وجهة نظر من أجل نهوض وتطوير أحزاب وفصائل اليسار الماركسي العربية

غازي الصوراني
cdideology@hotmail.com

2021 / 10 / 8


إن القيمة الأساسية (الفكرية والسياسية والتربوية والعملية )، من دراسة تاريخ الفلسفة ، تكمن في قدرتنا كاحزاب وفصائل اليسار الماركسي العربية على ربط النظرية بالممارسة العملية سواء في إطار التوسع التنظيمي والنضال الجماهيري والوطني والكفاحي أو على الصعيد الاجتماعي والمطلبي المرتبط بالقضايا الحياتية للمواطنين.
إن الالتحاق الطوعي في العمل الحزبي هو شكل متطور للموقف الفلسفي وانتقاله من البسيط إلى الوعي الطليعي .
المهم، الارتقاء بهذا المستوى العفوي –السائد بهذه الدرجة أو تلك حتى اللحظة في معظم أحزاب وفصائل اليسار - لنتخذ موقفاً نقدياً من فلسفتنا اليومية العفوية، بهذا يمكن الانتقال من الامتثال والسلبية إلى الإدراك والوعي والفعل على طريق بلورة الدور الطليعي لاحزابنا وفصائلنا بصورة ملموسة ومتفاعلة مع الجماهير الشعبية على أرضية الواقع الحياتي (الاجتماعي والسياسي والاقتصادي) الملموس، انطلاقاً من رؤيتنا المستندة إلى المنهج العلمي ، المادي الجدلي، وهو المنهج المستند بدوره إلى وجه الفلسفة المادي.
ذلك إن للفلسفة وجهان: الوجه المادي والوجه المثالي: وكل منهما يحاول الإجابة عن المسألة الأساسية في الفلسفة : علاقة الفكر بالوجود أو علاقة الروح بالطبيعة .. إنه السؤال الخالد أيهما أسبق إلى الوجود؟ الإجابة على هذا السؤال تحدد موقفنا مع المثالية أم مع المادية ومنهجها .
المفكر المادي : هو الذي ينظر إلى العالم المحيط بالإنسان (شمس ونجوم وارض وكواكب و بحار وكائنات حية ...الخ) على أنها أشياء موجودة موضوعياً، أي أنها غير مرهونة في وجودها بالوعي البشري، من ناحية أخرى ترى المادية إلى العالم الموضوعي هو عالم سرمدي ، غير مخلوق وانه هو علة وجود الوعي لا العكس (أي انه سبب الوعي ). المفكر المثالي : يقول بأن الوعي (أو الفكر أو الروح أو الإله لا فرق)، هو الأسبق على الوجود إنه ينكر أن يكون وعي الناس انعكاساً للواقع الموضوعي (مثالية ذاتية أو موضوعية).
فالفكر بالنسبة لنا في أحزاب وفصائل اليسار الماركسي العربية يبدأ حين نشك في كل شيء. الفكر يقودنا إلى سؤال: لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ لماذا تتكرر هزائمنا في مقابل انتصار أعداؤنا ؟ لماذا لم تتطور مجتمعاتنا العربية ولم تمتلك حتى اللحظة مقومات العلم والتكنولوجيا ؟ ولماذا لم تحقق أي شكل من أشكال النهوض التحرري أو التنويري العقلاني ؟ لماذا تنتشر كل هذه المظاهر من أشكال التخلف والاصولية المتزمتة غير المستنيرة ؟ لماذا توقف انتاج المعرفة و الفلسفة في الوطن العربي ؟ ما هي الاسباب الجوهرية للدعوات المشبوهة من النظام العربي للتطبيع مع دولة العدو الاسرائيلي ؟ ما هي أسباب الانقسام والصراع التناحري المحتدم حتى اللحظة بين فتح وحماس رغم عدم اختلافهما في الجوهر ؟ لماذا تطغى النزعات الحزبية لحماس او لفتح على حساب المشروع الوطني ومستقبل النضال الوطني كله ؟ وهل تتناقض حركة حماس فعلاً وكذلك حركة الاخوان المسلمين مع النظام الرأسمالي أو الجوهر الامبريالي ؟ ما هي طبيعة المصالح الطبقية للقوى المتنفذة في سلطة الحكم الذاتي في رام الله في علاقتها الرخوة مع العدو الاسرائيلي ؟ أسئلة أو تساؤلات كثيرة لابد لنا من ادراجها للبحث الدائم وصولاً إلى التحليل المنطقي الموضوعي السليم في اجاباتنا عنها ... ولعلنا أيها الرفاق نجد في وثائق احزابناوادبياتها وضوحاً ساطعاً في الاجابة على كل هذه الاسئلة بصورة تفصيلية أو عامة دون أن نلغي دوركم رفاقي الاعزاء في الوطن العربي أو دور عقولكم واجتهاداتكم في تحليل وتفكيك الظواهر المحيطة بنا وفق منطلقات احزابكم الفكرية وبرامجها.
المهم ايها الرفاق أن نمارس عملية التفكير بصورة عقلانية وموضوعية إلى أبعد الحدود بعيداً عن التفكير التقليدي من ناحية وبعيداً عن طرق التفكير لدى السلطة أو النظام العربي الكومبرادوري ولدى التيار الديني بمختلف حركاته أيضاً ، لكي نتوصل إلى الحقائق الموضوعية التي تؤكد عليها وثائق احزابنا وفصائلنا اليسارية والقومية الماركسية.
معنى ذلك بالنسبة لنا في مختلف قوى اليسار العربي أن ننتقد ونبتعد ونقطع معرفياً مع كل الأفكار الرجعية والتقليدية وكذلك القطع المعرفي والسياسي مع أفكار الطبقات الحاكمة في أنظمة الكومبرادور بمختلف توجهاتها .
لقد آن الأوان أن نقول أنه يجب على الفكر العربي والوعي العربي الانتقال من الرمزية والشيئية إلى المفهومية والواقعية الثورية من منطلق ماركسي وطني تحرري ومجتمعي من منظور الصراع الطبقي في آن معا بما يوفر مراكمة عوامل النهوض والتقدم وإسقاط أنظمة العمالة والانحطاط والتبعية والاستبداد عبر الثورة الوطنية الديمقراطية بافاقها الاشتراكية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن