الأزمة الأوكرانية والتبعيّة الغذائية للبلدان العربية والمغاربية !

حميد طولست
hamidost@hotmail.com

2022 / 3 / 10

لم تكتفي الأيام الأولى من الحرب الروسية الأكرانية بفضح مدى ما يضمره العقل الغربي الاستعماري من مشاعر التمييز العنصري والعرقي تجاه غير الأكرانيين ، والذي تجلت صوره المخجلة في التعامل والاإنساني للمهاجرين والطلبة الأفارقة والعرب والمغاربيين ، حتى كشفت ارتداداتها المتشابكة والمعقدة عن عورات " التبعيّة الغذائية" لعدد من البلدان العربية والمغاربية ، التي تُنذر رياحها العاتية بإقتلاع ركائز أمنها الغذائي والتي يصل عددها لأكثر من عشر دول ، وهي حسب التقارير الدولية، مصر والجزائر والعراق والسعودية والسودان والأمارات وتونس والمغرب والأردن ولبنان ، المعتمدِ كلياً على الإستيراد الخارجي من حاجياتها ، التي هي غير قادرة على مواجهة مخاطر إنقطاع الإمدادات الغدائية والسلع الضرورية وعلى رأسها الحبوب ، التي قد يترتب على نقص كمياتها أزمات جديدة في الطعام ، كتلك التي أنتجها تفشي وباء كورونا، الذي كانت نواقيسه تدّق بقوة لتنبيه المسؤولين لمخاطر اعتماد دولهم على الإستيراد بدل الإنتاج في أمنها الغدائي ، ودفعهم للتفكير في إستراتيجيات جديدة لتوفير البدائل الغذائية لشعوبها تحسبا لشح الغداء وتعدر وصول امداداته بسبب كوارث أو حروب قد تداهم البلدان المصدرة ، كما حدث مع اجتياح روسيا لأكرانيا ، والذي أترث تداعياته على الدول المعتمدة في غدائيها على الغير، السياسة التي يصطلح على تسميتها بــ" التبعيّة الغذائية" التي هي النتيجة والخلاصة المأساوية للتبعية السياسية التي تجعل إستقرار المواطن رهينة لاستقرار الدول المصدّرة ، وفريسة لأحوالها ومتغيراتها السياسة ، كما هو حال الدول العربية والمغاربية التي تهدر كلما تعلق بأمن شعوبها الغذائي وطرق المحافظة عليه وديمومته وإستقراره، ويعرضها لأضرار شح الإمدادات الغدائية ، ويؤدي بها للتبعيّة الاقتصادية التي لاتقلّ خطورة وتهديدا عن التبعيّة السياسية، بل تزيد عنها في التبّعات والكوارث، التي أتمنى أن تدفع بالعرب والمغاربيين للبحث عن أستراتيجيات جديدة تمكنهم من الإكتفاء الذاتي من الغذاء ، كما هو حاصل مع الكثير من دول أفريقيا والهند التي تعتمد على نفسها في أطعام شعبها الذي يعادل تعداد سكانه-المليار نسمة- مجموع سكان الوطن العربي ، كما أرجو أن يكون القمح الذي تستهلك منه الدول العربية والمغاربية قرابة 46 مليون طن سنويا أي 25% من نسبة الاستهلاك العالمي ، سببا في توحيد صفوفهم وتجميع قواهم وانهاض هممهم لمواجهة خطر الأمن الغذائي ، الذي فشل فيه محاولات التجميع والتوحيد السياسية التي أغرقها حب الزعامات في متاهات التشرذم والتقسيم المبنية على المصلحية الذاتية أو الإقاليمية التي لا تشبع منها الطبقة الثرية والسياسية الحاكمة في العالم العربي والمغاربي..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن