قراءة مختلفة لما يحدث في ميانمار الشيوعي البورمي حول الانقلاب وخلفيته والحكومة والحركة الاحتجاجية

رشيد غويلب
rachidlu@t-online.de

2021 / 5 / 30

يرى الشيوعيون في ميانمار، التي يفضلون ان تسمى بورما، أسوة ببعض قوى المعارضة الأخرى، أن انقلاب الأول من شباط العسكري كان نتاج الأزمة اجتماعية -اقتصادية طويلة تعيشها البلاد.
تأسس الحزب الشيوعي البورمي في أب 1939 من قبل مجموعة من الثوار في المستعمرة البريطانية. كان أحد مؤسسيه هو المناضل الوطني الجنرال أون سان، والد رئيسة الوزراء التي خلعها الانقلابيون أون سان سو تشي. وعاش الحزب عقودا طويلة من العمل السري، بضمنها فترات طويلة من الكفاح المسلح ضد المحتلين الأجانب وعدد من الأنظمة العسكرية المحلية القمعية. ومر الحزب بأزمة خطيرة في أواخر الثمانينيات، حيث فقد مواقع عملياته المتبقية في المناطق الحدودية، واضطر إلى إعادة بناء تنظيمات سرية داخل البلاد وخارجها، وحتى اليوم يمارس الحزب العمل السري.

هيمنة الجيش الاقتصادية
منذ عام 1962، سيطر الجيش على الحياة السياسية في ميانمار، بشكل مباشر أو غير مباشر، إما من خلال دكتاتورية مباشرة أو في ائتلاف غير متكافئ مع الحزب الرئيسي، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، بقيادة أون سان سو شي. وفقًا للحزب الشيوعي البورمي، لا ينبغي اعتبار الجيش قوة سياسية فقط، بل هو أيضًا، قوة اقتصادية، ولهذا فالصراعات بين الجيش وحزب الرابطة مستمرة، والسبب الرئيسي هو أن الجيش نفسه أصبح زمرة من بين القوى الحاكمة للأمة وليس لديه نية للتوافق مع حكومة مدنية، ناهيك عن الخضوع لقراراتها.

الانقلاب العسكري ورأسمالية القرابة
الشيوعي البورمي يرى أن كلا الفريقين المتنافسين يمثلان مصالح الفئات الأشد ثراء من الرأسمالية البيروقراطية. ولا يرغبان في أن يعيش الناس برفاهية، أوفي سد الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
تعود جذور النظام العسكري الحالي إلى الاستيلاء على السلطة من قبل حزب البرنامج الاشتراكي البورمي، المعروف أحيانًا باسم حزب الطريق البورمي إلى الاشتراكية في عام 1962. يعتقد الحزب الشيوعي البورمي أن العسكر ابتعدوا عن التنمية الوطنية، والتصنيع وكذلك تعزيز رفاهية الشعب، وأن رأسمالية القرابة أعاقت الشروع في مسار اشتراكي وأن الصناعات التي طورها العسكر ذات طبيعة استهلاكية يومية، ولا تواكب التقنيات الحديثة والاستثمارات الكبيرة.
يعتبر العمال المهاجرون إلى البلدان المجاورة مثل تايلاند والصين وماليزيا، والقسم الآخر يعمل في بلدان بعيدة مثل قطر وكوريا الجنوبية والأردن مصدرا مهم للدخل الوطني حيث يشكلون قرابة 1 في المائة منه. وإلى جانب التصنيع المتخلف يسود الخراب القطاع الزراعي، ويسيطر المستثمرون الأجانب، وفق معطيات مجلس الشعب على 90 في المائة من ميادين الاستثمار، كالنفط والأحجار الكريمة، ومزارع الموز والمطاط، والذرة، والاعشاب الطبية. ويشكل فقراء الريف مصدرا أساسيا للأيدي العاملة الرخيصة. بالإضافة إلى الخراب البيئي جراء إزالة الغابات، وتأثيرات مناجم التعدين السلبية، وتآكل التربة وجفاف الأنهار.
حركة الاحتجاجات المناهضة للانقلاب
بشأن الاحتجاجات المستمرة في مواجهة الانقلابين يشير الشيوعي البورمي إلى: “الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة ضد الانقلاب العسكري في ميانمار تبين اتساع نطاق المعارضة للطغمة العسكرية بقيادة الجنرال مين أونج هلاينج. ويناضل الناس من جميع مناحي الحياة بشجاعة مثالية، في حين يشن الجبناء من العسكر حربا لا هوادة فيها على المدنيين العزل، وقد وظف حزبنا كل الوسائل لدعم الشعب الشجاع”.
ويرى الشيوعيون أن الحركة الواسعة المعادية للجيش حاليًا تمتاز بالعديد من السمات المألوفة في الحركات الديمقراطية واليسارية السابقة بالإضافة إلى بعض الميزات الجديدة، بما في ذلك الدور النشط للطبقة العاملة في المدن.
بعد انتقال الحزب الشيوعي إلى ممارسة الكفاح المسلح في مناطق الغابات، بعد نيل الاستقلال، ضعفت الحركة النقابية الشرعية بشكل ملحوظ. ولم تبدأ الحركة النقابية بالانتعاش إلا في أواخر الثمانينات، عندما انتشر السخط الاجتماعي بشكل جماعي.، لكنها لا تزال ضعيفة للغاية وسيئة التنظيم. “على الرغم من عدم تنظيمها بشكل جيد، فقد لعب العاملون دورًا نشطًا لا يمكن إنكاره في النضالات الوطنية الحالية. وشارك العديد من العمال في المظاهرات ووجدوا طرقًا لحمل السلاح”.
ويمثل الطلبة قوة مهمة أخرى لقدد لعبوا دورًا مهمًا في النضالات ضد الاستعمار في الثلاثينات وأيضًا في ثورة عام 1988. “لقد برهنوا أنهم يستطيعون حمل السلاح والملصقات، وفقًا للمطالب الموضوعية للحركات الاحتجاجية. وقد انتقل بعض الطلاب من حركة العصيان المدني إلى المجموعات المسلحة ذات الطابع العرقي للمشاركة في القتال ضد العسكر”.
وتشارك في الاحتجاجات حركات جماهيرية ديمقراطية تمثل النساء والمثقفين وجمهور المتدينين، يلخص الحزب الشيوعي طبيعة الانتفاضة بالقول: “الانتفاضة الحالية، مثل انتفاضة عام 1988 تمامًا، تشمل أناسًا من جميع الأعراق والطبقات والأديان وبأساليب مختلفة”.
وبالنسبة للشيوعيين فان مشكلة الانتفاضة تكمن في افتقاد رمز له مكانة وطنية أو دولية مماثلة لرئيسة الوزراء المعزولة، وأن الحركة الجماهيرية لم تخلق بعد بديلًا مناسبًا لقيادة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية المعتمدة على الرمزية الشخصية. “يعلم الجميع أنها اتفقت مع الجنرالات، ضد شعب الروهينغا. إن الحركة الحالية تفتقر إلى شخصية رمزية قيادية، وربما تظهر سو تشي من جديد”.
ويناشد الحزب الشيوعي البورمي قوى اليسار والحركة العمالية العالمية لحشد التضامن الاممي الفعال ضد الانقلاب.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن