صرخة الصبر

أماني الراشد
hosseinkhasraji@gmail.com

2021 / 4 / 13

الساعة ١٢ليلا. وأنا مازلت أنتظر مجيئه. كل شيء يقول لي إنني عبثاً أنتظر ولن يأتي. أتعبني الإنتظار ،لكن مازلت أنتظر وأترقب المارة عسى أن يأتي إلي . كل شيء يعتريه الصمت حولي. والظلام خيم على كل شيء ،حتى نور القمر أختفى بين الغيوم قائلاً ؛لا تنتظري لن يأتي ،والنجوم رحلت أيضاً .أصبح كل شيء مخيفاً، سواد الليل، والأشجار الكبيرة، والسماء الغاضبة.وقلبي لايرتجف، شجاعته في تلك الليلة غريبة جداً. حتى الرصيف حزن علي وكسر حواجز الصمت قائلاً :هنا كان القاء الأخير، لِمَ عدت؟ ألا تخافين الليل وظلامه؟
فالتزمت الصمت .
كنت أدعو أن يأتي ولو عابراً حتى دون أن يحدثني دون أن يوضح لي دون أن يداوي جراحي ويمسح دموعي دون أي شيء،كغريبين يلتقيان . لكنه لم يأت، حزن الوقت ،والسماء نزفت والأشجار بكت ورود ،والرياح سارعة لأحتضاني. كسرت كسراً لا جبر له ،ولا دواء له. لا دموعي تواسيني ولا نزيف المطر يواسيني ولا الورد والأوراق المتناثرة من الأشجار تواسيني ،ولا كلمات الرصيف تشفيني. كأن كل شيء يقترب مني يزيد جروحي ومن شدة ألمي تصرخ روحي .هذا الأمر مهلك حتى الموت، حتى نزيف قلبي.
لم أعد أعلم أين أسير أصبحت بين يدي هذا الطريق أسيرة تأخذني أقدامي إلى النهاية من ثم تعود بي إلى البداية.أنا في متاهة ألحب والألم . عجزت أن أعين نفسي . فأرسلت له مع الرياح كلمات من الورد مكتوبة بدموع السماء على أوراق الأشجار؛أشتقت لك . ممكن أن تأتي؟ لقد أضعت الطريق ولا أعلم أين أذهب . هل كان خطائي أن عينيك تجبر الملحدين على دين الحب ؟هل كان خطائي أنني أحببتك؟
إما أن تأتي وإما أن تجيبني.
فلم تعد الكلمات تسعفني ولم تعد الكلمات تشرح حزني وألمي. لم يعد للوقت معنى ولم يعد للحياة طعم ولم يعد الموت مخيفاً ولم تعد روحي مهمة ولم يعد قلبي شجاعاً.
فحضنت ماتبقى من روحي ومع نزيف السماء نزفت عيوني وصرخت روحي . أرسلت رسالتي. كنت أتأمل رداً يساعدني.عادت الريح مع الورود الميتة والكلمات المذبوحة قائلة: لم يعد في الدار من يسكنها رحل من تنتظرين وأصبح تحت الثرى.
والآن لا أعلم لمَ تتناثر دموعي.
على موته؟أم على موت روحي؟ أم لأنني في متاهة؟
كذبت على نفسي حين قلت إنني أستطيع أن أتجاوز كل هذه المأساة.
فقدت قوتي والدقائق وقفت أمامي ولاتتزحزح، والشمس والقمر رحلا ورحل معهم كل شيء .
لقد ماتت أحلامي وحياتي .
أرى أحلامي تتناثر بين السماء والأرض ومعها تناثر دم عيوني.
لكن لا يمكنني إيقاف قلبي عـن الأشتياق إلـيه .‏تقتلني هذه الرغبة تجاه الأشياء التي أريدها ولا أستطيع لمسها.كنت أظن أنها النهاية،فكل مايحدث من حولي يشير إلى ذلك .لكن ‏رحيلك لم يكن النهاية؛ إنما مرحلة جديدة في الحياة معك كنت أخلق لك الأعذار كل ليله تغيب فيها ولكن الغياب الأخير كان رحيلاً لاعذر له. كان يجب عليك أن تفهم أن النهاية لا تأتي في المنتصف.
أين يذهب الطريق الذي كنا سنقطعه سويا ؟ أين ستدفن أمنياتنا؟
عدت أتمشى في الطرقات وأجلس على الرصيف كما كنت تفعل . لكن الرصيف يتحدث عنك وقال إنك ودعته وودعتني أحتضنته في اللقاء الأخير فلماذا لا تحتويك الآن أحضاني؟ لولا ضحكتك لما كان هناك مبرر ‏للكتابة وَ لا للشعر و الأغاني.
لكن الآن هناك شيء في صدري قد انطفأ ولم يعد لأي شيء معنى.
‏هدأت لدرجة أن لا شيء يلفتني.
لكن لماذا لا تكف‏ ظهوراً في كفّ يدي ، في مَنامي ، في كوب قَهوتي ومُنتصف مَقطوعتي الموسيقية ، كفاك حضوراً في حياتي مع أنك لست موجوداً.
الآن فهمت ماذا يعني أن أموت وأنا على قيد الحياة فبماذا تفيدني الحياة، لقد مات عصفوري.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن