-جرائم الشرف- ام جرائم العار واللاشرف؟!

امير حويزي
tgmacs@gmail.com

2022 / 2 / 8

-جرائم الشرف- وصمة عار على جبين مرتكبيها

مجموعة من نشطاء عرب الاهواز التقدميين (عاتق)

شهد اقليم الاهواز في الامس جريمة مروعة هزت الشارع والضمير العربي والايراني ايضا والتي كان ضحيتها فتاة اهوازية تدعى منى حيدري ذات ال 17 ربيعا. وتأتي هذه الجريمة البشعة ضمن ما يعرف ب "جرائم الشرف" التي ازدادت في السنوات الاخيرة في مجتمعنا الاهوازي. وما زاد من بشاعة الجريمة هو الطريقة التي تمت فيها عملية القتل وتباهي الجاني بعمله الشنيع هذا. إذ قام الاخير وهو زوج الضحية بمساعدة اخيه بذبحها وجز رأسها ومن ثم التجول به في الشارع امام الناس التي صدمت للمشهد غير مصدقة ما تراه امام اعينها.

لا يهمنا هنا حيثيات وملابسات ودوافع ارتكاب هذه الجريمة النكراء بقدر ما تهمنا الاسباب الثقافية والاجتماعية والسياسية التي ساهمت في خلق الظروف المناسبة لحدوثها. لسنا هنا بصدد التقليل من اضرار العادات القبلية و النظرة المتخلفة لبعض الشرائح الاجتماعية في المجتمع العربي الاهوازي تجاه ما يسمى ب "قضايا الشرف" والمرأة، لكن هذه المشكلة المزمنة لها ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة. فقد جاءت على خلفية سنوات طويلة من إذكاء التخلف الثقافي من قبل النظام و التغاضي عن انتشار بل وتكريس وتشجيع العقلية والعادات القبلية والجهل في ظل قوانين مجحفة لا تحمي حقوق المرأة. ويجدر ان هذه الجرائم في الحقيقة لا تقتصر على اقليم الاهواز فقط بل تشمل مناطق اخرى من ايران وخاصة مناطق الاقاليم القومية مثل كردستان وبلوشستان ولرستان وكرمانشاه وغيرها.

ان قوانين ودستور الجمهورية الاسلامية ليست فقط لا تحمي حقوق المرأة من العنف والاضطهاد بل انها تسمح بارتكاب الجرائم ضدها، دون ان تكون هناك قوانين رادعة لمعاقبة الجناة. فوفقا للمادة 302 من قانون العقوبات الاسلامية على سبيل المثال، فان الزوج الذي يقتل زوجته والشخص المرتبط بها في حال تيقن له ان "خيانة" زوجته وعلاقتها الجنسية بالشخص الاخر كانت طوعية، سيفلت من العقاب.

تقول الناشطة الحقوقية الاهوازية عاطفة بروايه طبقا للدراسات التي اجريت في السنتين الاخيرتين، فقد لاقت 60 امرأة على الاقل حتفهن في الاقليم فيما يعرف ب "جرائم الشرف". توضح هذه الناشطة انه بين الضحايا كانت هناك فتيات تتراوح اعمارهن بين 10 و 15 عاما وانه لم يجر معاقبة اي من الجناة، كما ان أسر الضحايا لم يقدموا شكاوى ضد الجناة. واشارت السيدة بروايه كان هناك امل في تغير هذه العادات القبلية لكن بسبب الظروف الاقتصادية والفقر كانت هناك زيادة ملحوظة في عدد الجرائم التي ارتكبت ضد المراة في الاقليم وخاصة في المناطق العربية في السنوات الاخيرة.

في اعقاب ارتفاع اعمال العنف ضد النساء، طالب مرصد حقوق الانسان العام الماضي الجمهورية الاسلامية باجراء تعديلات واصلاح للقوانين وتطبيق اللوائح الخاصة بمنع العنف ضد المراة. يذكر ان ايران هي من بين اربع دول في العالم لم توقع على اتفاقية منع التمييز بكل اشكاله ضد المرأة (CEDAW) للعام 1979.

ان من الاسباب الاخرى التي تؤدي الى زيادة اعمال العنف ضد المرأة هو زواج القاصرات. إذ تسمح قوانين الجمهورية الاسلامية بل تشجع زواج الفتيات اللائي دون سن السادسة عشر، كما جاء على لسان المرشد الاعلى علي خامنئي حين صرح ان رفع سن الزواج يضر بهدف زيادة عدد السكان في ايران. وهناك حالات تم فيها زواج فتيات في الثانية عشر من العمر. وغالبا ما تتم هذه الزيجات بدون ان تكون الطفلة "الزوجة" عالمة بما يجري وبدون موافقتها، ما يتسبب فيما بعد بحدوث مشاكل بينها وبين الزوج حين تصل سن البلوغ وتحاول عبثا الخروج من الحالة الزوجية التي ارغمت على قبولها. حصيلة هذا الوضع الذي يسلب حق المرأة في حرية الاختيار في الحياة هو ممارسة العنف المنزلي ضدها او قتلها ان عارضت او حاولت الهروب كما حدث لمنى حيدري التي بحسب التقارير ارغمت على الزواج من ابن عمها وهي في الخامسة عشر من عمرها.

ان هذه الجرائم المشينة التي يقترفها هؤلاء القتلة اصحاب النفوس المريضة بدافع "الشرف" كما يقولون هي في الحقيقة "جرائم العار" و "جرائم اللاشرف" التي تلحق بالغ الضرر بالقضية الاهوازية وتقوض انجازاتها وتتنافى مع كل القيم والاخلاق العربية الاصيلة والقيم الانسانية. اننا ندين ونستنكر بشدة هذه الاعمال الاجرامية التي يدينها بقوة شعبنا الابي برجاله ونسائه ممن ضحوا ويضحون بالغالي والرخيص من اجل نيل حقوقهم القومية والثقافية والاقتصادية التي يشكل العدل و المساواة بين الرجل والمرأة واحترام حقوقها احد أهم مبادئها وركائزها. كما نطالب بانزال اقصى العقوبات، دون عقوبة الاعدام و القصاص، بحق الجناة وجميع المتورطين ممن خططوا ودبروا وتعانوا ونفذوا هذه الجريمة. 



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن