حضور حركة النهضة، يساوي غياب المشترك الوطني.

عزالدين بوغانمي
Ezdine.bough@gmail.com

2022 / 2 / 20

دون مشترك، ودون اجماع على الأساسيات الكبرى. على قواعد النظام الديمقراطي. على موقع الدين في الفضاء العام. على وحدة الدولة. على المساواة. على التعليم العصري. على وحدة القضاء. على التوجهات الوطنية وعلاقات تونس بمحيطها وبالعالم. دون التفاهم الاستراتيجي الواسع حول هذه القضايا الكبرى، تصبح التعدّدية نوعا من التمزق الذي يضع قوى الشعب وفئاته ضد بعضها البعض. وتصبح الانتخابات صراعا على الوجود، وليس تنافسا سلميا على البرامج. هنا بالضبط يكمن المشكل الأكبر الذي فرِّخ جميع مصائب تونس منذ عشر سنوات. وهنا مربط الفرس.

نحن نبني، أو هكذا اعتقدنا أننا نبني "ديمقراطية" في حضور حركة تدوس على القانون. تستخدم أموال أجنبية ضخمة. تملك جهازا عسكريا مُسلّحا. تُمارس التجسّس والقتل. تُسيطر على هيئة الانتخابات. تسيطر على المجلس الأعلى للقضاء وتتحكم في سير العدالة. تسيطر على وزارة الداخلية. تسيطر على مفاصل الاقتصاد المنظم وعلى مسالك التهريب، وعلى الديوانة ومسالك التوزيع. يعني نحن نسعى لبناء "الديمقراطية" في ظلّ تحكّم حركة تحتلّ الدولة ولا تؤمن بقواعد النظام الديمقراطي. بل هي لا تؤمن بالدولة أصلا، ومستمرّة في تخريبها وإضعافها. وهذا ما جعل كل الانتخابات السابقة تجري ضمن إطار متوتّر عنيف، تتمتع فيه حركة النهضة بالتمويل الأجنبي الضخم، وبالتنسيق المخابراتي. وبقية القوى السياسية تتقدم في كل مرة لشرح برامجها داخل هذا الوضع المختل وفي ظله وعلى أرضيته.

بالمختصر المُفيد، نحن إزاء تنظيم أخطبوطي مارق على القانون. له أجهزته الخاصة الموازية لأجهزة الدولة. وله منابه في الإرهاب والتهريب. وله أجنداته الخارجية. وله مفهوم آخر للسياسة وللدولة وللشعب. فهو يستعد لبناء دولة الجماعة لا دولة الوطن، ومجتمع الولاء لا مجتمع المواطنة. ومن أجل ذلك تمت عملية احتلال حقيقية للدولة والإمعان في تكسيرها بشتى الطرق والوسائل الأكثر بشاعة. وهذا ما يُفسّر وصول تونس إلى أسوأ وضع في تاريخها.

إن أي انتخابات في ظل وضع كهذا هي انتخابات شكلية، ستقود حتما إلى المزيد من الخراب. وستنتج مجلسا نيابيا فاسدا، وحكومة مأجورة، مُزيّنة ببعض الأطراف المستعدة للاندماج في هذا الاحتلال، والمشاركة في النهب والمساومة على استقلال البلد.

هذا واقع حال تونس اليوم. وهذه حقيقة "الديمقراطية" التي تتظاهر من أجلها جماعات تُعرِّفُ نفسها على أنها ديمقراطية، وتضع يدها في أيادي ممثلي الكناطرية، وتقف كتف بكتف مع حركة النهضة الإرهابية المجرمة.

كنّا ننتظر قيام جبهة وطنية ديمقراطية على أساس المشترك الوطني وثوابت الجمهورية، تضمّ كل القوى المُجمعة على الدولة، وعلى قواعد النظام الديمقراطي، لِتُشكّل المُعادل الموضوعي الجدّي لهذا الجسم الإخواني الذي تبيّن أنه يقف خارج المشترك، ولا تربطه رابطة بقضية الديمقراطية. وأيضا تقف هذه الجبهة في وجه أيّ محاولة محتملة للانفراد بالسلطة واستبدال نظام الخراب الذي كان سائدا قبل 25 جويلية بنظام آخر معادي للديمقراطية.

مع الأسف الشديد، هذه القوى الواقفة في صفّ حركة النهضة، بعضها مازال يظن أن مستقبله في التحالف معها. وبعضها يظن أنه يستخدمها فيما هي المستفيدة الوحيدة. وبعضها مُرتشي ومأجور. والبعض الآخر، رغم نظافته ونضاليته، عاجز على إدراك شرط توفّر الإجماع على الدولة وعلى قواعد النظام الديمقراطي لكي نبني ديمقراطية. نقول هذا بمرارة شديدة لأن جهل بعض السياسيين، وضعف إيمانهم بالديمقراطية، وعدم قدرتهم على فهم شروط الانتقال الديمقراطي هو شطر أزمة البلاد العميقة والمركبة.

معظمهم لا يفهم أن الخلافات بين حزب العمال وحزب المحافظين في بريطانيا مثلا، أو الخلافات بين الاشتراكيين والديغوليين في فرنسا، لا تتعلق بأسس النظام والدولة، بل بتفاصيل الحكم ووسائل التوصل إلى أهداف القوة والرفاه والاستقرار. فليس هنالك خلاف حول الهوية مثلا، أو حول المساواة، أو حول دور الكنيسة، أو حول تحصيل الموارد لميزانية الدولة. فهذه الأمور جزء من الأسس التي تقوم عليها الأمة، وجزء من قضايا الإجماع الداخلي المحسومة. بل تجري الخلافات، ويجري التنافس بين هذه الأحزاب حول نسبة مساهمة الفئات الاجتماعية المختلفة في هذه الميزانية... حول الضرائب المباشرة وغير المباشرة... حول أولويات مصاريف الدولة... الخ من المسائل المتصلة بتحسين أوضاع الناس والارتقاء بشروط حياتهم. وأما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فمن الوهم تصور وجود خلافات جوهرية بين القوى السياسية في الديمقراطيات الغربية حول الأهداف والمصالح القومية الرئيسية، التي ينبغي تحقيقها وحمايتها.
الخلافات طفيفة، وعادة ما تدور حول الوسائل الأفضل التي ينبغي توظيفها لتحقيق هذه الأهداف وحماية هذه المصالح.

مثال آخر حول الإجماع على الأسس كشرط ابتدائي لبناء نظام ديمقراطي مستقرّ: تذكّروا مثلا الأنظمة الاشتراكية في ما كان يُعرف بالكتلة الشرقية. لم تسقط تلك الأنظمة بالانتخابات بداية تسعينات القرن الماضي، بل سقطت بفعل انهيار الاتحاد السوفياتي الحارس الأكبر لتلك المنظومة. وما أن جلس الفُرقاء للحوار، ووقع ما يشبه الإجماع على إقامة أنظمة ليبرالية- ديمقراطية في تلك البلدان، حتى أعادت الأحزاب الشيوعية تشكيل بنيتها الداخلية، وتعديل خطابها تناسبًا مع الأوضاع الجديدة، لتصبح جزءاً من الإجماع الوطني. ولو أن الأحزاب الشيوعية لم تقتنع بضرورة الإجماع على قواعد النظام الديمقراطي، لتحولت إلى حركات مسلحة ضد الدولة، ولما كان هناك ديمقراطية وتداول سلمي على السلطة، ولما كان هناك استقرار.

مثال ثالث، منذ أن انفجرت قضية إيرلندا الشمالية في ستينيات القرن الماضي، شهدت المقاطعات المضطربة سلسلة من الانتخابات البرلمانية المحلية، ولكن أياً منها لم تنجح في وضع نهاية للعنف أو التوصّل لحل سلمي بسبب الخلافات العميقة حول المسائل الكبرى التي يدور حولها الصراع. فكان على إيرلندا الشمالية أن تنتظر عقودا من الزمن، وتدفع فواتير وخسائر كبرى، إلى أن توصلت أطراف النزاع المختلفة إلى اتفاق شامل حول أمهات القضايا التي يؤسس الإجماع حولها للاستقرار الدائم. ويفتح الباب أمام عملية سياسية وانتخابات لها معنى وتنفع الناس.

هكذا يتبيّن من خلال التجارب الحية للشعوب، أنه من دون تحقيق الإجماع حول الأساسيات، لا يوجد استقرار، فما بالك بالديمقراطية. هذه المسألة هي عنوان أي حلّ في المستقبل، ومع ذلك يخلو الخطاب السياسي في تونس من هذه المفردات على نحو لافت للانتباه. وكأنّما تُبنى الدّول بالفوضى والعبث والانقسام. وأُرجّح أن سبب ذلك هو الجهل المُخيف الذي تُعاني منه هذه الطبقة السياسية المعطوبة.

ّإن ظنّت القوى المتحالفة مع حركة النهضة اليوم، أن انتصارها سيؤدي إلى إصلاح حقيقي، وإلى ترسيخ مؤسسات الحكم الديمقراطي، فهي واهمة، لأن هذه الحركة، بحكم طبيعتها المتطرّفة المافيوزية، ومن خلال التجربة، ليست مهيّأة ليشملها الإجماع. فهي لا تفرق بين فقه حكم الدول، وفقه حكم الجماعات. ولا يمكنها أن تكون شريكا وطنيا ومنافسا سياسيا ضمن قواعد العملية الديمقراطية. وإنما ستظل تسعى للسيطرة على الأمن والقضاء والإدارة ودور العِبادة لخدمة مشروع يتناقض جوهريا مع الديمقراطية. وبفوزها في الانتخابات والحالة هذه، سيستفحل الانقسام السياسي ويزداد عمقاً، وقد يتحول إلى عنف بين المعارضين لهذا السّرطان الداخلي وبين المتواطئين معه. وسيكون على الشعب التونسي أن ينتظر السنوات الطِّوال وربما عقوداً، قبل أن يأمل في إعادة بناء الاستقرار.

البعض سيقول بأن هذا خطاب مفعم بالعداء لحركة النهضة. وهذا غير صحيح، فقبل 2011 كنت من المدافعين عن فكرة احتواء الاسلاميين وتوريطهم في النظام الديمقراطي بدل إقصائهم. ولي حوارات وكتابات منشورة في هذا الاتجاه. ولكن دروس الحياة أصدق من كل النظريات. فبعد تجربة السنوات العشر الماضية، لم يعد لي أيّ شكّ في أن حركة النهضة خطر حقيقي على تونس. وأنتم تلاحظون، هذه الحركة ليس لها سياسة واضحة ولا خطاب متماسك، ولا حتى حدّ أخلاقي، على أساسه يمكننا أن نرسم حدود الالتقاء والخلاف مع قادتها، حتى أنك لا تستطيع وضعهم في أي خانة فكرية أو سياسية. فهم يرفضون فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية على طريقة السعودية وإيران، فتجدهم يهاجمون نظام تلك الدول، وهم أيضاً يرفضون فصل الدين عن الدولة. ويهاجمون أنصار الدولة المدنية ويكفّرونهم. ويهاجمون القومية العربية لاعتزازها بالانتماء للعرب. ويتهمون من يقف معها على أنه خصم للإسلام. وينادون بالجهاد ضد اليهود، وفي نفس الوقت يعارضون تجريم التطبيع. وهاهم إخوتهم في المغرب الأقصى سقطوا بسبب توقيع زعيمهم اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني. ولو قلت لهم بأن سياستكم ليبرالية، لرفضوا ذلك التوصيف، لأن الليبيرالية حسب رأيهم غربية، ومنبتها مسيحيّ وتتعارض مع الإسلام. وهم يدّعون رفض تطبيق فكرهم بالقوة كحال حركة طالبان وداعش والقاعدة. وفي نفس الوقت يرفضون فكرة الاكتفاء بالدعوة للمعروف والنهي عن المنكر كجماعات الدعوة والتبليغ وغيرها. ويدّعون أنهم فصلوا الدّعوي عن السياسي، وفي ذات الوقت يسيطرون بشكل مطلق على المساجد من خلال تعيين أيمة وخطباء منتمين للحركة. بحيث احتار الناس في هذه الفوضى العقلية التي يعاني منها حزب حركة النهضة، والحقيقة أن هذه الفوضى ناجمة عن التناقض الكبير بين مشروعهم وبين قواعد النظام الديمقراطي. فمن جهة لا يمكنهم الإفصاح عن عدائهم للديمقراطية مثلما يتجرأ على ذلك إخوانهم في أنصار الشريعة وتنظيم داعش. ومن جهة أخرى ينتبهون كل يوم إلى أن أفكارهم لا تتلاءم مع الدولة وقوانينها، ولا مع الإدارة ومواريثها. وهذا ما دفعهم إلى التحول إلى عصابة إجرامية في علاقة بالتخريب المُبيّت الذي عصف بالإدارة. تحولوا إلى عصابة بأتم معنى الكلمة. وهذا بالضبط ما سهّل رفض المواطنين لسياستهم، وعجّل بِسقوطهم في كل مكان.

لكل ما سبق، وبناءً عليه، يتعين على حلفاء حركة النهضة أن يقتنعوا أن هذه الحركة سقطت من ضمائر الناس. سقطت سقوطا مضمونيا منذ مدة. وقريبا ستسقط كفكرة عدوانية، وكحزب فاسد يقوده رجل إرهابي. ستسقط لأن الإسلام بريء منها، ولأن أفكارها وسياستها برّانية على تونس. وليس سياسيا فطنا من لم يُدرك أن مشروع الإسلام السياسي تكسّر في القاهرة، وسينتهي في قرطاج.

سينتهي هؤلاء الناس لأنّهم لا يؤمنون ب"الشعب" و"الحدود" و"الأرض" كمفاهيم جوهرية في قيام الدّول الحديثة. ولقد انهزم الإسلاميون من قبلهم في كل مكان، لأنهم لم يفهموا الفارق المهول بين الدولة السلطانية التقليدية والدولة الحديثة. فلم يدركوا مثلا أنه من باب المستحيل أن يستمرّوا في الحكم دون الاستجابة لاحتياجات الناس المادية، ودون احترام احتياجاتهم المعنوية وحميمياتهم الحياتية الخاصة. وأن هذه الأمور هي جوهر مواريث الدولة الحديثة، وهي بالتالي مبرّر تحرّك المجتمع العميق ضدّ الإسلام السياسي لإسقاطه مهما كان الثمن.

نعم، سينتهي راشد الغنوشي لأنّ الوطن أوسع وأعمق وأكبر بكثير من مجرّد حقيبة دولارات قادمة من الخارج، وأعلى من مجرد كُرسي و"غنيمة" مُلطّخة بالخيانة.. إن الوطن هو الأرض والناس ومصير الأجيال القادمة.

إنهم متوتّرون، وخائفون، وغير مطمئنّين بسبب جرائمهم التي باتت تُحاصرهم علنًا. وبسبب إحساسهم بكونهم استولوا على بلاد ليست بلادهم، وسفكوا فيها دماء غزيرة. وإلا ماذا يعني حزب في السلطة بين يديه الحكومة ومالية الدولة والجيش ومؤسسة أمنية عملاقة وسجون وقانون، وفي نفس الوقت يملك جهاز سرّي يشتغل خارج الدولة!؟
هل يعرف حلفاء النهضة سرّ الجهاز السري؟
إنه جزء أساسي من عقيدتهم السياسية. فهذا يندرج ضمن مبدأ أساسي في تنظيم الحركة: "المعسكر أو المخيم". وتُعدُّ المعسكرات امتدادا وتطبيقا لنظام الجوالة الذي يهدف إلي التعبئة والتربية والتدريب وإكساب "الإخوان" مهارات قيادية وجدية وتعويد المشاركين في المعسكر على ممارسة الحياة العسكرية الخشنة والصبر والإلتزام ، على اعتبار أن الحركة في حالة حرب إلى غاية إقامة دولتها المُتخيّلة. وقد تُعلن تونس كأرض حرب كلما اقتضى الأمر ذلك. والمخيّم لغير الطلبة وتلاميذ المعاهد يدوم من يومين إلى ثلاثة أيام، وللطلاب أثناء العطلة من إسبوع إلي الصيف كله. وهذا ما يُفسّر حالة الهلع والهلوسة التي تُصاب بها قيادة النهضة، كلّما طُرِح احتمال خروج وزارتي العدل والداخلية من تحت قبضتها.

باختصار، لم تشهد تونس تجمُّعا إجراميا على هذه الدرجة من الاستعداد للخيانة، مثلما هو حال الغنّوشي وجماعته الضيّقة. إنها وحدة مافيوزية، بلا رؤية ولا عقيدة. وحدة منفعة، هدفها قائم على تخريب الدّولة من الدّاخل، وكسر كلّ الخصال الاجتماعية الحسنة. بحيث يتعذّر التّعامل مع هذه العِصابة كحزب سياسي، أو التحالف معها بسبب وُقُوفها خارج المشترك الوطني وخارج الإجماع على الدولة. لذلك، تُعتبر مواجهة هذه الأقلّية المُنحرفة وإسقاطها، عمل وطنيّ وأخلاقي يهدف لِحماية البلاد من الانهيار، وشطب مرض خطير يُهدّد الشّعب في وُحودِه.

حيثما ولّيت وجهك بحثًا عن بقعة ضوء في تجربة حكم هذه العصابة، لا ترى إلّا المآسي والدم والأيتام والبطالة والجوع والدموع. ستسقط العصابة التي أمرت بإطلاق الرصاص على خيرة ما أنجبت تونس. ومهما ناور راشد الغنوشي، ومهما هبّ له الطّامعون لِنجدته، فإنّ إزاحتهم من السلطة باتت أمرًا مقضيًّا.

الغريب والعجيب هو نفاق "الديمقراطيين" وتظاهرهم ضد مسار 25 جويلية على اعتباره "انقلاب على الديمقراطية". وهم يُدركون أنه انقلاب على الانهيار الاقتصادي. انقلاب على أزمة اجتماعية هزّت البلاد بمدنها وأريافها. انقلاب على أزمة صحيّة كادت تتُبيد شعبا بأسره لولا تدخل الجيش. انقلاب على الجهاز السرّي. انقلاب على خراب عام شمل العقول والمرفق العمومي ودواليب الإدارة ومصالح الناس. انقلاب على قضاء متعاون مع الجريمة. انقلاب على انخرام مؤسّسات الدّولة الذي بلغ حدّ التحيّل والعبث بالوزارات وتوزيعها على نحو صبياني يدعو للبكاء...

ردّا على هذه الحصيلة، ومن وسط الهاوية تكلم الشعب وانتفض يوم 25 جويلية 2021. واستغل رئيس الجمهورية ذلك، ليُحوّل انفجار الشارع إلى إجراءات استثنائية هدفها المعلن إصلاح الأوضاع وتصحيح المسار.

يُخطئ الغنوشي، هذا الرجل القبيح، وحُلفاؤه المتباكون عن "الديمقراطية" حين يتصوّرون أنّ جرائم تخريب الاقتصاد، وتخريب مؤسّسات الدّولة، وجرائم الاغتيال والأعمال الإرهابيّة هي مسائل بسيطة ستُحفظ في أرشيف المحاكم، أو تسقط في النّسيان. ويُخطِئُ هؤلاء الذين ينظرون إلى الأمور بعين واحدة، هي عين منافعهم الصغيرة التافهة

التوانسة اليوم بغالبية ساحقة يُساندون الرئيس في مسعاه لضرب الفساد وإخراج البلاد من قبضة هذه العصابة. وليطمئن الجميع، لن يسيروا وراءه إلا لتحقيق هذه الأهداف وبناء ديمقراطية حقيقية. ولن يُساندوه على نحو أعمى، أو خارج تلك الأهداف التي هبّوا من أجلها ذات 25 جويلية.

مازلت، وسأظلّ مؤمنا إيمانا عميقا أن إخراج تونس من الهاوية لا يتم بالتحالف مع من أوقعها في الهاوية. بل بمحاكمته محاكمة عادلة. ثم التنادي لحوار وطني يضمّ الجميع، تقوده نخبة البلاد الفكرية، ينتهي بميثاق وطني دائم، يؤسس لدولة وطنية ونظام ديمقراطي مستقر في خدمة المواطنين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن