منال حاميش والواقع المألوف

منال حاميش
manal27769@hotmail.com

2022 / 2 / 8

ماذا لو كنا نعيش في واقع مألوف بعيد كل البعد عن الحقيقة.. الواقع المألوف هو كل ما اتفق عليه مجموعة كبيرة من الناس و آمنوا به على أنه يمثل الحقيقة. يتجسد الواقع المألوف عندما يتفق الجميع حول مفاهيم معينة و ينسى الجميع بأنهم لا يجسدون سوى طريقة محددة من التفكير و ليس الواقع الحقيقي بحد ذاته.. الامر الهام الذي يجب معرفته أن الواقع الحقيقي لا يمكن ان يصنع لأنه موجود أساسا.. لكن طريقة النظر اليه هي التي تصنع فقط.. الواقع المألوف عبارة عن أوهام نعيشها جميعا و ليس بالضرورة أن تكون حقائق ثابتة. جميعنا مخدوعين بالذي نراه بكل ما فيه من قوانين و مظاهر و مفاهيم و ذلك لأننا نعيش أصلا في عالم وهمي غير حقيقي و السبب الذي يجعله يبدو كأنه حقيقي هو أن الجميع اتفقوا على تصديقه.. الأمر الخطير فعلا أن صناعة المسلمات الفكرية هي عملية أو حرفة تدخل في تركيبة الكائن البشري منذ الأزل و من بداية وجوده على الأرض..لذلك نستطيع القول ان المسلمات الفكرية ليست مهمة فقط بل لابد منها طالما الانسان يعيش، في مجموعات بشرية و مجتمعات انسانية يعتمد افرادها على. بعضهم البعض من أجل البقاء .إذا صادفتم في حياتكم مفاهيم غريبة عليكم و قررتم عدم تصديقها أو استبعاد حقيقة وجودها هذا لا يعني أن قراركم هو صحيح بل قد يكون السبب أنكم تحت تأثير الواقع المألوف ورسوخ مفاهيمه و مسلماته عبر الأجيال المتعاقبة هذا يفسر كيف أن الناس عبر التاريخ رفضوا فكرة الطيران الى أن خرج واحد منهم و اكتشف الطيران و توالت صنع الطائرات عبر السنوات الماضية و سافر بها ملايين بل مليارات البشر.. أسباب استمرارية الواقع المألوف عديدة منها..التعليم،التكيف، الاقناع، الدعاية، التحليل و التحريم ووسائل كثيرة لتسويق و حقن الاعتقادات و الأفكار.. لكن يبقى السؤال الأهم من هي الجهة المسؤولة المهتمة بالحفاظ على أفق معرفي محدد. توجه علمي محدد.. و لصالح من.. و من هو المستفيد الحقيقي لهذا الواقع المألوف.. الجواب هو النظام التعليمي من خلال المؤسسات التعليمية هي المسؤولة عن قولبة رؤية الناس و تفكيرهم.. فالمدارس و الجامعات تخرج اناس مهووسين فقط بالدرجات و النجاح للحصول علي. الشهادات الاكاديمية.. فويل ثم الويل لمن يحاول ان يفكر و يخرج عن المألوف او يستنبط شيئا جديدا.. نحن عناصر في مصفوفة بشرية موضوع فيها كل شخص بترتيب معين و قلة فقط من تعي هذا.. أو نادرا ما نجد شخصا قادرا علي تغيير ترتيب المصفوفة أو الخروج منها.. لا أستطيع ان ألقي اللوم في موضوع الواقع المألوف الا على البيروقراطية العلمية الحمقاء فرجال العلم و الأكاديميون هم من يرفضون أي افكار جديدة و يستبعدونها بالمطلق هذا ما نشاهده فعلا عند ظهور اي فكرة جديدة او نظرية جديدة و ذلك لأنهم بعملون ضمن المعلومات التي درسوها فقط وهم موالون للسطات التي قامت بوضعهم في مناصبهم هذا بالإضافة الى رفض الأكاديميين الاعتراف بوجود ظواهر معينة و ذلك لان هناك مجالات علمية كثيرة تعتبر محرمة .. خطوط حمراء ممنوع تجاوزها.. مجالات بحث و دراسة محروسة بعناية فائقة من قبل القائمين علي المنهج العلمي الرسمي.إنها مجالات محرمة حتى علي الباحثين المتخصصين.. فحرية التفكير و الاعلام اكذوبة كبيرة تعيشها الشعوب حيث يعتبرون ان الإنسان حرا في عمله و تفكيره طالما بقي خارج المجالات المحرمة.. لكن يبقى السؤال الأهم الذي يتطلب جوابا سريعا عليه ماذا لو فكرنا خارج القطيع.. خارج المصفوفة هل سنجد واقعا اشد جمالا و نقاءا.. هل نستطيع الوصول الى كامل انسانيتنا و سعادتنا المنشودة.. أسئلة تستحق ان نجد لها اجوبة شافية..أتمنى. ان يمتلك أحدنا تلك القوة السحرية التي تحرره من المصفوفة المرسومة لعله يكون مفتاحا يفتح باب للجميع ليدخلون منه الى واقع حقيقي يجعل أرضنا اكثر محبة و سلاما و نقاءا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن