مشروع التعريف بالروائيين العراقيين ومنجزهم الادبي - (8)..

عباس موسى الكعبي
abbas642004@yahoo.com

2021 / 5 / 9

الحلقة (8): شاكر خصباك (1930 – 2018)

واحدا من أعلام العراق المعاصر ، فهو قاص وروائي وكاتب مسرحي ومترجم ، وكاتب مذكرات ومقالات ، وهو أكاديمي كبير في علم الجغرافيا ، حصل على درجة الأستاذية عام 1974..
ولد الأكاديمي الأستاذ الدكتور شاكر خصباك في الحلة عام 1930م، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، ثم انتقل إلى جامعة فؤاد الأول، إذ أكمل فيها دراسته الجامعية، بعدها حصل على درجة الدكتوراه من لندن.. عمل في دول عربية كاليمن والسعودية.. تخصص في مادة الجغرافية.. له ما يزيد على 30 كتاباً ما بين رواية وقصة وسيرة، تسعة منها مؤلفة في المجال العلمي وثلاثة عشر كتاباً مترجمة في المجـــــال ذاته، وقد كان شاكر ملــــــتزماً بالمناداة بحق الإنسانية ورافـــــــــضاً للظلم والاستبداد..
يعد شاكر خصباك من جيل الخمسينات أسوة بزملائه ممن سبقوه أو عاصروه من كتّاب القصة ذو النون أيوب وفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان وعبد المجيد لطفي وسواهم الذين انتهجوا الاتجاه الواقعي في كتابة القصة.. كان يكتب عن الأعمال ذات الطابع الثوري التي تدعوا للتغيير والالتصاق بقضايا الجماهير والطبقات المسحوقة وهو ما ظل الشغل الشاغل لشاكر خصباك حتى آخر أعماله رواية حكايا سوق 2010..
أدرج اسم شاكر خصباك في أكثر من موسوعة للأعلام ومعجم لمشاهير الثقافة العالمية فهو في قاموس سير الحياة العالمي الصادر من جامعة كامبردج العام 2000 كأحد علماء الجغرافية المعاصرين الذين أغنوا هذا العلم بمؤلفاتهم وترجماتهم، ويكتب عنه معجم ريها سمنتو الدولي في دلهي الصادر في العام 2006 ، وتختاره المؤسسة الأمريكية لسير الحياة واحدا من صفوة مثقفي العالم لعام 2004 لتميزه في ثلاثة حقول : الأدب والجغرافية والتعليم..
بدأ بالنشر في وقت مبكر من حياته فأصدر كتابه المبكر صراع وكان عمره 18 سنة، وهو مجموعة قصص قصيرة عندما كان طالباً في جامعة القاهرة، وأصدر كتابه الثاني العام 1951 في القاهرة أيضاً وكان بعنوان عهد جديد وهو مجموعة قصص قصيرة جداً وكان عمره 21 سنة إلاّ أنّ الكتاب المتميز عند خصباك هو ترجمته لكتاب تشيخوف بطلب من مجلس السلم العالمي وكان أول كتاب عراقي مترجم عن تشيخوف وثاني كتاب عربي ترجم إلى اللغة العربية بعد كتاب نجاتي صدقي الذي صدر العام 1947.. ومن منجزاته السردية حياة قاسية عام 1959 ومسرحية بيت الزوجية عام 1962 ورواية السؤال عام 1966، ورواية الأصدقاء الثلاثة عام 2006 عالج فيها الخراب العراقي في تلك الفترة.. وبطلب من الناقد المعروف د. سهيل إدريس عندما أراد أن يصدر مجلة «الآداب» اصبح عضواً في هيئة تحرير مجلة الاداب، كان ذلك في عام 1952 و كان عمره انذاك (22) سنة فقط..
عاش في المنفى في اليمن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. ومؤخراً أصيب بفقدان الذاكرة وهو يعيش اواخر ايامه..
في الأربعينيات حقق حضوراً متميّزاً بارزاً ، ولمع نجمهُ في السبعينات من القرن الماضي كعالم في علم الجغرافيا ، وتميّز مشروعهُ الفكري المناهض للأستبداد ، برؤية واقعية في تبني مواقف المظلومين والمقهورين والتصدي لكل أشكال السلطة المستبدة ، وهي تلك المواقف التي زجتهُ في المعتقل ، وتسببت بعزلهِ من عملهِ الأكاديمي ، مما أضطرهُ لمغادرة العراق..
كان عضو أول هيئة تأسيسية لاتحاد الادباء والكتاب العراقي الذي اسسه الجواهري عام 1959، لم يكن ميالا في كتاباته للتمثيلات الفنية كما فعل عبد الملك نوري الذي كان متأثراً بالادب المصري ، بل على العكس تأثر خصباك بالادب التشيخوفي، حيث كان ينتمي الى بيئة واقعية وشخصيات بسيطة تتسم بالصراع بين الحق والباطل والظلام والنور..

رواية أوراق رئيس:

وهي رواية قصيرة .. استهدف بها كشف (أوراق رئيس) من طغاة العالم الثالث، مفترضا انه يحكم بلد مثل العراق..
بطل الرواية هو (عادل) فتى طيب السريرة يعطف على زميل له في المدرسة نشأ في بيت بائس، بكل المعايير، فيحميه من جور الآخرين ثم ينتشله من اليأس الذي كاد يحرمه من التعليم. وفي مرحلة لاحقة يرشحه لعضوية حزب استولى على السلطة وأقام دكتاتورية عاتية.. أخلاقيات (عادل) تحول دون بقائه في حزب يمارس الدكتاتورية والطغيان فينفض يده منه ومن العمل السياسي برمته.. أما صديقه البائس فثابر على تسلق مدارج الحزب حتى استولى على قيادته ورئاسة البلاد دون رحمة بمن يقف في وجهه أو ينافسه.. وهنا من الطبيعي أن يقاطعه (عادل) الرجل صاحب المبادئ.
ويموت الطاغية.. فيفاجأ (عادل) باستدعاء من القصر لتسلم مظروف كبير حسب وصية الطاغية، فإذا به يحتوي على رسالة طويلة احتلت جل رواية د. خصباك... فالطاغية المقبور يحاول أن يرد على معارضي حكمه ويبرر سياساته التي أوقعت الكوارث بالبلاد، متبجحاً بمنجزات مزعومة لا وجود لها سوى في مخيلته ومخيلة ذيوله المطبلين له، والأنكى من ذلك أنه اختتم أوراق رسالته بالقول: "إن دعاوى أعدائي التي يبغون منها الحط من سياساتي لن تؤثر في خططي لرفع شأن دولتنا بين دول العالم !.. وما زال لدي خطط كثيرة لإنجاز هذا الهدف سأفاجئ بها العالم.. سأتوقف عن الكتابة الآن يا صاحبي، لأنني أشعر بألم في صدري لا قبل لي باحتماله.."..
ولم يكن عادل في الحقيقة سوى رمز، فهو يمثل (ضمير) الرئيس الذي كان في يوم من الايام وطنيا.. ويمكن هنا القول انه يمثل صوته الداخلي.. اذن الرواية بمثابة صرخة في وجه الدكتاتورية والطغيان وغياب الديمقراطية والعيش الكريم...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن