مشروعية استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة

محمد عبد الكريم يوسف
levantheartland@gmail.com

2021 / 5 / 16

1-مقدمة
يخضع استخدام دول العالم للقوة، لقواعد عرفية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العام وقانون المعاهدات. ينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة 2 الفقرة (4) منه على ما يلي:
يمتنع جميع الأعضاء عن التهديد باستعمال القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة، في علاقاتهم الدولية أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع مبادئ منظمة الأمم المتحدة.
وقد وضعت هذه القاعدة القانونية في ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945 ، وصارت مقدسة لمنع الدول من استخدام القوة متى أرادت . وتعد هذه القاعدة جزءا مهما من القانون الدولي العرفي ويحظر استخدام القوة إلا في حالتين اثنتين هما : احلال السلام بتفويض من مجلس الأمن أو في حال رد عدوان عن بلد ما والدفاع عن النفس . ويجتهد بعض الخبراء في تحوير هذا المبدأ الأممي عن مقاصده بحجة التدخل الإنساني والثأر وحماية المواطنين في الخارج .
2-كلمات مفتاحية :
الأمم المتحدة ، القاعدة القانونية ، الصيغة الآمرة ، مقاصد ، السلام ، القوة ، القوة الناعمة ، القوة الخشنة ، ميثاق ، التهديد ، العدوان ، تدرج ، حظر.
3-أهمية البحث :
تأتي أهمية البحث من قاعدة قانونية هي أن استخدام القوة في العلاقاتالدولية هو انتهاك خطير للقواعد المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة، إلا ما استثني صراحة بموجب النصوص القائمة فيما تعلق بالدفاع المشروع أو في إطار ما يقرره مجلس الأمن لدواعي حفظ السلم و الأمن الدوليين.في الآونة الأخيرة تعالت أصوات تنادي بوجوب الاعتراف بحالات أخرى يمكن فيها اللجوء إلى استخدام القوة و هي المسألة التي تتعارض مع صريح قواعد و ضمانات ميثاق الأمم المتحدة ويتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب الدولي، التدخل لدواعي إنسانية، و الحروب الوقائية.يتناول هذا البحثمناقشة موضوعية لمبدأ حظر استخدام القوة وفق موجبات القانون الدولي.


4-إشكالية البحث:
تبرز اشكالية البحث في ضرورة تكريس القاعدة القانونية لحظر استخدام القوة إلا وفق ميثاق الأمم المتحدة، و موجبات القانون الدولي ونصوص المعاهدات الدولية، وضرورة التمييز في الصياغة القانونية للنصوص القانونية الآمرة وضرورة الالتزام بها شكلا ومضمونا، مع فحص لبعض المطالبات التي تتعارض والقانون الدولي مثل التدخل الإنساني وغيره من القضايا الجدلية على المستوى الأممي.
5-منهج البحث:
يعتمد البحث في مناقشته وعرضه لمسألة حظر استخدام القوة وفق متطلبات ميثاق الأمم المتحدة المنهج التحليلي في عرضه ومناقشته للمسائل المطروحة فيه.
6-خطة البحث:
في ضوء ما سبق يعتمد البحث في تحليله خطة بحث مؤلفة من :
مقدمة تحتوي عرضا للمشكلة وثلاثة فصول وعدة مباحث : يشرح الفصل الأول مشروعية استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة والقواعد القانونية الآمرة وتدرجها ويبحث الفصل الثاني في مفهوم القوة المحظورة والتمييز بين القوة الناعمة والقوة الخشنة ويجيب عن مشروعية استخدام القوة الناعمة في القانون الدولي مع نماذج من حالات استخدام القوة بتفويض من مجلس الأمن ومحاذيرها وينتهي البحث بخاتمة ونتائج وتوصيات .
7- الفصل الأول
7-1-المطلب الأول : مشروعية استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة
لقد تمت صياغة مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد باستعمالها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة على الشكل التالي: "يمتنع جميع أعضاء منظمة الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه أخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة( الفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة.)
ويتألف مضمون مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في حظر الحرب العدوانية, وحظر اللجوء إلى الحرب في العلاقات بين الدول. لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام "وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الحرب في العلاقات بين الدول.و جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م إن " الحرب العدوانية تعتبر جريمة ضد السلام" وهي تجر المسؤولية الصارمة إلى الدولة التي لجأت إلى مثل هذه الحرب.
ويحظر هذا النص ما يلي:
• أية إعمال تشكل التهديد باستعمال القوة أو استعمالها المباشر أو غير المباشر بحق دولة أخرى.
• استعمال القوة أو التهديد باستعمالها بهدف التعدي على سلامة الحدود الدولية لدولة أخرى أو حسم الخلافات الدولية أو حل المسائل المتعلقة بالحدود الدولية أو خرق خطوط الفصل الدولية بما في ذلك خطوط الهدنة.
• فرض العقوبات باستعمال القوة المسلحةمثل, الحصار السلمي المزعوم أي ضرب طوق الحصار المستعمل بالقوات المسلحة في زمن السلم ضد دولة أخرى.
تشكيل القوات غير النظامية أو العصابات المسلحة بما فيها عصابات المرتزقة أوالتشجيع على تشكيلها.
• تنظيم إعمال الحرب الأهلية أو الأعمال الإرهابية في دولة أخرى أو التحريض على هذه الأعمال أو مساندتها أو المشاركة فيها أو المساعدة على تنظيم النشاط من هذا النوع من حدود الأراضي الوطنية بما في ذلك الأعمال الهادفة إلى التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
• الاحتلال العسكري لأراضي دولة أخرى و الذي ينجم عن استعمال القوة خلافا لميثاق منظمة الأمم المتحدة.
• الاستيلاء على الأراضي لدولة أخرى على اثر التهديد باستعمال القوة أو استعمالها.
• الأعمال التعسفية القمعية التي تحرم الشعوب من حقوقها في تقرير المصير و الحرية والاستقلال.
ومع الأمم المتحدة تعريف العدوان المسلح في عام 1974م ثم وضعها قائمة ( غير نهائية) لتلك الأعمال المحظورة بالقانون الدولي التي " تعتبر من أخطر أشكال استعمال القوة غير الشرعي".
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة ,و بالتالي وفقا للقانون الدولي المعاصر لا يحق لدولة أو دولإن تستعمل القوة المسلحة ضد دولة أخرى إلا في حالتين فقط هما:
• من خلال المشاركة في تنفيذ الإجراءات بقرار صادر عن مجلس الأمن بهدف درء الحظر على السلام أو إزالته وصد الأعمال العدوانية أو غيرها من انتهاكات السلام (في إطار منظمة الأمم المتحدة.)
• من خلال تحقيق حق الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس في حال التعرض للاعتداء المسلح. وفي هذه الحالة يمكن للدولة أن تعمل ضد المعتدي على انفراد أو في التحالف مع دول أخرى.
هذا ويعتبر حظر الدعاية للحرب جزءا مكونا للمبدأ المذكور, يمكن اعتباره أيضا بصفته قاعدة منفردة.لقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م أنه"وفقا لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها يتوجب على الدول أن تمتنع عن نشر الدعاية للحروب العدوانية".و تعني القاعدة المشار إليها أن الدول يجب عليها أن تحول دون قيام أجهزتها بنشر الدعاية للحرب .
7-2-المطلب الثاني : مفهوم القواعد القانونية الآمرة في ميثاق الأمم المتحدة
القواعد القانونية الآمرة في ميثاق الأمم المتحدة مبادئ أساسية من مبادئ القانون الدولي التي قبلها المجتمع الدولي لتأسيس قاعدة أو أرضية لا يجوز للدول خرقها بأي حال من الأحوال. لقد أقر المجتمع الدولي عددا من المبادئ على أساس أنها شاملة، ويتعلق الأمر بالمعايير الإجبارية للقواعد الآمرة التي تمنع خاصة أفعال الاعتداء، وتمنع العبودية وتجارة الرقيق وتحظر الإبادة الجماعية والقرصنة والفصل العنصري والتعذيب، وكذلك إعلان الدخول في حروب أو المعاهدات التي تهدف إلى المس من الحريات الأساسية للأشخاص.
يعتبر الفصل 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المؤرخة في سنة 1969 قاعدة إجباريةبالنسبة للقانون الدولي حيث كل قاعدة مقبولة، ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي لا تخضع لأي استثناء ولا يمكن أن تتغير إلا بمقتضى قاعدة جديدة من القانون الدولي تحمل نفس الطبيعة. يسبب أي انتهاك للقواعد الآمرة بطلان القاعدة وتتحمّل الدولة مسؤولية ذلك وتبعات خرقها .
7-3-المطلب الثالث : الطبيعة القانونية للقواعد الآمرة
هناك خلاف دولي حول مضمون ومعايير القواعد الدولية الآمرة ، ويبدو أن الخلاف مردة إلى الخلاف الفلسفي حول أسس القواعد الآمرة وتنوع تفسيراتها ، وقد طرحت الكثير من النظريات المؤسسة حول ماهية القواعد الآمرة . ولئن كـان حسـم النقـاش النظـري بشأن القواعد الآمرة ليس هدفا من أهداف هذا التقرير ولا مـن أهـداف الدراسـة الـتي تتنـاول الموضـوع، فـإن أي محاولـة لاسـتخلاص المعـايير اللازمـة لتحديـد هـذه القواعـد - بـل وتبيـان آثارها أيضا - يجـب أن تنـبني علـى الإلمـام بجوانـب النقـاش النظـري الـذي يتنـاول أسـس هـذه القواعد. وقد شكلت الأمم المتحدة لجان لدراسة طبيعة القواعد الآمرة
لا تقتصـر الطبيعـة القانونيـة للقواعـد الآمـرة علـى الأسـس النظريـة أو الفلسـفية لهـذا المفهوم. بل هي تتعلق، إضافة إلى ذلك، بدور القواعد الآمرة فيما يتجـاوز اتفاقيـة فيينـا، وهـو . ولئن كان من المقبول عمومـاً أن القواعـد الآمـرة الدور الذي سبق أن اعترفت به اللجنةتشكل جزءاً من القـانون الـدولي، فـلا يـزال هنـاك مـن يشـكّك في مركزهـا في سـياق القـانون . وبالتـالي يلـزم تقـديم شـرح مقتضـب لمركـز القواعـد الآمـرة في القـانونالـدولي الوضـعي الدولي، مع مراعاة التطورات المستجدة منذ اعتماد اتفاقية فيينا .
وفيما يتعلق بطبيعة القواعد الآمرة، تحدد اتفاقية فيينا مفهوم هذه القواعد باعتبارهـا من قواعد القانون الوضعي ومبنية على القبول. وهذا ما ذهبت إليه أيضاً أحكام محكمة العدل الدولية، بما فيها حكم قضية بلجيكا ضد السنغال إذ أشارت المحكمـة، في معـرض تبريـر استنتاجها أن حظر التعذيب قاعدة آمرة، إلى أن الحظر يستند إلى "ممارسة دوليـة واسـعة النطاق وإلى اعتقاد الدول بإلزامية هذه الممارسة"، وأشارت كذلك إلى أنه "يرد في العديد منالصكوك الدولية العالمية التطبيق"، وأنه "أُدرج في القانون الداخلي لجميع الدول تقريباً" . وأضافت المحكمة أيضاً أن أفعال التعذيب "تُشجب بانتظام في المحافل الوطنية والدوليـة" وتحديد مفهوم القواعد الآمرة بعبارات القانون الوضعي، باعتبار هذه القواعد مبنية على قبول. ويمكن أن تسمح دراسة طبيعة القواعد الآمرة للجنة بالنظر في نوع القواعد التي نالت حتى الآن مركـز القواعد الآمرة، كي يتبين إن كانت للقواعد الآمرة سمات مشتركة. وقد تتناول أيضا دراسة طبيعة القواعد الآمرة، على سبيل المثال، العلاقة بين القواعد الآمرة والقانون الدولي العـرفي، فضلاً عن الفرق بين القواعد الآمرة وغيرها من المفاهيم التي ربما تكون لها علاقة هبـا مثـل الحقوق غير القابلة للانتقاص التي ترد في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والالتزامـات فيمواجهة الجميع .
7-4-المطلب الرابع : مكانة القواعد الآمرة في القانون الدولي:
هناك الكثير من الانتقادات والاعتراضات الموجهة ضد القواعد الآمرة وتتنوع حجج المعترضين بسبب الخوف على قدسية المعاهدات والتعارض مع مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، وهناك من يعتقد أنها لا تتفق مع طبيعة القانون الدولي وهيكله ولا يترتب عليها أي أثر فعلي ، وتعمل على تقويض القانون الدولي .
ومنذ اعتماد اتفاقية فيينـا، ازدادت بشـكل كـبير الإشــارات الــتي أحالــت فيهــا الــدول والأحكــام القضــائية إلى القواعــد الآمــرة. وللإشــارات الصريحة إلى القواعد الآمرة في الممارسة القضائية لمحكمة العدل الدوليـة بالـذات دلالتُهـا. فمنـذ اعتماد اتفاقية فيينا في عام ١٩٦٩ ،وردت ١١ إشارة صريحة إلى القواعـد الآمـرة في الأحكـام أو الأوامر الصادرة بأغلبية الآراء عن محكمـة العـدل الدوليـة، وهـذه الإشـارات جميعـاً تفتـرض أو علــى الأقــل يبــدو أهنــا تفتــرض وجــود القواعــد الآمــرة كجــزء مــن القــانون الــدولي. وفي قضــية الأنشــطة العســكرية وشــبه العســكرية، علــى ســبيل المثــال، أعلنــت المحكمة، بدون أن تؤيد صراحة فكرة القواعد الآمرة، أن كلا مـن الـدول واللجنـة يتعامـل مـع حظر استخدام القوة باعتباره من القواعد الآمرة تناوله للقواعد الآمرة، فالبادي أنه موجه بشـكل أكـبر نحـو تبـيّن مـا إذا كـان الحظـر يُعتـبر مـن القواعد القانونية الآمرة . وقد شهدت المحاكمات الدولية دائما إشارات إلى أن هذا العمل أو ذاك يعد انتهاكا للقواعد الآمرة المنصوص عليها في الميثاق الأممي و القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ( التهديد باستخدام السلاح النووي ، انتهاكات حقوق الإنسان ، قضايا الإبادة الجماعية ، التمييز العنصري ، جرائم الحرب)
7-5- المطلب الخامس :التدرج في تطبيق القواعد الآمرة :
يعرف القانون الدولي فكرة وجود قواعد قانونية آمرة ملزمة لكل الدول لا يجوز الخروج عليها ، وقد أشارت إليها محكمة العدل الدولية حين قالت " المبادئ التي تضمنتها الاتفاقية هي مبادئ معترف بها من قبل الأمم المتحدة كمبادئ ملزمة للدول حتى بدون أي التزام اتفاقي." كذلك اشارت المحكمة إلى مبادئ القانون الدولي العرفي التي لا يجوز الخروج عليها حين قالت:" هذه القواعد ينبغي أن تتقيد بها جميع الدول سواء صدقت أم لم تصدق على هذه الاتفاقيات التي تتضمنها لأنها تشكل مبادئ القانون الدولي العرفي لا يجوز انتهاكها."
القواعد الأمرة جزء من اتفاقية فيينا ( المادتين 53-64) وأكدها القانون الدولي والمحلي وقد أشارت إليها مرة أخرة محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا حين قالت:" قانون ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بمنع استخدام القوة يشكل في حد ذاته مثلا بارزا لقاعدة في القانون الدولي لها صفة القوة الآمرة" كما أقر الفقه الدولي بوجود القواعد الآمرة في القانون الدولي.
تتمتع القواعد الأمرة بأعلى مرتبة في التدرج الهرمي للقواعد القانونية الدولية ، وهي ملزمة لجميع الدول وهذا ما أكدته المحكم الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة حين قالت :ط بسبب أهمية القيم التي يحميها فإن هذا المبدأ حظر التعذيب وتطور إلى قاعدة قانونية آمرة . أي قاعدة أعلى مرتبة في التدرج الدولي وهو أعلى من المعاهدة وحتى القواعد العرفية وهو في المرتبة الأولى ولا يمكن للدول التحلل منه عن طريق المعاهدات الدولية أو الأعراف المحلية اليي ليس لها نفس القوة."
وقد أكد القانون الدولي بطلان القواعد المخالفة للقواعد الآمرة لأنها تتمتع بأعلى مرتبة في الدرج الهرمي الدولي فلا يجوز الخروج عليها أو الانتقاص منها وإذا تعارضت قاعدة آمرة مع قاعدة قانونية دولية أخر فإن القاعدة الآمرة تلغي ما يخالفها وعلاقتها مع باقي القواعد هي علاقة صلاحية وليست علاقة أولوية أو أسبقية وإذا تعارضت قاعدة آمرة مع العرف فإن العرف يلغى. وإذا تعارضت معاهدة سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف مع قاعدة آمرة فإنه يتعين التمييز بين ما إذا كان ظهور القاعدة الآمرة سابق أم لاحق للمعاهدة الدولية إذ تعتبر المعاهدة باطلة في حال تمت بعد القاعدة الآمرة وإذا كانت المعاهدة قبل القاعدة الآمرة فيجب توفيق المعاهدة بقدر الامكان مع القاعدة الآمرة . وإذا ظهرت قاعدة آمرة جديدة فإن جميع المعاهدات التي تخالفها تعتبر باطلة ، والبطلان ليس له أثر رجعي ويلحق البطلان ببنود المعاهدة التي تتناقض مع القاعدة القانونية الآمرة . لا يجوز التحلل من القاعدة الآمرة أو الالتفاف عليها أو معارضتها .
8-الفصل الثاني
8-1-المطلب الأول: القوة الخشنة والقواعد القانونية الآمرة :
ظلتالقوةعنوانالعلاقاتالدوليةمنذالقدم،حيثكانتالحربقبلميثاقالأممالمتحدةأمرامشروعاً ووسيلةمقبولةقانونالفضالنزاعاتالدوليةكونأنمفهومالقوةلميكنمعروفابالشكلالذييفرضهعصرالتنظيمالدولي. لقد سميت القوة العسكرية في حل النزاعات بالقوة الخشنة وقد جرت محاولات لتقييد استخدام القوة على المستوى الدولي بدءا من اتفاقية لاهاي الأولى عام 1899 تعهد فيها الأطراف الموقعة بعد استخدام القوة في استرجاع الدين المترتبة على الدول المدينة ثم معاهدة لاهاي الثانية عام 1907 واستمرت الجهود الدولية في تقيد حرية الدول القوية في استخدام القوة الخشنة لحل النزاعات حتى صدور ميثاق الأمم المتحدة الذي حظر صراحة استخدام القوة في حل النزاعات وفرض قواعد قانونية آمرة لتحق المقاصد التي أنشأ من أجلها وقد فرض القانون الدولي التساوي بين استخدام القوة الخشنة والقوة الناعمة أما القواعد القانونية الآمرة للميثاق الأممي .
8-2- المطلب الثاني: القوة الناعمة والقواعد القانونية الآمرة :
والمقصود بالقوة في المادة 2 الفقرة 4 :" يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو باستخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ." وبالتالي لا يجوز استخدام القوة المسلحة فقط وانما يشمل أيضا الضغوط الاقتصادية أو السياسية أو سياسات التمدد أو سياسات الاحتواء، وقد أيدت المادتين 41-42 ذلك عندما ذكرت التدابير العسكرية وغير العسكرية والتدابير الاقتصادية أو السياسية أو التجارية إحدى صور القوة ، يضاف إليها الاستناد إلى المواثيق الدولية التي تحظر التدخل وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية والترغيبية في العلاقات الدولية ( القوة الناعمة ) وقد صدرت عن الأمم المتحدة مجموعة من القارات التي تنظم العلاقات الدولية وتعزز الاستقرار وتحظر استخدام القوة بأشكالها المتعددة من أهمها القرار رقم 25/26 الصادر عن الجمعية العامة والمتضمن مبادئ القانون الدولي والعلاقات الودية والتعاون بين الدول بما يتفق ومقاصد الأمم المتحدة وخدمة السلم والأمن الدولي وقد تضمن القرار بصريح العبارة حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية وعدم التهديد باستخدام القوة أو استعمالها ضد سلامة الدول وعدم التذرع بأي ذريعة كانت للشروع في الاعتداء أو استخدام القوة بأي شكل.

9- خاتمة :
إن قاعدة حظر استخدام القوة بأشكالها في القانون الدولي من القواعد المستقرة في القانون الدولي المعاصر وهو هدف سعت لتحقيقه الأمم المتحدة وتكريسه في الممارسات السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول حيث كان استخدام القوة في الميثاق الأممي أمرا محظورا ويجب على الدول الامتناع عن استخدام القوة في علاقاتها لضمان حماية حقوق الإنسان والحفاظ على السلم الدولي وهو من القواعد الآمرة التي لا يجوز بأي حال من الأحوال النكول بها.

10- النتائج و التوصيات:
لقد سعت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تكريس قاعدة حظر استخدام القوة والامتناع عن استخدام القوة بأشكالها في المجتمع الدولي واضفاء الشرعية الأممية وحماية حقوق الإنسان والدول الضعيفة من سطوة الدول القوية ، وعليه نقترح التوصيات التالية :
• تعزيز أداء الأمم المتحدة لمواجهة العدوان
• التقيد بحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية والزام الأخرين بتطبيقها.
• فصل التدخل الإنسان عن الدوافع السياسية والعسكرية .
• تكريس مبدأ التضامن الدولي للفصل في النزاعات .
• التفريق بين أعمال المقاومة والشغب والإرهاب.
ومتى رفع العدوان والتهديد باستخدام القوة واستخدامها ، تتعزز فرص السلام وفرص الإنسان في حياة أفضل .


المراجع
المراجع العربية:
1-أحمد سويدان ، الارهاب الدولي في ظل المتغيرات الدولية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2009
2- أحمدعبداللهأبوالعلا،تطورمجلسالأمنفيحفظالسلموالأمنالدولیین،دارالكتبالقانونية، مصر،2007
3- المجذوبمحمد،التنظيمالدولي،النظريةالعامةوالمنظماتالدوليةالإقليمية،دارمعیةللطباعةوالنشر،لبنان،1998
4- بوراس عبد القادر ، التدخل الإنساني وتراجع مبدأ السيادة الوطنية ، دار الجامعة الجديدة ، مصر 2009.
5- بوزنادة معمر ، المنظمات الاقليمية ومنظمات الأمن الجماعي ، دار الكتب القانونية ، مصر 2004.
6- بوك الإدريس ، مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1990.
7-ميثاق الأمم المتحدة ، 1945
8-العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، الأمم المتحدة 1966
9-تلمات موارد ، هلمات لهلال ، استخدام القوة في العلاقات الدولية بين ميثاق الأمم المتحدة وواقع الممارسة العملية ، اطروحة علمية لنيل الماجستير في الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة عبد الرحمن ميرة ، بجاية الجزائر،2014.
10-د وائل علام ، تدرج القانون الدولي ، كلية الحقوق ، جامعة الشارقة ، الامارات ، 2015
المراجع الأجنبية
Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua. v. United States), ICJ : 1990.
Questions relating to the Obligation to Prosecute´-or-Extradite (Belgium v. Senegal), Judgment of .20 July 2012, I.C.J. Reports 2012



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن