صياد الكلمات

حسان الجودي
has_joudi@yahoo.com

2021 / 3 / 6

استيقظت الزوجة الحامل ونادت زوجها بسرعة وأخبرته أنها شاهدت حلماً عن غزال الريم ليلة أمس، وأنها تتوحم إلى تذوق لحمه المشوي.
انصاع الرجل لرغبة حبيبته ، فأخذ يستعد إلى الخروج إلى الصحراء لاصطياد غزال يرضي شهوة زوجته الحامل ببكره.
وحين أوشك على الخروج، طلبت منه زوجته على استحياء طلباً غريباً:
- ما أريده هو غزال صغير رشيق، لون جلده بني فاتح، منقط ببقع بيض صغيرة. عيناه واسعتان بلون الليل، وله ذنب صغير أسود.
تمهلت الزوجة قليلاً، وبدا أنها تشعر بالخجل وهي تضيف أن قرني غزالها يجب أن يكونا طويلين ، يتفرعان من مقدمة الرأس ليشكلاً قوسين على شكل قلب.
بدا الرجل سعيداً بطلب زوجته الغريب، فهو صياد ماهر ، مشهود له بالبراعة في المضارب.
خرج الصياد إلى مواطن الغزلان التي يعرفها. وصار يبحث عن غزال يشبه ما تشتهيه الزوجة المدللة.
لم يعثر على بغيته، لم ييأس، ذهب إلى جماعة من الصيادين الخبراء ، فاستهزؤوا من سعيه خلف سراب. وعلم في قرارة نفسه أن منطق الصيد يقول ذلك، فافتراض وجود مثل ذلك الغزال الجميل، لا يعني حتماً افتراض امكانية قنصه.
تابع الرجل بحثه ، ووجد أخيراً مراده . واصطاد غزال ريم مطابقاً باللون لمواصفات زوجته. لكن قرنا الغزال لم يكونا على شكل قلب.
حمل صيده الثمين وقفل عائداً إلى الديار.
لم يكن شعوره جيداً، وراوده قلق بشأن رفض زوجته للطريدة ، وهذا كما ظن سيكون سبباً في اكتئابها ، وربما يأتي بِكْره مشوه الخَلْق كما هو شائع.
قادته حيرته التي اشتدت أمامه كعاصفة رملية إلى مخرج هواء نقي . تنفس ملء كيانه، فشعر بخدر لذيذ يعرفه جيداً يمشي في عروقه. تسارع قلبه ، بل تباطأ ثم تسارع، ثم توقف ، ثم تسارع وتباطأ وتوقف في دورة استمرت حتى وقوفه أمام زوجته.
لم يصطحب معه الطريدة، تركها دون اهتمام خارجاً. ثم بدأ ينشد قصيدته التي وصف فيها غزال الريم المطلوب.
رأت الزوجة الغزال أمامها. كان حيّاً لطيف المعشر، داعبت جبينه، فاستسلم لها. فزالت من نفسها شهوة الافتراس.
ومن يومها، صار الزوج صياد كلمات . وصارت زوجته معنى شارداً في الصحراء، وصار هو من يتوحم الحياة، وصار الشعر وسيلته لاقتناص ما يشتهيه الخيال .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن