي، لأنه يستعرض سيرة الفنان أحمد سالار الذي وضع بصمته الواضحة في الفضاء الإبداعي الفني، وما قدمه من إسهامات وتأليفات نصية في مجالي التمثيل والإخراج، وما جاد فيه على طلبته في الدرس الأكاديمي من فيوضات علوم المسرح.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن