كيف يفسر قانون العرض والطلب الرواتب المليونية لبعض مدراء الشركات الامريكية ؟

محمد رضا عباس
rajak52@aol.com

2021 / 4 / 7

أصبح من غير الغريب ان يستلم رئيس مجلس إدارة لأحدى الشركات الأمريكية راتبا سنويا بعشرات الملايين من الدولارات. على سبيل المثال تقاضي رئس مجلس شركة (Oracle)، راتب سنوي مقداره، 108،295،23 دولار، رئيس مجلس إدارة (Disney)، راتب سنوي مقداره 65،645،214 دولار، ورئيس إدارة شركة (Boeing)، راتب سنوي مقداره 23،392،187 دولار عام 2019(20).
هذه الرواتب ليس فقط مرتفعة جدا قياسا بمعدل رواتب المدراء من المستويات الدنيا او العمال، وانما عالية أيضا مقارنة مع زملاء لهم يعملون بشركات منافسة لهم في بقية الدول الصناعية. على سبيل المثال، كان الراتب السنوي لرؤساء مجالس الإدارات في المملكة المتحدة تمثل فقط 41% من راتب زميلهم الأمريكي، وفي المانيا 50%، وفي فرنسا 38% واليابان 11% فقط عام 2019(21).
هل ان ضخامة رواتب السنوية لرؤساء وأعضاء المجالس الإدارية في الولايات المتحدة الامريكية يعكس بالضرورة قانون العرض والطلب، كما هو حال رواتب السنوية للاعبين الألعاب الرياضية المحترفين وقطاع الفن وخاصة المغنين الكبار؟ هل هذه الرواتب الكبيرة هي انعكاس لإنجازاتهم من انتاج ومبيعات ودخول اسواق جديد وإنتاج جديد؟
الداعمون للرواتب الكبيرة لرئيس واعضاء مجالس الإدارة يقولون انهم يستحقون هذه الرواتب نظرا لأتعابهم وصحة قراراتهم، لان القرار السليم يؤدي الى سعة في الإنتاج وكثرة في البيع وزيادة في الأرباح وارتفاع في أسعار أسهم الشركات وزيادة ثروة حامليها. وبعكسه، فان القرارات الخاطئة تؤدي الى تعثر في الإنتاج والمبيعات، خسائر مالية، وانهيار أسعار أسهم الشركة، وانخفاض في ثروة حملة أسهمها. وعليه فان المدراء الناجحين ليس من الكثرة مقابل الطلب عليهم، هذا ما ينعكس على حجم الرواتب الكبيرة لهذه الشريحة المهمة للاقتصاد الوطني. بكلام اخر ان رؤساء مجلس الإدارة الناجحين يستحقون هذه الرواتب الكبيرة لأنهم عملة نادرة ولابد من الدفع الكثير من اجل اقتناءها. أي انهم اشبه بالحجر الكريم مثل الماس والياقوت والزمرد، لا يوجد مثلهم بكثرة في سوق العمل.
بعض الاقتصاديون يفسرون ظاهرة الرواتب المليونيه لقادة الشركات الكبرى هي تقارب الجوائز الكبرى التي يحصل عليها لاعبو الألعاب الرياضية عند ربحهم الكاس النهائي. هذه المكافئات هدفها هو تحفيز لبقية محبي الألعاب الرياضية العمل بكل طاقتهم ليكونوا نجوم الأعوام القادمة. في عالم الشركات تلعب المكافئات الضخمة (الرواتب والمكافئات والعلاوات) نفس الدور، وهو تحفيز بقية المدراء من الخط الثاني بالاجتهاد ليصلوا الى درجة رؤساء وأعضاء لمجالس الادارة. وعليه، وحسب راي هؤلاء الاقتصاديون، فان الدفع العالي لقادة الشركات هو ليس بسبب نجاحهم في إدارة شركاتهم وانما هو لتحفيز العاملين في قطاع الإدارة على الجد والابداع للوصول الى راس هرم الشركات والرواتب الكبيرة.
المنتقدون للرواتب الضخمة لا ينكرون ان قادة الشركات يستحقون رواتب اعلى من بقية الاخرين من العاملين في الشركات، ولكن ينتقدون الدفع بالملايين الدولارات. انهم يقولون ان هذه الرواتب كبيرة جدا ولا يوجد هناك سبب كبير لهذا الدفع الكبير، خاصة وان هذه المدفوعات الكبيرة غير مرتبطة بإنجازاتهم، البعض من هؤلاء المدراء يستلمون رواتب سنوية بالملايين، بالوقت الذي تعاني شركاتهم خسائر بالملايين الدولارات. انهم يرفضون مبدئ جائزة " الكاس النهائي “الذي يحصل عليه الرابح في نهائي الكاس، لان إدارة شركة كبيرة لا يعتمد على جهود رئيس وأعضاء مجلس الإدارة فقط وانما على جهود العاملين في الشركة من اعلى الهرم الى ادناه. او وظيفة رئيس مجلس إدارة شركة هي ليست مثل بطل لعبة مصارعة او ملاكمة على سبيل المثال، لان الأول يعتمد في نجاحه على عمل جميع مستويات الشركة، فيما ان الثاني يعتمد على كفاءته وموهبته في اللعبة.
يضاف الى ذلك ان الشركات ليست مملوكة من قبل رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وانما مملوكة من قبل حملة أسهمها. أي ان من يحمل أسهم هذه الشركات هم المالكين الحقيقين للشركة، وان اعضاء مجالس إدارة الشركات من العادة يضخمون من اهميتهم من اجل تامين أكبر قدر ممكن من الرواتب السنوية على حساب أرباح حملة أسهم الشركة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن