العراق والتنمية الزراعية الريفية المستدامة

علي عبد الواحد محمد
ali_wahed47@hotmail.com

2006 / 7 / 24

تشير إحصائيات الأمم المتحدة عن العالم،إن حوالي 900 مليون إنسان اي ما يعادل 4/3 فقراءه يعيشون في المناطق الريفية ، وإن الملايين الملايين من هؤلاء يعيشون
حياة بائسة ويكافحون في مدن الأكواخ ، والأحياء المنكوبة يمارسون اشكالاً من الأنشطة غير الرسمية وغير الآمنة ذات الإجور المنخفضة ، كما تشير بذلك احدث تقارير الأمم المتحدة ، وكثيراً ما تصدى المفكرون الماركسيون وغير الماركسيين لمشكلة الجوع والأمن الغذائي ، وتبنت المنظمة الدولية ( الأمم المتحدة ) الحلول التي تدور في إطار النظام الرأسمالي ونظرياته خاصة في مجال الإقتصاد الزراعي، ويمكن إعتبار إن هذه الحلول مقبولة الآن ، لاسيما وإنها تلتفت لحل مجموعة كبيرة من المشاكل في ذات الوقت الذي تنبري فيه لمواجهة مشكلة الجوع والأمن الغذائي في
سياق ماسمي ( التنمية المستدامة ) وهذه المشاكل هي :ـ
1 ـ مشكلة العدد الهائل من السكان العاملين في الزراعة والصيد والرعي في جميع بلدان العالم ، وخاصة في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
2 ـ مشكلة الأرض ، التي يعني حلها ، حل لجملة من المشاكل الأخرى المتعلقة
ا ـ ملكية الأرض والنزاع حولها ، او كيفية التصرف بها ، او الحصول عليها.
ب ـ خصوبة التربة وكيفية توفير المياه للإستعمال الشخصي للإنسان والحيوان وللسقي
ومكافحة الملوحة والتسميد ، ومكافحة التصحربما تشمله من عمليات الحراثة والمكننه، وإستخدام التكنولوجيا والعلم والإرتباط بالمراكز العلمية وغيرها.
3 ـ المشاكل الإيكولوجية (البيئية) التي يثمر حلها عن الإستخدام الأمثل للموارد الطبيعية دون الإخلال بالتوازن البيئي ، إضافة الى الوقاية من آثار إستعمال المواد الكيمياوية المبيدة للآفات الزراعية ، ومن المكننة والأسمدة والوقود وغيرها .
4 ـ مشاكل التوزيع والتسويق والتجارة، التي يؤدي حلها الى ربط الريف بالمدينة والأهتمام بتزويده بالطاقة ، ومد الطرق وتعزيز المواصلات.
5 ـ ومما تقدم يصبح الإنسان ورفع مستواه الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والثقافي هو هدف العملي ، فالتنمية المستدامة وضعت الإنسان في مركز إهتمامها.
ما المقصود بالتنمية المستدامة ؟

نبذة تاريخية : في عام 1995 وبالضبط في كانون ثاني (يناير) أُنشأت مصلحة التنمية المستدامة كمركز مرجعي عالمي للمعرفة والإستشارة للأبعاد البيولوجية والطبيعية
( الحيوية الإجتماعية ـ الإقتصادية) للتنمية المستدامة لغرض زيادة مشاركة سكان الريف وخاصة الفقراء والنساء في التنمية الذاتية ونقل المعرفة والتكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة وإدارة الثروات الطبيعية وحماية البيئة.

وفي عام 2001م ظهرت مبادرة التنمية المستدامة خلال لجنة الزراعة التابعة للفاو تطويراً آنذاك لعمل مصلحة التنمية المستدامة عندما أثير حوار بشأن الأراضي والزراعة ، وكان الإنسان محورأ لهذه المبادرة ، حيث توفر الدعم والتحفيز للمزارعين والصيادين والرعاة ، وغيرهم من سكان الريف وخاصة الفقراء والنساء، من خلال دعم قدراتهم ومبادراتهم وتوفير الخدمات لهم ، ولذلك فهي تعالج ايضاً مسائل المياه ، الغذاء ، الصحة ، السكن والخدمات ، الطاقة ، التعليم ، الدخل من خلال المسائل الرئيسبة التالية: ـ

1 ـ الإستدامة الإقتصادية : ويقصد بها ضمان الإمداد الكافي للمياه ، ورفع الإنتاجية ا لزراعية ومن اجل تحقيق الأمن الغذائي وزيادة الرعاية
الصحية وتأثيراتها الإقتصادية والأمان في أماكن العمل
، وضمان كفء مواد البناء والمواصلات والطاقة للعمل والمنازل وضمان وفرة المتدربين وزيادة الكفاءة والنمو في الزراعة.
2 ـ الإستدامة الإجتماعية: ويقصد بها مراعاة التأثيرات الإحتماعية لكل المسائل التي
تعالج والتاكيد على التطور الإجتماعي ورفع مستوى التعليم وإستخدامات مياه الشرب والطاقة والرعاية الصحية وتوفير المساكن الصحية ، والإستفادة من تقنية المعلومات ، ودعم المشاريع الصغيرة.

3 ـ الإستدامة البيئية : يقصد بها إستخدام الطبيعة بما يتلائم مع إمكانيات البلد وعدم
التأثير على البيئة.

إذاً التنمية المستدامة تهدف الى وضع الأرض والموارد الطبيعية والمنجزات العلمية التكنولوجية في كافة المجلات ، والدراسات الإقتصادية ، وهندسة الجينات ،بيد الإنسان لمكافحة الجوع ورفع القدرات الإقتصادية والإجتماعية والحفاظ على البيئة ولذلك فهي
سليمة من الناحية الإيكولوجية ، وقابلة للتطبيق من الناحية الإقتصادية وعادلة من الناحية الإجتماعية ، وملائمة من الناحية الثقافية ، وإنسانية تستند الى نهج علمي شامل.

وأستمرت الأمم المتحدة في الترويج لهذه المبادرة ، وتوجت حهودها في عقد مؤتمر قمة عالمي للتنمية المستدامة في جوهانسبورغ في العام 2002م للفترة من 26 آب ــ 4 أيلول، إشترك فيه اكثر من 60000 شخص ، تم فيه التأكيد على إن هذه التنمية توفر تحسين ظروف معيشة الفقراء العاملين في الزراعة والصيد وبالأخص النساء دون زيادة في إستخدام الموارد الطبيعية الى ما يتجاوز قدرة الكوكب الأرضي وتهدف الى
النمو الإقتصادي مع عدم التفريط بالموارد الطبيعية والبيئية والى التنمية الإجتماعية.

وفي العام الحالي 2006م عقد في البرازيل للفترة بين 7 ـ 10 آذار مؤتمر قمة عالمي عن الإصلاح الزراعي والتنمية الريفية، في مدينة بورتو اليجري نظمته الفاو بالتعاون مع البرازيل ، إشترك فيه وفود من 96 بلداً عضواً في الفاو وأكثر من 700 منظمة غير حكومية للمزارعين إضافة للخبراء الدوليين وتم تنظيم اكثر من 27 جلسة عمل من قبل المنظمات غير الحكومية والجامعات والحكومات والمنظمات الدولية ، ونشطت المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على هامش المؤتمر ، حيث شارك أكثر من 500 يمثلون جماعات صغار الملاكين والمعدمين خارج المؤتمر
ونتيجة لهذا النشاط تم إعتبار إن منظمات المجتمع المدني تلعب دورا أساسياً في التنفيذ المستدام لسياسات الإصلاح الزراعي والتنمية في الريف وثبت ذلك في الوثائق الرسمية للمؤتمر. كما تم التوصية في الإعلان النهائي له بأن تقر لجنة الأمن الغذائي العالمي الخاصة بالفاو والتي سيكون إجتماعها التالي في أيلول 2006 توصيات عن مدى الإستفادة من المؤتمر ودور هذه المنظمات في ذلك، وسترفع التوصيات الى مجلس الفاو الذي سينعقد في تشرين ثاني 2006م.

وفيما يتعلق في العراق وإمكانية التنمية المستدامة فيه ، فعلى الرغم من الوضع المأساوي الذي يعيشه شعبنا وتعيشه بلادنا ، من تصاعد الإرهاب ، وحلات المد الطائفي الذي تشهده البلاد ، وتفشي الفوضى والفساد الإداري والرشوة والمحسوبية والمنسوبية وغيرها من المظاهر السلبية ، الاّ إن الحاجة للتنمية ضرورية في كل القطاعات الإقتصادية ، وكل زاوية من زوايا المجتمع العراقي ، وما زالت البلاد بحاجة ماسة الى التطور العلمي وإنبعاث القيم الحضارية الجديدة التي تتلائم مع مجريات التطور الحاصل في العالم المحيط بنا ، ولما كانت التنمية المستديمة هي
الرابط بين تطوير الزراعة وباقي صنوف العلم والمعرفة ، ودوائرها ، وهي المحفز لتطوير القوى المنتجة وخاصة الفقيرة والنساء في الإقتصاد الزراعي ، وطالما إن هناك مؤسسات دولية وإقليمية تدعم هذا التوجه فالمطلوب من الدولة العراقية ومن كافة منظمات المجتمع المدني ، ومن الجامعات العراقية والوزارات المعنية الصحة والبيئة والبنى التحتية والطاقة والطرق وغيرها التعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والري للعمل على وضع المبادرة موضع التطبيق، بما يكفل التنمية والربط ما بين الصناعة والزراعة والتجارة والعلوم ، وما بين هذه وبين الأمن والسلام والسيادة الوطنية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن