الاستغلال الخطير لمفهوم الصراع الجنوبي الجنوبي في قضية جنوب اليمن

رائد الجحافي
raidjhafi@gmail.com

2021 / 8 / 23

لعل من اخطر السياسات الاعلامية التي تستهدف اي قضية سياسية، هو ذلك الترويج الاعلامي الممنهج الذي يتناول الصور السلبية بالذات وجه الصراعات السياسية داخل ومحيط تلك القضية ويبالغ في الطرح الذي يحاول تعزيز مفاهيم لدى المتابع الخارجي والرأي العام عن وجود ازمة سياسية معقدة يصعب حلها وانها ستقود الى صراعات داخلية طاحنة من شأنها ستؤدي الى زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين خصوصًا والجنوب يقع على اهم الممرات البحرية الدولية، (مضيق باب المندب).
صحيح ان الدولة الوليدة في الجنوب والتي كانت حديثة التجربة اذ جاءت عقب استعمار انجليزي طال لمدة 129 عام كانت للتدخلات الخارجية على ثورتها اثرها البالغ الذي جعل الثورة تنقسم الى جبهتين وتعيش صراع افضى الى اقصاء احد فصائلها لتستمر الازمة الداخلية بفعل عوامل خارجية ادت الى اشتعال الصراعات السياسية بين فترة واخرى ومع انهيار الاتحاد السوفيتي اصابت الدولة القائمة التي انهكها الصراع بمقتل ما ادى الى هرب رجال الدولة نحو الوحدة اليمنية لتجنب موجة صراع وشيكة، وهو الأمر الذي لعب عليه الطرف الآخر في تلك الوحدة (الشمال) للاجهاز على ما تبقى من رموز الحزب الاشتراكي الجنوبيين وذلك بالتحالف مع القوى الجنوبية التي ازيحت من السلطة في محطات صراع سابقة وعلى الرغم من الصراع السياسي والمذهبي والطبقي الذي يعيشه الشمال الا ان كل قوى الشمال بما فيها الاحزاب السياسية التي كانت خارج السلطة استمرت جميعها باللعب على ملف الصراع الجنوبي الجنوبي لاستمرار ضرب قضية الجنوب واليوم وبعد الحرب الأهلية التي يعيشها الشمال بدرجة اساسية الا ان كل القوى في الشمال تتفق في الخطاب السياسي تجاه قضية الجنوب وتسخر مواقعها الدبلوماسية ومراكز القوة فيها لاظهار الجنوب على انه مجرد بؤرة عنف وتكتلات مناطقية مأزومة لا تجيد ابجديات الادارة والحوار مع الاخر اذ تواصل خداع الرأي العام الخارجي ان مسألة قيام دولة في الجنوب يعني فتح باب اقتتال داخلي لا نهاية له وان الجنوب اضحى ارضية خصبة للعنف وانتشار الخلايا الارهابية وتهديد واحد من اهم الممرات الملاحية الدولية وتسخر بذلك امكاناتها في رسم شكل وعناصر تلك الصورة المغلوطة لتجعل الجنوبيين انفسهم ودون ادراك يتعاطون في رسم تلك الملامح المزيفة.
ان بعض القوى السياسية في الشمال بالذات القوى المرتبطة بعلاقات قوية مع دول الجوار بالذات السعودية اضحت اليوم تتحكم بمجريات السياسة السعودية تجاه اليمن بشكل عام وتكيف التعاطي السعودي بما يؤول لضرب قضية الجنوب هذا بالاضافة الى العلاقات القائمة بين تلك القوى والشركات النفطية العالمية جعلت الجميع يستهدفون الجنوب بصور مباشرة وغير مباشرة وهو الأمر الذي جعل الرياض تهزم امام الحوثيين بعد سبع سنوات من الحرب..
يتبع الحلقة (٢)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن