خطاب الكراهية: العنف والعدوانية

سعيد هادف
saidhadef@gmail.com

2021 / 8 / 20

في العدد السابق (https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727649)، نشرت مقالا حول التواصل بوصفه حقا وإبداعا، وبوصفه سلوكا حضاريا ينزع صاحبه إلى التفاعل الخلاق مع الآخر. ولم يتوقف دعاة السلم عن الدعوة إلى نبذ خطاب الكراهية، والتجرد من العنف والتحلي بالسلمية وإشاعة ثقافة الحوار.
السلوك الهمجي نقيض السلوك الحضاري الإنساني، والعنف بجميع أنواعه هو تجل من تجليات السلوك الهمجي. لكن ما هي الهمجية؟ ومن هو الهمجي؟ ومن هو العنيف؟ ومن هو العدواني؟
لقد تابع الجزائريون ومعهم العالم ما حدث للشاب جمال في سيارة الشرطة وفي فضاء عمومي من فضاءات مدينة الأربعاء ناث راثن. المشاهد كانت فظيعة ومثيرة للغضب والألم ومثيرة لألف سؤال وسؤال.
لا تكفي كلمة "جريمة" وصفا لما حدث. فما حدث لم يحدث في مكان مغلق، بل حدث في سيارة الشرطة وأمام مقر الشرطة، المؤسسة التي من المفترض أن تكون ذات حرمة وهيبة.
كيف تخلت هذه المؤسسة الأمنية عن مهامها، وتركت جمعا من الغوغاء يطبق قانونه الخاص في سيارتها على شاب أعزل جاء للتضامن مع أهل المدينة فوجد نفسه مدانا؟
كيف تجرأ هؤلاء على انتهاك حرمة هذه المؤسسة الأمنية؟ لو حدث هذا السلوك في إطار مظاهرة احتجاجية ودفاعا عن مواطن اعتقلته الشرطة، لكان الأمر مفهوما؟ لكن أن يحدث هذا في ظرف كانت فيه المدينة تصارع ضد كارثة الحريق، فهذا ما يعجز العقل على فهمه. كيف انساق ذلك الجمع الكبير بشكل استعراضي للتنكيل بالمغدور به؟
وبكل برودة دم، يتم سحب الضحية إلى فضاء عمومي ليتم التنكيل به. في فضاء عمومي وعلى مرأى مئات الأشخاص. في فضاء عمومي .... الفضاء الذي من المفترض أن يشعر فيه المواطن بالأمن جعلوا منه هؤلاء مكانا للتعذيب والتنكيل. في الفضاء العمومي الذي من المفترض أن نتدرب فيه على النقاش وفن الحوار وتبادل الآراء والأفكار، تقلص المعجم إلى حدوده الإجرامية الهمجية، وانزاحت بل اضمحلت كلمات التعقل، اضمحلت في تلك الساحة وكادت تضمحل في الشبكات الاجتماعية. لا غرابة في ذلك ما دام الخطاب الإعلامي متعفنا بالكراهية الصريحة والكراهية المبطنة.
هناك خلل كبير في مجتمعنا، وفي سياستنا وفي خطابنا الإعلامي والسياسي. كل من روّج إلى خطاب الكراهية والعنف كان شريكا في ذلك الجرم.
ـ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن