محمد العمري -مرت فراشة-

رائد الحواري
read_111@hotmail.com

2021 / 8 / 23

محمد العمري
"مرت فراشة"
شكل تقديم موضوع المادة ألأدبية مهم، لأنه يضفي جمالا على الفكرة وعلى النص، من الجميل تناول المرأة بشكل جديد، فنحن نعلم أنها أحد أهم عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها الأدباء، وأحيانا تكون هي المُوجدة لبقية العناصر الأخرى: الطبيعة، الكتابة، التمرد، الشاعر "محمد العمري" في هذا النص يقدمها بشكل مقدس، حيث يبقيها في مكان خاص، يكلمنا عنها ويصفها لنا دون أن نسمع صوتها مباشرة، فبدا وكأنه رسولها إلينا، يفتتح النص بهذه الهالة:
"مرّت فراشةٌ قرب يديها
وأطلق قمر ضوءه للريح"
نلاحظ أن الشاعر نسب البياض والهدوء/"مرت" للمؤنث/فراشة، ونسب القسوة/"وأطلق" للمذكر/"القمر" ولم تقتصر قسوة المذكر على فعل"أطلق/للريح" بل أضاف إليه السرعة أيضا من خلال حرف الواو/"وأطلق" وهذا التباين بين المؤنث والمذكر يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى انحياز الشاعر للمرأة/للأنثى.
وإذا ما توقفنا عند المقطع سنجد الطبيعة حاضرة من خلال: "فراشة، قمر، ضوءه، للريح" لكنها ليست طبيعة صافية/بيضاء، بل ينوبها شيئا من القسوة/"للريح" وهذا ينسجم تماما مع الطبيعة، التي تتقلب ما بين الربيع والخريف، وبهذه الفاتحة يكون الشاعر قد قدم لنا (رؤيته) عن المرأة والحياة/الطبيعة، وهذا ما سنجده في متابعتنا لبقية النص.

..
فتحرك خصرها نحو الشمال درجتين إضافيتين..
وفي ساعة متأخرة من الحب
تناوبت ذراعان وسادتها..
فأجفل دوريٌ صدرها
واعترف باب الغرفة بندبة المفتاح في صدره..
كأنها لم تزل تغفو
كأن نعاسها على وشك المسافة
بين السرير
وحقول بنّها الصباحي"
يبدو وكأن الأنثى تخوض حربا: "فتحرك، درجتين"، ونجدها حركة سريعة/"فتحرك" تواكب ما يجري على الأرض، ونلاحظ أن المذكر/خصرها هو من يقوم بالفعل، بينما أقرنت المؤنث/"الساعة" بالنعومة/"الحب"، ورغم هذا تبقى رغبة/عاطفة الشاعر متعلقة بالأنثى والتي نجدها من خلال استخدامه لصيغة المثنى: "درجتين، إضافيتين، ذراعان" ومن ثم تماهيه مع النص بعد أن ذكر: "وسادتها" ليدخل إلى ما يشتهيه ويرغب به وفيه، فيدخلها إلى: "باب، الغرفة، المفتاح، السرير".
والشاعر لا يكتفي بتناوله للمكان/"الغرفة" وتفاصيلها، بل يتقدم أكثر ليصف الأنثى: "صدرها، تغفو نعاسها" ولم يقتصر على وصف هيئة جسدها كما يراه، بل يضيف شيئا من أعمالها/"حقول بنها الصباحي".
بهذا البياض المطلق تفتح المرأة/الأنثى آفاقا جديدة أمام الشاعر ليتقدم نحو عنصر آخر من عناصر الفرح والذي نجده في "الكتابة:
...
يفتتح شاعر يومها بتحية عابرة
فيدب خدرٌ في أطراف قصائدها..
فجأة
تنهض كمن أصابه نص من الشيطان
فتستعيذ من أزرار منامتها
وتحك أنفها باليومي والأحداث الطارئة...
هكذا ...
تقترح امرأة من نعاس نومها"
...
التي نجدها في: "شاعر، قصائدها، نص" نلاحظ أن "محمد العمري" يستخدم صيغة السرد الخارجي، فلم يستخدم "أفتتحت/أنا" وهذا تأكيد على إبقاء المرأة في مكانها المقدس، بعيدا عن (الجمهور/العامة)، ونجد أن لفظ المؤنث/"قصائدها" جاء بين مذكرين/"شاعر، نص" وهذه اشارة إلى المكانة الرفيعة التي تحتلها الأنثى، كما أن الوتيرة سريعة في الأحداث/الافعال نجدها في: "يفتتح، فيدب، تنهض، فتستعيد، وتحك، تقترح" يعكس رغبة الشاعر بها، ولهفته إليها، من هنا جاءت الأفعال سريع ومتلاحقة.
وإذا ما توقفنا عند صيغة الأفعال سنجد ان النص افتتح بصيغة الماضي: "مرت، وأطلق، تناوبت، " المتعلقة بالمرأة، ثم تحولت إلى صيغة المضارع: "فتحرك، فأجفل، يفتتح، فيدب، تنهض، فتستعيذ، وتحك، تقترح" مما جعل صيغة الأفعال تشير إلى رغبة الشاعر بأللحاق بها قبل أن تغادر وتبتعد عنه.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن