اليوم انتخبت النرويج حكومتها!

محمد عبد المجيد
Taeralshmal@gmail.com

2021 / 9 / 14

اليوم احتفلت النرويج بيوم الديمقراطية، أي الانتخابات البرلمانية التي تجرى كل أربع سنوات لانتخاب 169 عضوا يشكلون السلطة التشريعية النرويجية، وينبثق عنها أعضاء الحكومة وفقا لنسب النجاح في الاقتراع.
ذهبت لاعطاء صوتي للمرة الرابعة في خلال أربعين عاما، حينما أصبحت مواطنا نرويجيا عام 1981.
منذ أشهر طويلة والأحزاب تقدّم للشعب برامجها وفهمها ووعودها، مكتوبة ومسموعة.
في النرويج يُعتبرعدم التصويت عيبا كبيرا تماما مثل التهرب من الضرائب.
الانتخابات تجري هادئة ووديعة ومسالمة، ولا يزعم رئيس حزب أنه أفضل من الآخرين، وكل الأزمات والمشاكل والاحتياجات يعرفها المرشَح عن ظهر قلب، فيميل بحلولها يسارًا أو يمينا أو يقف في الوسط أو يتوجه نحو البيئة أو المسيحية أو الاشتراكية أو الانعزالية أو ...
في البرامج الإعلامية لا يحصل مرشَح على دقيقة واحدة زيادة طوال فترة الدعاية عن المرشحين الآخرين، ولا يوجد من هو أكثر فهما كأن يكون طبيب الفلاسفة، ولا تستطيع جهة سلطوية أو مالية أو بوليسية أو عسكرية أن ترفع صوتها بتأييد رئيس الحكومة السابق، ولا يحتاج الناس لتبرير أحقية ولي الأمر المدعوم من السماء.
عندما تختفي الأمية يرتفع الوعي الوطني، وعندما تُصبح السجون والمعتقلات من نصيب المجرمين الذين حكم عليهم قضاء عادل يترسب حُب الوطن في القلب، وعندما يؤمن المحكوم أن الحاكم خادمه لا يستطيع أحد أن يقنعه أن من تم انتخابه أصبح سيدًا.
في طول النرويج وعرضها لا توجد شكوى يتيمة من تزوير الانتخابات فقد تركوها لنا.. شعوب العالم الثالث.
النتيجة ظهرت في التاسعة مساء حيث أدار النرويجيون ظهرهم لليمين الذي حكم ثمانية أعوام، وأنجز الكثير خاصة في فترة جائحة الكورونا واستطاعت السيدة ارنا سولبرج زعيمة حزب اليمين أن تتخطى صعابا كثيرة، لكن الشعوب الحُرة تُعاتب وتنتقد حُكّامها لأن النجاح ليس ساحقا طوال فترة الحُكم.
اختارت النرويجي الجانب الآخر، أي تحالفات عُمالية بقيادة حزب العمال وفي انتظار تولي (يونس جار ستورى) رئاسة الحكومة بأغلبية في البرلمان( 103 مقاعد مقابل 66 لليمين والمعارضة).
اختارت النرويج السلام الاجتماعي والابتعاد قليلا عن حيتان التحالفات الدولية اليمينية، وكذلك نبذ العنصرية والطائفية، والتقدم نحو مستوى معيشي أفضل.
زعيمة حزب اليسار كان جل اهتمامها المدارس والجامعات وكل صور التعليم.
انتخابات النرويج تجعل الدموع تسقط على وجه كل حالم في العالم الثالث بواحد في المئة من الديمقراطية هنا.
مبروك للنرويجيين فمن يحافظ على بلده كمن يحتضن أبناءَه، ومن لا يعبد الحاكم يخضع له المستقبل، ويلين له الكون، وتفرح به الحياة، ويهجره الفقر والعوز والحاجة .
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 13 سبتمبر 2021



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن