يونس بن متى ذا النون صاحب الفندق ذو الخمس نجوم (الحوت).!!

وفي نوري جعفر
fodein2004@yahoo.com

2021 / 8 / 4

كالعادة إختلف المفسرون في مدة لبث يونس في الفندق (بطن الحوت)، فقال مقاتل بن حيان: ثلاثة أيام، وقال عطاء: سبعة أيام، وقال الضحاك: عشرون يوماً، وقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان: أربعون يوماً، وقال الشعبي: إلتقمهٌ الحوت ضحىً ولفظهُ عشية.!!
لنترك الآن إختلافهم المعهود ودعونا نسأل: كيف لإنسان بالغ أن يتنفس ويتغذى ويشرب وهو في داخل بطن حوت كبير يعيش في أعماق البحار؟؟ صحيح أن الحوت هو أضخم وأكبر الحيوانات الموجودة في البر والبحر، إلا إنً مدخل جهازهُ الهضمي صغير وتحديداً منطقة البلعوم فهي ضيقة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات، ولهذا تجدهُ يتغذى على الأسماك الصغيرة، ولأن منطقة البلعوم ضيقة فهذا يعني أن الحوت لا يقدر على ابتلاع كائن بحجم الإنسان، إذن كيف تمكن الحوت من إبتلاع يونس؟؟
لقد سمعتُ بعض الأجوبة (الساحرة) من قبل بعض المؤمنين المصدقين بهذه القصص الكارتونية وهي:
الجواب الأول: أن هذه معجزة، لا يفعلها إلا كائن خرافي (الله) وأنه أنتهك كل قوانين ونواميس الطبيعة لأنه قادر على كل شيء وهو أمر عادي بالنسبة له ولا توجد فيه أية مشكلة، (طبعاً هذا الجواب مريح لعقولهم المتجمدة وهو الحل الأفضل بالنسبة لهم).!!
الجواب الثاني: مقارنة بعضهم بين مكوث يونس في بطن الحوت وبين مكوث الجنين داخل رحم أمه لتسعة أشهر، يعني مثلما الجنين يمكث في بطن أمه لمدة تسعة أشهر، ممكن ليونس أن يمكث في بطن الحوت، فأين المشكلة؟؟ تخيلوا وأنا أسمع هذه المقارنة الساذجة كيف يكون موقفي وما هو جوابي عليها؟؟
طبعاً مثل هذه الأجوبة تجعلك تلعن الساعة التي طرحت فيها السؤال عليهم، فهؤلاء المساكين قد تناسوا الآلية والكيفية التي يمكث فيها الجنين في بطن أمه أو ربًما لا يعلموا كيف للجنين أن يتنفس ويتغذى ويحصل على السوائل، حدوث الحمل وآلية مكوث الجنين تحصل خلال عملية فسيولوجية وبايلوجية طبيعية، وذلك عن طريق قناة الحبل السري التي تصل الجنين بالمشيمة داخل الرحم، ومن خلالهم يتم تزويد الطفل بالأوكسجين والتغذية والسوائل وأيضاً نقل الفضلات التي تتكون داخل جسم الجنين، عن طريق بعض الخلايا التي تشكل تمديدات تصل إلى الأوعية الدموية للأم فتساعد الجنين على امتصاص العناصر الغذائية من دم الأم لحين خروجه من بطن أمه أثناء الولادة، والمؤمنون أيضاً يتناسون الحماية التي يحصل عليها الجنين وهو في بطن أمه من خلال الكيس الممتليء بالسائل الأمنيوسي والذي يحيط بالجنين والمشيمة فيوفر محيطًا للجنين ليسمح بحركته ويساعد على تزويده بالسوائل، هذا ما يحصل للجنين أثناء فترة الحمل وبشكل طبيعي جداً، فهل حصلت كل هذه الأمور بشكل طبيعي مع يونس حينما إبتلعه الحوت ومكث في بطنه؟؟ وهل قام الله بعمل حبل سري ومشيمة ليونس وهو في بطن الحوت؟؟ أم هل صنع لحبيبه يونس كيس ممتليء بالسائل ((اليونسي)) كي يعيش مرتاحاً وسعيداً أثناء فترة مكوثه في الفندق الجميل؟؟
لم تنتهي الإشكالات بعد ودعونا نرى المزيد في قصة صاحب الحوت:
{وإن يونس لمن المرسلين، إذ أبَق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم، فلولا أنهُ كان من المسبحين، للبث ببطنه إلى يوم يُبعثون، فنبذناه بالعراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين، وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}.
النبذ يعني الترك والتخلي، والآية واضحة بمعنى أن الله نبذهُ في العراء وهو سقيم، ولا أعتقد أنً أي إنسان لديه معرفة بسيطة باللغة العربية لا يمكنهُ معرفة معنى "فنبذناه"، ومن أراد التأكد فليراجع تفاسير هذه الآية.!!
ويبدو أن كاتب القرآن يخطأ وينسى فتجده في نص آخر يناقض كلام الآية السابقة حيث يقول: {فاصبر لحكم ربكَ ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم، لولا أن تداركَهُ نعمةٌ من ربه لنُبذَ بالعراء وهو مذموم، فاجتباه ربه فجعله من الصالحين}.!!
لاحظوا معي قوله: "لولا أن تداركَهُ نعمةٌ من ربه لنُبذَ بالعراء وهو مذموم"، إذن في هذه الآية الله تداركه ولم ينبذه أي لم يتركه ويتخلى عنه في العراء، فهل نسيَ كاتب القرآن، أم محمد، أم الله؟؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الأخطاء والتناقضات؟؟ وإن شئتم راجعوا تفاسير هذه الآية لتتأكدوا من معنى قوله "لنُبذَ في العراء".!!
ولو تلاحظون معي هذا المقطع الذي ورد في الآيات الأولى وهو: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون)، هنا يوجد إشكال آخر وهو: إن كان الله الذي وسع كل شيء علمه هو من قال هذا الكلام، فلا بد أن يكون دقيقاً ويعرف بالضبط كم عدد قوم يونس، لأن كاتب القرآن يزعم أن الله يدعي ويقول {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين}، ويدعي أيضاً: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلمُ ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}.
طيب يا الله يا عليم، إذا كنت تزعم بأنك خبير ودقيق لهذه الدرجة وتعلم عدد تريليونات الأوراق الساقطة من الشجر والحبًات (طبعاً لا أعلم الفائدة والنفع التي تعود على الله أو حتى على الشجر إن هو علم بعدد أوراقها الساقطة أو الحبًات)، يعني معقولة يا الله يا عليم لديك كل هذا العلم والقدرة وعجزتَ أن تعلم العدد الصحيح لقوم يونس (مائة ألف أو يزيدون)؟؟ أم تريدنا أن نمرر لكَ هذه المرة كما مررناها لكَ سابقاً مع عدد أصحاب الكهف؟؟ ثلاثة أم خمسة أم سبعة؟؟
ثم هناك إشكال أخير في معنى كلمة "مذموم"؟؟ فلو سألنا أي صبي وقلنا له ما معنى كلمة مذموم؟؟ سيقول لك: مذموم يعني مكروه أو غير مرغوبٌ به، طيب فهل من المعقول أن هذا النبي الكريم المسبح والعابد لك يا الله والذي اصطفيته بنفسك تكون نهايته سيئة ويصبح غير مرغوب به من قبلك؟؟ أو مكروه بسبب إرتكابه لمعصية أو ذنب؟؟ طبعاً إحنه متعودين على أفعالك الناقصة فقد فعلت فعلتك التي فعلتها من قبل مع المسكين آدم فطردته من الجنة لأنه عصاك وغوى "وعصى آدم ربهُ وغوى".!!
وأخيراً هناك سؤال يطرح نفسه على الإشكال الأخير وهو:
أليس الأنبياء معصومون من إرتكاب الأخطاء والمعاصي؟؟ (طبعاً هناك إختلاف بين السنة والشيعة حول عصمة الأنبياء لكن أغلبهم متفقون على أن الأنبياء معصومون من إرتكاب الأخطاء والمعاصي)، إذن فكيف يرتكب بعض الأنبياء الذنوب والأخطاء؟؟ وهل يصح أن نقول لنبي معصوم بأنه عصى وغوى؟؟ أو على نبي آخر نبذه بالعراء وهو مذموم؟؟ أو نتهم رسول من أولي العزم ونقول عنه أنه قاتل مثلما فعل موسى مع القبطي فوكزه بعصاه؟؟ أم ذاك الخبير البلغاريالمرسل من لدن الله (الخضر) الذي قتل الغلام (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا)؟؟ أم تقول عن آخر العنقود خير خلقك وحبيبك (محمد) بأنه عبس وتولى أن جاءه الأعمى؟؟
فيا حضرة جناب الله: إذا كان يصح من الأنبياء إرتكاب الأخطاء والمعاصي صغيرة كانت أم كبيرة، فما فضلهم إذن عن سائر البشر لكي تصطفيهم وتتواصل معهم وتوحي إليهم ولا تصطفي وتوحي وتتواصل مع غيرهم من سائر البشر؟؟
لو إحنه البشر مساكين وغلابة وعلى راسنا ريشة؟؟ لك يحرء حريشك يا زلمه.!!
#ملاحظة: كل الأديان على الأرض هي من صنع البشر.!!
محبتي واحترامي للجميع.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن