يجب أن تتغيَّر نظرتُنا للعالَم، لِنُسهم فِعلاً في خلاص العالَم

أحمد إدريس
hamada.d.1968@gmail.com

2021 / 7 / 23

"يا أيُّها النَّاس، إنا خلقناكم من ذكرٍ و أُنثى، و جعلناكم شعوباً و قبائل لِتَعارفوا." (قرآن)

"لِنَنْطلق نحو مستقبل يَسعُ الجميع و يَسعَدُ فيه الجميع." (فهمي هويدي، "تزييف الوعي"، 2005)

"إن المطلوب هو حداثة جديدة تتبنى العلم و التكنولوجيا و لا تضرب بالقيم أو بالغائية الإنسانية عُرضَ الحائط، حداثة تحيى العقل و لا تميت القلب، تُنمي وجودنا المادي و لا تنكر الأبعاد الروحية لهذا الوجود." (عبد الوهاب المسيري)

"يظل نسيان الهدف أمراً وارداً ما لم نجعله في بُؤرة الوعي." (عبد الكريم بكار، "تجديد الوعي"، 2000)

"و لقد كتبنا في الزَّبور، من بعد الذِّكر، أن الأرض يَرثُها عبادي الصالحون." (قرآن)


البشر كافَّة في مركب واحد هو مركب عالَمِنا الدنيوي. لذا ينبغي أن يتعاملوا فيما بينهم بِمنطق الأسرة الواحدة : ما يجمعُهم أكثر ممَّا يُفرِّقهم و الإختلافُ ليس طامَّة بل هو رحمة، ينبغي أن يسود بينهم الإحترامُ المُتبادَل و التآخي و التسامح و العفو و الصَّفحُ و المَوَدَّة و الوِئام و أن لا يُؤذي بعضُهم بعضاً، يتوَجَّبُ ﻋﻠﻴﻬﻢ لِكَي يصونوا وجودَهم و لأنهم يرجعون إلى أصل واحد ﺃﻥ يسعوا إلى إزالة كل الأحقاد و العصبِيَّات و الضغائِن بينهم و أن يَحُلوا نِزاعاتِهم بِطُرقٍ سلميةٍ و أسلوبٍ راقٍ يُشرِّفُ إنسانيتَهم، ينبغي أن يسود بينهم كذلك استباقُ الخيرات و التناصحُ و التواصي بالحق و العدل و أن يُعين على البِر و التقوى بعضُهم بعضاً، و لا فضلَ لأحدٍ على آخر إلاَّ بِشيءٍ هو صلاحُ القلب و العمل. و لا صلاح للقلب و العمل، إلاَّ بصلاح و استقامة الفكر. بذلك فقط تنصلح أحوال العباد، و تستقيم حياة الفرد و المجتمع.

و العاقبة الحسنة للمتقين و ذوي الفهم المستقيم و القلب السليم. و إنَّ الأرضَ يَرِثُها عبادُ الله الصالحون فِكراً و سلوكاً : الصالحون ظاهراً و باطناً، فِعلاً و مُمارسة و ليس قولاً و دعوى باللسان فقط، و أولئك هم المسلمون حقاً. أجل أولئك هم المسلمون حقاً بما فيهم غير المسلمين بحسب فقهائنا. تلك هي القناعة التي توصَّلتُ إليها، طول التأمُّل رسَّخها في ضميري و وِجداني، ذلك هو المُعتقَد الذي عليه ألقى الله. هل في عالَم الناس اليوم مَن بإمكانه إنكارُ هذه الحقيقة الجَلِيَّة و التي هي أسطعُ مِن ضوء الشمس : ما أكثر "المسلمين" الذين فيهم بَعضُ أو رُبَّما كُل هذه الخصال : سُفهاء وُضعاء لُؤماء، ذوُو أخلاق دميمة، يستحسنون الخيانة و الغدر و العدوان، كذَّابون على أنفسهم و على الناس، أصحاب ضمير ميِّت، و فكر سقيم مُظلِم هدَّام يتصادم مع فِطرة الإنسان و يُعاكِس حركة الحياة بتطوراتِها و مُستجداتِها و تحدِّياتِها و آفاقِها المُستقبلية، ذوُو قلب عَفِن غليظ قاسٍ، أصحاب نظرة دينية مُتشدِّدة بعيدة عن مفهوم الحب و الإخاء بين البشر - نظرة دينية ترفُض الآخَر المُغاير و تحتقِرُه و تُعَيِّرُه -، أصحاب وعي نائِم و ذهنية مُنغلِقة و أفق ضَيِّق، أصحاب سيرة و سريرة خبيثة، يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف، فاسدون و مُفسدون في الأرض، ضارون لأنفسهم و لغيرهم بفِعلِ الشر و اجتناب فعل الخير.

و ما أكثر "غير المسلمين" الذين فيهم بَعضُ أو رُبَّما كل هذه الخصال : عقلاء عُظَماء شُرفاء، ذَوُو أخلاق جميلة، يستقبحون الخيانة و الغدر و العدوان، صادقون مع أنفسهم و مع الناس، أصحاب ضمير حي، و فكرٍ سليم مُتنوِّر بنَّاء يتناسق مع فِطرة الإنسان و يُواكِب حركة الحياة بتطوراتِها و مُستجداتِها و تحدِّياتِها و آفاقِها المُستقبلية، ذوُو قلب نظيف رقيق حانٍ، أصحاب نظرة دينية مُتسامحة قائمة على مفهوم الحب و الإخاء بين البشر - نظرة دينية تقبَلُ الآخر المُغاير و تحترمه و تُقدِّره -، أصحاب وعي يقِظ و ذهنية مُنفتِحة و أُفُقٍ واسع، أصحاب سيرة و سريرة طيبة، يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، صالحون و مُصلحون في الأرض، نافِعون لأنفُسهم و لِغيرهم بفِعلِ الخير و اجتناب فعل الشر.

باختصار : ما أكثر "المسلمين" الذين هم نقمة على العالَمين، الذين هم أعداء للإنسان و الحياة و الحضارة و السلام ؛ و ما أكثر "غير المسلمين" الذين هم رحمة للعالَمين، الذين هم أصدقاء للإنسان و الحياة و الحضارة و السلام. أي الفريقين أكرم عند الله، يا مَن تَنعَتون دون تفكير و غالباً باستِعلاء أو ازدِراء مُعظمَ سُكَّان العالَم بِلَفظِ الكفار مع أنه لا دَخْلَ لهم الْبتَّة في أمورٍ وقعت بجزيرة العرب في زمنٍ سحيقٍ غابِر، أي الفريقين أحَبُّ إلى الله ؟ و هنا لا أجد مناصاً مِن الإعتراف بأن الأمة المحسوبة على الإسلام، تكفيرية جميعُها و بِرُمتِها لأنها - و هي العالة على غيرها ـ تَصِم كل مَن سواها بلفظ الكفار، و تُبشر بَرَّهُم و فاجرهم بالإنتقال مِن عناء هذه الدنيا إلى شقاء الأبد.

إستعلاء ديني ممجوج و زائد على اللُّزوم، يَصحبُه لدى نِسبة ليست بالقليلة في أوساطنا فكر عِدائي مُتطرِّف إقصائي - الذي في نِهاية المطاف يُؤدِّي ببعض أبنائنا إلى الإرهاب و العنف الدَّمَوي -، تلك سِمتُنا و شارَتُنا اليوم بين أمم الأرض. فلقد رأينا من بعض الحاملين لراية الإسلام العَجَب فَهُمْ يمارسون أفظع أنواع الشر، و مع ذلك لا يبدو من خلال تصرُّفاتهم أنهم يعرفون شيئاً إسمه أَلَمُ أو وَخْز الضمير. لقد نَسُوا أنَّ المسلم الحق لا يمكن إلاَّ أنْ يسعى في هذه الحياة ليكون رحمة للعالَمين. الرحمة صفة ملازمة له فلا تنفكُّ عنه أبداً، هي صِبغة راسخة في سلوكه الراقي و هي عُنوان روحانِيَّته الأصيلة العالية، و السِّمَة الأولى التي يُعرَف بها بين الأنام. حتى المخلوقات الغير آدمية - حيوانات و جمادات - تطالُها و تشملها هذه الرحمة…

« إذا لم تَكُن، أيُّها المسلم، في قلبِك و فِكرِك و عملك، رحمة للعالَمين، فأنتَ على طريق غيرِ طريقِ رسولِك محمد - صلَّى الله عليه و سلَّم -، فقد قال له ربه الذي أرسله : "و ما أرسلناكَ إلاَّ رحمة للعالَمين". » (عصام العطار)

الإنفتاح الواثق الواعي المُتَبصِّر على المُغايرين لنا مِن بني البشر، حوار لا صراع الثقافات في إطار حضارة إنسانية واحدة، ذلك هو العلاج للكثير مِن أزمات هذا العالَم المُترابط و عِلَل البشر. و حوار الثقافات هذا يجب أن يكون مُنطلَقَه الإحساسُ الصادق بالحاجة إلى الآخَر كما هُوَ و أن يُبنى على أساس من النِّدية و الإحترام المتبادل، و إلاَّ فإنه لن يُثمر عن تفاهم عميق بين كل الأطراف و لن يُجدي في السعي لرسم و صياغة المستقبل الإنساني المُشترَك بين الشعوب و الدول… نُطالِب الآخرين بتقديرنا و احترامِنا و نحن لَسْنا عادلين تُجاهَهم بالقدر الواجب، فبالإصرار على وَصمِهم بالكفار نُعَيِّرُهم جميعاً و باستمرار، مُتوعِّدين إياهم بالإنتقال مِن ضيق و عناء الحياة الدنيا إلى خِزي و عذاب الأبد ! مصطلح نابع من ثقافتنا قد اكتسب حمولة دلالية مُعَينة و الأمر الأهم أنه نشأ و تَبَلوَر في سياق تاريخي مُحَدَّد، كيف لنا أن نُطْلِقه اعتِباطاً و جُمْلَة على نُظراء لنا في الإنسانية لا صلة لهم البتَّة بهذا السياق التاريخي المُحَدَّد ؟ لو يَطَّلِع الكثيرون مِن مُختلف الأجناس و المجتمعات على ما هو منشور في بعض ﺍﻟﻤَﻭَﺍﻗِﻊ الإلكترونية، و بِكُتُبٍ توصَفُ بالإسلامية بينما هي مسمومة و مملوءة كراهية و عداوة تُجاه غَالِبِيَّة عباد الله، فإنني لا أستبعِد أن ترتفع أصوات تُنادي بِطَرْدِنا مِن هذه الأرض و نَفيِنا إلى كَوْكبٍ آخر خارج المجرَّة… لسنا مركز الكون و جلِيٌّ تماماً أننا ـ منذ عقود بل قرون ـ لسنا أفضلَ أُمَّة على وجهِ الأرض. الأمة تمشي على رأسِها و الفسادُ قد عمَّ أرجاءَها و طال كل شيءٍ فيها. و هي إضافةً إلى ذلِك أشدُّ بأساً على نفسها مِن ألدِّ أعدائِها.

للأسف استقرَّ في مُعتقَدنا و عقلِنا الجَمْعي أنَّ أشرارَنا و فُجَّارَنا أعَزُّ على الله مِن أخيار و فُضلاءِ باقي أُمَمِ الأرض و أسْلمُ مِنهم عاقبةً في الدار الآخرة ! لا ريب عندي و لا تردُّدَ إطلاقاً أن الشياطين هِي مَن أوْحَى إلَيْنا بِكذبة مُرَوِّعة و بغيضة سائدة في مُجتمعاتِنا، رضعناها مع حليب أمهاتنا بل غُرست في عقولِنا منذ الولادة، و كلما كَبُر أحدُنا إزداد استِمساكاً بها و قد يَصِل به ذلك إلى التضحية بحياته في سبيل أنْ يُقنِع بها كافة البَرِيَّة : كل مَن سِوانا مآلُهم الحتمي في الدار الآخرة، بالطبع لا فرق في ذلك بين مُحسنِهم و مُسيئهم باعتبار القوم قاطبة كافرين، نار أبدِيَّة لأننا وحدنا المُؤهلون لِدُخول الجنة ! أنا تقريباً على يقينٍ أنَّه لا مُبالَغة فيما أقول على الإطلاق، و إن كان هناك طبعاً أفراد واعون مُستنيرون - عَدَدُهم في تَزَايُد مُسْتَمِر و هذا أمر يَسُر القلب -، لَيْسَ لديهم هذه الرؤية التي هي عندنا مَوْضِعُ شِبه إجماع. نحن أيضاً نعتقِد جازمين أنَّنا شعبُ الله المُختار و ليس بمقدورنا إنكارُ ذلك.

يستحيل علينا أن نندمج إيجابياً في المجتمع البشري و نُقدِّم إسهاماً فعالاً و ذا قيمة في أنْسَنة العالَم، ما دُمنا مُصِرين على استعمال لفظة تنطوي على ذم و ازدراء و قدحٍ بحق أغلب سكان هذا العالَم… أحد كبار أئمة هذا العصر يُحرِّم لعن الدَّواب و حتى الجمادات، و في المقابل يُقر فضيلته سب و لعن أغلب المخلوقات الآدمية : لأن أغلب الآدميين هم في نظره مجرَّد "كفار" و سماحتُه لا يرى أي مَنقَصة في لعن "الكفار" ! متى سنتخلَّص مِن هذه النظرة السَّلبية و المُجحِفة جداً تجاه الآخرين الذين هم إخوانُنا في الإنسانية ؟ و مِن هذا العُجب المُثير للسُّخرية بِحق، إذ ما الذي يُبرِّره و نحن في الحضيض ؟ لا يستحق فعلاً وصف الكافر إلاَّ الشخص صاحب الإرادة السيئة - و في النهاية، الحقيقة الكاملة بهذا الشأن هي عند الله ؛ لا يستحق فعلاً وصف المسلم إلاَّ الشخص صاحب الإرادة الخيِّرة - و في النهاية، الحقيقة الكاملة بهذا الشأن هي عند الله. لا يدخل في الإعتبار العنوانُ الديني، الذي قُدِّس على حساب جوهر الدين. بل صار صنماً يُعبد من دون الله و تُقدَّم له القرابين البشرية… في هذا المجال أيضاً لا يُكلِّف الله اللَّطيفُ الحليم نفساً إلاَّ وُسعَها. هنا أشير إلى ما يُقرِّره القرآن : "لا يُكلِّف الله نفساً إلاَّ وُسعَها". فَلْنَعِ أنَّ كُل فرد من بني الإنسان هو في صميم كِيانه عالَم بِحَدِّ ذاته، بالتالي ليس من العدل و الإنصاف في شيء أنْ نَحصِر الآخر بشكل قاطعٍ في تصنيفات وَضَعتها عقولُنا المُعبَّأة بأحكام مُسَبَّقة كثيراً ما تكون مُجحِفة و لا مُبرِّر لها، و عليه لا يَجُوز اختصارُ إنسان ما أياً كان في عُنوانٍ ديني أو غيره.

في القرآن آية تُعلِن : "و لِكُل وِجهة هو مُوَليها فاستبقوا الخيرات، أين ما تكونوا يأتِ بِكُم الله جميعاً". استباقُ الخيرات ! بذلك فقط تنصلح أحوال العباد، و تستقيم حياة الفرد و المجتمع. إن مَن فاتني و فاقني في الخيرات، هيهات أن أُدركه بمُجرَّد كَوْنِي "وُلِدت مسلماً" و إنَّما بِمُنافسته في أعمال البِر، إلى أن ألحقه و أسبقه إن استطعت. نحن أمة رسولها وُصِف بأنه بُعث رحمة للخلق كافة و هذا يعني أن الرحماء كُلَّهم لهم أجر و قدر جليل عند الله. و مع ذلك ما تَورَّع العديد من مرشدينا الدِّينيين عن تلقيننا شيئاً في غاية الفظاعة : لقد لقَّنونا و غرسوا في أذهانِنا أنَّ الخيرَ الذي يفعله في هذه الدنيا غيرُنا - و لو كان إيجادَ علاج لِداءٍ فتَّاك أو مشروعاً ما ينفعُ خَلْقاً كثيراً، و لو كان إطعامَ سُكانِ قارَّةٍ بكاملها أو حتى إنقاذَ كافة الكائنات - لن يُجديهم شيئاً في الآخرة فهو حَسَب زعمِهم لا قيمة له في ميزان ربِّنا. لا أنسى مقالاً لأحدهم يُؤكِّد فيه أن مخترع المصباح الكهربائي الذي يُضيء مَنزِلَه قد ربح الدنيا و لكِنَّه خسر الآخرة ! هذه من ضِمن الأفكار و المعتقدات التي نتوارثها على مَرِّ الأجيال و التي يستحيل أن يقوم عليها مجتمع سوي.

وجيه و ذو كرامةٍ عند الله كلُّ إنسانٍ يسعى للخير. و لا ضَيْر إن لم يُكتب له الظَّفَر لحظة مجيئه إلى هذه الدنيا بعنواننا الديني - الذي وُلدنا عليه و لكن قليلون مِنَّا مَن يرتقون إلى مُستوى معناه و مُحتواه. المجرم الشِّرير الذي قد يكون شيخاً مُعمَّماً هو آخِر مَن يستحق تسمِيَّة مسلم. و إنَّ في الظاهرة الطبية المعروفة اليوم تحت إسم تجربة الإقتراب من الموت ـ لا حصر للدراسات و الأبحاث حولها - لَذِكرى لِمَن فتح لها بابَ عقلِه و أصغى لِلذين عاشوها هنا و هناك بسمع القلب… لِيَعلمْ الموشك على مفارقة الحياة الدنيا أنه لن يَجِد في انتظاره وحشاً رهيباً سادِياً عديم الإحساس، و لكِنْ رباً مُتفهِّماً حِلمُه أكبر من غضبِه كما أخبر هُداة الإنسانية، أمَّا ما ورد في القرآن من وعيد شديد بنار حامية، فإن الغاية منه ردعُ العُتاة و إيقاظُ القلوب النائمة، و ليس أنْ يُزرَع في أذهاننا أنَّ إلهنا أقسى من كبار جلادي الإنسانية، لأن العقوبة في الدار الآخرة هي لِلَّذي يستحقها فعلاً و لا أرى أنها تتعارض مع رحمة الخالق.

فالرحمة الربانية التي وَسِعت كل شيء، كما ذكر القرآن، ستشمل بطريقة أو بأخرى جميعَ الخلق : لقد وجدتُ في تجارِب الإقتراب من الموت التي عاشها خَلق كثيرون من مُختلِف الأعمار و الأوطان و الأجناس - و الثقافات و المعتقدات - مُحفِّزاً لإرتقاء نوعي بفلسفتنا و خطاباتنا الدينية لتَكون أكثر تسامُحاً و رأفة و إنسانية و زرعاً للأمل في النفوس… لذا أنصحُ بالإطلاع الجاد على هذا الموضوع المثير و الهام للغاية، الذي ما زال عندنا مُحاطاً - إلى حد ما - بجدار سميك من الصَّمت، لِكَي نظل في هلعٍ و خوف و جزعٍ من عذاب القبر إلى يوم القيامة ! و الحق أن الواقع أثبت فشل كُلِّ محاولات سَوْقِ العباد إلى ربِّهم و بارئهم بهذا الأسلوب، بالترهيب منه بَدَلَ التشويق إليه، و خطابُ التخويف مِمَّا سَيعقُب موت الجسد فقد فاعِليَّته و قُدرتَه على التأثير في النفوس. إن الموت ما هو إلاَّ وِلادة جديدة و لَكِنْ في عالَم الروح و انتِقالٌ إلى مرحلة تالِية في سِياقِ وجود لامُنقطعٍ مُنتهاه عند الله. الله الذي من دون أدنى شك و بالتأكيد هو أرحم بكثير مِمَّا يتصوَّر المؤمنون… الله يوم الحساب و الدَّيْنونَة سَيُوَفِّي كل نفس ما عمِلَتْ من خير أو شر، و لن يُظلَم أحد مِثقال ذرَّة، فهو ينظر إلى القلوب و الأفعال و لا يكترث كثيراً لِلصُّوَر و المظاهر.

ما عندي شك أبداً أن مِن بَيْن هذه الأخيرة ـ أي الصُّوَر و المظاهر - الطُّقوس الشعائِريَّة و حتى العنوان الديني. إنه الدرس الأكبر و الأعظم المُستَوْحى من تجربة الإقتراب من الموت. ما سمِعنا أحداً مِن جحافل الذين عاشوا هذه التجربة الروحية الحقيقية يقول مُخاطباً العالَم : "أُخبِرتُ و طُلب مني إعلامُكم أننا جميعاً مُطالَبون - فوراً - بإعتِناق ما عليه مَن يُعرفون تحت إسم المُسلمون"… أهل الإحسان و الإرادة الخَيِّرة الطيِّبة و الساعون للإصلاح في الأرض لا خوف عليهم البتَّة عند الله، يوم يقِفُ الجميع بين يديه فينفعُ الصادقين صِدْقُهم، مِن بين هؤلاء أناس نُسمِّيهم بمنتهى الوقاحة "كفاراً" و نَحْنُ دونهم وعياً و خدمةً للغير و استقامة، و يَمحقُ الكاذبين كِذْبُهم أياً كان في هذه الحياة مَقامُهم، حتى لو كانوا فيها مُبجَّلين كرجال دين و ربما أدعياء وصاية خاصة على ضمائر العباد بإسم الله… أوصلتني إلى هذه القناعة مُعايشةُ بشر مِن أصول و مشارب ثقافية شتَّى و أما مَن أحسبه مخطئاً في مسألة الإعتقاد و إن أنكر وجودَ خالق للكون، فأنا لا أعطي لنفسي الحق في أن أُشكِّك في نزاهته العقلية و أحكُم عليه و أقولَ له أنت كافر و مصيرك النار يوم القيامة، بل أترك ذلك للذي يعلم ظروف كل إنسان و المُؤثِّرات التي تعرض لها في مُختلِف مراحل حياته و بَواطِنَه و نواياه و بواعثَه الحقيقية، لا سِيَّما و أن مِن أعظم و أخطر أسباب هجرِ و تطليق بشرٍ كثيرين جداً للدين الدجالُون مِمَّن نصَّبوا نُفوسَهم وُكلاء عن خالق الكون… الخالق الذي سَمَّى نفسه الرحمان ! بعض مَن يقولون عن أنفُسِهم إنهم لا يؤمنون بوجود إله، و كثير مِن الذين نُمعِن في الإنتقاص منهم عبر نَعتِهم بالكفرة أو المُشركين، و الله نحن أقزام بالمقارنة معهم مِن ناحية النُّبل الإنساني. فيهم أشخاص أنبل منا و أعرق في الإنسانية منا. كل ما يعني هؤلاء البشر الرائعين المدهشين هو أن يكونوا مُتصالحين مع ضمائرهم، مهما كلَّفتهم مواقفهم الجريئة و البطولية التي يخدمون عبرها الحق و العدل و السلام… فَمِن إنجازات هؤلاء العظماء بِحق التي ما تقاضوا عليها أي أجر دُنيوي، أنهم فنَّدوا تماماً و نسفوا الرِّواية الرسمية - و بَيَّنوا أنها ليست أكثر من أسطورة - للحادثة الإرهابية التي دشَّنت قرننا الحالي، و هم يعملون بِتَفانٍ عجيب على أن يُفتح مِلفها من جديد في بلدان الغرب. فَهُم مُدركون أنَّ أغلب بل كل العمليات الإرهابية التي طالت في السنوات الأخيرة بلداناً غربية عديدة مشبوهةُ المصدر. و هم واعون و مدركون تماماً لحقيقة المصدر الحقيقي لمعظم ما يُسمى الإرهاب الدولي.

الخطأ قد يصدُر بطبيعة الحال من أهل الخير و الإحسان، و رُبَّما يكون في مجال الإعتقاد و عُذرُ الجميع في ذلك أن ملاك الوحي لم يتجلَّ لكل إنسان لِيُخاطِبَه بِلُغتِه الأم، الخطأ الذي يَقعُ من هؤلاء سيُقابِلُه بالتأكيد عفو الرحمان. لا أتصوَّر على الإطلاق أن الله سيُؤاخذ فاعلاً للخير ـ ما زاره ملاك من السماء و لا تلقى خطاباً مباشراً من الله ! ـ لِمُجرَّد أن مُعتقَده بخصوص الله قد يكون غير مُوَفَّق… العِبرة عند ذوي الرَّشاد بزكاة القلب و شرف المبادئ و نُبل الغاية و السعي للخير و صلاح العمل، الكافر هو فقط الشخص صاحبُ الإرادة السيئة أو الشخص معدوم الضَّمير، و كلُّ ذلك في القرآن و لَكِنْ مَن يَتدبَّرُ بِعُمق و بِعقلٍ مُتحرِّر مِن وِصاية أيِّ مَخلوق هذا الكتاب الفذ ؟

"ليس عليكم جُناح فيما أخطأتم به و لكِنْ ما تعمَّدت قُلوبُكم و كان الله غفوراً رحيماً." (قرآن)

و أنا أتحدث عن قوى البغي الغربية المعاصرة التي يَطال شرُّها كُلَّ البشرية، عِلْماً بأنَّ منطق الحق و العدل يقتضي أنْ لا أتَّهمها بما وقع مِن تنكيل و اضطهاد على النبي و صحبه إذ لا يد لها في الأحداث التاريخية التي خرج من رَحِمها دين حمل إسم الإسلام، فإنه يكفيني و يَسَعُني أنْ أصفها بالظالمة و الجائرة و الإجرامية و الإرهابية ! و الحق أني لا أجد اليوم أيَّة ضرورة لإستعمال وصف "الكافرة" فقد أثبتت للعالَم أجمع التجاربُ و الوقائع أنَّ مِن المُنتسبين إلى "الإسلام" و حتى الحاملين لرايته بكل اعتزاز مَن هم جند لإبليس. قوم تمرَّدوا على هدايات السماء، داسوا جميع أعراف سكان الأرض بعد أن أداروا ظهورهم لأقدس وصايا الرب، و ذلك بهدف الذَّوْد عن الإسلام ! غاية هذا الأخير هي تحبيبُ الخالق إلى خلقه و ما هكذا تتحقَّق هذه الغاية. هذا ما رسَّخه في أذهانهم المُتحجِّرة المُغلَقة فكر ظلامي حَوَّلَهم في النهاية إلى وحوشٍ في هيئة بشر. تراهم يُعربِدون بلا هوادة و لا يكاد يُفارق ألْسِنتَهم لفظُ الجلالة - و لسنا ندري أيَّ إله يَعبُد مَن آدمِيَّتُه هي مَوْضِعُ تساؤل و ريبة.

هذا الإنقِلاب على القيم الإنسانية العظمى هو أبشع رِدَّة عن الإسلام. حتى اليوم ما زال العديد مِن شيوخِنا يسعون جاهدين لإخماد أصوات و أنفاس مَن يرون أنهم إرتدوا عن الإسلام، و هم الذين طعنوا هذا الدين في الصميم و خانوا رسالتَه و برهنوا لنا عملياً أنهم في الدَّرك الأسفل مِن الإنحِطاط : لقد كفَّروا مبدعين و نُبَهاء لهم دور في تنوير العقول، و ما كفَّروا مجرمين لا يُحسنون سِوى قطع الرؤوس ! و لا يدري أيضاً هؤلاء الفَرِحون بما هم عليه أنهم عُبَّاد أوثان، هي أخطر بكثير جداً على مستوى عواقب تقديسِها مِن الحجرِيَّة، فغالِبيَّة آلام البشر و حتى الحيوانات سَبَبُها هذا النوع مِن الشِّرك، أوثانٍ فكرية لا يبغون عنها حِوَلاً و لا يقبلون أي نقاش بشأنها… هم غارقون إلى الأذقان في شِرك دونه بكثير مِن حَيثُ خطرُه و عواقبُه ما كان عليه العرب في جاهليتهم القديمة… و حتى لو لم يُعلنوا ذلك صراحة فإن نِداء الله للعباد اليوم بالنِّسبة لهم يتلخَّص فيما يلي : "يا مَن صنعتُ بِيَدي اعبدوني وحدي مُقِرين بأني الخالق الأزلي المُتفرِّد بالربوبية ؛ لتحقيق ذلك يَجِبُ عليكم ترديدُ ما يقوله و تقليد ما يفعله وكلائي في الأرض، أعني المشايخ، بأيِّهم اقتدَيتُم اهتدَيتُم فرغم اختلافاتهم هم جميعاً بِفَضلي و مِنَّتي على الحق ؛ و إلاَّ فإن عذاباً عظيماً لامُنتهياً ينتظركم مني أنا الخالقُ الرحيم المُتفرِّد بالألوهية". أهذه هي رسالة الله إلى البشر اليوم ؟ إن ما يقوم به بعض مُريديهم هو أبْلَغُ دليل على صحة إدانتي لفكر و خطاب هؤلاء المشايخ.

هَلْوَساتُهم الفكرية خلقت جيلاً مُشَوَّهاً مُهلِكاً لنفسه و للمجتمعات التي يحيا فيها لأنه يكاد لا يُمَيِّز بين الخير و الشر و لا يُفرِّق بين الصديق و العدو، لذا سَهُلَ على هذا الأخير أن يجعل منه سلاح دمار مُسلَّط على العديد من دُوَلِنا التي تعطَّلت كل مشاريعها التنموية بسبب صِبيانهم مسلوبي العقول… هزيمة العقل عندنا أنتجت أمساخاً بشرية تتحرك دون وعي و على غير بصيرة، قد نبذت كُل القِيَم السماوية و الإنسانية و مع ذلك تزعم أنها وحدها تُمثل الإسلام. صِغار أحلام في صُفوف هذه الأمة، طغوا في البلاد و أكثروا فيها الفساد و غدوا لا يستحقون حتى إسم إنسان ـ تُحرِّكهم شهوة التسلُّط على الخلائق لا الرغبةُ الصادقة في خدمة الإنسان ـ، من جرَّاء وَهْمِ امتلاك كامل الحقيقة : الوهم المنحوس الذي غرسه في أذهانهم شيوخُ دين يحسبون أنهم على شيء و هم في ضلال بعيد… هؤلاء المسعورون الذين يعتدون على كرامة الإنسان و لا تُظهر تصرُّفاتُهم أيَّ احترام للحياة، أكيداً هم خير حليف لِمَن يسعون بِمكر لِرَبط ديننا بالإرهاب، و قد نجحوا في الواقع فصار هذا الأخير ميزة للإسلام لا فكاك له مِنها و كأنَّه عدو لَدود للحياة. نجحوا بسبب أشرار و فُجَّار نبذوا كل المبادئ التي يُعلي شأنَها الدين و التي يُمليها العقل و الحس السليم و احترامُ الآخرين. توضيح لا بُد منه : خطأ و ادِّعاء باطل تماماً الزعمُ و إيهام الناس أن التطرُّف و الإرهابَ هما حكر على دين دون غيره أو أيديولوجية مُعيَّنة، كما لا يُمكن إغفال أو التغاضي عن كل ما يُسهم في نشأتِهما و تغذيتِهما من عوامل داخلية نفسية و أخرى ظرفية خارجية. و بالمناسبة التطرُّف الديني أو السياسي هو اليوم آخِذ في الإنتشار في كل أنحاء العالَم و هو أحدُ أخطر التحديات المعاصرة… و لن يكفي الحل الأمني في مواجهة هذا التحدي : لأنَّ التطرُّف فكر و اعتقاد و تصوُّرات ذهنية، قبل أنْ يصير أفعالاً و سلوكِيَّات على الأرض. لكِنَّ هذا التوضيح لا يُعفينا مِن مواجهة حقيقة مُرَّة مؤلمة : دينُنا غدا و صار بُعبُعاً بسبب الذين حوَّلُوه إلى ماكينة لإنتاج مجرمين و مباركين للجريمة لا يتحرَّجون من إعلانها عملاً صالحاً مُتميِّزاً بإسم هذا الدين.

هذا الأخير هو أَوَّلُ ضحية لهؤلاء و هو منهم براء ! المُتديِّن الحق هو في المقام الأول و الأخير "إنسان نموذجي" بما تحمله هذه العبارة مِن معان سامية نبيلة. هو بإمتياز صانع سلام و مصدر بركات كثيرة في الأرض، و لا يمكن إطلاقاً أن يصبح لعنة و سبباً للفساد في الأرض. هو يَنبوع خير لا يغيض ما بقي فيه عرق ينبِض بالحياة. لكنه يعلم و يُقر أن انتماءه الديني لا يُعطيه قداسة و لا يعصِمه من الخطأ… و مع كل ذلك هو إنسان راشد سوي العقل بمعنى أنه يُفكِّر تفكيراً سليماً و مستقيماً في جميع أمور الحياة بما فيها الدين. يُفكِّر و لا يُكفِّر. المختلفون عنه في الدِّيانة الظاهرية هم مَوضِع احترامه و تكريمه، يُنصِفهم و لا يعتقد بأفضليته عليهم لِمُجرَّد تلفُّظه ببعض الكلمات أو أدائه لطقوس و شعائر مُعيَّنة، يُصغي إليهم بإهتمام و يتعلَّم منهم فذلك مِمَّا يساعده على تَوسيع آفاقه و الإرتقاء إنسانياً و روحانياً، فالبشر بالنسبة له إخوة و يُشكِّلون أسرة واحدة و كافَّتُهم عِيال الله. أياً كانت الظروف و مهما اعترته من خطوب، سُلوكياته الراقية لا تتغيَّر و لا تتبدَّل حتى لو ظُلم، و يبقى الإنصاف الميزةَ التي لا تنفكُّ عنه أبداً. مُحال أن يُؤذي متعمِّداً بفعل أو قول أحداً من الخلق. فلا يبني سعادته على حِساب سعادة الآخرين… أبغض شيء إلى نفسه الحرة الأبية الظلم، فَمُحال أن يمارس هو أياً من أنواع الظلم. و طبعاً يقف مع المظلوم، حتى لو لم يكن من طائفته الدينية أو المذهبية أو العرقية، و يكافح ليُرفَع عنه الظلم. يتحرَّى بِجِد الحقيقة قبل اتخاذ أي موقف يُناصر عبره هذا أو ذاك و خاصة في أوقات الفتن العمياء كالتي نعيشها اليوم ! إنسانيته التي يُنمِّيها بإستمرار هي وسيلتُه في سعيه لتحسين العالَم و جعله أكثر إنسانية.

"إنَّ الله يَأْمُر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القُربى و ينهى عن الفحشاء و المُنكر و البَغْيِ." (قرآن)

المُتديِّن الحق إنسان حَيُّ الضمير. لا دين لِمَيِّت الضمير. إعلاميون لا حصر لهم، عرباً أكانوا أم عجماً، هم قطعاً مِن هذا القبيل : هم و مُشغِّلوهم و أولياء نِعمتهم شر مَن على وجه هذا الكوكب. بالتأكيد هم أئمة الكفر - لُغةً هذه اللفظة تعني بالدرجة الأولى تغييبَ و كتم و إخفاء ما نعلم بيقين أنه حق - في زمننا الأغبر النكِد. هم عدو البشرية الأول ! يندرج أيضاً بلا ريب ضِمن هذه الفئة أصحابُ قنوات يوتيوبية، و نُشطاء شتى على مُختلِف وسائل التواصل الإجتماعي، لا أتردَّد لحظة في وصفهم بالمجرمين و المفسدين في الأرض… إعلام الكذب و الزور و الخداع هو الطامة الكبرى و طاعون العصر. المصيبة التي أُطلقت عليها تسمية "الربيع العربي" لعب فيها هذا الأخير دوراً حاسماً. و أثبتَتْ لكافة سكان المعمورة بما لا يدع مجالاً لأدنى شك أن بعض رجال الدين هم بلا دين في حقيقة الأمر و أنهم أبعد مَن في الأرض عن الإلتزام بأقدس تعليمات الله. لأنهم بكل بساطة موتى الضمير… الربيع العربي الوهمي جعلني أجزم بكل ثقة أن الكفر، تتعدَّد مظاهِرُه و أشكاله و مذاهِبُه، و تتضارب مصالحُ و أهداف شِيَعِه، لكنه في الجوهر و الأساس و في النهاية ملة واحدة : إنها ملة فاقدي الضمير و غيرِهم مِن أعداء الإنسان، هؤلاء فقط لا غير مَن أستطيع أن أنعتهم بأعداء الله. دون أي اعتبار لإنتمائهم أو عدم انتمائهم الشكلي لِدينٍ ما. لا دين لفاقد الضمير، و لو كان رجل دين ! يوجد بطبيعة الحال أيضاً إعلاميون عندهم ضمير و بعضهم قد يُخاطر، و رُبما يضحِّي، بمستقبله المهنيِ أو حتى حياته لأجل نُصرة الحق و الخير و دَحرِ الشر.

أجزم بأنْ لا دين للأشرار و أنَّ الشر ليس خاصِّية غربية. الإنجيل الذي عند القوم حُجَّة عليهم و يُدين بقوة ظُلمَهم لأنفسِهم و للآخرين، القرآن الذي في أيدينا حُجَّة علينا و هو بريء مِمَّا نحن فيه جملةً و تفصيلاً : توجيهات القرآن و إرشاداتُه هي في واد، و الحالة العامَّة لأمته المزعومة في آخر… ما زالت هذه الأخيرة على الرغم مِن كوْنِها الآن مُنغمِسة في أوحال الجهل و الفساد، و تُرتكب بين ظهرانيها أشياء حتى إبليس يُشيح عنها بِوَجهه لِهَول فظاعتها، ما زالت ترى نفسها خير الأمم و تنعتُ غيرها بالكفار و بعضاً مِن هؤلاء بالخنازير… المدهش في الأمر : ادعاؤنا بغِبطةٍ مذهلة امتلاكَ و احتكارَ الحقيقة المطلقة النهائية، و معها بطبيعة الحال التأشيرة الحصرية لدخول ملكوت السماء. إنه وَهْم بِسَببِه ما قُمنا بخطوة معتبرة في الوِجهة الصحيحة، منذ زمن طويل، و باتت بِسَببِه أمتُنا متواضعة الإسهام في العصور الحديثة. محاولات الإصلاح الديني كلها فشلت لأن منطلقها الأول و لو ضِمنِياً هو ادعاؤها احتكارَ سبيل الخلاص الأوحد في الدنيا و الآخرة.

كلنا ندرك تماماً أنه مهما بلغت ملكاتُنا الذهنية من تطور، في التحليل النهائي يظل العقل الإنساني مُتسِماً بالقصور. قصور العقل البشري المُجمَع على الإقرار به يعطي مشروعيته الواقعية و العلمية للنقد و المراجعة و الفحص باستمرار، لتصحيح الأخطاء و تبديد الأوهام - إذ هكذا فقط تَتوَسَّع آفاق الإستنارة -، و بالتالي فإن ادعاءَ امتلاك معرفة يقينية جامعة مانعة نهائية و لا سِيَّما في مجال الغيبيات هو ضرب من الجنون لا غير… و عندما يدَّعي بطريقةٍ ما خلاف ذلك، رجل الدين أياً كان موقعه يتلاعب بالعقول - دون قصد و عن غير وعي منه في الغالب -، بل إنه يُغوي و يَفتن و يُضل عباد الله. التلاعب بالعقول و تغذيتُها بالأفكار و الأوهام القاتلة هو بلا ريب السَّببُ الأعظم في المشهد المأساوي الذي نرى، أُمَمُ المعمورة كلُّها تضحك علينا أو تأسف للوضع الذي تعيشه أُمَّتُنا، و ما زال مشايِخُنا مُتشبِّثين بالعديد مِن الأوهام التي على رأسِها اعتقادُهم بتمثيل الحقيقة المطلقة دون باقي الورى… لقد تقرَّر عِند العقلاء أنَّ الحقيقة المطلقة هي الله، الذي خلقنا و أوْدَع في كُلِّ واحدٍ مِنا نفخةً مِن روحِه، فنحن جميعاً سَوَاسِيَّة كأسنان المُشط في عَيْن الله. الخلائق كُلُّها تستمِدُّ وجودَها مِن هذه الحقيقة، جميعاً نحمل شعاعاً مِن سناها في طيَّاتِنا، ليس لأحد البتَّة أن يدَّعي امتلاكَ هذه الحقيقة.

الخالق سبحانه لو شاء لجعل البشر جميعاً أُمة واحدة أو نُسَخاً متطابقة، لكنه أراد أمراً آخر تماماً ـ القرآن واضح بهذا الشأن -، و ذلك لحكمة تخفى على العقليات الضيِّقة المحدودة و الألباب العاطلة. فلِلأسف ما زال عَصِياً على أذهان جمهور مشايخ الدين، إدراكُ قيمة التنوُّع - إذ هو قانون الحياة -، و أنه بركة للناس قاطبة و نِعمة عظيمة من فاطر الكون. فَلِكُلِّ ما في الوجود أهمية و دور في ضمان توازن و استمرار الحياة في هذا الكون… إننا بِأمَس الحاجة إلى ثورة بداخل عقول المشايخ. نفوسهم في حاجة إلى مراجعة شاملة و قاسية، و كذلك مجموعة تصوُّرات و أفكار و رُؤى هي الآن عندهم من المُسلَّمات، إن أرادوا أن يصيروا من رُوَّاد نهضة حقيقية. شيوخ الدين عندنا في مجملهم بحاجة إلى طريقة تفكير جديدة تُمكِّنهم من استيعاب رحابة التجربة الإنسانية على مستوى العالَم، و تُخرجهم من قَوْقعة التمايُز المَزهُوِّ عن الآخَر التي ما زالوا يتمترسون بعناد وراءها إلى الفضاء الإنساني و الحضاري الواسع. و ليبدأوا بفتح قلوبهم لجميع الخلائق و رفع حِسِّهم الإنساني… نزعة الإستعلاء الديني المُتجذِّرة في أمتنا التي هي في انحدارٍ مُستمِر منذ قرون، أنتجت عقلية ضيِّقة و مُنغلِقة صارت أمارتَنا بين الكائنات ؛ سبب ذلك جهل مُطبِق بالآخرين و بما في ثقافاتِهم و مُعتقداتِهم و فلسفاتِهم مِن كنوز، و نسيانُ المخزون لدى أي إنسان سَوِي مِن الخيرات. الإنفتاح المتبصِّر على الآخرين و ثقافاتهم و الكفُّ نهائياً عن ازدرائهم و تعييرهم بلفظ الكفار، ذلك هو ضمان إسهامنا الفعَّال في بناء حضارة الحُبِّ و السلام التي يهنأ في ظلها جميع الخلق.

في القرآن آية تُعلِن : "مَن كفر فعليه كُفره و مَن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهَدون". أدعو مشايخ الأمة الأُصلاء إلى تدبُّر هذه الآية القرآنية فإني أراها صريحة و قاطعة في نفي صفة الكفر عن أي مِن أهل الصلاح و ذوي النية الصادقة الطيبة الخالصة و أصحاب المَسلك الراشد في الحياة. لن يستقيم لنا حال و ستزداد أوضاعُنا سوءاً ما دمنا مُوَاظبين على سب غيرنا عبر وَصمِهم جميعاً بلا استثناء بلفظ الكفار… قناعة راسخة في وِجداني و وعيي و كل يوم تزداد هذه القناعة رسوخاً : الكافر هو صاحب الإرادة السيئة، المسلم هو صاحب الإرادة الخيِّرة ! قناعة أخرى هي أشد رسوخاً في وِجداني و وعيي : الخير أقوى من الشر، و لو أنَّ ظاهر الحياة على هذه الأرض و خاصة كل ما يطفو على سطح الأحداث السياسية و العلاقات الدولية، قد يوحي بعكس ذلك. أعتقد أن الكلمة الأخيرة ستكون للخير… خلاصُ هذا العالَم لن تُحقِّقه فلسفات بشرية هي الآن تُحتضَر تحت وطأة المادِّية العقيمة، الغير قادرة كُلِّيةً على إعطائنا السعادة الحقيقية و العاجزة نِهائياً عن إعطائنا تفسيراً مقنِعاً للوجود، و لكنه يَكمُن في أنْ يُبعث الضميرُ الإنساني من جديد بِفِعل تَصالُحِه مع مصدره الأزلي : الله. حينَئذٍ ستُملأ بركةً جميعُ أقطارِ الأرض. الأرض التي خيَّم عليها الفساد، حتى بدا كما لو أنَّ الدنيا بأسرها قد غرِقتْ في ظلمات اللاَّمعنى، و ما عادت تستقيمُ فيها الحياة.

الأحداث العالَمية تتسارع و التوتُّرات السياسية و الجيوسياسية تزداد و تتفاقم في بُلدانٍ و مناطق شتى. إنَّنا نعيش مرحلة تاريخية غير عادية تماماً مليئة بالتحدِّيات و المخاطر و يصعب كثيراً التكهُّن بما ستنتهي إليه. التغيير حتمي و ضروري لكِنَّه لا يتأتى عن فراغ أو عدم و لا يصدر من فوضى أو جهود عشوائية. التغيير الحقيقي ثمرةُ عملٍ مُنظَّم واعٍ مُوَجَّه يتطلَّب قبل كُلِّ شيء فهماً دقيقاً للواقع الذي يُراد تغييرُه. و بالتأكيد لن يُسفِر هذا العمل عن نتيجة مُرضِيَّة لكل ذوي النَّوايا الطيبة - و هم الأغلبية - إلاَّ إذا تمَّ بأسلوبٍ حضاري راق يَحترم و يُراعي القِيَم الإنسانية الأصيلة. رجائي هو أن تتمخَّض التطوُّرات المُلفتة التي تشهدها منذ فترة بلادي الجزائر عن ربيع حقيقي للأمة في مجموعها و لِمَ لا لِكافة دُوَل و شعوب العالَم.

يتوَجَّب على أمتنا تجاوزُ الفكر المُجرَّد و الأماني العريضة و الشعارات و الخُطب الطنانة، و تحويلُ ذلك كله بِتَكاتُف جهود أبنائها جميعاً إلى حالة فعَّالة و ديناميكية و حركة بناء قوية : ذلك لإننا في كافة مجالات الحياة بحاجة قُصوى إلى انطلاقة جديدة قد نؤسِّس بها انطلاقة جديدة للحضارة الإنسانية نحو عالَم مُتزِن يهنأ فيه الجميع… الأمة معدِنُها أصيل نبيل و سوف تعود من جديد، و لكنْ بعد أن تُصحِّح الخلل الذي فيها و تستعيدَ ثِقتها بنفسها، أمةً تهدي و تقود إلى الخير و الحق، و تُسهم بجدارة في صناعة المستقبل و ترشيد مسيرة الحضارة الإنسانية. بالتأكيد نستطيع إعادة البوصلة إلى اتِّجاهها الصحيح بِهدف ترتيب أوضاعنا الحالِيَّة التي نعترف كلُّنا أنها سيئة، شريطة أن نبدأ دون تأخير بوقفة مع النفس فردياً و جماعياً و نكون فيها صادقين تماماً و في مُنتهى الصراحة. و أن نعترف بأنه لا غِنى لنا عن تجديدٍ أساسي لِفكرنا الديني الموروث… الأمة التي لا تُراجع دَوْرِياً ذاتها و الفِكرَ الذي يَصدُر منه سلوكُها هي مُعرَّضة للتَّقهقُر المُستمر إلى أن تُغادِر مُعترك التاريخ، المحكوم بالصراع و بالشَّد و الجذب، أو بِما يُسمَّى بسُنَّة التدافُع في القرآن، الأمة التي لا تستفيد شيئاً من تجاربها مآلُها و مصيرها المحتوم هو أن تكون على الدَّوَام مُجرَّد ألعوبة بأيدي صُنَّاع التاريخ : هي فعلاً أمة تحكم على نفسها بالموت و لا مكان لها بين الأمم الجادَّة.

أُمتنا تتخبَّط فِعلاً في قدر هائل من الأزمات و المشاكل، و للأسف غفلنا في غَمْرَتِها عن حقيقة في غاية البداهة : المشاكل لا يُمكن حلُّها باستخدام نفسِ طريقة التفكير التي أَوْقعت في هذه المشاكل. قناعتي أنه لا مناص من تمحيص دقيق لمفاهيمنا السائدة و قِيَمنا الرائجة التي تمارس في الغالب دوراً مُضلِّلاً للكثيرين و تُسهم إلى حد كبير في تزييف وعي عموم الأمة. نحن إذاً بحاجة إلى إصلاح فكري، في المجال الديني بالدرجة الأولى. المطلوب بإلحاح ليس أقل من إعادةِ بناءٍ حقيقية لِمَنظُومة فكرنا الديني بالكامل. لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا ما يلي : الدين القويم و هو الذي يُوائِم الفِطرة و لا يصدِم الضمير و قبل كل شيء يُعين الحياة و يُحسِّنُها و يُخفِّف مِن قسْوَتها، و يُعلِّم المخلوق الآدمِيَّ كيف يكون إنساناً بجدارة و مُستحِقاً بالفعل أن يُسمَّى إنساناً، لا يُمكن أن يستغني عن المُراجعة النقدية الدائمة و التصحيح المُستمِر للتَّصوُّرات و الدعائم الفكرية التي يقوم عليها. و هذا يقتضي عدم تصنيم أي فكرة هي نِتاج جهد بشري في محاولة فهم النصوص المُؤسِّسة للدين. و طبيعي جداً أنَّ المراجعة الواعية و المسؤولة و النزيهة لِما نحن عليه مُكلِّفة و كذلك مُربِكة للمشاعر لكِنَّها ضرورية حقاً و لا مناص منها لِكَيْ نتجاوز ما نحن فيه. الحقيقة وحدها تُخلِّصنا و ربيع الأمة و كُلِّ العالَم لن تصنعه الأوهامُ و الشعارات الجوفاء بل الحقيقة. هي دون سواها تُحرِّرنا، مهما كانت مُؤلِمة قاسية…

« الربيع الذي نتطلَّع إليه هو الحياة الروحية التي تحيا بها القلوب، و تصلُح في ظِلِّها الأحوال و تستقيم الأمور. نحتاج إلى الربيع الذي يربط الإنسان بربه. و الإنسان أينما كان بحاجة إلى البعد الروحي لِيُحقِّق توازنه و انسجامه. البشرية كلها بحاجة إلى هذه الحياة الربانية المُتوازنة، لِتخرُج من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة ؛ فتتحرَّر من عبودية الدنيا، و ترتقي إلى عبودية الله. قال الله تعالى : "و مَن يعتصم بالله، فقد هُدي إلى صراط مستقيم". » (محمد المأمون القاسمي)

أُمتي، أَفيقي ! فالتاريخ يُناديك : لقد طال أكثر من اللازم غِيابُك شبه التام عن الفعل التاريخي، و لقد بقيتِ دهراً طويلاً جداً على هامش الحضارة و التاريخ. الربيع المنشود المأمول منا جميعاً عنوانُه العِزَّة و الكرامة و طِيبُ العيش لِجميع سكان هذا الكوكب الجميل… ربيع عنوانُه و نهايته تحقيقُ إنسانية الإنسان فذلك وحده ما يُرضي الرب. أعتقد بقوة أنَّ حركة التاريخ الإنساني تسير بهذا الإتجاه رغم فَوْضوِيتها و تخبُّطِها في الظاهر… الإنسانية تُواجِه خطراً وجودياً، خلاصُها و ارتقاؤها الحقيقي يكمُن في تعاوُن الأفراد و الجماعات و الأمم على البِر و التقوى، و أن يستبِقوا بلا كَلَلٍ الخيرات ! ذلك هو الحل الأوحد لِجُل مشاكل هذا العالَم، الكفيلُ بتحقيق سلام عادل و دائم بين البشر.

متى إذاً سيستقر في ضمائر و قلوب الجميع و بالأخص المُتديِّنين التقليديين أنَّ مساعدة الآخرين عبادةٌ جليلةُ القَدْر و أنَّ إسعادَ المخلوقات عمل صالح و يُقرِّبنا أكثر مِن الطقوس و الشعائر إلى الله ؟ يا ناس الأمل لم يَمُت، هو دَوْماً حي، من المُحال أن يموت. كفى عبثاً و هدراً للطاقات ! هيَّا نُغيِّر هذا الواقع المرير ! هيَّا نصنع مستقبلاً واعداً يَسَعُ الجميع، يحيا فيه الكُل على اختلاف أجناسهم و تَوَجُّهاتهم و تصوُّراتهم و أوطانهم في هناء و سلام، و يتعاون على بنائه و تحقيقه الجميع. إنَّه الواجب الذي لا بُدَّ لنا مِن الإضطلاع به دون تأخير، مهما كلَّفنا ذلك مِن جُهد أو بذلنا في سبيله مِن تضحيات. فهذا بالذات ما يُريده الله مِنا نحن بني الإنسان.

أضرع إلى رب العباد أن يوحِّد عبادَه على كلمة سواء. و أن يرزقهم قدراً من الحكمة يُجنِّبهم تدمير مستقبلهم المُشترَك، و أن يُؤلِّف بين قلوبهم و يجعل بينهم مودة و رحمة، و أن يهديهم سُبل السلام و الوئام و يسلُك بهم الصراط المستقيم. فالوضع الحالي كارثي بكل المقاييس. أوطانُنا العربية المكلومة الحزينة عَطشى إلى أمطار الحب، الأرضُ كُلُّها مِن شرقِها إلى غربها ظَمأى إلى أمطار الحب. البشرية الآن تَقِفُ في مفترق طُرُق و سلوكها الجماعي أصبح يُهدِّد بِمَحوِها من الكون، فقدانُها البُوصلة أوْصَلها إلى مُنعطَف خطير للغاية، مَنطِقُ المسؤولية التاريخية يَسْتَوْجِب علينا إذاً أن نسمع بسرعة نِداءَ بل صرخة الكون : إصطلحوا مع الحب، قبل أن يَفُوت الأوان. نحن في خطر ! المحبَّة فيما بيننا هي الحل، و فيها تَكمُن نجاتنا يا بشر.


"إنها لحرب ضروس شعواء، تلك التى يترتَّب على الإنسان أن يشُنها على نفسه. و إنها لحرب مقدسة. و هي من بين كل أنواع الحروب، الحرب الوحيدة التي يليق بالإنسان أن يخوض غمارها. و كل ما عداها فظاعة و خزي و رجاسة و دياجير حالكة تُعمي الإنسان عن هدفه و تَحرِفُه عن الصراط السوي إليه." (ميخائيل نعيمة‎، "النور و الديجور"، 1953)

"هدفي هو مصادقة العالَم أجمع، و بِوُسْعِي التوفيقُ بين أعظمِ حُب و أشدِّ مقاومةٍ للخطأ. أي حاجز لا يَقوى الحبُّ على تحطيمه !" (غاندي)

"خلاص الإنسان أن يذوب في الإنسانية جمعاء. أن يُضمِّدَ جراحه بتضميد جراح الآخرين، يُكفْكِفَ دموعه بمسح دموع الآخرين. هذا، في نهاية المطاف، هو الحب الحقيقي : أن تُحِب الخالق و تحب الخليقة." (غازي عبد الرحمان القصيبي)

"الإسلام بصفته دين الرحمة، هو أَوْلى من غيره بنشر ثقافة المحبة و التَّسامُح و السلام، لتشمل الإنسانية جمعاء !" (محمد شحرور)

"لو تراحم الناس لما كان بينهم جائع و لا مغبون و لا مهضوم، و لأقفرت الجُفون من المدامع و اطمأنت الجُنوب في المضاجع، و لَمَحَتْ الرحمةُ الشقاء مِن المجتمع كما يمحو لسان الصبح مِدادَ الظلام. أيها السعداء أحسنوا إلى البائسين و الفقراء، و امسَحوا دموع الأشقياء، و ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء." (مصطفى لطفي المنفلوطي، "التراحم"، 1907)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن