الصدريون أمام إمتحان صعب:

عزيز الخزرجي
ALMA1113@hotmail.com

2021 / 11 / 29

الصدريون أمام إمتحان مصيري
إما إنقاذ العراق و خلاص الشعب من هيمنة المحاصصة التي خلفت مظالم لا تقل عن مظالم صدام .. و يحتاج هذا إلى مواقف ثورية و وطنية شجاعة لدحر الباطل و إحياء نهج الصدر الذي قتله طلاب السلطة و الدّنيا و الرواتب خلال عقدين تقريباً؛ أو الرجوع إلى خيارات الأطار(التنسيقي) أو شيئ شبيه بذلك .. لترضية الاطراف و عودة المحاصصة لكن بعناوين و أغلفة مختلفة و هكذا لتستمر الامور على ما كان عليه الوضع سابقا ليزداد الفساد و يحترق أخر الآوراق على صخرة الجهل و الأمية الفكرية التي ميّز السياسيّن في العراق.

و في حال ذهاب الصدريين إلى المعارضة ستكون الحكومةُ تحت المِجهَر، وتكون الصفقات بين الفرقاء السياسيين التي تشكلت على أساسها الحكومة في مواجهة حائط الصَّد الصدري في تمريرها وتنفيذها، لاسيما أن الذهاب نحو المعارضة يعني وجود عدد من النواب المستقلين ممكن أن توحّدهم مواقفُ المعارضة مع النواب الصدريين ويشكلون الثلث المعطَّل للاتفاقات التي تحاول الحكومةُ تمريرها في مشاريع الموازنة الاتحادية القادمة. فالمعارضة لن تكون معارضةً ديكورية وإنما معارضة فاعلة تستجوِب الوزراءَ على كلّ شاردةٍ وواردة.

مشكلة التيار الصدري لا تنحصر مع الفرقاء السياسيين، وإنّما مع شارعٍ مُتذمّر لم يعد يثق بكلّ الوعود والخطابات السياسية التي تتبخَّر مع أوّل اختبار حقيقي لِمصداقيتها وتحويلها إلى واقع ملموس، فالصدريون تبنّوا حكومةَ التكنوقراط (المستقلين) في حكومات العبادي وعبد المهدي والكاظمي، وهذه الحكومات استكملت مسيرةَ الفشل والفساد ولم تنتج تغيّراً في إدارة مؤسسات الدولة. ولذلك مسألة الثقة في الدعوةِ لحكومةِ الأغلبية مع أطراف سياسية مؤسسة وشريكة في جمهورية الفوضى قد تكون معركةً متعددة الجبهات، أهمّها الرغبة في إسقاط هذه الحكومة مِن قبل القوى المعارضة، وجبهة الجمهور الذي ينتظر الكثيرَ من الاستحقاقات على المستوى الاقتصادي والخَدَمي. والمعركة الأصعب في جبهة إيقاف تداعيات الفَساد وسوء الإدارة لِلسنوات الماضية. وكيفية تحقيق الانقلاب الوظيفي لِمنظومة الحكم التي أصبحت تقتصر على تحقيق مصالح الطبقة السياسية وإهمال مصالح الشعب.

سواء أكان الصدرُ هو مَن يشكّل حكومةَ الأغلبية أو يذهب إلى المعارضة، فالموضوع لا يقتصر على هذه الخيارات فقط. وإنما بالسلوك السياسي الذي يجب أن يَشرع الصدريون في تغييره، فحكومة الأغلبية لا تعني الاستئثار بالحكم أو تقاسم مغانم السلطة مع الشركاء القدماء-الجُدُد في هذه الحكومة. وهذه الحكومة إذا لم تتشكل على أساس مشروع واضح وخارطة طريق تريد استعادة الدولة وفاعلية النظام السياسي فالذهاب إلى المعارضة أفضل بكثير مِن حكومة أغلبية تتشكل على وفق صفقة يشترط فيها ضمان تحقيق مصالحهم الخاصة وليس المصلحة العامة.

مشكلةُ الصدر قد تكون مع الفرقاء السياسيين الشيعة باعتبارهم المسؤولين عن تسميه رئيس الحكومة, و هذه هي مشكلة أخرى بآلصميم فعلى أي أساس و دين و فكر قسّموا النظام العراقي بين ثلاث فئات بأن تكون رئاسة الجمهورية للكرد و المجلس النيابي للسنة و الحكومة للشيعة؟
و من آلذي قرّر ذلك؟
و هل نجح الأمر لخدمة العراق و العراقيين بعد عقدين؟
هذه مشكلة أخرى ليس هنا محل بحثها الآن, لكننا نريد الآن بيان مسألة تشكيل الحكومة من قبل الصدريين الذين فازوا في الأنتخابات!

فهم آلآن(الإطار التنسيقي) لا يستطيعون الرضوخ لِمطالبته بحكومةٍ أغلبية؛ كونها تعني قبولَهم بشروطِ الصدر التي تهدد مناطقَ نفوذهم وهيمنتهم على الدولة ومواردها ..
ولا هم قادرون على شطبه وتجاهله؛ لأنَّه يمتلك قاعدة شعبية هي الأكبر وسط الشيعة مع المقاعد البرلمانية الأكثر عدداً!

وإذا توجّه(الأطار) نحو المعارضة وشكّل تحالفاً معارِضاً داخل البرلمان واستند إلى سَخَطِ الشارع وتذمّره فإن أي حكومة تتشكل سوف تسقط في أوّل اختبار سياسي لها. ولا هم قادرون على التعامل معه بمنطق المصالح العامة!

لأنَّ الصدرَ في المقابل لا يمكنه الذهاب نحو حكومة أغلبية بشراكة مع أطراف سياسية لا تتوافق معه بالحدّ الأدنى مِن الغاية من هذه الحكومة، وهي تحقيق الإصلاح و حتى محاكمة الفاسدين في الوقت المناسب القادم و كما يرفع شعارَه الصدريون!

فالزعامات الكردية تعوّدوا إلى جانب تقوية دولتهم المنفصلة قلباً و قالباً عن الحكومة المركزية؛ تعوّدوا أيضاً على شراكةٍ مجحفة مع بغداد في مغانم السلطة و تقاسم لإقتصاد الدولة .. لهذا يُصوّتون لِمَن يضمن لهم مصالحَهم و يعطيهم أكثر ولا يهمهم العراق ولا أيّ شيئ آخر و تلك هي مفهوم السياسة و الفكر و آلأخلاق في نهجهم!

أما القيادات السنية التي تصدّرت انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول فهي الأخرى تبحث عن ضمان لتثبيت الواقع السياسي الجديد و بما يضمن توسيع دائرة نفوذها وترسيخ زعامتها و الحصول على المزيد من المناصب الحكومية، و هذا يحتاج إلى اتفاقات ماليّة وسياسية مع الطرف الذي سوف يشكّل الحكومة, و هي الصدريون الذين صمموا على حذف هذا النهج الظالم .. لاعتقادهم بأن المحاصصة هو سرقة حقوق الفقراء لأحزابهم بغطاء قانوني.

لذلك أعتقد أن حكومة مشروع إنقاذ وطني بشروط الصدر قد تكون أهم مِن الدعوة في الوقت الحاضر إلى حكومة أغلبية وطنية بتوافقات يفرضها الفرقاء السياسيون حالياً, كتمهيد لتشكيل حكومة أغلبية وطنية ذات الأغلبية السياسية التي يمكنها بناء العراق و ضماد جروحه التي باتت تشكل خطراً على حياة العراق و مستقبله بآلكامل, فمستوى الوعي ما زال في أدنى درجاته سواءاً لدى السياسيين(الأحزاب و الكتل) أو لدى الشعب عامة, لذلك من الصعب تطبيق القوانين الإنسانية العادلة التي تضمن حقوق المواطن بعيداً عن الطبقية التي دمرت العراق و هذا بات قدراً أحمقاً للغاية و للأسف.
و آلقضية الوحيدة الهامة جداً بآلنسبة للصدريين هو الحفاظ و الثبات على مبادئهم الأساسية حتى بعد تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لخلاص العراق من التحاصص ؛ الثبات و الصمود و التمهيد لحكومة ألأغلبية الوطنية التي هي الأساس و الضامن لخلاص العراق كله و الله من وراء القصد.
العارف الحكيم عزيز حميد مجيد



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن